مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ أَبَانَ بْنَ
عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ
مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ
قَالَ مَالِكٌ مَا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ أَبَانَ بْنَ
عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ
مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ
قَالَ مَالِكٌ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ حِينِ يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ
الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ وَإِنَّ عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ فَإِذَا
مَضَتِ السَّنَةُ فَقَدْ بَرِيءَ الْبَائِعُ مِنَ الْعُهْدَةِ كُلِّهَا
قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وليدة من أهل الميراث أو غيرهم بالبراءة فقد بريء
مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ
لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا وَلَا عُهْدَةَ عِنْدَنَا إِلَّا فِي الرَّقِيقِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي الرَّقِيقِ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي
السُّنَّةِ وَأَنَّ الْأُصُولَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا تَنْقُضُهَا وَأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ
الْأَمْصَارِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ فِي الثَّلَاثِ مِنْ كُلِّ مَا يَعْرِضُ وَفِي السَّنَةِ مِنَ
الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا انه لا يعرفها غير أهل المدينة بالحجاز
ولا في سائر آفاق الإسلام إلا من أخذها على مذهب أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا أَرَى أَنْ يُقْضَى بِعُهْدَةِ الرَّقِيقِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً
أَوْ عِنْدَ قَوْمٍ يَعْرِفُونَهَا بِغَيْرِ المدينة فيشترطونها فتلزم
ذكر بن وَهْبٍ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَجَعَلَهُ عُمَرُ مِنْ
مَالِ الْبَائِعِ
وَذَكَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يزيد عن بن شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ فِي
الْعُهْدَةِ فِي كُلِّ دَاءٍ عُضَالٍ الْجُذَامِ والجنون والبرص سنة
قال بن شِهَابٍ وَالْقُضَاةَ قَدْ أَدْرَكْنَا يَقْضُونَ بِذَلِكَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278
قال بن وهب وأخبرنا بن سَمْعَانَ قَالَ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ عُلَمَائِنَا مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
الْأَنْصَارِيُّ يَقُولُونَ لَمْ تَزَلِ الْوُلَاةُ بِالْمَدِينَةِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ يَقْضُونَ فِي الرَّقِيقِ بِعُهْدَةِ
السَّنَةِ فِي الْجُذَامِ وَالْجُنُونِ وَالْبَرَصِ إِنْ ظَهَرَ بِالْمَمْلُوكِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ
الْحَوْلُ عَلَيْهِ فَهُوَ رَادٌّ عَلَى الْبَائِعِ وَيَقْضُونَ فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ فَإِنْ حَدَثَ
فِي الرَّأْسِ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي الثلاث جدت من موت أو بعض فهو من البائع وَإِنَّمَا
كَانَتْ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ مِنْ أَجْلِ حُمَّى الربع لأنها لا يتبين إِلَّا فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ
وَحَكَى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ جَعَلَ عُهْدَةَ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ
رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا عُهْدَةَ
بَعْدَ أَرْبَعٍ))
وَبَعْضُ أَصْحَابِ هَمَّامٍ يَرْوِيهِ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَوْلَهُ
وَرَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((لَا عُهْدَةَ
بَعْدَ أَرْبَعٍ))
وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ إِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ شَيْئًا
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ
عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((عُهْدَةُ الرَّقِيقِ أَرْبَعُ لَيَالٍ))
قَالَ هِشَامٌ قَالَ قَتَادَةُ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ ثَلَاثٌ
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ
حَدَّثَنِي عَبْدَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثُ لَيَالٍ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ جَعَلَهُمَا حَدِيثِينَ قَضَى بِصِحَّةِ حَدِيثِ سَمُرَةَ عَلَى أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ
أَيْضًا فِي سَمَاعِ سَمُرَةَ مِنَ الْحَسَنِ
وَمَنْ جَعَلَهَا حَدِيثًا وَاحِدًا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ فَهُو عِنْدَهُمْ أَوْهَنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ الشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي وبن جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا مِنَ الرَّقِيقِ وَقَبَضَهُ فَكُلُّ مَا أَصَابَهُ مِنَ
الثَّلَاثِ وَغَيْرِهَا فَمِنَ الْمُشْتَرَى مَصِيبَةٌ
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مَعْنَى حَدِيثِ عُقْبَةَ فِي الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ
وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ فِي تَفْسِيرٍ ذَلِكَ قَالَ عُهْدَةُ الْمُسْلِمِ لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا شَيْنَ
ورواه أيوب عن بن سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْعُهْدَةَ هِيَ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ
بِالْعَيْبِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ الثَّلَاثُ وَمَا فَوْقَهَا
وروى بن المبارك عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ فِيمَا عَهِدَهُ فِي الْأَرْضِ قُلْتُ
فَمَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ قال كل شيء
وروى بن جريج عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْعُهْدَةَ شَيْئًا لَا ثَلَاثًا وَلَا
أَكْثَرَ
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ بن جريج قال سألت بن شِهَابٍ عَنْ
عُهْدَةِ السَّنَةِ وَعُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَقَالَ مَا عَلِمْتُ فِيهِ أَمْرًا سَالِفًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةِ السَّنَةِ فِي
الرَّقِيقِ غَيْرُ مَالِكٍ وَسَلَفُهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَهْلُ بَلْدَةٍ فَهِيَ عِنْدَهُ مَسْأَلَةُ اتِّبَاعٍ لَهُمْ
وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْعُرُوضِ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَّا الرَّقِيقَ وَغَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنْ سَائِرِ
الْعُرُوضِ وَالْمَتَاعِ فَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ مَا قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ وَبَانَ بِهِ إِلَى نَفْسِهِ
فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ
وَهَذَا أَصْلٌ وَإِجْمَاعٌ يَنْبَغِي أَلَّا يُرْغَبَ عَنْهُ إِلَّا بِالشَّرْطِ أو يكون قاضي البلد أو
الأمير فيه يحمل عَلَيْهِ فَيَجْرِي - حِينَئِذٍ - مَجْرَى قَاضٍ قَضَى بِمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ
الْعُلَمَاءُ فَيَنْفُذُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280