قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ بِالْبِكْرِ هُنَا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بكرا مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ أَنَّهُ قَالَ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ (...) |
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ بِالْبِكْرِ هُنَا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بكرا
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ أَنَّهُ قَالَ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا فَجَاءَ يَسْتَفْتِي فَذَهَبْتُ مَعَهُ أَسْأَلُ لَهُ فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا لَا نَرَى أَنْ تَنْكِحَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ قَالَ فَإِنَّمَا طَلَاقِي إياها واحدة قال بن عَبَّاسٍ إِنَّكَ أَرْسَلْتَ مِنْ يَدِكَ مَا كَانَ لك من فضل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 فِي هَذَا الْحَدِيثِ لُزُومُ طَلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ وَفِيهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا كَالْمَدْخُولِ بِهَا فِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِ الْبِكْرِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُهَا عَلَى مُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الثَّلَاثَ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَاحِدَةً وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ عن بن عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الصَّهْبَاءِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ عَلِيٌّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ نَافِعٍ قَالَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ عَنْ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَطَاءٍ قَالَ وَإِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ عَنْهُمْ فَهُوَ كَانَ حَافِظًا أَيْضًا وَقَالَتْ بِذَلِكَ فِرْقَةٌ شَذَّتْ عَنِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ اجْتِمَاعُهُمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَقَالُوا لن يصح عن بن عَبَّاسٍ إِلَّا مَا رَوَاهُ عَنْهُ كُتَّابُ أَصْحَابِهِ طَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى حَسَبِ حَدِيثِ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ كَالْمَدْخُولِ بِهَا سَوَاءً علي بن أبي طالب وبن مسعود وبن عباس وبن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاصي وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأَنَسٌ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ التَّابِعِينَ عَمَّنْ ذَكَرْنَا وبه قال جماعة الأمصار بن أبي ليلى وبن شبرمة وسفيان الثوري والحسن بن حي وَمَالُكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ الطَّبَرِيُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي أَوَّلِ بَابِ الطَّلَاقِ وَذَكَرْنَا مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي طَلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَذَكَرْنَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنَ الشُّذُوذِ الَّذِي لَا يعرج عليه لأن حديث طاوس عن بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي الصَّهْبَاءِ لَمْ يُتَابَعْ عليه طاوس وأن سائر أصحاب بن عَبَّاسٍ يَرْوُونَ عَنْهُ خِلَافَ ذَلِكَ عَلَى مَا قد بيناه فيما مضى وما كان بن عَبَّاسٍ لِيَرْوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَيْئًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ إِلَى رَأْيِ نَفْسِهِ بَلِ الْمَعْرُوفُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَهُ فِي فَسْخِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ وَمِنْ هُنَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ حَدِيثَ طَاوُسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي الصَّهْبَاءِ لَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِمَبْلَغِ وُسْعِنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَمِنَ الْأَسَانِيدِ فِي حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَا حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عاصم عن بن جريج عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ جَاءَ إلى بن عباس فقال يا بن عَبَّاسٍ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ تُرَدُّ إِلَى الْوَاحِدَةِ فَقَالَ نَعَمْ وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ بُكَيْرٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّمَا طَلَاقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةٌ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَرَادَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً فَأَجَابَهُ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ أَرْسَلْتَ مَنْ يَتْرُكُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ فَضْلٍ وَالْآخَرُ أَنَّ قَوْلَهُ إِنَّمَا طَلَاقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةٌ أَيْ أَنَّ الثَّلَاثَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ غَيْرِكَ فلم يلتفت بن عَبَّاسٍ إِلَيْهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ |