وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا تَبِيتُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا الْمَبْتُوتَةُ إِلَّا فِي بَيْتِهَا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا (...) |
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا تَبِيتُ
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا الْمَبْتُوتَةُ إِلَّا فِي بَيْتِهَا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا تَعْتَدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا حَيْثُ شَاءَتْ وَلَيْسَ عَلَيْهَا السُّكْنَى بِوَاجِبٍ فِي بَيْتِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ قَالُوا لِأَنَّ السُّكْنَى إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا سُكْنَى قَالُوا وَالْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ وَإِيجَابُ السُّكْنَى إِيجَابُ حُكْمٍ وَالْأَحْكَامُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ قَالُوا وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا تَرْوِيهِ امْرَأَةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَذَكَرُوا مَا رَوَاهُ بن جريج قال أخبرني عطاء عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) الْبَقَرَةِ 234 وَلَمْ يَقُلْ فِي بُيُوتِهِنَّ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ انْتَقَلَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فِي عِدَّتِهَا حِينَ قُتِلَ عَنْهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ خَرَجَتْ عَائِشَةُ بأختها أم كلثوم حين قُتِلَ عَنْهَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ قَالَ عُرْوَةُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِالْخُرُوجِ فِي عِدَّتِهَا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ أَبَى ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَخْبَرَ الْقَاسِمُ أَنَّ النَّاسَ فِي زَمَنِ عَائِشَةَ - يَعْنِي عُلَمَاءَ زَمَانِهَا - أَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَيْهَا وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجِلَّةِ التَّابِعِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْهُمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيهَا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَوْلَيْنِ مَعَ أَحَدِهِمَا سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ وَهِيَ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ قَالَ بِخِلَافِهَا وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ طَعَنَ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ بِهَا مِمَّا يَجِبُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ وَنَقَلَتُهُ مَعْرُوفُونَ قَضَى بِهِ الْأَئِمَّةُ وَعَمِلُوا بِمُوجَبِهِ وَتَابَعَهُمْ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَفْتَوْا بِهِ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ لِصِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا كَانَ السَّكَنُ الَّذِي يَسْكُنُهُ بِكِرَاءٍ فَقَالَ مَالِكٌ هِيَ أَحَقُّ بِسُكْنَاهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمُتَوَفَّى إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ عَقْدٌ لِزَوْجِهَا وَأَرَادَ أَهْلُ الْمَسْكَنِ إِخْرَاجَهَا قَالَ وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لِزَوْجِهَا فَبِيعَ فِي دَيْنِهِ فَهِيَ أَوْلَى بِالسُّكْنَى فِيهِ حَتَّى تنقضي عدتها قال وكان بن القاسم يجيز الْمُتَوَفَّى لِلْغُرَمَاءِ وَيَسْتَثْنِي لِلْمَرْأَةِ السُّكْنَى فِيهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهَا قَدْ تَرْتَابُ فَتَمْتَدُّ عِدَّتُهَا وَقَالَ سَحْنُونُ لَوِ ارْتَابَتْ كَانَ كَالْعَيْبِ يَظْهَرُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ أَبُو عمر قول سحنون كقول بن الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الِارْتِيَابَ نَادِرٌ وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ إِطْلَاقِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْكِرَاءِ فَإِنْ طرأ كان كالعيب والاستحقاق يطرأ على البيت الصَّحِيحِ |