مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ جَاءَتْ هِيَ وَعَمُّهَا إِلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ جَاءَتْ هِيَ وَعَمُّهَا إِلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَيُّوبُ
وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَذَكَرُوا فِيهِ أَحْكَامًا لَمْ يَذْكُرْهَا مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَدِيثِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْمُخْتَلِعَةِ
وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ إِلَّا لِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ تُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ عُمَرَ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَجَاءَ مَعَهَا عَمُّهَا مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ
إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ مُعَوِّذٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَفَتَنْتَقِلُ فَقَالَ عُثْمَانُ تَنْتَقِلُ وَلَا
مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حَتَّى تَحِيضَ
حَيْضَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عُثْمَانُ أَخْبَرُنَا وَأَعْلَمُنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الخلع طلاق
وخالف بن عَبَّاسٍ فَقَالَ الْخُلْعُ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
وَرَوَى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طاوس عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ
بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ سَأَلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَيَتَزَوَّجُهَا قَالَ
نَعَمْ لِيَنْكِحَهَا لَيْسَ الْخُلْعُ بِطَلَاقٍ
وَذَكَرَ اللَّهُ الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا وَالْخُلْعُ فِيهِ مَا بَيْنَ ذلك فليس الخلع بشيء
ثم قرأ (الطلق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن) الْبَقَرَةِ 229 وَقَرَأَ (فَإِنْ
طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ 230
قَالَ أَبُو عُمَرَ خَالَفَهُ عُثْمَانُ وَجَمَاعَةُ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ
بِهِ أَكْثَرَ فَيَكُونُ مَا أَرَادَ بِهِ وَسَمَّى
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُمْهَانَ - مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ عَنْ أُمِّ
بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسِيدٍ فَأَتَيَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي
ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيَتْ شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيَتْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ خَبَرُ جُمْهَانَ هَذَا عِنْدَ يحيى في ((الموطأ)) وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ
رُوَاةِ ((الْمُوَطَّإِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَلِعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يُسَمِّ طَلَاقًا وَلَا نَوَاهُ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ مَا احْتَاجَ أَنْ يُقَالَ لَهُ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْخُلْعِ هَلْ هُوَ طَلَاقٌ إِذَا لَمْ يُسَمَّ طَلَاقًا أَمْ لَا
فَقَالَ مَالِكٌ هُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَكْثَرَ فَيَكُونُ عَلَى مَا أَرَادَ
وَرُوِيَ ذلك عن عمر وعلي وبن مَسْعُودٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَالْأَصَحُّ عَنْهُ أَنَّ
الْخُلْعَ طَلَاقٌ
وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ
يُسَمِّيَهُ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ قَدْ قُطِعَ فِي بَابِ الْكَلَامِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ بَائِنٌ فَلَا
يَقَعُ بِهِ إِلَّا بِمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ إرادة الطلاق فإنه سَمَّى عَدَدًا أَوْ
نَوَى عَدَدًا فَهُوَ عَدَدُ مَا سَمَّى أَوْ نَوَى
قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا جَعَلْتَهُ طَلَاقًا فَاجْعَلْ لَهُ فِيهِ الرَّجْعَةَ
قِيلَ لَمَّا أَخَذَ مِنَ الْمُطَلَّقَةِ عِوَضًا وَكَانَ مَنْ مَلَكَ عِوَضَ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ لَمْ تَكُنْ
لَهُ رَجْعَةٌ فِيمَا مَلَكَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْمُخْتَلِعَةُ
وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ خُلْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ فَإِنْ نَوَى
الطَّلَاقَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ مِنْهُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا هِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا
فَهِيَ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تَكُونُ اثْنَتَيْنِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا
فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْخُلْعَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ
وَقَالَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ سِوَى بن عَبَّاسٍ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَشُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَجَابِرِ بْنِ
زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَمُجَاهِدٍ وأبي سلمة ومكحول والزهري
وأما قول بن عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ مِثْلُهُ
وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ الْخُلْعُ مَعَ تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَتَانِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُخْتَلِعَةِ هَلْ يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ أَمْ لَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا
فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ طَلَّقَهَا عَقِيبَ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ طُلِّقَتْ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ لَمْ
تُطَلَّقْ
وَهَذَا يُشْبِهُ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يلحقها طلاق وإن كانت في العدة
وهو قول بن عباس وبن الزُّبَيْرِ
وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ أَبُو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَشُرَيْحٍ وَطَاوُسٍ وَإِبْرَاهِيمَ والزهري والحكم وحماد
وروي ذلك عن بن مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ طَرِيقَيْنِ مُنْقَطِعَيْنِ لَيْسَا بِثَابِتَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ بَائِنٌ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا فِيهِ
وَمَعْنَى الْبَيْنُونَةِ انْقِطَاعُ الْعِصْمَةِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ فَكَأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ بَانَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا قول بن عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي مُرَاجَعَةِ الْمُخْتَلِعَةِ فِي الْعِدَّةِ
فَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا إِلَّا بِرِضًى مِنْهَا وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ مَعْلُومٍ
وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ والثوري والأوزاعي وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وبن شِهَابٍ أَنَّهُمَا قَالَا إِنْ رَدَّ إِلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا فِي
الْعِدَّةِ أَشْهَدَ عَلَى رَجَعَتِهَا وصحت له الرجعة
روى بن أبي ذئب عن بن شِهَابٍ قَالَ لَا يَتَزَوَّجُهَا بِأَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ مِنْهَا
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ فِي الْخُلْعِ طَلَاقًا فَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ لَا يَمْلِكُ فِيهَا رَجْعَةً
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82
وَإِنْ سَمَّى طَلَاقًا فَهُوَ أَمَلَكُ بِرَجْعَتِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ
وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ
وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَمَاهَانَ الْحَنَفِيِّ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُخْتَلِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَتَزَوَّجُهَا هُوَ وَلَا غَيْرَهَا فِي الْعِدَّةِ فَشَذُّوا عَنِ الْجَمَاعَةِ
وَالْجُمْهُورِ
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ