مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
قَالَ اللَّيْثُ عِدَّةُ (...)
 
مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
قَالَ اللَّيْثُ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا سَنَةٌ إِذَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ ثَلَاثُ حِيَضٍ إِنْ كَانَتِ
الْأَقْرَاءُ مَعْرُوفًا مَوْضِعُهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَالْآيِسَةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا طَبَّقَ عَلَيْهَا الدَّمُ فَإِنْ كَانَ دَمُهَا يَنْفَصِلُ فَيَكُونُ فِي أَيَّامٍ أَحْمَرَ قَانِيًا
مُحْتَدِمًا كَثِيرًا أَوْ فِيمَا بَعْدُ رَقِيقًا قَلِيلًا فَحَيْضُهَا أَيَّامُ الدَّمِ الْمُحْتَدِمِ الْكَثِيرِ وَطُهْرُهَا أَيَّامُ
الدَّمِ الرَّقِيقِ الْمَائِلِ إِلَى الصُّفْرَةِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177
وَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُشْتَبِهًا كُلُّهُ كَانَ حَيْضَتُهَا بقد عَدَدِ أَيَّامِ حَيْضِهَا فِيمَا مَضَى قَبْلَ
الِاسْتِحَاضَةِ
وَإِنْ بَدَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ قِيسَتْ أَيَّامُ حَيْضَتِهَا ذَكَرَتِ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَاسْتَقْبَلَ عَلَيْهَا
الْحَيْضُ مِنْ أَوَّلِ هِلَالٍ يَأْتِي عَلَيْهَا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِذَا هَلَّ هِلَالُ الشَّهْرِ الرَّابِعِ
انْقَضَتْ عِدَّتُهَا
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَإِبْرَاهِيمُ وَحَمَّادٌ تَعْتَدُّ
الْمُسْتَحَاضَةُ بِالْأَقْرَاءِ
وَقَالَ طَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ
وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِنْ كَانَتْ أَقَرَاؤُهَا مَعْلُومَةً مُسْتَقِيمَةً فَعِدَّتُهَا أَقَرَاؤُهَا
وَإِنِ اخْتَلَطَتْ عَلَيْهَا فَعِدَّتُهَا سَنَةٌ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِذَا جَهِلَتْ أَقَرَاءَهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ عَلِمَتْهَا اعْتَدَّتْ بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا إِذَا كَانَتْ أَقَرَاؤُهَا مَعْلُومَةً فَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ
فَعِنْدَ جَابِرٍ أَنْ تَعْتَدَّ بِالشُّهُورِ أَلَيْسَتْ عَلَيْهَا حَيْضَتُهَا وَعَلِمَتْ أَنَّهَا تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ
مَرَّةً اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ
وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا مِمَّنْ تَحِيضُ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ اعْتَدَّتْ بِأَقْرَائِهَا وَإِنْ تَبَاعَدَتْ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِنِ ارْتَابَتْ مِنْ نَفْسِهَا انْتَظَرَتْ حَتَّى تَذْهَبَ عَنْهَا
الرِّيبَةُ وَإِنْ لَمْ تَرْتَبْ فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ
قال أَبُو عُمَرَ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا
عِبَادَةً مِنَ اللَّهِ فِي الصَّغِيرَةِ وَبَرَاءَةً لِلْأَرْحَامِ فِيمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِنَّ الْحَمْلُ وَحِفْظًا
لِلْأَنْسَابِ
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَلْزَمُ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرُ فِيهِنَّ حَيْضَةً أَمْ لَا
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ فِي
الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ لِتَصِحَّ بِهَا بَرَاءَةُ رَحِمِهَا وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَهِيَ عِنْدُهُمْ سَوَاءٌ بِهِ
عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِهِ فِي ذلك
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178
وروى أشهب وبن نافع عن مالك أنه سأله بن كِنَانَةَ عَلَى الْحُرَّةِ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا وَلَمْ تَسْتَرِبْ وَذَلِكَ أَنَّ حَيْضَتَهَا مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَتَتَزَوَّجُ قَالَ لَا
تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَحِيضَ وَتَبْرَأَ مِنَ الرِّيبَةِ
قَالَ بن نَافِعٍ أَرَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَلَا تَنْتَظِرَ وَأَمَّا الَّتِي لَا تَتَزَوَّجُ فَهِيَ الَّتِي وَفَتْ حَيْضَتُهَا
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِمَّا دُونَ فَيَتَجَاوَزُ الْوَقْتُ ولم تحض بتلك المدة
وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا في حيضتها أَكْثَرَ مِنْ أَمْرِ الْعِدَّةِ
وَلَمْ تَسْتَرِبْ نَفْسَهَا وَرَآهَا النِّسَاءُ فَلَمْ يَرَوْا بِهَا حَمْلًا تَزَوَّجَتْ إن شاءت
وروى بن حبيب عن بن الْمَاجِشُونِ مِثْلَ ذَلِكَ
وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مالك مثل رواية أشهب وبن نَافِعٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ
الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا بُرْءٌ مَا لَمْ تَسْتَرِبْ نَفْسَهَا رِيبَةً تَنْفِيهَا بِالْحَمْلِ
فَتَكُونُ عِدَّتُهَا وَضْعَ حَمْلِهَا حِينَئِذٍ دُونَ مُرَاعَاةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ
قَالَ مَالِكٌ وَالْمُرْتَفِعَةُ الْحَيْضِ مِنَ الْمَرَضِ كَالْمُرْتَابَةِ فِي الْعِدَّةِ
قَالَ وَالْأَمَةُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَالْمُرْتَابَةُ بِغَيْرِ الْحَيْضِ حَالُهُمَا فِي الْعِدَّةِ وَحَالُ الْحُرَّةِ سَوَاءٌ
سَنَةٌ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِنِ ارْتَبْتُمْ) الطَّلَاقِ 4 مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ تَدْرُوا مَا تَصْنَعُونَ
فِي أَمْرِهَا
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّتِي يَرْفَعُ الرَّضَاعُ حَيْضَتَهَا أنها لا تحل حتى تحيض ثلاث حيض
وَلَيْسَتْ كَالْمُرْتَابَةِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الَّتِي يَرْتَفِعُ حَيْضُهَا مِنْ أَجْلِ الرَّضَاعِ فَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ فِيهَا حَدِيثًا فِي
كِتَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ عَنْ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ عُثْمَانَ
قَضَى فِيهَا عَنْ رَأْيٍ أَنَّهَا تَرِثُ زَوْجَهَا إِذَا لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَ حِيَضٍ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ الزُّهْرِيُّ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنًا لَهُ
فَمَكَثَتْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ لَا تَحِيضُ فَقِيلَ لَهُ إِنْ مِتَّ وَرِثَتْكَ فَقَالَ احْمِلُونِي
إِلَى عُثْمَانَ فَحَمَلُوهُ فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ وَزَيْدٍ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا نَرَى أَنْ تَرِثَهُ فَقَالَا
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ اللَّاتِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ وَلَا مِنَ اللَّاتِي لَمْ يَحِضْنَ وإنما يمنعها من
الحيض الرضاع فأخذ الرَّجُلُ ابْنَهُ مِنْهَا فَلَمَّا فَقَدَتْهُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179
حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ حَاضَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ
الثَّالِثَةَ فَوَرِثَتْهُ
قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن حبان أن
جده حَبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَتَانِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
وَأَنَّهُ طَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ وَكَانَتْ إِذَا أَرْضَعَتْ مَكَثَتْ سَنَةً لَا تَحِيضُ فَمَاتَ
حَبَّانُ عَنْ رَأْسِ السُّنَّةِ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ وَقَالَ لِلْهَاشِمِيَّةِ هَذَا رأي بن عَمِّكِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ
وَفِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَاعْتَدَّتْ بعض
عِدَّتِهَا ثُمَّ ارْتَجَعَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يمسها أنها لَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا
وَأَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا عِدَّةً مُسْتَقْبَلَةً وَقَدْ ظَلَمَ زَوْجُهَا نَفْسَهُ وَأَخْطَأَ إِنْ كَانَ
ارْتَجِعْهَا وَلَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ فِي
النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ طُلِّقَتْ
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالشَّامِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَفِرْقَةٌ تَمْضِي فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّ طَلَاقَهُ لَهَا إِذَا لَمْ يَمَسَّهَا فِي حُكْمِ مَنْ طَلَّقَهَا فِي عِدَّتِهَا قَبْلَ أَنْ
يُرَاجِعَهَا وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَبَنَتْ لَمْ تَسْتَأْنِفْ
وَقَالَ دَاوُدُ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُتِمَّ عِدَّتَهَا وَلَا عِدَّةً مُسْتَقْبَلَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَشَذَّ فِي ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلَوْ كَانَتْ بَائِنَةً مِنْهُ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ فَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ
الدُّخُولِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَتُتِمُّ بَقِيَّةَ الْعِدَّةِ
الْأُولَى
وَهُوَ قَوْلُ الحسن وعطاء وعكرمة وبن شِهَابٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَهَا مَهْرٌ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180
وَعِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ جَعَلُوهَا فِي حُكْمِ الْمَدْخُولِ بِهَا لاعتدادها من مئة وَلَيْسَ عِنْدِي بِشَيْءٍ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ دَاوُدُ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ الْأَوْلَى وَلَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ بِشَيْءٍ
أَيْضًا
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا
دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ
عِدَّتِهَا لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ طَلَاقًا وَإِنَّمَا فَسَخَهَا مِنْهُ الْإِسْلَامُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي أَحْكَامِ الْكَافِرِ يُسْلِمُ قَبْلَ زَوْجَتِهِ وَالْكَافِرَةِ قَبْلَ
زَوْجِهَا في باب نكاح الشرك إِذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِرَاقًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَنَّ الْفَسْخَ
إِذَا عَادَ الزَّوْجَانِ بَعْدَهُ إِلَى النِّكَاحِ فَهُمَا عَلَى الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ
زَوْجِهَا ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَلَوْ كَانَ طَلَاقًا ثُمَّ رَاجَعَهَا كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي إِنَابَةِ الزَّوْجِ مِنَ الْإِسْلَامِ إِذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ وَهُمَا ذِمِّيَّانِ
وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ وَلَيْسَ طَلَاقٌ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا
وَالشَّافِعِيَّ يَقُولَانِ إِنَّمَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَلَى مَا
قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُمَا فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا أَبَى أَنْ يُسْلِمَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ
أَصْحَابِهِمْ فِي ذَلِكَ الْبَابِ أَيْضًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا أَبَى الزَّوْجُ أَنْ يُسْلِمَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا
فَهُوَ طَلَاقٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ جَعَلَهُ هُوَ شَيْءٌ دَخَلَ عَلَى الزَّوْجِ لَمْ يَقْصِدْهُ فَكَأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ
فَاشْتَبَهَ أَوْ شَرَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَإِنَّمَا الطَّلَاقُ مَا اخْتَصَّ بِهِ الزَّوْجُ طَلَاقًا
قَالَ إِيَابَةُ الزَّوْجِ مِنَ الْإِسْلَامِ اخْتِصَاصٌ مِنْهُ بِالْفُرْقَةِ وَاخْتِيَارٌ لَهَا فَكَذَلِكَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا
طَلَاقٌ وَاللَّهَ أعلم
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181