مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ
أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ تَحِلُّ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ
أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ تَحِلُّ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا
سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إِلَيْهَا
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَإِنْ أَدْرَكَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا
قَالَ مَالِكٌ وَأَدْرَكْتُ النَّاسَ يُنْكِرُونَ الَّذِي قَالَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ
قَالَ يُخَيَّرُ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ إِذَا جَاءَ فِي صَدَاقِهَا أَوْ فِي امْرَأَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْمَفْقُودِ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ بَعْدَ
شَكْوَاهَا إِلَى السُّلْطَانِ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ تَنْكِحُ إِنْ شَاءَتْ
وَإِلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ذَهَبَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ
وَالْمَفْقُودُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ عَلَى وُجُوهٍ سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَالَ اللَّيْثُ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ لِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ
وَخَالَفَهُ فِيمَا نَذْكُرُهُ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الْأَشْهَرَ وَالْأَكْثَرَ عَنْ عَلَيٍّ
خِلَافُهُ وَذَلِكَ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ لَا تُنْكَحُ عِنْدَهُ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ مَوْتَهُ
وَعَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فِي أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ لَا يُضْرَبُ لَهَا أَجْلُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَا أَقَلَّ وَلَا
أَكْثَرَ وَأَنَّهَا لَا تُنْكَحُ حَتَّى يَصِحَّ مَوْتُهُ وَتَسْتَحِقَّ مِيرَاثَهُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو
حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130
وَرَوَى خِلَاسٌ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ تَتَرَبَّصُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا وَلِيُّ زَوْجِهَا
ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
وَأَحَادِيثُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ مُنْقَطِعَةٌ ضِعَافٌ وَأَكْثَرُهَا مُنْكَرَةٌ
وَأَصَحُّ مَا فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ مَا رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ هِيَ امْرَأَتُهُ - يَعْنِي أَبَدًا - حَتَّى يَصِحَّ مَوْتُهُ
وَرَوَاهُ الْحَكَمُ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وُجُوهٍ سَنَذْكُرُهَا بَعْدُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَدْرَكْتُ النَّاسَ يُنْكِرُونَ الَّذِي قَالَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
أَنَّهُ قَالَ يُخَيَّرُ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ إِذَا جَاءَ فِي صَدَاقِهَا أَوْ فِي الْمَرْأَةِ فَهُوَ عَنْ عُمَرَ مَنْقُولٌ
بِنَقْلِ الْعُدُولِ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا
فِي الْمَفْقُودِ أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ تُزَوَّجُ
فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ يَعْزِمُهُ الزَّوْجُ
وَقَالَ مَعْمَرٌ وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ تَعْزِمُهُ الْمَرْأَةُ
وَهَذَا أَحَبُّ الْقَوْلَيْنِ إِلَيْنَا
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ خَيَّرَ مَفْقُودًا تَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ
الْمَهْرِ الَّذِي سَاقَهُ إِلَيْهَا
وَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَا
إِنْ جَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ
وَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ خَيَّرَ الْمَفْقُودَ وَقَدْ تَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ فَاخْتَارَ الْمَالَ فَجَعَلَهُ عَلَى زَوْجِهَا
الْأَحْدَثِ
قَالَ حُمَيْدٌ فَدَخَلْتُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي قَضَى فِيهَا فَقَالَتْ أَعَنْتُ زَوْجِي الْأَحْدَثَ بوليدة
قال وحدثني بن نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مَلِيحٍ عَنْ سُهَيْمَةَ بِنْتِ
عُمَيْرٍ الشَّيْبَانِيَّةِ قال نعي إلي زوجي من قندايل فتزوجت بعده الْعَبَّاسَ بْنَ طَرِيفٍ أَخَا
بَنِي قَيْسٍ فَقَدِمَ زَوْجِي الْأَوَّلُ فَانْطَلَقْنَا إِلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فقال
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131
كَيْفَ أَقْضِي بَيْنَكُمْ وَأَنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ قُلْنَا قَدْ رَضِينَا بِقَضَائِكَ فَخَيَّرَ الزَّوْجَ بَيْنَ
الصَّدَاقِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ فَلَمَّا أُصِيبَ عُثْمَانُ انْطَلَقْنَا إِلَى عَلِيٍّ وَقَصَصْنَا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَخَيَّرَ
الزَّوْجَ الْأَوَّلَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ فَاخْتَارَ الصَّدَاقَ فَأَخَذَ مِنِّي أَلْفَيْنِ وَمِنَ الزَّوْجِ
الْآخَرِ أَلْفَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ خِلَافُهُ عَلَى
مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ كَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى
الْحَجَّاجِ أَنْ سَلْ مَنْ قَبْلَكَ عَنِ الْمَفْقُودِ إِذَا جَاءَ وَقَدْ تَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ فَسَأَلَ الْحَجَّاجُ أَبَا
مَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ فَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ حَدَّثَتْنِي سُهَيْمَةُ بِنْتُ عُمَيْرٍ الشَّيْبَانِيَّةُ أَنَّهَا فَقَدَتْ زَوْجَهَا
فِي غُزَاةٍ غَزَاهَا فَلَمْ تَدْرِ أَهَلَكَ أَمْ لَا فَتَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا
الْأَوَّلُ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ
قَالَتْ فَرَكِبَ زَوْجَايَ إِلَى عُثْمَانَ فَوَجَدَاهُ مَحْصُورًا فَسَأَلَاهُ وَذَكَرَا لَهُ أَمْرَهُمَا فَقَالَ
عُثْمَانُ أَعَلَى هذا الحال قالا إنه أمر قد وقع ولا بد فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ فَقَالَ عُثْمَانُ يُخَيَّرُ
الْأَوَّلُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ صَدَاقِهَا
قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ فَرَكِبَا بَعْدَهُ حَتَّى أَتَيَا عَلِيًّا بِالْكُوفَةِ فَسَأَلَاهُ فَقَالَ أَعَلَى
هَذِهِ الْحَالِ فقالا قد كان ما ترى ولا بد من القول فيه قالت وأخبره بِقَضَاءِ عُثْمَانَ
إِلَّا مَا قَالَ عُثْمَانُ فَاخْتَارَ الأول الصداق قالت فأغنت زوج الْآخَرَ بِأَلْفَيْنِ وَكَانَ
الصَّدَاقُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمْضَى قَضَاءَ مَنْ قَبْلَهُ إِنْ
كَانَتْ مَسْأَلَةَ اجْتِهَادٍ وَأَمَّا رواية المعروف فعل غير ذلك
وروي من حديث بن أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي عُمَرَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ شُعْبَةَ
عَنْ عُمَرَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ أَرْبَعَ سِنِينَ
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ
أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
وَرَوَى عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ فَعَلَتْ
فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ أَمَرَ وَلِيَّ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ فَطَلَّقَهَا
وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَرِوَايَةُ سَعِيدٍ أَشْبَهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ تَتَرَبَّصُ
امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ حَتَّى تَعْلَمَ أَحَيٌّ هُوَ أَمْ ميت
وأخبرنا معمر عن بن أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ هِيَ امْرَأَةٌ ابْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ
حَتَّى يَأْتِيَهَا مَوْتٌ أو طلاق
قال وأخبرنا بن جريج قال بلغني أن بن مَسْعُودٍ وَافَقَ عَلِيًّا أَنَّهُ تَنْتَظِرُهُ أَبَدًا
وَذَكَرَ أبو بكر عن بن عَيَّاشٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إِذَا فَقَدَتْ زَوْجَهَا لَمْ تُزَوَّجْ
حَتَّى يُقْتَلَ أَنْ يَمُوتَ
وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ مُرْسَلِ الْحَكَمِ حَدِيثُ الْمَنْصُورِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ قَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ يَعْنِي - حَتَّى يَصِحَّ مَوْتُهُ
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَجَابِرُ بن زيد وبن سِيرِينَ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي الْمَفْقُودِ
فَقَالَ مَالِكٌ فِي ((موطئه)) ما ذكرناه
وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ تَنْتَظِرُهُ امْرَأَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا ثُمَّ تَحِلُّ فَإِنْ أَدْرَكَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا
قَالَ وَيُضْرَبُ الْأَجَلُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ حِينِ يُرْفَعُ إِلَى الْحَاكِمِ لَا مِنْ يَوْمِ فُقِدَ فَإِنْ رَجَعَ
قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَلِلْمَرْأَةِ إِنْ لَمْ يَرْجِعِ الْمَهْرُ كَامِلًا
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَسِيرِ يُعْرَفُ خَبَرُهُ ثُمَّ انْقَطَعَ فَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَوْتٌ وَلَا حَيَاةٌ لَا يُفَرَّقُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
قَالَ وَالْعَبْدُ إِذَا غَابَ أَجَلُهُ سَنَتَانِ وَمَالُ الْمَفْقُودِ لَا يُحَرَّكُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنَ
الزَّمَانِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيٍّ وَالْمَفْقُودُ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ عَقْدِ الثَّانِي فلا سبيل للأول
إليها ثم سمعه بن الْقَاسِمِ يَقُولُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يَدْخُلِ الثَّانِي
وَقَالَ فِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِذَا عَقَدَ الثَّانِي وَلَمْ يَدْخُلْ فَلَا سَبِيلَ لِلْأَوَّلِ إِلَيْهَا
ثُمَّ وَقَفَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مَا لم يدخل الثاني
وبه قال بن القاسم وأشهب
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133
وقال المغيرة وبن كنانة وبن دِينَارٍ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي ((الْمُوَطَّإِ)) فَأَرَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ مَاتَ
وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا قَدِمَ الْمَفْقُودُ بَعْدَ الْأَجَلِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنْ
تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ ثُمَّ جَاءَ زوجها فاختار امرأته فليس عليه طلاق
وقال الشَّافِعِيُّ فِي امْرَأَةِ الْغَائِبِ أَفِي غَيْبَةٍ كَانَتْ لَا تَعْتَدُّ وَلَا تُنْكَحُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَهَا
بِيَقِينِ وَفَاتِهِ
قَالَ وَلَوِ اعْتَدَّتْ - بِأَمْرِ حَاكِمٍ - بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا أَوْ نُكِحَتْ
وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ كَانَ حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِحَالِهِ
قَالَ إِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ فَرْجِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ حَيْثُ نَكَحَهَا وَلَا فِي عِدَّتِهَا
مِنَ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ أَنَّهَا مُخْرِجَةٌ نَفْسَهَا مِنْ يَدِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَةٌ حَتَّى تَثْبُتَ وَفَاتُهُ
قَالَ الْمَفْقُودُ يَخْرُجُ فِي وَجْهٍ فَيُفْقَدُ فَلَا يُعْرَفُ مَوْضِعُهُ وَلَا يَسْتَبِينُ أَمْرُهُ أَوْ يَأْسِرُهُ
الْعَدُوُّ فَلَا يَسْتَبِينُ مَوْتُهُ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَوْلُ صَالِحٍ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ فَيَجِيءُ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا وَيُرَدُّ
عَلَى الزَّوْجِ الْأَخِيرِ بِهَذِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا زَوْجٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالْحَسَنُ بْنُ صالح أن
امرأة المفقود فلا تَنْكِحُ أَبَدًا حَتَّى تَعْلَمَ وَفَاتَهُ أَوْ طَلَاقَهُ
وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِيهَا بِبَغْدَادَ بِقَوْلِ مَالِكٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ
ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَالْمَفْقُودُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ
مَفْقُودٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَيُعَمَّرُ مِنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ
وَالْأَسِيرُ الَّذِي تُعْرَفُ حَيَاتُهُ وَقْتًا ثُمَّ يَنْقَطِعُ خَبَرُهُ فَلَا يعرف له موت ولا حياة لا
يفرق بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَيُعَمَّرُ أَيْضًا
وَمَفْقُودٌ يَخْرُجُ فِي وَجْهِهِ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يُعْرَفُ مَوْضِعُهُ وَلَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَلَا
مَوْتُهُ فَذَلِكَ تَتَرَبَّصُ زَوْجَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ
وَمَفْقُودٌ فِي مَعْرَكَةِ الْفِتْنَةِ يُنْعَى إِلَى زَوْجَتِهِ يَجْتَهِدُ فيه الإمام
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134
وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي الَّذِي يَظْهَرُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ ثُمَّ يُفْقَدُ قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي
كِتَابِ أَقْوَالِ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَرَوَى أشهب وبن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُرَى فِي صَفِّ الْقِتَالِ ثُمَّ لَا يُعْلَمُ أَقُتِلَ أَمْ
مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَلَا يُسْمَعُ لَهُ خَبَرٌ
قَالَ مَالِكٌ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ يَنْظُرُ فِيهِ السُّلْطَانُ ثُمَّ تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَسَوَاءٌ
كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ
وَرَوَى عِيسَى عَنِ بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِذَا فُقِدَ فِي فِتَنِ الْمُسْلِمِينَ وَرُئِيَ فِي الْمُعْتَرَكِ
أَوْ لَمْ يُرَ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ يَسِيرًا قَدْرَ مَا يَرْجِعُ الْخَارِجُ وَالْمُنْهَزِمُ ثُمَّ تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَيُقَسَّمُ
مَالُهُ ذَكَرَهُ الْعُتْبِيُّ
قَالَ وَقَالَ سَحْنُونٌ أُرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَفْقُودِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ
وَفِي هَذَا الْبَابِ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا
وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا ثُمَّ يُرَاجِعُهَا فَلَا يَبْلُغُهَا رَجَعَتُهُ وَقَدْ بَلَغَهَا طَلَاقُهُ إِيَّاهَا فَتَزَوَّجَتْ إِنَّهُ
إِنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْآخَرُ أَوْ لَمَ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا
إِلَيْهَا
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذَا وَفِي الْمَفْقُودِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ بَلَاغُ مَالِكٍ هَذَا عَلَى آحَادِ قَوْلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مَعْنَى قَوْلِهِ الثَّانِي فِي
هَذَا الْخَبَرِ عَنْ عُمَرَ نَذْكُرُهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - وَقَوْلُهُ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) وَهَذَا
أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ فِيهِ الِاخْتِلَافَ عَنْ عُمَرَ وَقَوْلُهُ هَذَا فِي
((مُوَطَّئِهِ)) عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ
وَقَدْ شَهِدَ يَحْيَى مَوْتَهُ وَهُوَ مِنْ آخِرِ أَصْحَابِهِ عَرْضًا ((لِلْمُوَطَّإِ)) عليه
وروى سحنون عن بن الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ
قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ فَقَالَ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يَدْخُلِ الثَّانِي
وبه يقول بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ
وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمَا فِي ((الْمُوَطَّإِ)) فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْتَجِعِ وَمَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ
أَنَّهُ إِذَا عَقَدَ الثَّانِي فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْأَوَّلِ إِلَيْهَا دَخَلَ الثَّانِي بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الشيباني عن الشَّعْبِيِّ قَالَ سُئِلَ عُمَرُ عَنْ
رَجُلٍ غَابَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَبَلَغَهَا أَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَقَالَ عُمَرُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135
يُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَامْرَأَتِهِ فَإِنِ اخْتَارَ الصَّدَاقَ تَرَكَهَا مَعَ الْآخَرِ وَإِنْ شَاءَ
اخْتَارَ امْرَأَتَهُ
قَالَ وَقَالَ عَلِيٌّ لَهَا الصَّدَاقُ مِنَ الْآخَرِ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثُمَّ
تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَاضٍ ثُمَّ تُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ
وَأَمَّا بَلَاغُ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ في الذي طلق فأعلنها فَارْتَجَعَ وَلَمْ يُعْلِمْهَا حَتَّى رَجَعَتْ
نَكَحَتْ فَهُوَ غَيْرُ مَشْهُورٍ عَنْ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَمَعْمَرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا كَنَفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ مُسَافِرًا وَأَشْهَدَ
عَلَى رَجَعَتِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَا أَعْلَمُ لَهَا بِذَلِكَ حَتَّى تَزَوَّجَتْ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ
عَلَى رَجْعَتِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا عِلْمَ لَهَا بِذَلِكَ حَتَّى تَزَوَّجَتْ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنْ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ إِنْ أَدْرَكْتَهَا قَبْلَ أَنْ
يَدْخُلَ بِهَا
قَالَ وَأَخْبَرَنَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ وَمَنْصُورٌ وَالْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ طَلَّقَ أَبُو كَنَفٍ
- رَجُلٌ مِنْ نَجْدٍ - امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى الرَّجْعَةِ فَلَمْ يُبَلِّغْهَا حَتَّى
انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ لَهُ إِلَى أَمِيرِ مِصْرَ إِنْ
كَانَ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَةُ الْأَوَّلِ
وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هِيَ لِلْأَوَّلِ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْحَكَمِ أَنَّ أَبَا كَنَفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ
يُعْلِمْهَا وَأَشْهَدَ عَلَى عِدَّتِهَا فَلَمْ يُعْلِمْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذَا أَدْرَكْتَهَا
قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا
هَكَذَا قَالَ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا فَخَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنَّمَا هُوَ طَلَّقَ وَأَعْلَمَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا
وَكِيعٌ عَنْ شُهْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ أَشْهَدَ
عَلَى رَجْعَتِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ أَعْلَمَهَا أَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثْنَاهُ عَبْدَةُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
عَلِيٍّ كَانَ يَقُولُ هُوَ أَحَقُّ بِهَا دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ بِقَوْلِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136
المسيب وعطاء وبن شِهَابٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَطَائِفَةٌ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
ومن حجتهم ما رواه بن وهب عن يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ
السُّنَّةَ مَضَتْ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا فَيَكْتُمُهَا رَجْعَتَهَا ثُمَّ تَحِلُّ فَتَنْكِحُ زَوْجًا
غَيْرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنْ أَمْرِهَا شَيْءٌ وَلَكِنَّهَا مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ
وَهَذَا الْخَبَرُ إِنَّمَا يُرْوَى عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ لَا أَذْكُرُ فيها سعيدا
ويرويه بن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ لَا ذِكْرَ
فِيهِ لِلسُّنَّةِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ ذِكْرُ السُّنَّةِ
وَهُوَ عَنْ عُمَرَ مَعَ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ
وَقَدْ خَالَفَهُ عَلِيٌّ فِي ذَلِكَ
وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَرَّرَ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا
فِي الرَّجْعَةِ وَاسْتَكْتَمُوا واتهمهم فجلدهم وأجاز الطلاق ولم يَرُدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ
وَهِيَ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ وَلَوْ قَبِلَ شَهَادَتَهُمْ فِي الرَّجْعَةِ مَا جَلَدَهُمْ وَلَا يَصِحُّ جَلْدُ الشُّهُودِ
عَنْهُ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأُصُولِ
وَالْمَعْرُوفُ عَنْ عَلِيٍّ مَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ عَنْهُ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَرَاسِيلَ إِبْرَاهِيمَ صِحَاحٌ
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَفُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ كُلُّهُمْ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا
دَخَلَ الثَّانِي أَمْ لَا
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهَا لَوْ جَاءَ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ كَانَتِ امْرَأَتَهُ لِرَجْعَتِهِ إِيَّاهَا
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الرَّجْعَةِ مَعَ جَهْلِ الْمَرْأَةِ بِهَا
وَإِذَا صِحَّتِ الرَّجْعَةُ كَانَتِ امْرَأَةَ الْأَوَّلِ وَفُسِخَ نِكَاحُ الْآخَرِ وَأُمِرَ بِفِرَاقِهَا وَرُدَّتْ إِلَى
الْأَوَّلِ بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنَ الْآخَرِ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ واستحقت مهرها منه إن كان دخل بها
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137
وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) الْبَقَرَةِ 228
وَقَدْ فَعَلَ
وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْيَسُ
وَقَوْلُ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ الِاتِّبَاعِ أَظْهَرُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ