مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِامْرَأَةٍ
حَادٍّ عَلَى

زَوْجِهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهَا اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجِلَاءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أُمِّ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِامْرَأَةٍ
حَادٍّ عَلَى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236
زَوْجِهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهَا اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجِلَاءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ إِبَاحَةُ الْكُحْلِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحُهُ
بِالنَّهَارِ
وَكُحْلُ الْجِلَاءِ هو الصبر ها هنا وَهُوَ مِمَّا يَجْلُو الْبَصَرَ
وَفِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنَتِي تُوَفِّيَ عَنْهَا زوجها وقد اشتكت عينيها أفنكحلهما فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا)) مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهَا في الكحل
ليلا ولانهارا
وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ
عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادٌّ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنَيْهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا
يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ((فَاجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ
بِالنَّهَارِ))
وَهَذَا تَفْسِيرُ كُحْلِ الْجِلَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَلَاغِ الْأَوَّلِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ صَبْرًا
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الصَّبْرِ الْإِثْمِدُ وَمَا يُتَزَيَّنُ بِهِ فَلِذَلِكَ أَمَرَهَا بِمَسْحِهِ بِالنَّهَارِ
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ كُحْلٌ لَا طِيبَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ لَمْ يُبَحْ لَهَا شَيْءٌ مِنْهُ
لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا
وقد روى معمر عن أيوب عن بن سِيرِينَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ سُئِلَتْ عَنِ الْإِثْمِدِ لِلْمُتَوَفَّى
عَنْهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ لَا وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنَاهَا
وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ
فقال مالك فيما ذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ لَا تَكْتَحِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِالْإِثْمِدِ وَلَا
بِشَيْءٍ فِيهِ سَوَادٌ أَوْ صُفْرَةٌ أَوْ شَيْءٌ يُغَيِّرُ الْأَلْوَانَ وَلَا تَكْتَحِلُ بِإِثْمِدِ فِيهِ طِيبٌ وَلَا
مِسْكٌ وَإِنِ اشْتَكَتْ عيناها عَيْنَيْهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ كُحْلٍ كَانَ فِيهِ زِينَةٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ
فَأَمَّا الْفَارِسِيُّ وَمَا أَشْبَهَهُ إِذَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِينَةٍ بَلْ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237
يَزِيدُ الْعَيْنَ مُرْهًا وَقُبْحًا وَمَا اضْطُرَّتْ إِلَيْهِ فِيهِ مِمَّا فِيهِ زِينَةٌ مِنَ الْكُحْلِ اكْتَحَلَتْ بِهِ
لَيْلًا فَتَمْسَحُهُ نَهَارًا