مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ بن شِهَابٍ مَتَى يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ أَمِنْ يَوْمِ يَبْنِي بِهَا أَمْ مِنْ
يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ بَلْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ لا من
قول بن (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ بن شِهَابٍ مَتَى يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ أَمِنْ يَوْمِ يَبْنِي بِهَا أَمْ مِنْ
يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ بَلْ مِنْ يَوْمِ تُرَافِعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ لا من
قول بن شِهَابٍ
وَرِوَايَةُ يَحْيَى - وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُمْ فَإِنَّهَا مَعْرُوفَةٌ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنِ بن
شِهَابٍ وَهِيَ - عِنْدِي - غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ لِصِحَّةِ الْإِمْكَانِ فِيهَا
قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الَّذِي قَدْ مَسَّ امْرَأَتَهُ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ
أَجْلٌ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ - أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ - عَلَى تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ سَنَةً إِذَا
كَانَ حرا
وشذ داود وبن عُلَيَّةَ فَلَمْ يَرَيَا عَلَيْهِ تَأْجِيلًا وَجَعَلَا ذَلِكَ مصيبة نزلت بالمرأة
واحتج بن عُلَيَّةَ بِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ وَأَنَّ الْقِيَاسَ أَلَّا يُؤَجَّلَ كَمَا لَا يُؤَجَّلُ إِذَا أَصَابَهَا
مَرَّةً
وَرُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ أَبَدًا لَا يُؤَجَّلُ
وَذَكَرَ الْحَكَمُ أَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُتَّصِلًا
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ جَاءَتِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192
امْرَأَةٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَتْ هَلْ لَكَ فِي امْرَأَةٍ لا أيم
وَلَا ذَاتَ زَوْجٍ فَقَالَ وَأَيْنَ زَوْجُكِ قَالَ فَجَاءَ شَيْخٌ قَدِ اجْتَنَحَ فَقَالَ مَا تَقُولُ هَذِهِ فَقَالَ
صَدَقَتْ وَلَكِنْ سَلْهَا هَلْ تَنْعَمُ فِي مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ لَا فقال هل غير ذلك
قالت لَا قَالَ وَلَا مِنَ السَّحَرِ قَالَ وَلَا مِنَ السَّحَرِ
قَالَ عَلِيٌّ هَلَكْتِ وَأَهْلَكْتِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ فَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ بَلِ اصْبِرِي فَإِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَبْتَلِيَكِ بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا فَعَلَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثني الخشني قال حدثني بْنِ أَبِي عُمَرَ
قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ فَذَكَرَهُ
حَرْفًا بِحَرْفٍ
وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَصَابَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا التَّأْجِيلُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ
الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ
خَالِدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ يُؤَجَّلُ الْمُعْتَرِضُ سَنَةً
فَإِنْ وَصَلَ إِلَيْهَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا
وَاعْتَلَّ دَاوُدُ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْمُحَلِّلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْعِنِّينَ يُؤَجَّلُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ يُرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ
وَرُوِيَ ذلك عن عمر وعلي وبن مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَخَبَرُ عُمَرَ رَوَاهُ المدنيون - والكوفيون - والبصريون ولم يَخْتَلِفُوا عَنْهُ فِيهِ
وَخَبَرُ عَلِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ خَاصَّةً وَهُوَ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِيهِ أَيْضًا وَلَا يَصِحُّ فِيهِ
عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا الْخَبَرُ عَنِ الْمُغِيرَةِ فَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ بن النُّعْمَانِ عَنِ الْمُغِيرَةِ
بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ أَجَّلَ العنين سنة
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ أَنَّ الْعِنِّينَ يُؤَجَّلُ سَنَةً مِنْ
يَوْمِ يُرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ أَجَّلَهُ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ
وَإِنَّمَا أَجَّلَهُ سَنَةً فِيمَا ذُكِرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِتَكْمُلَ لَهُ الْمُدَاوَاةُ وَالْعِلَاجُ فِي أَزْمَانِ السَّنَةِ كُلِّهَا
لِاخْتِلَافِ أَعْرَاضِ الْعِلَلِ فِي أَزْمِنَةِ الْعَامِ وَفُصُولِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فِي السَّنَةِ يَئِسُوا مِنْهُ
وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
وَالْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ
وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَاقِعَةٌ لِسَبَبٍ مِنَ الزَّوْجِ فَكَانَ طَلَاقًا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو ثَوْرٍ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إِلَيْهَا دُونَهُ لَا تَقَعُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهَا وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ
وَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَقَعْ فُرْقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ
فَهُوَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْأَمَةِ تُعْتَقُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَخْتَارُ فِرَاقَهُ وَاخْتِلَافُهُمْ
فِيهَا سَوَاءٌ إِلَّا مَنْ خَالَفَ أَصْلَهُ وَقِيَاسَهُ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ إِلَّا أَنْ تَطْلُبَ ذَلِكَ
وَتَخْتَارَهُ
وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ أَنْ أَجِّلْهُ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا خَيَّرَهَا
فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ
وَالْعِنِّينُ الَّذِي يُؤَجَّلُ عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ الْمُعْتَرِضُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَهُوَ يَطَأُ غَيْرَهَا بِعَارِضٍ
عَرَضَ لَهُ
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ بِعَارِضٍ وَقَدْ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْوَطْءُ أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ
إِذَا كَانَ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ
وَهَذِهِ الصِّفَاتُ فِي الْمُعْتَرِضِ الَّذِي يُؤَجَّلُ سَنَةً
وَأَمَّا الْعِنِّينُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ فَلَا يُؤَجَّلُونَ وَامْرَأَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ
رَضِيَتْ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَمَذْهَبُهُ فِيمَا رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُمْكِنُ مِنْهُ الْوَطْءُ تَامٌّ
أَوْ مَقْطُوعٌ بَعْضُهُ إِلَّا أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مَا وَقَعَ مَوْقِعَ الرَّجُلِ الَّذِي يُغَيِّبُ حَشَفَتَهُ فِي الْفَرَجِ
وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى وَالْعِنِّينُ وَالْمُعْتَرِضُ عَنْهَا دُونَ غَيْرِهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ إِذَا لَمْ
يَمَسَّ امْرَأَتَهُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إِلَّا بَعْدَ تَأْجِيلِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ تَطْلُبُ فِرَاقَهُ فَإِنْ أَصَابَهَا فِي
السَّنَةِ إِصَابَةً يُغَيِّبُ بِهَا الْحَشَفَةَ فِي الْفَرَجِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنَ الذَّكَرِ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي
فِرَاقِهِ أَوِ الْمُقَامُ مَعَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَصِلُ إِلَى غَيْرِ امْرَأَتِهِ
أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا
وَأَمَّا المجبوب فتخير امرأته مكانها
وروى بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَشْكُو زَوْجَهَا فَقَالَ إِنْ كَانَ يُصِيبُكِ فِي كُلِّ
طُهْرٍ مَرَّةً فَحَسْبُكِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِنِّينِ يَدَّعِي الْجِمَاعَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ
فَقَالَ مَالِكٌ الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ بِكْرًا
كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا
وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكِ بن أنس أنهما قَالَا يَدْخُلُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا
وَهُنَاكَ امْرَأَتَانِ فَإِذَا فَرَغَ نَظَرَتَا فِي فَرْجِهَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَنِيُّ فَهُوَ صَادِقٌ وَإِلَّا فَهُوَ
كَاذِبٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِنَّهُ إِذَا ادَّعَى الْعِنِّينُ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ
بِكْرًا فِي الْأَصْلِ نَظَرَ إِلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ خُيِّرَتْ وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ
قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فِي الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ يَحْلِفُ الزَّوْجُ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كانت
بكرا أريها أربع نِسْوَةٍ مِنْ عُدُولِ النِّسَاءِ فَإِنْ شَهِدْنَ لَهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِهَا
وَإِنْ شَاءَ أَحْلَفَهَا ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ أَقَامَ مَعَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْعُذْرَةَ تَعُودُ
إِذَا لَمْ يُتَابِعْ فِي الْإِصَابَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَجَائِزٌ عِنْدَهُ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ شَهَادَةُ
امْرَأَتَيْنِ وَشَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا كَانَتْ عدلا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195
وَرَوَى الْمُعَافَى عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ إِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَيَمِينُهُ وَتَقَرُّ عِنْدَهُ إِذَا حَلَفَ وَلَا يُؤَجَّلُ
إِذَا ادَّعَى إِصَابَتَهَا وَيُؤَجَّلُ سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ
الْمَهْرُ لَهَا
وَقَالَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُسْتَحْلَفُ وَإِنْ كانت بكرا نظر
إليها النساء
وقال بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ يُخْتَبَرَانِ بِصُفْرَةِ الْوَرْسِ وَغَيْرِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ إِنْ
لَمْ تَكُنْ بِكْرًا ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرُ تِلْكَ الصُّفْرَةِ أُقِرَّتْ تَحْتَهُ وَإِنْ لَمْ يُرَ فِيهِ
شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وعرف أنه لا يستطيعها
قال بن وهب يحلف أن يَطَأُ وَتَقَرُّ عِنْدَهُ وَلَا تَرَى لَهُ عَوْرَةً فِي الْوَرْسِ وَلَا فِي
غَيْرِهِ
وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ من العلماء على ان العنين إذا وطىء امْرَأَتَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ
أَنْ تَرْفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ وَلَا تُطَالِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ غَيْبِ الْعُنَّةِ
وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَيَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ
وَزُفَرُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ عَجَزَ عَنِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ
أُجِّلَ سَنَةً لِوُجُودِ الْعِلَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا طَرِيقُ الِاتِّبَاعِ فَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَأَمَّا طَرِيقُ النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ فَمَا
قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وذكر بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّهُ إِذَا أَصَابَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً
فَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا خُصُومَةَ
وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِتَأْجِيلِ الْعِنِّينِ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْحُرَّ فِي أَجَلِ السَّنَةِ سَوَاءٌ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ
وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ - إِذَا كَانَ عَبْدًا - نِصْفَ سَنَةٍ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ لِامْرَأَةِ الْعِنِّينِ مِنَ الصَّدَاقِ إِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّأْجِيلِ
فَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَرَبِيعَةُ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ
وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَدُ وإسحاق
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ شُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ
قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) الْبَقَرَةِ 237
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَوْجَبَ لها الصَّدَاقَ كَامِلًا أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
المسيب وَالْحَسَنِ قَالَا أَجَّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْعِنِّينَ سنة فإن استطاعها وإلا فرق
بينهما وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٍ قَالُوا تَعْتَدُّ بَعْدَ السَّنَةِ
وَذَكَرَ بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا قَالَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَقَدْ قِيلَ لَهَا
نِصْفُ الصداق