مَالِكٌ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَا يَقُولَانِ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي لِلْأَزْوَاجِ وَهَذَا (...) |
مَالِكٌ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ
وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَا يَقُولَانِ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي لِلْأَزْوَاجِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ لِأَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ فَهِيَ تَعْتَدُّ بِهِ قُرْءًا سَوَاءً طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ لِأَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ ذَلِكَ الطُّهْرِ وَدُخُولَهَا فِي دَمِ الْحَيْضِ بَعْدَهُ قُرْءٌ ثُمَّ إِذَا طَهُرَتْ مِنْهُ وَدَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ قُرْءًا ثَابِتًا فَإِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ وَانْقَضَى طُهْرُهَا وَدَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ كَمُلَ لَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَبَانَتْ مَنْ زَوْجِهَا وَحَلَّتْ للأزواج الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَتَقَدَّمَهُمْ إِلَى الْقَوْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ بن عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَائِشَةُ إِلَّا أَنَّهُ قد روي عن بن عُمَرَ وَزَيْدٍ أَنَّهُمَا قَالَا عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَزَعَمَ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّ قَوْلَهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا رُوِيَ عَنْهُمَا وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَذَلِكَ وَمِنَ التَّابِعِينَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرحمن وأبان بن عثمان وبن شِهَابٍ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ قَالَ الْأَقْرَاءُ الأطهار يقول غير هذا إلا بن شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ تَلْغِي الطُّهْرَ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ لأن الله تعالى يقول (ثلثة قُرُوءٍ) الْبَقَرَةِ 228 وَاخْتَلَفَ فِي الْآخَرِ قَوْلُ أَحْمَدَ بن حنبل فقال مرة والأقراء الحيض قال الْأَطْهَارُ وَقَالَ الْأَسَانِيدُ عَمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ أَصَحُّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي أَنَّهَا الْحِيَضُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ وَقَفَ فِيهَا وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُ والأوزاعي والحسن بن حي وبن أبي ليلى وبن شُبْرُمَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وبن مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَرَوَى وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَحَدَ عَشَرَ أَوِ اثْنَا عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وبن مسعود وبن عَبَّاسٍ قَالُوا إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةً تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى عَنِ الشَّعْبِيِّ فَقَالَ فِيهِ أَحَدَ عَشَرَ وَأَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر وعمر وعثمان وعلي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 ومعاذ وبن مسعود وبن عَبَّاسٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو مُوسَى وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ التَّابِعِينَ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَكْحُولٌ وَرَبِيعَةُ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ والحسن وقتادة الضحاك بْنُ مُزَاحِمٍ وَجَمْعٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ فِي وَقْتِ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْحَيْضِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إِذَا كَانَ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشْرِ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ يَذْهَبَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ جَعَلَ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضَ غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ هُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنِ انْقَطَعَ الدَّمُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عَنْهُمَا وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَعُبَادَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَهُوَ الأشهر عن بن عباس وقال بن شُبْرُمَةَ إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ وَبَطَلَتِ الرَّجْعَةُ وَلَمْ يُعْتَبَرِ الْغُسْلُ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَرُوِيَ عَنْ شَرِيكٍ قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّهَا لَوْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ عَشْرَ سِنِينَ لَكَانَ زَوْجُهَا أَحَقَّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 وَرُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا طَعَنَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ بَانَتْ وَانْقَطَعَتِ الرَّجْعَةُ لِلزَّوْجِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ حَيْضَتِهَا وروي نحوه عن بن عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) الْبَقَرَةِ 234 وَبُلُوغُ الْأَجَلِ هُنَا انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهَا فِيمَا فَعَلَتْ مِنْ ذلك والحديث عن بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَلَّى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ ثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ الدِّيلِيَّ أَخْبَرَهُ عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمُطَلَّقَةُ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا إِلَّا أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَطْهُرَ وَهَذَا - لَوْ صَحَّ - احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ وَزَعَمَ الكوفيون أن بن عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَا الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ لأنهما رويا عَنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عن نافع عن بن عمر ومن حديث بن شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا الَّذِي قَدَّمْنَا صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ عَنْهُمَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إِذَا طَعَنَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَقَوْلُهُمَا هَذَا فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ تَقْرِيبٌ عَلَى السَّائِلِ فِي الْعِبَارَةِ لِأَنَّ الطُّهْرَ لَا يُعْرَفُ بِتَقَدُّمِ الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجُّوا فِي أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لَهُمْ يَقُولُ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ حيضة لابد أَنْ تَأْتِيَ بِهَا وَاحْتَجُّوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً وَالْمُطَلَّقَةُ فِي طُهْرٍ قَدْ مَضَى لَمْ تَأْتِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)) وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِفَاطِمَةَ ((وَصَلِّي مَا بَيْنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ)) وَبِأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِأَنَّهَا لَا تُنْكَحُ عِنْدَنَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضَةُ فَقَدْ أَجَازَ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لِأُمِّ الْوَلَدِ أَنْ تَتَزَوَّجَ إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّ ظُهُورَ الدَّمِ بَرَاءَةٌ لِلرَّحِمِ فِي الْأَغْلَبِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال (ثلثة قُرُوءٍ) الْبَقَرَةِ 228 وَمَنْ طَلَّقَ فَقَدْ مَضَى مِنَ الطُّهْرِ بَعْضُهُ فَلَمْ يَكْمُلْ لَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ بَلْ هِيَ قُرْآنِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُبْتَغَى مِنَ الْأَقْرَاءِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهُوَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الدَّمِ فَذَلِكَ الْوَقْتُ هُوَ الْمُبْتَغَى وَهُوَ الْمُرَاعَى وَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ كَامِلَةٍ لِدُخُولِهَا مِنَ الدَّمِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُسْتَحَاضَةِ ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)) فَإِنَّهُ أَرَادَ الْقُرْءَ الَّذِي هُوَ الْحَيْضُ وَتَتْرُكُ لَهُ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُرِدِ الْقُرْءَ الَّذِي تَعْتَدُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهُوَ الطهر بدليل حديث بن عُمَرَ الْمُتَكَرِّرِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّ الْحَيْضَ يُسَمَّى قُرْءًا كَمَا أَنَّ الطُّهْرَ يُسَمَّى قُرْءًا إِلَّا أَنَّ الْقُرْءَ الَّذِي هُوَ الدَّمُ لَيْسَ هُوَ المراد من قول الله تعالى (ثلثة قُرُوءٍ) الْبَقَرَةِ 228 بَلِ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْأَطْهَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَلَا حَيْضٍ فَتَبْتَدِئُ عِدَّتُهَا مِنْ سَاعَةِ طَلَاقِهِ لَهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ) أَيْ لِاسْتِقْبَالِ عِدَّتِهِنَّ وَأَجْمَعُوا فِي كُلِّ امْرَأَةٍ عَلِمَتْ بِطَلَاقِ زَوْجِهَا لَهَا فِي حِينِ طَلَّقَهَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَبْتَدِئَ عِدَّتُهَا مِنْ سَاعَةِ وُقُوعِ طَلَاقِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ لِتَعْتَدَّ مِنْ سَاعَتِهَا وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ يَقُولُ إِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي طُلِّقَتْ فِيهَا وَلَا تَعْتَدُّ إِلَّا بِحَيْضَةٍ تَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِنَّهَا قَبْلَ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ وَحَسْبُكَ بِهَذَا خِلَافًا مِنَ الْقَوْلِ وَخِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) الطَّلَاقِ 1 وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)) هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلِلْكُوفِيِّينَ حُجَجٌ ومعارضات ذكروها في كتبهم منها قول الله عز وجل (والئ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فعدتهن ثلثة أشهر) الطلاق 4 فجعل الأشهر لمن يئسن مِنَ الْمَحِيضِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْعِدَّةُ حَتَّى يَئِسْنَ مِنْهُ فَتَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ وَقَالُوا وَالطُّهْرُ جَائِزٌ أَنْ تُطَلَّقَ فِيهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَا يحصل لها قرآن والله تعالى يقول (ثلثة قُرُوءٍ) الْبَقَرَةِ 228 وَإِذَا ذَكَرَ عِدَّةَ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ لَمْ يَجُزْ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَدَدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) الْبَقَرَةِ 234 وَصِيَامُ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا أَوْ بِأَشْيَاءَ فِيهَا تَشْعِيبٌ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهَا وجها وبالله التوفيق وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ |