مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الْعُرْبَانِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِي اشْتَرَى (...) |
مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الْعُرْبَانِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ تَكَارَى مِنْهُ أُعْطِيكَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ عَلَى أَنِّي إِنْ أَخَذْتُ السِّلْعَةَ أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ هُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَإِنْ تَرَكْتُ ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ ((الموطأ)) معه وأما القعنبي والتنيسي وبن بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ عِنْدِي سَوَاءٌ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الثِّقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَشْبَهُ مَا قيل فيه أنه بن لَهِيعَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَكْثَرُ ما يعرف عند بن لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 وَقَدْ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ فِي ((التمهيد)) ولكنه أشهر من حديث بن لَهِيعَةَ وَقَدْ رَوَاهُ حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَكِنَّ حَبِيبًا مَتْرُوكٌ لَا يُشْتَغَلُ بِحَدِيثِهِ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ كَذَّابٌ فيما يحدث بِهِ وَقَدْ حَدَّثَ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَلَّالُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى قال حدثني بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ هَكَذَا حَدَّثَ به حرملة عن بن وهب وهو في موطأ بن وهب عن بن لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَفِي بَعْضِ الروايات عن بن وَهْبٍ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) عَنْ مَالِكٍ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ كَمَا هُوَ فِي ((مُوَطَّأِ)) مَالِكٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مالكا أخذه عن بن وهب عن بن لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَأَكْلِ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا هِبَةٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَبَيْعُ الْعُرْبَانِ عَلَى ذَلِكَ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُمْ إِذَا وَقَعَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وترد السلعة إن كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَيُرَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا أُخِذَ عُرْبَانًا فِي الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قوم من التابعين منهم مجاهد وبن سِيرِينَ وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ الْعُرْبَانِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يَقُولُ أَجَازَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ يصح الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعُرْبَانِ الَّذِي أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ صَحَّ عَنْهُ أَنْ يُجْعَلَ الْعُرْبَانُ عَنِ الْبَائِعِ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ إِنْ تَمَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَهَذَا وَجْهٌ جَائِزٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَحَدِيثُ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ - عَامِلِ عُمَرَ عَلَى مَكَّةَ - أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دَارًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ نَافِعٌ إِنْ رَضِيَ عُمَرُ فَالْبَيْعُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَيُعْطِيهِ عُرْبَانًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَإِنْ رَضِيَهُ أَخَذَهُ وَإِنَّ سَخِطَهُ رَدَّهُ وَأَخَذَ عُرْبَانَهُ! إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا وَفِي اتِّفَاقِهِمْ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالْجَمَاعَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ وَقَعَ بَيْعُ الْعُرْبَانِ الْفَاسِدُ فُسِخَ وَرُدَّتِ السِّلْعَةُ إِلَى الْبَائِعِ وَالثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ فَاتَتْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِمَا بَالِغًا مَا بَلَغَتْ وَلَهُ ثَمَنُهُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُبْتَاعَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ الْفَصِيحُ بِالْأَعْبُدِ مِنَ الْحَبَشَةِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ مِنَ الْأَجْنَاسِ لَيْسُوا مِثْلَهُ فِي الْفَصَاحَةِ وَلَا فِي التِّجَارَةِ وَالنَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ لَا بَأْسَ بِهَذَا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ الْعَبْدَ بِالْعَبْدَيْنِ أَوْ بِالْأَعْبُدِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ إِذَا اخْتَلَفَ فَبَانَ اخْتِلَافُهُ فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا حَتَّى يتقارب فلا يأخذ منه اثنتين بواحد إلى أجل وإن اختلفت أَجْنَاسُهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مَعَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ هو معنى ما رسمه ها هنا وَفِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالسَّلَفِ فِيهِ مِنْ ((الْمُوَطَّأِ)) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ عِنْدَهُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدَيْنِ والفرس بالفرسين والبعير بالبعيرين وكذلك سَائِرُ الْحَيَوَانِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْغَرَضِ فِيهِمَا والمنفعة بهما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 وَلَا يَجُوزُ إِذَا كَانَتِ الْمَنَافِعُ وَالْأَعْرَاضُ مَنْفَعَةً وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِكُلِّ مَا لَا يؤكل وما لا يشرب من الحيوان وَغَيْرِهِ أَنْ يُبَاعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَيْفَ شَاءَ الْمُتَبَايِعَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُهُ أَوِ اتَّفَقَتْ إِلَّا الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي بَعْضِهَا بِبَعْضِ نَسِيئَةً وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ كُلُّهُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنَ هَذَا الْكِتَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لا يجوز شيء من الحيوان واحدا بِاثْنَيْنِ نَسِيئَةً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ جِنْسًا وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَتِ الْمَنَافِعُ أَوِ اتَّفَقَتْ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَسَنُذَكُرُ وُجُوهَ أَقْوَالِهِمْ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَعَ ذَلِكَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَعْتَهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ يَقْبِضُ لَهُ مَا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلُهُ وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِذَا بِيعَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لَا يُدَرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى أَحْسَنٌ أَمْ قَبِيحٌ أَوْ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ أَوْ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ وَذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ مَالِكٌ اسْتِثْنَاءَ الْبَائِعِ لِلْجَنِينِ كَاشْتِرَائِهِ لَهُ لَوْ كَانَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ فَاسْتِثْنَاءُ الْبَائِعِ لِلْجَنِينِ كَشِرَاءِ الْمُشْتَرِي لَهُ عِنْدَهُ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ الْأُمُّ وَيُسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا وَهِيَ حَامِلٌ لِأَنَّهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ وَقَالُوا كَمَا قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 قال الشافعي كل ذات حَمْلٍ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمِنَ الْبَهَائِمِ بِيعَتْ فَحَمْلُهَا تَبَعٌ لَهَا كَعُضْوٍ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ فَالْعَمَلُ فِيهِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ وَالْفَوْتُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ تَلِدَ ذَلِكَ الْجَنِينَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ تَمُوتَ أَوْ تُبَاعَ أَوْ تُوهَبَ أَوْ تُعْتَقَ أَوْ يَطُولَ الزَّمَانُ أَوْ تَخْتَلِفَ الْأَسْوَاقُ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَضَى الْبَيْعُ وَكَانَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِ الْأَمَةِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَإِنْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْبَائِعُ الْجَنِينَ رُدَّ إِلَى مُبْتَاعِ الْأُمِّ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا إِنْ عُثِرَ عَلَى الْجَنِينِ بِحُدْثَانِ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ وَأَمَّا إِنْ طَالَ زَمَانُهُ أَوْ فَاتَ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ الَّتِي ذَكَرْنَا كَانَ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى الْبَائِعِ قِيمَةُ الْجَنِينِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَكَانَ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمُبْتَاعِ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ بَاعَهَا بِلَا اسْتِثْنَاءٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَكُلِّفَا مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَهَا بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا بِالْمُقَاوَمَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ يَبِيعَانِهِمَا مَعًا مِنْ غَيْرِهِمَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ جَائِزٌ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ الْحَامِلَ وَيَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ بن عُمَرَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْغَرَرَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ التَّبَايُعُ وَالْجَنِينُ عَلَى مِلْكِ بَائِعِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ وَيُخْرِجَهُ مِنَ الْبَيْعِ وَلَا يَضُرُّهُ جَهْلُهُ بِصِفَتِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَيْعٌ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَنْدَمُ الْبَائِعُ فَيَسْأَلُ الْمُبْتَاعَ أَنْ يُقِيلَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَيَمْحُو عَنْهُ الْمِائَةَ دِينَارٍ الَّتِي لَهُ قَالَ مَالِكٌ لا بأس بذلك وإن نَدِمَ الْمُبْتَاعُ فَسَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فِي الْجَارِيَةِ أَوِ الْعَبْدِ وَيَزِيدُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ الَّذِي اشْتَرَى إِلَيْهِ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 إِلَى سَنَةٍ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ بِجَارِيَةٍ وَبِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ السَّنَةِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَى أَجَلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأَوْلَى الَّتِي نَدِمَ فِيهَا الْبَائِعُ فَأَعْطَى الْمُشْتَرِيَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَتُرَدُّ عَلَيْهِ يَسْقُطُ عَنِ الْمُشْتَرِي ثَمَنُهَا الْمِائَةُ الدِّينَارِ الْمَذْكُورَةُ فَهَذَا الْبَيْعُ مُسْتَأْنَفٌ وَإِقَالَةٌ لَا يَدْخُلُهَا تُهْمَةٌ لِأَنَّهَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِمَا اشْتَرَاهَا به من الزياد وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ ذَهَبٌ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَلَا ذَهَبٌ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ فَلِذَلِكَ أَجَازَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ بَيَّنَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدْخُلُهَا إِعْتَاقُهُ فَذَكَرَ أَنَّهَا بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُ شَيْءٌ مَكْرُوهٌ فَلَا يَدْخُلُهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُحْرِّمُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْجَمِيلَ لَا يُظَنُّ بِهِ الظَّنُّ السُّوءُ بِالْبَاطِنِ وَالظَّنُّ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَلَا يَقَعُ التَّحْرِيمُ بِالظُّنُونِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ نَقْدًا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَهَا إِذَا كَانَ صَاحِبُهَا مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ نَقْدًا وَلَمْ يُنْفِذْ ذَكَرَ بن وهب عن بن لَهِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيُعْطِيَ صَاحِبَهَا دِينَارًا فَقَالَا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَعَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ بكير وقال ذلك بن شهاب قال بن وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي نَاجِيَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَرَبِيعَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَوْبًا فَاسْتَقَالَهُ فَذَهَبَ لِيَرُدَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ فَأَبَى أَنْ يُقِيلَهُ فَوَضَعَ مِنْ ثَمَنِهِ عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ قَالَا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ وَإِنْ نَدِمَ الْمُبْتَاعُ فَاسْتَقَالَ الْبَائِعَ وأعطاه دراهم لا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ نَدِمَ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أُقِيلُكَ إِلَّا أَنْ تُنْظِرَنِي بِالذَّهَبِ سَنَةً لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بأس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 قَالَ يَحْيَى وَلَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ لَا أُقِيلُكَ إِلَّا عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي ذَلِكَ إِلَى سنة قال لا يصلح ذلك قال بن وَهْبٍ وَقَالَ لِي مَالِكٌ مِثْلَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الدَّابَّةَ مِنَ الرَّجُلِ وَيَنْقُدُهُ الثَّمَنَ ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي فَيَقُولُ بَائِعُ الدَّابَّةِ مِنْهُ أَقِلْنِي وَخُذْ دَابَّتَكَ وَأُنْظِرْكَ بِثَمَنِهَا سَنَةً فَقَالَ مَالِكٌ هَذَا بَيْعٌ جَدِيدٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ فَنَدِمَ فِيهَا فَقَالَ أَقِلْنِي وَلَكَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لا بأس به وعن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى غُلَامًا فَأَرَادَ رَدَّهُ فَلَمْ يُقِيلُوهُ مِنْهُ حَتَّى أَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ مَعْمَرٌ وَسَأَلْتُ حَمَّادًا عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً وَنَدِمَ فِيهَا فَقَالَ أَقِلْنِي وَلَكَ كَذَا فَكَرِهَهُ وَشُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ مِثْلُهُ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرُدَّ مَعَهَا شَيْئًا وَكَرِهَهُ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ ولم ير به بن عُمَرَ بَأْسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ يَدْخُلُ فِي هذا الباب مسألة حمار ربيعة ذكرها بن وَهْبٍ عَنْهُ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ رَبِيعَةُ يَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ سَنَةً ثُمَّ اسْتَقَالَهُ فَأَقَالَهُ بِرِبْحِ دِينَارٍ عَجَّلَهُ لَهُ وآخر باع حمارا بنقد فَاسْتَقَالَهُ الْمُبْتَاعُ فَأَقَالَهُ بِزِيَادَةِ دِينَارٍ أَخَّرَهُ عَنْهُ إِلَى أَجَلٍ فَقَالَ رَبِيعَةُ هَذِهِ لَيْسَتْ إِقَالَةً لِأَنَّهُ جَمِيعًا صَارَ بَيْعُهَا إِنَّمَا الْإِقَالَةُ أَنْ يَتَرَادَّ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْبَيْعِ عَلَى مَا كَانَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَأَمَّا الَّذِي ابْتَاعَ حِمَارًا إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ رَدَّهُ بِفَضْلِ تَعَجُّلِهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنِ اقْتَضَى ذَهَبَا يَتَعَجَّلُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَأَمَّا الَّذِي ابْتَاعَ الْحِمَارَ بِنَقْدٍ ثُمَّ جَاءَ بِاسْتِقَالِ صَاحِبِهِ فَقَالَ الَّذِي بَاعَهُ لَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 أُقِيلُكَ إِلَّا بِرِبْحِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا أَنَّهُ أَخَذَ عَنْهُ الدِّينَارَ وَانْتَقَدُوا حَقَّ الْحِمَارِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ فَصَارَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مِنَ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ إِلَى أبعد من ذلك الأجل الذي باعها إِلَيْهِ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ يَبِيعُهَا بِثَلَاثِينَ دِينَارًا إِلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَبْتَاعُهَا بِسِتِّينَ دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ فَصَارَ إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا وَأَعْطَاهُ صَاحِبُهُ ثَلَاثِينَ دِينَارًا إِلَى شَهْرٍ بِسِتِّينَ دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ هَذَا عِنْدَهُ إِذَا بَاعَ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ كَحُكْمِ مَنْ بَاعَهَا إِلَى أَجَلٍ بِثَمَنٍ ثُمَّ ابْتَاعَهَا بِالنَّقْدِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ تَرْجِعُ إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا وَيَحْصُلُ بِيَدِهِ دَرَاهِمُ أَوْ ذَهَبٌ بِأَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى أَجَلٍ وَهَذَا هُوَ الرِّبَا لَا شَكَّ فِيهِ لِمَنْ قَصَدَهُ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ رَأَى قَطْعَ الدَّرَاهِمِ لِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُتَبَايِعِينَ قَصَدَا إِلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ رَأَى أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ تُهْمَةَ الْمُسْلِمِ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذكر بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُمَا قَالَا إِذَا بِعْتَ شَيْئًا إِلَى أَجَلٍ فَلَا تَبْتَعْهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي بِعْتَهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ أَحَدٍ يَبِيعُهُ لَهُ أَوْ يَتَبَايَعُهُ إِلَى دُونِ ذَلِكَ الْأَجَلِ إِلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِعْتَهُ مِنْهُ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ وَلَا يَبِيعُ مِنْهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ إِلَى دُونِ ذلك الأجل إلا بالثمن أو بأقل فَإِذَا ابْتَعْتَهُ إِلَى الْأَجَلِ بِعَيْنِهِ ابْتَعْتَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ قَالَ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ نَحْوَهُ قَالَ وَقَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَهَا بِنَقْدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الذي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 بَاعَهَا إِلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا الَّذِي بَاعَهَا بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ أَنْ يُعْطِيَ عشرة دنانير نقدا أو إلى شهر أو شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ إِلَى سَنَةٍ قَالَ وَقَالَ لِي مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَهَا إِلَى أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ أَنْ يَأْخُذَ عِشْرِينَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يُتَّهَمُ إِذَا بَاعَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ مَنِ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَالثَّمَنُ نَقْدًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ وَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ أَوْ إِلَى شَهْرٍ بِعِشْرِينَ أَوْ نَحْوِهَا إِلَى سَنَةٍ قال بن وَهْبٍ وَقَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ نَحْوَ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالُوا فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنَ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنَ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ إِنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ بَاطِلٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فِيمَنْ بَاعَ بَيْعًا بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِنَقْدٍ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَلَا يَعْرِضُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ قِيمَةَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَشْتَرِيهِ بِعَرْضٍ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَالَ وَإِنْ نَقَصَتِ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْبَائِعُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ نُقْصَانُ الْعَيْبِ لَهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ بَاعَ خَادِمًا إِلَى سَنَةٍ ثُمَّ جَاءَ الْأَجَلُ بِهِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا يَشْتَرِيهِ بِدُونِ الثَّمَنِ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إِلَّا بِالثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَالَ أَحْمَدُ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالشَّعْبِيِّ عَنِ امْرَأَتِهِ أُمِّ يُونُسَ وَاسْمُهَا الْعَالِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْهَا وَقَدْ قَالَتْ لَهَا أُمُّ مَحَبَّةَ أُمُّ وَلَدٍ كَانَتْ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي بِعْتُ مِنْ زَيْدٍ عَبْدًا إِلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَاحْتَاجَ إِلَى ثَمَنِهِ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ فَقَالَتْ بِئْسَ مَا شَرَيْتِ وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ يَتُبْ قَالَ فَقُلْتُ أَرَأَيْتِ إِنْ تَرَكْتُ مِائَتَيْنِ وَأَخَذْتُ السِّتَّمِائَةٍ قَالَ نَعَمْ مَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 قَالُوا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُنْكِرَ عَائِشَةُ عَلَى زَيْدٍ رَأْيَهُ بِرَأْيِهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ تَوْقِيفٌ هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَرَوَاهُ بن عُيَيْنَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ دَخَلْتُ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي السَّفَرِ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةُ أَبِي السَّفَرِ إِنِّي بِعْتُ غُلَامًا مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَى الْعَطَاءِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ بِئْسَمَا شَرَيْتِ وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ أَخْبِرِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ يَتُبْ فَقَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي السَّفَرِ فَإِنِّي قَدْ تُبْتُ فَقَالَتْ عائشة فإن تبتم فلكم رؤوس أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ امْرَأَتِهِ قَالَتْ سَمِعْتُ امْرَأَةَ أَبِي السَّفَرِ تَقُولُ قُلْتُ لِعَائِشَةَ بِعْتُ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَذَكَرَ الْخَبَرَ كُلَّهُ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ خَبَرٌ لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا هُوَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَهُمْ وَامْرَأَةُ أَبِي إِسْحَاقَ وَامْرَأَةُ أَبِي السَّفَرِ وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُلُّهُنَّ غَيْرُ مَعْرُوفَاتٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَفِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي هِشَامٍ أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ الرِّوَايَةَ عَنِ النِّسَاءِ إِلَّا عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَدِيثُ مُنْكَرُ اللَّفْظِ لَا أَصْلَ لَهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا يُحْبِطُهَا الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا يُحْبِطُهَا الِارْتِدَادُ وَمُحَالٌ أَنْ تُلْزِمَ عَائِشَةُ زَيْدًا التَّوْبَةَ بِرَأْيِهَا وَيُكَفِّرُهُ اجْتِهَادُهَا فهذا ما لا ينبغي أن يظن بها وَلَا يُقْبَلَ عَلَيْهَا وَقَدْ رَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ يَجْعَلَانِ لِلْمُطْلَقَةِ ثَلَاثًا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا ذَكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ يَقُولُ مَا كُنَّا نُخَيِّرُ فِي دِينِنَا شَهَادَةَ امْرَأَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا كَانَ هَذَا فِي امْرَأَةٍ مَعْرُوفَةٍ بِالدِّينِ وَالْفَضْلِ فَكَيْفَ بِامْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِذَا كَانَ لَا يُرِيدُ الْمُخَادَعَةَ وَالدُّلْسَةَ فَلَا بَأْسَ أن يشتريه بدون ذلك الثمن أو بأكثر قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا قَصْدٌ لِمَكْرُوهٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ لَا يَثْبُتُ مِثْلُ هَذَا عِنْدَنَا عَنْ عَائِشَةَ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ أَنْكَرَتِ الْبَيْعَ إِلَى الْعَطَاءِ لِأَنَّهُ أَجَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَيْعِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ وَجَعَلَ اللَّهُ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ وَزَيْدٌ صَحَابِيٌّ وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَمَذْهَبُنَا الْقِيَاسُ وَهُوَ مَعَ زَيْدٍ لِأَنَّ السِّلْعَةَ إِذَا كَانَتْ لِي بِشِرَائِي لَهَا فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِي فَلَمْ أَبِعْ مِلْكِي بِمَا شِئْتُ بَلَغَ وَمِمَّنْ شِئْتُ وَقَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا قَالَا مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِنَظِرَةٍ مِنْ رَجُلٍ فَلَا يَبِيعُهَا مِنْهُ بِنَقْدٍ وَمَنِ اشْتَرَاهَا منه بنقد فلا يبيعها منه بنظرة وروي عن بن عمر وبن سِيرِينَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةُ الْكُوفِيِّينَ يُجِيزُونَ لِبَائِعِ الدَّابَّةِ بِنَظِرَةٍ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِالنَّقْدِ إِذَا عَجَفَتْ وَتَغَيَّرَتْ عَنْ حَالِهَا وَفِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا حَدَثَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبٌ مُفْسِدٌ مِثْلُ الْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَالْقَطْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي ((الْعُتْبِيَّةِ)) ) لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهَذَا مِمَّا لَا يُؤْمَنُ النَّاسُ عَلَى مِثْلِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ رواية بن القاسم وذكر بن المواز عن بن الْقَاسِمِ نَحْوَ مَا فِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) وَزَادَ قَالَ فَكَذَلِكَ لَوْ مَكَثَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ زَمَانًا أَوْ سَافَرَ بِهِ مِنْ أَفْرِيقِيَّا إِلَى الْحَجِّ ثُمَّ وَجَدَهُ الْبَائِعُ يُنَادِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السُّوقِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْرِيَهَا بِأَقَلَّ مِنَ الثمن الذي باعها به أنهم لَا يُتَّهَمُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إِذَا سَافَرَ بِهَا وَأَدْبَرَ الدَّابَّةَ وَغَيَّرَهَا عَنْ حَالِهَا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا مَالِكًا فَقَالَ لَا يَصْلُحُ وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَرِهُوهُ لِلتُّهَمِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُتَّهَمُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُظَنَّ بِالْمُسْلِمِ الطَّاهِرِ إِلَّا الصلاح والخير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 |