مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وحكما من أهلها إن يريدا
إصلحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النِّسَاءِ 35 إِنَّ إِلَيْهِمَا (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وحكما من أهلها إن يريدا
إصلحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النِّسَاءِ 35 إِنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ
بَيْنَهُمَا وَالِاجْتِمَاعَ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ
وَامْرَأَتِهِ فِي الْفُرْقَةِ وَالِاجْتِمَاعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْخَبَرُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ فَمَرْوِيٌّ مِنْ وُجُوهٍ
ثَابِتَةٍ عن بن سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ
مِنْهَا مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عن بن سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ
عَلِيٌّ مَا بَالُ هَذَيْنِ فَقَالُوا وَقَعَ بَيْنَهُمَا شِقَاقٌ قَالَ فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ
أَهْلِهَا قَالَ فَبَعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا فَقَالَ لَهُمَا عَلِيٌّ هَلْ تَدْرِيَانِ مَا
عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ رَضِيتُ
بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا فِيهِ عَلَيَّ وَلِي فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا فَقَالَ عَلِيٌّ لَا
وَاللَّهِ لَا تَنْقَلِبُ حَتَّى تُقِرَّ بِمَا أَقَرَّتْ بِهِ
وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ
قَالَ شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مَعَ زَوْجِهَا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ
مِنَ النَّاسِ فَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ حَكَمًا وَهَؤُلَاءِ حَكَمًا فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَكَمَيْنِ أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا
إِنَّ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجَمَعَا جَمَعْتُمَا فَقَالَ الزَّوْجُ أَمَّا
الْفُرْقَةُ فَلَا فَقَالَ عَلِيٌّ كَذَبْتَ وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تَرْضَى بِكِتَابِ اللَّهِ لَكَ وَعَلَيْكَ فَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ لِي وَعَلَيَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182
قال وأخبرنا معمر عن بن طاوس عن عكرمة بن خالد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ بُعِثْتُ أَنَا
وَمُعَاوِيَةُ حَكَمَيْنِ فَقِيلَ لنا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا
فَقَالَ مَعْمَرٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي بَعَثَهُمَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا بن جريج عن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ
عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ تَصْبِرُ لِي وَأُنْفِقُ عَلَيْكَ فَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ أَيْنَ عُتْبَةُ بْنُ
رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَيَسْكُتُ عَنْهَا حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا وَهُوَ بَرِمٌ قَالَتْ أَيْنَ
عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ
فَقَالَ عَلَى يَسَارِكِ فِي النَّارِ إِذَا دَخَلْتِ فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَجَاءَتْ عُثْمَانَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ
لَهُ فَضَحِكَ وأرسل إلى بن عباس ومعاوية فقال بن عَبَّاسٍ لِأُفَرِّقَنَّ بَيْنَهُمَا وَقَالَ مُعَاوِيَةُ
مَا كُنْتُ لِأُفَرِّقَ بَيْنَ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَأَتَيَا فَوَجَدَاهُمَا قَدْ أَغْلَقَا عَلَيْهِمَا
أَبْوَابَهُمَا وَأَصْلَحَا أَمْرَهُمَا فَرَجَعَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ
بَيْنِهِمَا) النِّسَاءِ 35 أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْحُكَّامُ وَالْأُمَرَاءُ وَأَنَّ الضَّمِيرَ فِي ((بَيْنِهِمَا))
للزوجين فإن قوله (إن يريدا إصلحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) النِّسَاءِ 35 فِي الْحَكَمَيْنِ فِي
الشِّقَاقِ
ذَكَرُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير
عن بن عَبَّاسٍ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا قال هما الحكمان
قال وحدثني وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِنْ
يُرِيدَا إصلحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) النِّسَاءِ 35 قَالَ هُمَا الْحَكَمَانِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يُكُونَانِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ
أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ
وَالْآخَرُ من أهل الرجل إلا أن يُوجَدَ فِي أَهْلِهِمَا مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَيُرْسِلُ مَنْ غَيْرِهِمَا
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْحَكَمَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يُنَفَّذْ قَوْلَهُمَا
وَأَجْمَعُوا أَنَّ قَوْلَهُمَا نَافِذٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183
وَاخْتَلَفُوا فِي الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا هَلْ تَحْتَاجُ إِلَى تَوْكِيلٍ مِنَ الزَّوْجِ أَمْ لَا
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا فِي الْفُرْقَةِ وَالِاجْتِمَاعِ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَا
إِذْنٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وبه قال إسحاق
وروي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ إِنِ اجْتَمَعَ أَمْرُهُمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ
يَجْمَعَا جَازَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ الزَّوْجُ إِلَيْهِمَا
التفريق
وهو قول عطاء والحسن
قال بن جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَطَاءً يُسْأَلُ أَيُفَرِّقُ الْحَكَمَانِ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي
أَيْدِيهِمَا الزَّوْجَانِ
وَقَالَ الْحَسَنُ يَحْكُمَانِ فِي الِاجْتِمَاعِ وَلَا يحكمان في الفرقة
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ
وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ تَحْتَجُّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ الْحَكَمَانِ بِهِمَا
يَجْمَعُ اللَّهُ وَبِهِمَا يُفَرِّقُ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلزَّوْجِ
لَا تَبْرَحْ حَتَّى تَرْضَى بِمَا رَضِيَتْ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أن مذهبه أنهما لا يفرقان إلا برضا
الزَّوْجِ
وَالْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ
وَجَعَلَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي بَابِ طَلَاقِ السُّلْطَانِ عَلَى الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ في الحكمين يطلقان ثلاثا
فقال بن الْقَاسِمِ تَكُونُ وَاحِدَةً بَائِنَةً
وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَأَشْهَبُ إِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184