مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَةِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا
سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى (...)
 
مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَةِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا
سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ
حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ))
قَالَ مَالِكٌ وَالْغِيلَةُ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَجَعَلُوهُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ فِي غَيْرِ ((الْمُوَطَّأِ)) وَهُوَ عِنْدَهُ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) كَمَا هُوَ عِنْدَ
سَائِرِ الرُّوَاةِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ جُدَامَةَ
وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ لَهُ عَنْ جُدَامَةَ دَلِيلٌ عَلَى حِرْصِهَا عَلَى الْعِلْمِ وَبَحْثِهَا عَنْهُ وَأَنَّ
الْقَوْمَ لَمْ يَكُونُوا يُرْسِلُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا مَا يَسْتَوْفِيهِ الْمُحَدِّثُ لَهُمْ بِهَا
أَوْ لِوُجُوهٍ غَيْرِ ذَلِكَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي كِتَابِ ((التَّمْهِيدِ))
وَأَمَّا الْغِيلَةُ فَكَمَا فَسَّرَهَا مَالِكٌ وَعَلَى تَفْسِيرِ ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْغِيلَةُ وَالْغِيلُ سَوَاءٌ وَهِيَ أَنْ تَلِدَ الْمَرْأَةُ فَيَغْشَاهَا زَوْجُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ
فَتَحْمِلُ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ لِأَنَّهَا إِذَا حَمَلَتْ فَسَدَّ اللَّبَنُ عَلَى الطِّفْلِ الْمُرْضَعِ وَيَفْسُدُ بِهِ
جِسْمُهُ وَتَضْعُفُ بِهِ قُوَّتُهُ حَتَّى رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْلِهِ
قَالَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ لِيُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ) أَوْ
قَالَ عَنْ سَرْجِهِ أَيْ يَضْعُفُ فَيَسْقُطُ عَنِ السَّرْجِ
قَالَ الشَّاعِرُ
فَوَارِسُ لَمْ يغالوا في الرضاع فتنبوا فِي أَكُفِّهِمُ السُّيُوفُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ
يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ شَيْئًا يَرُدُّ كُلَّ مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ وَحَكَاهُ عَنِ الْعَرَبِ
وَذَلِكَ مِنْ تَكَاذِيبِ الْعَرَبِ وَظُنُونِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِهَةِ الْإِرْشَادِ وَالْأَدَبِ فَإِنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ السلام - حريصا على
نفع المؤمنين رؤوفا بِهِمْ وَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَنْفَعُهُمْ إِلَّا دَلَّهُمْ عليه وأمره بِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ الْغِيلَةُ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا وَهِيَ حَامِلٌ
وَقَالَ غَيْرُهُ الْغِيلُ نَفْسُهُ الرَّضَاعُ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا بِشَوَاهِدِ الشعر في التمهيد
وقال بن الماجشون وذكره بن الْقَاسِمِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فِي
الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَيُصِيبُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ أَنَّ ذَلِكَ (اللَّبَنَ) لَهُ وَلِلزَّوْجِ
قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمَاءَ يُغَيِّرُ اللَّبَنَ وَيَكُونُ مِنْهُ الْغِذَاءُ
وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَقَدْ هممت أن أنهى عن الغيله
قال بن الْقَاسِمِ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ فَاللَّبَنُ مِنْهُ بَعْدَ الْفِصَالِ وَقَبْلَهُ وَلَوْ
طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ وَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي فَاللَّبَنُ بَيْنَهُمَا جَمِيعًا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ انْقِطَاعُهُ مِنَ
الْأَوَّلِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259
وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ اللَّبَنَ يُغَيِّرُهُ وَطْءُ الزَّوْجِ الثَّانِي
وَلِوَطْئِهِ فِيهِ تَأْثِيرُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِذَا نَظَرَ إِلَى الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ مِنَ السَّبْيِ
فَسَأَلَ هَلْ يَطَأُ هَذِهِ صَاحِبُهَا قِيلَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ
فِي قَبْرِهِ أَيُوَرِّثُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ أَمْ يَسْتَعْبِدُهُ وَهُوَ قَدْ عَدَاهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ
وَهُوَ حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ لِينٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا اللَّبَنُ مِنَ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى تَضَعَ
المرأة فيكون من الآخر
وهو قول بن شِهَابٍ
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِنْهُمَا حَتَّى تلد فيكون من الثياني
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ فِي صَدْرِ كِتَابِ الرَّضَاعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ