مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلَ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ أبو عمر قَوْلُ عُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ فِي هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا كَانَ الظِّهَارُ مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ
وَقَالَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلَ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ أبو عمر قَوْلُ عُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ فِي هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا كَانَ الظِّهَارُ مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا ظَاهَرَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ
ظَاهَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِكَلِمَةٍ
وَهُوَ قول الأوزاعي وبن أَبِي ذِئْبٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَهُ مَالِكٌ كَالْإِيلَاءِ إِذَا حَنِثَ فِي وَاحِدَةٍ فَقَدْ حَنِثَ فِيهِنَّ
وَيُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ قَدْ ظَاهَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وطؤها حتى يكفر عنها
كالطلاق عند الْجَمِيعِ وَالْحَرَامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ
وَقَدِ احْتَجَّ مَالِكٌ لِمَذْهَبِهِ بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وجل وظاهره في قوله تعالى (والذين
يظهرون مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) الْآيَةَ
الْمُجَادَلَةِ 3 يَعْنِي - وَلَمْ يَقُلْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَاتٍ فَجَعَلَ كَفَّارَةَ الْمُتَظَاهِرِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ وَلَمْ
يَخُصَّ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَتَظَاهَرُ مِنَ امْرَأَتِهِ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ
وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَظَاهَرَ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ تَظَاهَرَ بَعْدَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
قَالَ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا عَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا تَظَاهَرَ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَظِهَارَانِ وَيَمِينَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي
مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَأَرَادَ التَّكْرَارَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا ظَاهَرَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ مَظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ
وَسَوَاءٌ كَفَّرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ وَهَذَا إِذَا أَرَادَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ ظِهَارًا غَيْرَ الْآخَرِ فَإِنْ ظَاهَرَ
مِنْهَا مِرَارًا مُتَتَابِعًا وَقَالَ أَرَدْتُ ظِهَارًا وَاحِدًا فَهُوَ وَاحِدٌ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فِي مَقَاعِدَ شَتَّى فَعَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ وَإِنْ
تَظَاهَرَ مِنْهَا فِي مَقْعَدٍ وَاحِدٍ وَرَدَّدَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي مَجْلِسٍ
وَاحِدٍ فِي أُمُورٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ
وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثَلَاثًا فِي مَجَالِسَ شَتَّى فِي أُمُورٍ شَتَّى كَفَّرَ عَنْهُنَّ
جَمِيعًا وَإِنَّ تَظَاهَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فِي أَمْرٍ واحد فكفارة واحدة
وروى بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنَّهُ
تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ
وَبِهِ قَالَ بن القاسم
وقال بن نَافِعٍ لِكُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا كَفَّارَةٌ
وَرُوِيَ فِيمَنْ ظَاهَرَ مِرَارًا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ عَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ
وَعَنْ عَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ
وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ مَسَّهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَيَكُفُّ عَنْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ
وَهُوَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَقَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ وَسَعِيدَ بْنَ جبير وبن شِهَابٍ وَقَتَادَةَ
قَالُوا فِي الظِّهَارِ يَطَأُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَتَيْنِ
وَقَالَ الْأَثَرَ السَّلَفُ وَجَمَاعَةُ الْأَمْصَارِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52
وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ
وَهِيَ السُّنَّةُ الْوَارِدَةُ فِي سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ
قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ
الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ أَنَّهُ ظَاهَرَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ تَكْفِيرًا وَاحِدًا
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حدثني
سحنون قال حدثني بن وهب قال وأخبرنا بن لَهِيعَةَ وَعُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ بِأَتَمَّ مِنْ
مَا مَضَى
وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة قال حدثني بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ عَنِ الْبَيَاضِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ
وَمَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ
الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ ظَاهَرَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَوَاقَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَوْجَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الْكَفَّارَةَ عَلَى مَنْ تَظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ بِالظِّهَارِ
وَالْعَوْدِ جَمِيعًا وَجَعَلَ وَقْتَ أَدَاءِ وَقْتِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَا وَقْتَ وُجُوبِهَا كَمَا أَنَّ
الصَّلَاةَ تَجِبُ فِي وَقْتٍ فَإِذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ أَدَّاهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ وَكَانَ عَاصِيًا
مَنْ تَرَكَهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا
وَكَذَلِكَ الْمَظَاهِرُ عَصَى رَبَّهُ إِذَا كَانَ مُظَاهِرًا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ وَطْءِ امْرَأَتِهِ قَبْلَ
الْكَفَّارَةِ وَفَرْجُهَا عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ كَمَا كَانَ حَتَّى يُكَفِّرَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ إِلَى وَطْئِهَا حَتَّى
يُكَفِّرَ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) الْمُجَادَلَةِ 3
وَاخْتَلَفُوا فِي مُبَاشَرَةِ الْمَظَاهِرِ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا مَا دُونَ الْجِمَاعِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53
فَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ وَيُبَاشِرَ وَيَأْتِيَهَا فِي غَيْرِ الْفَرْجِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عُنِيَ بالمسيس
ها هنا الْجِمَاعُ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دينار وقتادة كلهم يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (مِنْ
قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) الْمُجَادَلَةِ 3 قَالُوا الْجِمَاعُ
وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْقُبْلَةِ وَالتَّلَذُّذِ احْتِيَاطًا
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ وَيُبَاشِرَ
وَقَالَ مَالِكٌ وَلَا يُبَاشِرُ فِي لَيْلٍ ولا نَهَارٍ حَتَّى يُكَفِّرَ
وَكَذَلِكَ فِي صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِهَا وَلَا إِلَى صَدْرِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْعُوهُ إِلَى
خَيْرٍ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَأْتِي مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ كَمَا يَأْتِي الْحَائِضَ
وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا يُقَبِّلُ وَلَا يُبَاشِرُ وَلَا يَتَلَذَّذُ مِنْهَا بِشَيْءٍ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) قَالَ الْوِقَاعُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقْرَبُ الْمَظَاهِرُ امْرَأَتَهُ وَلَا يَلْمِسُ وَلَا يُقَبِّلُ وَلَا يَنْظُرُ
إِلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ حَتَّى يُكَفِّرَ
قَالَ مَالِكٌ وَالظِّهَارُ مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالنَّسَبِ سَوَاءٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي أَنَّ الظِّهَارَ وَاقِعٌ بِكُلِّ ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنَ
الرَّضَاعِ وَنِسَبٍ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ
وَاخْتَلَفُوا في الأجنبية
فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَهُوَ مَظَاهِرٌ
وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُهُ أنه طلاق
وقال بن الْمَاجِشُونِ لَا يَكُونُ ظِهَارًا إِلَّا بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ يَصِحُّ الظِّهَارُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ كَمَا يَصِحُّ بِذَاتِ الْمَحْرَمِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ قَالَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54
لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ مِنِّي كَظَهْرِ أُخْتِي أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَكُلِّ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا فَهُوَ
مَظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ كَظَهْرِ فُلَانَةَ غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا
وَعَنِ الشافعي روايتان وقولان أحدهما أَنَّ الظِّهَارَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِالْأُمِّ وَحْدَهَا وَهُوَ قَوْلُ
دَاوُدَ
وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ
حَكَاهُمَا جَمِيعًا عَنْهُ الزَّعْفَرَانِيُّ
وَقَالَ عَنْهُ الْمُزَنِيُّ تَقُومُ الْمُحَرَّمَةُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ مَقَامَ الْأُمِّ
قَالَ الْمُزَنِيُّ وَحِفْظِي أَنَا وَغَيْرِي عَنْهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بِمَنْ كَانَ حَلَالًا لَهُ فِي حَالٍ
ثُمَّ حُرِّمَ كَالْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعِ وَكَنِسَاءِ الْآبَاءِ وَحَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الظِّهَارُ بِكُلِّ ذَاتِ مَحْرَمٍ
قَالَ إِسْحَاقُ النَّسَبُ وَالرَّضَاعُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ
وَقَالَ أَحْمَدُ أُجْبِرَ عَلَى الرَّضَاعَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ ظِهَارٌ
قَالَ أَبُو عمر هذا قول جمهور العلماء
قال بن شهاب وربيعة وأبو الزِّنَادِ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ ظِهَارٌ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَ قَالَتْ
مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا أَرَى أَنْ تُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَلَا يَحُولُ قَوْلُهَا هَذَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
زَوْجِهَا أن يصيبها
وروى بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَرَّمَتْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ هِيَ مُظَاهَرَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ ظِهَارُ الْمَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ بِشَيْءٍ قَبْلَ النِّكَاحِ كَانَ أَوْ بَعْدَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا ظِهَارَ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فُلَانَةَ فَهِيَ يَمِينٌ
تكفرها
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55
قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا زَوْجُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانٍ رَجُلٍ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوْ قَالَتْ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي
قَالَ إِنَّ نَاسًا لَيَقُولُونَ وَقَعَ عَلَيْهَا الظِّهَارُ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ لَزِمَهَا الكفارة
وكذلك قال بن أَبِي ذِئْبٍ إِنْ تَزَوَّجَتْ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ
وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا تَكُونُ امْرَأَةً مُظَاهِرَةً مِنْ رَجُلٍ وَلَكِنْ عَلَيْهَا يَمِينٌ تُكَفِّرُهَا
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ خَطَبَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَائِشَةَ
بِنْتَ طَلْحَةَ فَقَالَتْ هُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إِنْ تَزَوَّجْتُهُ فَلَمَّا وَلِيَ الْعِرَاقَ خَطَبَهَا فَأَرْسَلَتْ
وَالْفُقَهَاءُ بِالْمَدِينَةِ كَثِيرٌ فَسَأَلَتْ فَأَفْتَوْهَا أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً وَتَتَزَوَّجَهُ فَأَعْتَقَتْ غُلَامًا لَهَا مِنْ
أَلْفَيْنِ وَتَزَوَّجَتْهُ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الخبر عن بن سِيرِينَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ سألوا بعض أصحاب بن مَسْعُودٍ فَقَالُوا تُكَفِّرُ
قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (والذين يظهرون مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا
قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ 3 قَالَ سَمِعْتُ أَنَّ تَفْسِيرَ ذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ يُجْمِعَ
عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَلَمْ
يُجْمِعْ بَعْدَ تَظَاهُرِهِ مِنْهَا عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا
بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْمُتَظَاهِرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا)
الْمُجَادَلَةِ 3 فقالوا في معنى العودة أقوالا منها
قول مَالِكٌ إِنَّهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَالْإِصَابَةِ هَذَا قوله في ((موطئه)) وغيره
وقال بن الْقَاسِمِ فِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) إِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظهار بالوطء فإذا وطىء
فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَمَا لَمْ يَطَأْ فَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ إِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ
وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ ظَاهَرَ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَتْ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ وَطِئَهَا
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلْمَرْأَةِ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا
فَيَمُوتُ أَوْ يُطَلِّقُهَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ولا شيء
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَقَدْ كَانَ ظَاهَرَ مِنْهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ
عَلَى إِصَابَتِهَا فَكَيْفَ لَا تَجِبُ عليه الكفارة
وقد خالفه بن نَافِعٍ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا أصل قول مالك
وأما قول بن الْقَاسِمِ إِنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَقَوْلٌ صَحِيحٌ أَيْضًا أَنَّهُ
إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ كَانَتْ إِرَادَةُ الْوَطْءِ كَلَا إِرَادَةَ لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الِامْتِنَاعِ وَالِاخْتِلَافُ
بين بن الْقَاسِمِ وَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ إِنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ بَعْدَ
أَنْ عَزَمَ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ طَلَّقَهَا
وذكر بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي ((الْمُوَطَّإِ)) ثُمَّ قال بن نَافِعٍ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ
أَيْضًا إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِمْسَاكِهَا طَلَّقَ أَمْ لَمْ يُطَلِّقْ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حزم مثل قول بن الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَوْدَ
بِالْوَطْءِ وَمَعْنَاهُ إِرَادَةُ الْوَطْءِ كَمَا قُلْنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِقَوْلِهِ فِي الْكَفَّارَةِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَتَمَاسَّا) وَهُوَ الْجِمَاعُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ
3 أَنْ يَعُودَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْهَا فَيُمْسِكَهُ فَيَكُونُ إِحْلَالَ مَا حَرَّمَ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يُطَلِّقَهَا
فَإِنْ أَمْسَكَهَا سَاعَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا طَلَاقُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ أَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ
وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا
لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (ثُمَّ
يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ 3 قَالَ الْجِمَاعُ
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ 3 قَالُوا
يُحَرِّمُهَا ثُمَّ يَعُودُ لِوَطْئِهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الظِّهَارُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْفَعُهُ إِلَّا الْكَفَّارَةُ
وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَهُمْ أَلَّا يَسْتَبِيحَ وَطْأَهَا إِلَّا بِكَفَّارَةٍ يُقَدِّمُهَا
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ نَفْسَ الْقَوْلِ هُوَ الْعَوْدُ أَيْ عَادَ إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُقَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
فَجَعَلَهُ مُنْكَرًا وَزُورًا
وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ
كَفَّارَةٌ وَلَا كَفَّارَةَ بَعْدَ الْجِمَاعِ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِنْ أَجْمَعَ رَأْيُ الْمَظَاهِرِ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَقَدْ لَزِمَتْهُ
الْكَفَّارَةُ وَإِنْ أَرَادَ تَرْكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَوْدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مُجَامَعَتِهَا
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ مَنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
رَاجَعَهَا أَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَصِلْ إِلَى مِيرَاثِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مَعْنَى الْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ هُوَ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْشَى كَفَّرَ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَفِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ هُوَ أَنْ يَعُودَ إِلَى
الْقَوْلِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَهُمْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ
كَظَهْرِ أُمِّي شَيْءٌ حَتَّى يَعُودَ فَيَقُولُ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ لَزِمَتْهُ
الْكَفَّارَةُ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ
3 يَعْنِي ((عَنْ)) وَالْمَعْنَى ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا وَيُرِيدُونَ الْوَطْءَ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ الْمَعْنَى ثُمَّ يُعَاوِدُونَ الْجِمَاعَ مِنْ أَجْلِ مَا قَالُوا - يَعْنِي إِلَى إِرَادَةِ الْجِمَاعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ كُلُّهَا فِي ظِهَارِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ مِنَ امْرَأَتِهِ - خَوْلَةَ
الَّتِي فِيهَا نَزَلَتْ آيَةُ الظِّهَارِ وحديث سلمة بن صخر وحديث بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَلَّا يَعُودَ حَتَّى
يُكَفِّرَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لِلْمَظَاهِرِ هَلْ
قُلْتَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ هَلْ عُدْتَ لِمَا قُلْتَ فَقُلْتَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَمْ
يَكْتُمْهُ وَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ أَعْلَمُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ((وَإِنْ طَلَّقَهَا وَلَمْ يُجْمِعْ بَعْدَ تَظَاهُرِهِ مِنْهَا عَلَى إِمْسَاكِهِ)) لِآخِرِ كَلَامِهِ حَتَّى
يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْمُظَاهِرِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ ظَاهَرَ ثُمَّ أَتْبَعَ ظِهَارَهُ الطَّلَاقَ
فَقَوْلُ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) وَذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ها هنا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَتْبَعَهَا الطَّلَاقَ مَكَانَهُ سَقَطَ الظِّهَارُ عَنْهُ لِأَنَّهُ
لَيْسَ بِعَائِدٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ عَائِدٌ وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ طَلَّقَهَا بَعْدُ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ فَإِنْ
كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا رَجْعِيًّا وَرَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَإِنْ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58
نَكَحَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ تَكُنْ
عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
وَقَدْ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا
وَاخْتَارَ الْمُزَنِيُّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَبَدًا رَاجَعَهَا أَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا تَرَاخَى طَلَاقُهُ أَوْ نَسَقَهُ
بِالظِّهَارِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الظِّهَارُ رَاجِعٌ عَلَيْهِ إِنْ نَكَحَهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ الزَّوْجِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِنْ أَفْطَرَ فِي الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ مُتَعَمِّدًا بِوَطْءٍ أَوْ بِأَكْلٍ أَوْ
بِشُرْبٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ صِيَامَهُمَا
وَاخْتَلَفُوا إِذَا وطىء لَيْلًا فِي صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ
فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا شيء عليه
وعند الكوفي يستأنف صيامهما
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَلَفُوا فِيهِ لو وطىء وَقَدْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّ يتم الإطعام كما لو وطىء قَبْلَ أَنْ يُطْعِمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا
طَعَامٌ وَاحِدٌ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ يَسْتَأْنِفُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَتَظَاهَرُ مِنْ أَمَتِهِ إِنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ
قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الظِّهَارِ مِنَ الْأَمَةِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ الظِّهَارُ مِنَ
الْأَمَةِ لَازِمٌ كَالظِّهَارِ مِنَ الْحُرَّةِ مِنْهُمْ رَبِيعَةُ ومالك وبن أَبِي ذِئْبٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ
حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59
وروي ذلك عن بن عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَقَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ
وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ هي من النساء وسليمان بن يسار وبن شِهَابٍ وَعِكْرِمَةَ
وَالْحَكَمِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَيْسَ الظِّهَارُ مِنَ الْأَمَةِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ
زَوْجَةً وَلَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ الظِّهَارُ من أمة
وهو قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ فَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ سُرِّيَّتِهِ قَالَ لَيْسَ بِمُتَظَاهِرٍ
قَالَ اللَّهُ تعالى (والذين يظهرون مِنْ نِسَائِهِمْ) الْمُجَادَلَةِ 3
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ كَانَ يَطَأُ امْرَأَتَهُ فَهُوَ مَظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَطَأُهَا فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ إن كان يطأها فهو ظهار وإن لم يكن يطأها فَلَيْسَ بِظِهَارٍ
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ إِذَا ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ كَفَّارَةِ الْحُرِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مِنْ أَوْقَعَ الظِّهَارَ مِنَ الْأَمَةِ ظَاهِرُ قَوْلِ الله عز وجل (والذين
يظهرون مِنْ نِسَائِهِمْ) الْمُجَادَلَةِ 3 وَالْإِمَاءُ مِنَ النِّسَاءِ بِدَلِيلِ قول الله عز وجل
(وأمهت نِسَائِكُمْ) النِّسَاءِ 23 وَلِذَلِكَ حُرِّمْنَ لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ أَزْوَاجٍ قَبْلَ الدُّخُولِ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُوقِعْ عَلَى الْأَمَةِ ظِهَارًا مِنْ سَيِّدِهَا أَنَّهُ جَعَلَ قوله - عز وجل
(والذين يظهرون مِنْ نِسَائِهِمْ) الْمُجَادَلَةِ 3 مِثْلَ قَوْلِهِ (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) الْبَقَرَةِ
226
وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنْ لَيْسَ إِيلَاءُ الرَّجُلِ مَنْ أَمَتِهِ بِإِيلَاءٍ وَأَنَّهَا يمين لا حكم لها إلا
الكفارة كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ
وَلَمَّا لَمْ يَلْحَقِ الْأَمَةَ طَلَاقٌ وَلَا إِيلَاءٌ وَلَا لِعَانٌ فَكَذَلِكَ لَا يَلْحَقُهَا ظِهَارٌ
وَلَمَّا كَانَتِ الْيَمِينُ تَقَعُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالظِّهَارُ لَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ كَانَ فِي قِسْمِ
مَا يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَاتِ كَالطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل (وأمهت نِسَائِكُمْ) النِّسَاءِ 23 فَإِنَّ النِّسَاءَ
تُحَرِّمُ أُمَّهَاتِهِنَّ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِمَاءُ لِأَنَّهُنَّ لَا تُحَرِّمْنَ أُمَّهَاتِهِنَّ
إِلَّا بِالدُّخُولِ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَدْخُلُ عَلَى الرَّجُلِ إِيلَاءٌ فِي تَظَاهُرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَارًّا لَا يُرِيدُ أَنْ
يَفِيءَ مِنْ تَظَاهُرِهِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60
قال أبو عمر روى بن الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ ((الْمُوَطَّإِ)) عَنْهُ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَى
الظِّهَارِ إِذَا كَانَ مُضَارًّا
قَالَ وَمِمَّا يُعْلَمُ بِهِ ضَرُورَةً أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْكَفَّارَةِ فَلَا يُكَفِّرُ فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ وُقِفَ فَإِمَّا
كَفَّرَ وَإِمَّا طُلِّقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ تَرَكَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مَظَاهِرٌ وَلَا
إِيلَاءَ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ فِي الظِّهَارِ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُضَارًّا
بِتَرْكِ الْكَفَّارَةِ أَوْ غَيْرَ مُضَارٍّ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالُوا سَوَاءٌ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا
وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنُ رَاهْوَيْهِ
وَكَذَلِكَ رَوَى الْأَشْجَعِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَدْخُلُ عَلَى الظِّهَارِ فَتَبِينُ مِنْهُ
بِانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ