مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى انْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا وَقَالَ سَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا وَالْمَعْنَى قَرِيبٌ مِنَ السَّوَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حَيًّا ظَاهِرًا فِي حِينِ اللِّعَانِ فَانْتَفَى مِنْهُ إِمَّا لِغَيْبَةٍ غَابَهَا أَوْ لِاسْتِبْرَاءٍ ادَّعَاهُ لَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا حَتَّى وَضَعَتْهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يَنْفِي عَنْهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَقْتًا مَا ثُمَّ جَحَدَهُ وَنَفَاهُ بَعْدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ انتفى من ولدها وهو حَمْلٌ ظَاهِرٌ بِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ نَفْيِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا رَأَى الْحَمْلَ فَلَمْ يَنْفِهِ حَتَّى وَضَعَتْهُ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ نَفَاهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً فَإِنِ انْتَفَى مِنْهُ حِينَ وَلَدَتْهُ وَقَدْ رَآهَا حَامِلًا فَلَمْ يَنْتِفِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ الْحَدَّ إِذَا كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا لَهَا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنِ الْحَمْلِ فَقَدِمَ وَقَدْ وَلَدَتْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ فِيمَنْ أَقَرَّ بِحَمْلِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْتُهَا تَزْنِي لَاعَنَ فِي الرُّؤْيَةِ وَلَزِمَهُ الْحَمْلُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا عَلِمَ الزَّوْجُ بِالْحَمْلِ فَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ إِمْكَانًا بَيِّنًا فَتَرَكَ اللِّعَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ كَالشُّفْعَةِ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ إِنْ لَمْ يَنْفِهِ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 وَقَالَ بِمِصْرَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ لَهُ نَفْيُهُ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ عَلِمَ بِهِ يَأْتِي فِيهَا الْحَاكِمَ أَوْ يَشْهَدُ كَانَ مَذْهَبًا قَالَ وَأَيُّ مُدَّةٍ إِنْ قَلَّتْ لَهُ نَفْيُهُ فِيهَا فَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَا يَخَافُ فَوْتَهُ بِمَرَضٍ أَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَأَشْهَدَ وَلَمْ يُسِرَّ فَهُوَ عَلَى نَفْيِهِ وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ إِذَا قَالَ لَمْ أُصَدِّقْ حَمْلَهَا أَوِ الْحَاضِرُ إن قال لا أعلم قال ولو رَآهَا حُبْلَى فَلَمَّا وَلَدَتْ نَفَاهُ وَقَالَ لَمْ أَدْرِ أَنَّهُ حَمْلٌ كَانَ لَهُ نَفْيُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا وَلَدَتْ فَنَفَى وَلَدَهَا مِنْ يَوْمِ يُولَدُ أَوْ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ لَاعَنَ وَانْتَفَى الْوَلَدَ فَإِنْ لَمْ يَنْفِهِ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ أَوْ سَنَتَانِ ثُمَّ نَفَاهُ لَاعَنَ وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ وَلَمْ يُؤَقِّتْ أَبُو حَنِيفَةَ لِذَلِكَ وَقْتًا وَوَقَّتَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِقْدَارَ النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِقْدَارِ النِّفَاسِ مُنْذُ يَوْمِ قَدِمَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يَنْتِفِ عَنْهُ أَبَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَنْفِيهُ الزَّوْجُ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ الزنى وَلَا يَنْتَفِي الْحَمْلُ إِلَّا بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ أَنِ اسْتَبْرَأَ وَالِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَ مالك وبن الْقَاسِمِ حَيْضَةٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا تُسْتَبْرَأُ الْحُرَّةُ فِي ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بن الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَمْلُ ظَاهِرًا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ لَمْ يَنْفِهِ لعانه ولحق به وقال بن الْقَاسِمِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَادَّعَى الْوَلَدَ لَحِقَ بِهِ وَهُوَ أَدْنَى اللِّعَانِ نَفَيْنَاهُ عَنْهُ وَصَارَ قَاذِفًا لَهَا بِنَفْيِهِ وَلَدَهَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ إِنْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَادَّعَى رُؤْيَتَهُ لَاعَنَ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ اللِّعَانُ فَإِنِ ادَّعَاهُ لَحِقَ بِهِ وَحْدَهُ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَيُلَاعِنُ فِي الرُّؤْيَةِ مَنْ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ وَجُمْلَةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَفَى الْحَمْلَ وَقَالَ ليس مني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 لاعن وانتفى عنه الولد إلا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فَسَكَتَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ قَوْلِهِ فِي تَوْقِيتِ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ نَحْوَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَلَا مَعْنَى عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِلِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَحْمِلُ مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَتَلِدُ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ اللِّعَانُ عَلَى الْحَمْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَالَ لَيْسَ هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا لَهَا فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَوْ بَعْدَ يَوْمٍ لَمْ يُلَاعَنْ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَنْفِيَهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَاعَنَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أنه يلاعنها قبل الولادة وهو قول بن أَبِي لَيْلَى وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ يُلَاعِنُ عَلَى الْحَمْلِ الظَّاهِرِ وَقَدْ رَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ لَا يُلَاعِنُهَا حَتَّى تَلِدَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ وَلَوْ نَفَى الْحَمْلَ فِي الْتِعَانِهِ عَنْ قَذْفِهَا لَمْ يَنْتِفِ وَلَدُهَا عَنْهُ حَتَّى يَنْفِيَهُ بَعْدَ وَضْعِهَا وَيُلَاعِنَ وهو قول بن الْمَاجِشُونِ فِي الْمُلَاعَنَةِ عَلَى الْحَمْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُلَاعَنُ عَلَى الْحَمْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَشُ فَيَكُونُ قَوْلًا عَلَى رِيحٍ وَمَنْ نَفَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ الله بن الحسن وبن أَبِي لَيْلَى وَقَالَ لَيْسَ مِنِّي لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُلَاعِنُهَا إِلَّا أَنْ يَقْذِفَهَا لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدِي حَمْلُهَا فَيَنْتَفِي قَذْفُهَا عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْكَارُ الْحَمْلِ مِنْ أَشَدِّ الْقَذْفِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْقَذْفُ إِلَّا بِالتَّصْرِيحِ الْبَيِّنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَنْ لَمْ يَرَ اللِّعَانَ عَلَى الْحَمْلِ حَتَّى تَلِدَ زَعَمَ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَقْطَعُ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَشُ وَيَضْمَحِلُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 قَالَ فَلَا وَجْهَ لِلِعَانٍ بِغَيْرِ اسْتِيقَانٍ وَمَنْ رَأَى اللِّعَانَ عَلَى الْحَمْلِ إِذَا نَفَاهُ فَحُجَّتُهُ الآثار المتواترة من حديث بن عباس وحديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ أَنَسٍ وَحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِزَوْجِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ هَذَا فَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَهِيَ مُتَكَرِّرَةٌ فِي الْمُصَنَّفَاتِ وَالْمَسَانِيدِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَبَانَ لَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يَنْفِهِ ثُمَّ نَفَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَيُجْلَدُ الْحَدَّ إِلَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ وَلَا يُجْلَدُ عَلَى أصلهم وأما قول بن عُمَرَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِي بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ - فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ إِذَا فَرَغَا جَمِيعًا مِنَ اللِّعَانِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ قَالَ وَلَوِ الْتَعَنَ الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَ فَلَا لعان ولاحد وَيَتَوَارَثَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ الْخَامِسَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا قَالَ وَلَوْ لَمْ يُكْمِلِ الْخَامِسَةَ وَمَاتَ وَرِثَهُ ابْنُهُ وَزَوْجَتُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا مِنَ اللِّعَانِ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَبِهِ قَالَ الثوري وأحمد قال الثَّوْرِيُّ إِذَا تَلَاعَنَا وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا أَبَدًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أخذو ذَلِكَ عَنْهُ إِذَا تَلَاعَنَا فَلَا أَرَى اللِّعَانَ يَنْقُصُ شَيْئًا يَعْنِي مِنَ الْعِصْمَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُطَلِّقَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ اللِّعَانُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ اللِّعَانَ أَوْجَبَ الْفُرْقَةَ الَّتِي قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ فَرَاغِهِمَا مِنْ لِعَانِهِمَا وَقَالَ لَهُ ((لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا)) إِعْلَامًا مِنْهُ بِأَنَّ اللِّعَانَ رَفَعَ سَبِيلَهُ عَنْهَا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يُونُسَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ زَمَنَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ فَمَا دَرَيْتُ مَا أقول فمضيت إلى منزل بن عُمَرَ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ اسْتَأْذِنْ لِي قَالَ إنه قائل فسمع صوتي قال بن جبير قلت نعم قال ادْخُلْ فَوَاللَّهِ! مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا حَاجَةٌ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ قُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ! نَعَمْ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ في سورة النور (والذين يرمون أزوجهم) النُّورِ 6 فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ قَالَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ قَالَتْ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! إِنَّهُ لِكَاذِبٌ فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عُمَرَ قَالَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المتلاعنين وقال ((حسابكما عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا)) قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لِي قَالَ ((مَا لَكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ)) قَالَ الشَّافِعِيُّ تَفْرِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ تَفْرِيقُ حُكْمٍ لَيْسَ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ فِيهِ مَدْخَلٌ وَإِنَّمَا هو تفريق أوجبه اللعان فأخبر بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ ((لا سبيل لك عليها)) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَمَذْهَبِهِ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا)) دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ أَنَّ اللِّعَانَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْحَاكِمَ إِنَّمَا يَنْفُذُ فِي ذَلِكَ الْوَاجِبِ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ تَفْرِيقُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ اسْتِئْنَافًا مِنْ حُكْمٍ وَإِنَّمَا كَانَ تَنْفِيذًا لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَعْنَى اللِّعَانِ فِي اللُّغَةِ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعْلِمَهَا بِأَنَّ اللِّعَانَ فِرَاقٌ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَصَرَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَالْفُرْقَةُ وَاقِعَةٌ بِتَمَامِ اللِّعَانِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا)) وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إِذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ الْتِعَانَهُ عَلَيْهَا إِلَى آخِرِ الْخَامِسَةِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَزَالَ فِرَاشُهُ الْتَعَنَتِ الْمَرْأَةُ أَوْ لَمْ تَلْتَعِنْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْتِعَانُ الزَّوْجِ يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْهُ وَيَنْفِي الْوَلَدَ عَنْ فِرَاشِهِ إِنْ نَفَاهُ فِي الْتِعَانِهِ كَانَ كَذَلِكَ قَطْعُ الْعِصْمَةِ وَرَفْعُ الْفِرَاشِ وَوُجُوبُ الْفُرْقَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْفِرَاقِ وَقَطْعِ الْعِصْمَةِ وَرَفْعِ الْفِرَاشِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَلَا مَعْنَى لِالْتِعَانِ الْمَرْأَةِ إِلَّا فِي دَرْءِ الحد عنها قال الله تعالى (ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهدات بالله إنه لمن الكذابين والخمسة) الْآيَةَ النُّورِ 8 وَلَمَّا اتَّفَقُوا أَنَّ الزَّوْجَ بِالْتِعَانِهِ يَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ إِنْ نَفَاهُ كَانَ كَذَلِكَ بِرَفْعِ عِصْمَةِ النِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَعْنَى الْتِعَانِ الزَّوْجِ وَالْتِعَانِ الْمَرْأَةِ مُتَضَادَّانِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةَ تَنْفِي الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لِوُقُوعِ الْفِرَاقِ فَكَيْفَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 يُعْتَبَرُ فِي رَفْعِ الْعِصْمَةِ الْتِعَانُهَا وَهِيَ مُكَذِّبَةٌ لزوجها وفي وُقُوعِ النَّسَبِ الْمُوجِبِ لِلْفِرَاقِ أَمْ كَيْفَ يَرْتَفِعُ النَّسَبُ وَيَنْفَى النِّكَاحُ وَحُجَّةُ الْكُوفِيِّينَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ بِتَمَامِ اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما حديث بن عُمَرَ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَأَضَافَ الْفُرْقَةَ إِلَيْهِ لَا إِلَى اللِّعَانِ فَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ حَتَّى يَقُولَ الْحَاكِمُ قَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا وَيُعْلِمَ مَنْ حَضَرَهُ بِذَلِكَ وَيُشْهِدَهُمْ قَالُوا وَلَمَّا كَانَ اللِّعَانُ مُفْتَقِرًا إِلَى حُضُورِ الْحَاكِمِ كَانَ مُفْتَقِرًا إِلَى تَفْرِيقِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعِنِّينِ لِأَنَّهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى طَلَاقٍ وَأَنَّ حُكْمَهُ وَسُنَّتَهُ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ إِمَّا بِاللِّعَانِ وَإِمَّا بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَا يُنْقِصُ اللِّعَانُ شَيْئًا مِنَ الْعِصْمَةِ حَتَّى يُطَلِّقَ الزَّوْجُ وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يَتَقَدَّمِ الْبَتِّيَّ إِلَيْهِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا لَهُ مِنَ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالسُّنَنِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ طَلَاقَ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ بَعْدَ تَمَامِ الْتِعَانِهَا لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْسَنْتَ وَلَا فَعَلْتَ مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَاجِبًا وَمُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ بُعِثَ إِلَى النَّاسِ مُعَلِّمًا وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَقَدْ قَالَ لَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ ((لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا)) عِنْدَ تَمَامِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ طَلَاقَ الْعَجْلَانِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى إِلَّا قَوْلَهُ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَطَلَّقَهَا لِيَدُلَّ بِذَلِكَ عِنْدَ نَفْسِهِ عَلَى صِدْقِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يَدْخُلُ دَاخِلُهُ فِي حُكْمِهِ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَلَا نَهَاهُ وَلَا أَمَرَهُ لِأَنَّ طَلَاقَهُ كَانَ لَا مَعْنَى لَهُ وقد بان في حديث بن وَهْبٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ عن بن شِهَابٍ أَنَّ قَوْلَهُ فِي آخِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ بِإِثْرِ ذِكْرِ الطَّلَاقِ فَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ إِنَّمَا أَرَادَ الْفُرْقَةَ وَأَلَّا يَجْتَمِعَا أَبَدًا كَذَلِكَ ذكره بن وهب عن عياض عن بن شِهَابٍ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ فِي اللِّعَانِ وَسَاقَهُ كَنَحْوِ سِيَاقَةِ مَالِكٍ لَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ ومضت سنة المتلاعنين أن يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 ذكره بن وَهْبٍ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الله الفهري عن بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي اللِّعَانِ وَعِيَاضٌ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ مِصْرَ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ تَقَعُ السُّنَّةُ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي طَلَاقِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَوْ كَانَ وُقُوعُ طَلَاقِ الثلاث المجتمعات لا يجوز لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيْفَ تُطَلِّقُ ثَلَاثًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي دِينِنَا وَشَرِيعَتِنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا تَقَعُ السُّنَّةُ وَإِنَّمَا هِيَ بِدْعَةٌ لَازِمَةٌ لِمَوْقِعِهَا فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ طَلَاقٍ لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ أَقْوَى مِنْ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ لَمْ يَحْتَجْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا لَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاجْتَلَبْنَا أَقْوَالَ الْقَائِلِينَ فِيهَا فِي أول كتاب الطلاق وأما قول بن عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُمَّ لَا يَنْتَفِي عَنْهَا وَلَدُهَا أَبَدًا وَأَنَّهُ لَاحِقٌ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِوِلَادَتِهَا لَهُ لَكِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ عَنْ أَبِيهِ بِلِعَانِهِ أَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ خَاصَّةً كَأَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ فَلَا يَرِثُ أَبَاهُ وَلَا يَرِثُهُ أَبُوهُ وَلَا أَحَدٌ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ بَلْ أَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ فَجَعَلَ أُمَّهُ لَهُ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلَاعِنَةِ وَسَنُورِدُ هَذَا فِي بَابِهِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَدًا وقال مالك وعلى هذا السنة عِنْدَنَا الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا وَلَا اخْتِلَافَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ إِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا سَوَاءٌ كَذَّبَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ لَحِقَ بِهِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عمر وعلي وبن مَسْعُودٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لَهُ ((لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَلَمْ يُقَلْ لَهُ إِلَّا أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَكَ فَصَارَ كَالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُنَّ وَهَذَا شأن تَحْرِيمٍ مُطْلَقِ التَّأْبِيدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُطَلِّقَ ثَلَاثًا لَمَّا لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً أَوْقَعَ فِيهِ الشَّرْطَ بِنِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ لَكَانَ نَهْيًا مُطْلَقًا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ فِي الْمُلَاعَنَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ فَهُوَ مُؤَبَّدٌ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ حَقٌّ جَحَدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فَلَزِمَهُ وَلَيْسَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ يَتَهَيَّأُ لَهُ إِبْطَالُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا أَكْذَبَ الْمَلَاعِنُ نَفْسَهُ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَكَانَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ إِنْ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ واختلف في ذلك عن إبراهيم النخعي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُمَا الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ إِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وردت عليه امرأته وروي عن بن شِهَابٍ مِثْلُهُ وَهُوَ عِنْدِي قَوْلٌ تَالِفٌ خِلَافَ مَنْ قَالَ يَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَيْضًا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ عَادَ إِلَى نِكَاحِهِ أَوْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ قَالُوا فَيَعُودُ النِّكَاحُ حَلَالًا كَمَا عَادَ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَالْحُجَجُ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ مِنْ جِهَةِ الْمُقَايَسَاتِ وَالنَّظَرِ فِيهَا تَشْعِيبٌ وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَثَرٌ مُسْنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِرَاقًا بَاتًّا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لَاعَنُهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ إِذَا ادَّعَتْهُ مَا لَمْ يَأْتِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 دُونَ ذَلِكَ مِنَ الزَّمَانِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَلَا يُعْرَفُ أَنَّهُ مِنْهُ قَالَ فَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا وَهِيَ حَامِلٌ يُقِرُّ بِحَمْلِهَا ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهَا جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرْ حَمْلَهَا بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا لَاعَنَهَا قَالَ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ إِذَا قَذَفَهَا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً وَلَا لِعَانَ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ وَيَلْزَمُهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ لَهُ بِمَا رَمَاهَا بِهِ كَمَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ وَأَمَّا إِذَا أَنْكَرَ حَمْلَهَا بَعْدَ أَنْ بَتَّ طَلَاقَهَا وَكَانَ إِنْكَارُهُ لِحَمْلِهَا فِي عِدَّتِهَا أَوْ فِي مُدَّةٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُهَا لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَلْحَقُ بِهِ فِيهَا وَلَدُهَا وَذَلِكَ خَمْسُ سِنِينَ عِنْدَهُمْ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ سَنَذْكُرُهُ عَنْهُمْ وَعَنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وجل وقد روي يحيى عن بن الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْذِفُهَا فِي عِدَّتِهَا وَيَقُولُ رَأَيْتُهَا تَزْنِي فِي عِدَّتِهَا أَنَّهُ لَا يُلَاعَنُ وَهَذَا خِلَافُ مَالِكٍ فِي ((الْمُوَطَّإِ)) وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ رَمَاهَا فِي وَقْتٍ إِنْ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْعِدَّةِ مَا لو أبت فيه يولد مِنْ يَوْمِ رَمَاهَا لَزِمَهُ الْوَلَدُ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ وَإِنْ كَانَ وَقْتًا لَوْ أَتَتْ فِيهِ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ وَقَالَ يحيى قال بن الْقَاسِمِ إِنْ أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إِلَى أَقْصَى مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا شَكَّ وَلَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ فِيهِ - أَعْنِي مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْمَبْتُوتَةِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا ثُمَّ يَقْذِفُهَا الزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ لَهَا وَيَقُولُ رَأَيْتُهَا تَزْنِي أَنَّهَا تُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ وَأَمَّا قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ في هذا الباب فقال بن شُبْرُمَةَ إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ حَمْلًا فِي عِدَّتِهَا فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْهُ لَاعَنَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً يملك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 الرَّجْعَةَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ سَنَةٍ فَنَفَاهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يَثْبُتُ الْحَدُّ وَالنَّسَبُ لِأَنَّ الْحَمْلَ كَانَ وَهِيَ زَوْجَتُهُ وَيُحَدُّ لِأَنَّ الْقَذْفَ وَقَعَ وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ يُحَدُّ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِذَا نَفَى وَلَدًا أَوْ حَمْلًا الْتَعْنَ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ نَفَى الْوَلَدَ بَعْدَ مَوْتِهَا الْتَعْنَ وَإِذَا لَمْ يَنْفِ حَمْلًا وَلَا وَلَدًا وَقَذَفَهَا وَهِيَ مَبْتُوتَةٌ حُدَّ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَوْجَبَ عَلَى الزَّوْجِ اللِّعَانَ وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْحَدَّ إِنْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ بِرُجُوعِ الشُّهُودِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ شُهُودًا لَوْ شَهِدُوا بِزِنًا فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا لَكَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ حُدُوثُ الْفُرْقَةِ قَبْلَ اللِّعَانِ مُسْقِطًا وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ يُلَاعَنُ لِأَنَّ الْقَذْفَ كَانَ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُلَاعِنْهَا كَانَ كَذَلِكَ إِذَا قَذَفَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ بَانَتْ لَمْ يَبْطُلِ اللِّعَانُ وَقَالُوا لَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ بِزِنًا نَسَبَهُ إِلَيْهَا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ وَهِيَ زَوْجَةٌ حُدَّ وَلَا لِعَانَ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بَعْدَ الْقَذْفِ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ قَالَهُ مَكْحُولٌ وَالْحَكَمُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ وَقَتَادَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ غَيْرَ زَوْجِهِ فِي حِينِ الْمُطَالَبَةِ بِالْقَذْفِ قَالَ مَالِكٌ وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْحُرِّ فِي مُلَاعَنَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَةً حَدٌّ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ تُلَاعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (وَالَّذِينَ يرمون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 أزوجهم) النُّورِ 6 فَهُنَّ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَعَلَى هَذَا الْأَمْرِ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَبْدُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ أَوِ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ أَوِ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوِ الْيَهُودِيَّةَ لَاعَنَهَا هَذَا قَوْلُهُ فِي ((موطئه)) وروى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرَةِ لِعَانٌ إِذَا قَذَفَهَا إِلَّا أَنْ يَقُولَ رَأَيْتُهَا تَزْنِي فَيُلَاعِنُ سَوَاءٌ ظَهَرَ الْحَمْلُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَخَافُ أَنْ أَمُوتَ فيلحق بي نسب ولدها قال بن الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا يُلَاعِنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَةَ فِي دَفْعِ الْحَمْلِ وَلَا يُلَاعِنُهَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ زَوَّجْتُهُ الْأَمَةُ لَا يُلَاعِنُهَا إِلَّا فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ يُلَاعَنُ قَالَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ جَمِيعًا كَافِرَيْنِ فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا يَعْنِي إِلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا قَالَ وَالْمَمْلُوكَانِ الْمُسْلِمَانِ بَيْنَهُمَا اللِّعَانُ إذا أراد أن ينفي الْوَلَدَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَجِبُ لِعَانٌ إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا أَوْ كَافِرًا وَيُحَدُّ إِنْ كَانَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَقَالَ الْحَسَنُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَمْلُوكَيْنِ وَالْمُشْرِكَيْنِ حَدٌّ فِي قَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ وَلَا يُلَاعَنُ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا لِعَانَ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا بَيْنَ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَامْرَأَتِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَى قَاذِفِهَا حَدٌّ فَلَا لِعَانَ بينهما إذا قذفها وقال بن شُبْرُمَةَ يُلَاعِنُ الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ إِذَا قَذَفَهَا وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ كُلُّ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بأمر زعم أنه رآه ولا يُبَيَّنُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الْعَبْدِ إِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ الْحُرَّةَ وَادَّعَى أَنَّهُ رَأَى عَلَيْهَا رَجُلًا لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ يُحَدُّ لَهَا إِذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً لَاعَنَهَا فِي الْوَلَدِ إِذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَا يُلَاعِنُهَا الرُّؤْيَةَ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ لَهَا فِي الْقَذْفِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 قَالَ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ يُلَاعِنُ امْرَأَتَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ زَوْجٍ جَازَ طَلَاقُهُ وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ يُلَاعِنُ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَلْزَمُهَا الْفَرْضُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَحْدُودًا أو محدودة في زنا إذا رماها بذلك الزنى وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِأَنَّهُ آذَى الْمُسْلِمَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ اللِّعَانَ إِلَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ الْبَالِغَيْنِ قِيَاسًا عَلَى إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ ذِمِّيَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً حَدٌّ وَجَعَلُوا قَوْلَهُ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أزوجهم) النور 6 مثل قوله والذين (6والذين يرمون المحصنت) النُّورِ 4 ذِمِّيَّةً وَلَا أَمَةً قَالُوا وَكَذَلِكَ الزَّوْجَانِ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ اللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) النُّورِ 6 لَمْ يَخُصَّ حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ وَلَا مُسْلِمَةً مِنْ ذِمِّيَّةٍ فَوَاجِبٌ أَلَّا يَخُصَّ نَفْسَهُ إِلَّا بِزَوْجٍ بِإِجْمَاعٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فَوَجَبَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا حُمِلَ قَوْلُهُ - عز وجل - و (إذا طلقتم النساء) البقرة 231و 232 وَ (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) الْبَقَرَةِ 226 عَلَى الْعُمُومِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ لَا يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَاللَّهُ قَدْ قَالَ (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ) النُّورِ 6 وَقَدْ أَجَابَهُمُ الشَّافِعِيُّ بِأَنْ قَالَ هَذَا جَهْلٌ بِلِسَانِ العرب لأن الشهادة ها هنا يَمِينٌ وَالْيَمِينُ تَكُونُ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَمِمَّنْ لَا يَجُوزُ وَكَيْفَ تَكُونُ شَهَادَةُ مَنْ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ مَرَّةً وَيَدْرَأُ الْحَدَّ أُخْرَى فِي الْحُرِّ وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي اللِّعَانِ بَيْنَ الْفَاسِقِينَ فَسَقَطَ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الشَّهَادَةِ فَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ أَوْلَى بِذَلِكَ فِي الْفَاسِقِينَ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا طَوِيلٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُلَاعِنُ امْرَأَتَهُ فَيَنْزِعُ وَيُكَذِّبُ نَفْسَهُ بَعْدَ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ إِنَّهُ إِذَا نَزَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَعِنَ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَّ عَلَى مَا وَصَفَهُ مَالِكٌ وَهُوَ أَمْرٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَظَاهِرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي ((الْمُوَطَّإِ)) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا الْتَعْنَ الْخَامِسَةَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَذْهَبٍ لِمَالِكٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَلْ مَذْهَبُهُ عِنْدَ جَمَاعَتِهِمْ أَنَّ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا لَا تَجِبُ إِلَّا بِتَمَامِ الْتِعَانِهِمَا وَفِي ((الْعُتْبِيَّةِ)) لأصبغ عن بن القاسم ما يشبه مسألة ((الموطأ)) هذه في الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَيَنْفِي الْوَلَدَ أَنَّهُ يَلْتَعِنُ وَلَا تَلْتَعِنُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ وَلَدَهَا رَاجِعٌ إِلَى فَرَاشِ الثَّانِي إِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ نَكَحَهَا فَإِنْ فَارَقَهَا الثَّانِي لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ الْمُلْتَعِنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهَذَا نَحْوُ مَا وَصَفْنَا وَقَالَ سَحْنُونٌ تَقَدَّمَ وَتَحِلُّ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ هُنَا قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَإِذَا مَضَتِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرِ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَا حَامِلٌ قَالَ إِنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا لَاعَنَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَنْ قَالَ يُلَاعِنُ عَدَدَ الْحَمْلِ وَمَنْ أَبَى مَنْ ذَلِكَ لَمْ يُلَاعِنْ حَتَّى تَضَعَ وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ يُلَاعِنُهَا زَوْجُهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا إِنَّهُ لَا يَطَؤُهَا وَإِنْ مَلَكَهَا وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَتَرَاجَعَانِ أَبَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي تَحْرِيمِ فِرَاقِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنَّهُ تَحْرِيمٌ أَبَدِيٌّ لَا تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ وَقَدْ مَضَى الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ وَوُجُوهُهُ وَأَصْلُهَا أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَمَّا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ الْمُلَاعِنَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ لَا لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا لِأَنَّ اللِّعَانَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لَا صَدَاقَ لَهَا كَأَنَّهُ جَاءَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهَا وَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اللِّعَانُ مَعْنَاهُ قَذَفُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَلَا يُوجِبُ الْقَذْفُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُمْ إِلَّا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ تَقُولُ إِنَّ زَوْجَتَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ أَوِ اللِّعَانِ وَهَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلٌ مَهْجُورٌ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَاسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ ضَعْفٌ مِنَ الْقَوْلِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْسِيرٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ |