مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ
سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَتَّةَ
فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ
سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَتَّةَ
فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ
وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا فَقَالَ مَرْوَانُ فِي
حَدِيثِ سُلَيْمَانَ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي وَقَالَ مَرْوَانُ في حديث القاسم أو ما بَلَغَكَ
شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ فَقَالَ مَرْوَانُ
إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سُكْنَى الْمَبْتُوتَةِ وَنَفَقَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ
لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
وَالْآخَرُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157
وَالثَّالِثُ أَنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ وهو قَوْلُ أَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ
فَمِنْ هَنَا أَبَى مَرْوَانُ أَنْ يَرُدَّ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
وَسَيَأْتِي حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي بَعْدَ هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ
الْمَبْتُوتَةَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْ دَارِهَا وَلَا تَبِيتُ إِلَّا فِي بَيْتِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ
وروي عن علي وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَسَنَذْكُرُ أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ
ذِكْرِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا قَوْلُ مَرْوَانَ لِعَائِشَةَ إن كان بك الشر فحسبك ما بين هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ فَمَعْنَاهُ أَنَّ
عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ وَتَذْهَبُ إِلَى أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ لَمْ يَبُحْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهَا الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ إِلَّا لِمَا كَانَتْ طُلِّقَتْ فِيهِ مِنَ الْبِذَاءِ
بِلِسَانِهَا عَلَى قَرَابَةِ زَوْجِهَا السَّاكِنِينَ مَعَهَا في دار واحدة وَلِأَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُمْ فِي شَرٍّ
لَا يُطَاقُ
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَتَأَوَّلُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ
إلا أن يأتين بفحشة مبينة) الطلاق 1 أن الفاحشة هنا أن تبدو عَلَى أَهْلِ الزَّوْجِ فَقَالَ
لَهَا مَرْوَانُ إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ أَيْ كُنْتِ تَذْهَبِينَ إِلَى أَنَّ الشَّرَّ النَّازِلَ بَيْنَ فَاطِمَةَ
وَأَحْمَائِهَا هُوَ كَانَ السَّبَبَ إِلَى أَنْ تَخْرُجَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
دَارِهَا فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَزَوْجِهَا مِنَ الشَّرِّ إِذَا طَلَّقَهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ
بَعْضِ أَحْمَائِهَا أَيْضًا فَنَقُولُ فَيَجُوزُ لَهَا مَا جَازَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ مِنَ الِانْتِقَالِ مِنْ أَجْلِ
الشَّرِّ الَّذِي نَزَلَ بَيْنَهُمَا
ذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ قَالَ فِي بَيْتِهَا قُلْتُ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ في بيت بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ سَعِيدٌ تِلْكَ الْمَرْأَةُ
فَتَنَتِ النَّاسَ اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
تَعْتَدَّ فِي بيت بن أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي هُشَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ
سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ
فَانْتَقَلَهَا أَبُوهَا فِي عِدَّتِهَا فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158
اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا تَعْتَدُّ فِيهِ
فَقَالَ مَرْوَانُ إِنَّ أَبَاهَا غَلَبَنِي عَلَى ذَلِكَ
قَالَ يَحْيَى فَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ حِينَ بَعَثَتْ إِلَيْهِ عَائِشَةُ
أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَمَا بَلَغَكِ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ دَعْ عَنْكَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ
بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ مَرْوَانُ أَبِكِ الشر فحسبك ما بين هذين من الشر
قَالَ مَالِكٌ لَا تَنْتَقِلُ الْمُطَلَّقَةُ الْمَبْتُوتَةُ وَلَا الرَّجْعِيَّةُ وَلَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَيَخْرُجْنَ
بِالنَّهَارِ وَلَا يَبِتْنَ إِلَّا فِي بُيُوتِهِنَّ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَنْتَقِلُ الْمَبْتُوتَةُ وَلَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا عَنْ بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ
وَتَخْرُجُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالنَّهَارِ وَلَا تَبِيتُ وَلَا تَخْرُجُ الْمُطَلَّقَةُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِلْمُطَلَّقَةِ السُّكْنَى فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا حَيْثُ كَانَتْ مَعَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
وَسَوَاءٌ أَكَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَمْلِكُهَا وَإِنْ كَانَ الْمَسْكَنُ بِكِرَاءٍ فَهُوَ عَلَى زَوْجِهَا
الْمُطَلِّقِ لَهَا
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَا حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ لَا يَحْلُّ لِامْرَأَةٍ مُطَلَّقَةٍ أَنْ تَبِيتَ عَنْ بَيْتِهَا لَيْلَةً
وَاحِدَةً مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ بَقِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو
بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ
عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ لِامْرَأَتِهِ اذْهَبِي إِلَى أَهْلِكِ وَيُطَلِّقُهَا فِي أَهْلِهَا
فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ
وَنَهَى عَبْدُ الْحَكَمِ - يَعْنِي بِذَلِكَ الْعِدَّةَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا