وَمَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بن يسار وبن شِهَابٍ كَانُوا يَقُولُونَ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ مِثْلُ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ في ذلك فروي عن عثمان وبن عَبَّاسٍ قَالَا عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ رُوِيَ ذَلِكَ عن بن (...) |
وَمَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بن يسار وبن شِهَابٍ كَانُوا
يَقُولُونَ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ مِثْلُ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ في ذلك فروي عن عثمان وبن عَبَّاسٍ قَالَا عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ رُوِيَ ذَلِكَ عن بن عُمَرَ أَيْضًا خِلَافُ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ بِأَنَّهَا تَسْتَبْرِئُ رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ مَخَافَةَ الْحَمْلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ وحُجَّتُهُمْ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرُوبَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَمَلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ قَضَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيلَةَ بِنْتِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ جَمِيلَةَ ابْنَةَ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بن مسلم عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدتها حيضة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 ورواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مسلم عن عكرمة مرسلا ورواه بن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ رُبَيِّعٍ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَنْ تَعْتَدَّ حَيْضَةً وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآثَارُ بِالْقَوِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَأَمَّا الْحَدِيثُ بِذَلِكَ عَنِ بن عباس وبن عُمَرَ فَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَأَتَى عَمُّهَا عُثْمَانَ فَقَالَ تعتد بحيضة وكان بن عُمَرَ يَقُولُ تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ حَتَّى قَالَ هذا عثمان فكان بن عُمَرَ يُفْتِي بِهِ وَيَقُولُ عُثْمَانُ خَيْرُنَا وَأَعْلَمُنَا قال وحدثني عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قَالَ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ لَيْثٍ عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ بِثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَرُوِيَ مِثْلُ ذلك عن عمر وعلي وعن بن عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَالْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ وَعَلَيٍّ مِنْ قَوْلِهِمْ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَكِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعُمَرُ بْنُ عبد العزيز وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيَاضٍ وَخِلَاسُ بْنُ عُمَرَ وَقَتَادَةُ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعِدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَمَرَ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذٍ حِينَ اخْتَلَعَتْ مَنْ زَوْجِهَا يَنْتَقِلُ مَنْ بَيْتِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ كَانَتْ تَدُورُ عَلَيْهِمْ بِالْأَمْصَارِ الْفَتْوَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا فِي حِينِ الْخُلْعِ أَلَّا سُكْنَى لَهَا كَانَ الشرط لاغ وَلَهَا السُّكْنَى كَالْعِدَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الشَّرْطُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَهِيَ أَصْلُ هذه المسألة وسيأتي أَقْوَالُهُمْ فِيهَا فِي مَوْضِعِهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَجْمَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ عِنْدَ غير السلطان إلا الحسن وبن سِيرِينَ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ لَا يَكُونُ الْخُلْعُ إِلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَقَالَ قَتَادَةُ إِنَّمَا أَخَذَهُ الْحَسَنُ عَنْ زِيَادٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ يَجُوزُ دُونَ السُّلْطَانِ فَكَذَلِكَ الْخُلْعُ وَلَيْسَ كَاللِّعَانِ الَّذِي لَا يَجُوزُ عِنْدَ السُّلْطَانِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُفْتَدِيَةِ إِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنَ الطَّلَاقِ الْآخَرِ وَتَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلك قال أبو عُمَرَ إِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَتُتِمُّ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا وَهَذَا أَصْلُ مَالِكٍ فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ عِدَّتُهَا وَلَا تَنْتَقِلُ إِلَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَلَا فِي الْبَائِنِ كَالْحَدِّ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِالْعِتْقِ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمُ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الْمُخْتَلِعَةِ يَتَزَوَّجُهَا زَوْجُهَا فِي عِدَّتِهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَنَّ عَلَيْهَا عِدَّةً كَامِلَةً كَأَنَّهَا عندهم في حكم المدخول بها أنها تَعْتَدُّ مِنَ الْعِدَّةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل (إذا نكحتم المؤمنت ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) الْأَحْزَابِ 49 قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ عِنْدَهُمْ وَمَنْ قَالَ بِقَولِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَوْجَبَ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا قَالَ مَالِكٌ إِذَا افْتَدَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا مُتَتَابِعًا نَسَقًا فَذَلِكَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ صُمَاتٌ فَمَا أَتْبَعَهُ بَعْدَ الصُّمَاتِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَضَى فِيهَا الْقَوْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَحَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ |