مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَنَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ
صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَنَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ
صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ
يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أُرَاهُ فُلَانًا)) لِعَمٍّ لِحَفْصَةَ
مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ
دَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((نَعَمْ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ
الْوِلَادَةُ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ نَقْلَهُ الْعُدُولُ
وَهُوَ يُبَيِّنُ كِتَابَ اللَّهِ فِي الزِّيَادَةِ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ إِنَّمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ فِي
التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعَةِ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ فَقَالَ تَعَالَى (وأمهتكم التي أرضعنكم وأخواتكم
من الرضعة) النِّسَاءِ 23
وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ فَمِثْلُهُ يَحْرُمُ مِنَ
الرَّضَاعِ
وَإِذَا كَانَتِ الْأُمُّ مِنَ الرَّضَاعِ مُحَرَّمَةً كَانَ كَذَلِكَ الْأَبُ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُمَا جَمِيعًا
وَإِذَا كَانَ زَوْجُ الَّتِي أَرْضَعَتْ أَبًا كَانَ أَخُوهُ عَمًّا وَكَانَتْ أُخْتُ الْمَرْأَةِ خَالَةً فَحَرَّمَ
بِالرَّضَاعَةِ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَالْأَعْمَامَ والأخوال والأخوات وبناتهن كما يحرم بالنسب
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241
هَكَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ))
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ الذَّكَرَ الْعَمَّ وَلَوْلَا لَبَنُ الْفَحْلِ
مَا ذُكِرَ الْعَمُّ لِأَنَّ بِمُرَاعَاةِ لَبَنِ الرَّجُلِ صَارَ أَبًا فَصَارَ أَخُوهُ عَمًّا
فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ بِلَبَنِ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ
يَكُونَ عَمُّ حَفْصَةَ الْمَذْكُورُ قَدْ أَرْضَعَتْهُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَصَارَ عَمًّا
لحفصة
فالجواب أن قوله ((إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ)) يَقْضِي بِتَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ
لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَلِدْ أَوْلَادَهُ بِالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ كَمَا صَنَعَتِ الأم وإنما وَلَدَهُمْ بِمَا
كَانَ مِنْ مَائِهِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ الْحَمْلُ وَاللَّبَنُ فَصَارَ بِذَلِكَ وَالِدًا كَمَا صَارَتِ الْأُمُّ بِالْحَمْلِ
وَالْوِلَادَةِ أُمًّا فَإِذَا أَرْضَعَتْ بِلَبَنِهَا طِفْلًا كَانَتْ أُمَّهُ وَكَانَ هُوَ أَبَاهُ
وَهَذَا يُوَضِّحُ وَيَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِيهِ
وَبَعْدَ هَذَا جَعَلَهُ مَالِكٌ بَعْدَهُ فِي الْبَابِ مُفَسِّرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ