مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ هَذَا (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 ((مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ صَحِيحٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ)) فَالْأَبَارُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ لَقَاحُ النَّخْلِ يُقَالُ مِنْهُ أَبَّرَ النَّخْلَ يُؤَبِّرُهَا أَبَرًا أَوْ تَأَبَّرَتْ تَأَبُّرًا قَالَ الْخَلِيلُ الْأَبَارُ لِقَاحُ النَّخْلِ قَالَ وَالْأَبَارُ أَيْضًا عِلَاجُ الزَّرْعِ بِمَا يُصْلِحُهُ مِنَ السَّقْيِ وَالتَّعَاهُدِ قَالَ الشَّاعِرُ وَلِيَ الْأَصْلُ الَّذِي فِي مِثْلِهِ يُصْلِحُ الْآبِرُ زَرْعَ الْمُؤْتَبِرِ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا أَنَّ التَّلْقِيحَ هُوَ أَنْ يُؤْخَذَ طَلْعُ ذُكُورِ النَّخْلِ فَيُدْخَلُ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَأَمَّا مَعْنَى الْأَبَارِ فِي سَائِرِ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ فَابْنُ الْقَاسِمِ يُرَاعِي ظُهُورَ الثَّمَرَةِ لَا غَيْرَ وَمَعْنَاهُ انْعِقَادُ الثَّمَرَةِ وَثُبُوتُهَا وَقَالَ بن عَبْدِ الْحَكَمِ كُلُّ مَا لَا يُؤَبَّرُ مِنَ الثمار فاللقاح فيها بِمَنْزِلَةِ الْأَبَارِ فِي النَّخْلِ وَاللَّقَاحُ أَنْ تُنَوَّرَ الشَّجَرَةُ وَيُعْقَدَ فَيَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَسْقُطُ وَيَثْبُتُ مَا يَثْبُتُ فَهَذَا هُوَ اللَّقَاحُ فِيمَا عَدَا النَّخِيلِ مِنَ الْأَشْجَارِ قَالَ وَأَمَّا أَنْ يُورِقَ أو ينور قط فَلَا هَذَا فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ وَأَمَّا مَا يُذْكَرُ مِنْ ثِمَارِ شَجَرِ التِّينِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّ إِبَارَهُ التَّذْكِيرُ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْحَائِطَ إِذَا تَشَقَّقَ طَلْعُ إِنَاثِهِ فَأَخَذَ إِبَارَهُ وَقَدْ أَبَّرَ غَيْرَهُ مِمَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 حَالُهُ مِثْلُ حَالِهِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا قَدْ أُبِّرَ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَلَيْهِ وَقْتُ الأبار وظهرت إبرته بعد مغيبها في الخف وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي ثِمَارِ النَّخِيلِ يُبَاعُ أَصْلُهُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَاللَّيْثُ بْنُ سعد بظاهر حديث بْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ قَالُوا إِذَا كَانَ فِي النَّخْلِ ثَمَرٌ وَقَدْ أُبِّرَ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ النَّخْلُ لَمْ يُؤَبَّرْ فَالثَّمَرُ لِلْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْحَائِطِ مُؤَبَّرًا أَوْ بَعْضُهُ لَمْ يُؤَبَّرْ كَانَ مَا أُبِّرَ مِنْهُ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الْمُؤَبَّرُ أَوْ غَيْرُهُ الْأَقَلَّ كَانَ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ مِنْهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمُؤَبَّرَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لِلْبَائِعِ وَالَّذِي لَمَّ يُؤَبَّرْ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لِلْمُبْتَاعِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُؤَبَّرُ أَوْ غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَجَازَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْمُشْتَرِي أُصُولَ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الثَّمَرَةَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا هُوَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يشترطها في صفقة هذه رواية بن الْقَاسِمِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَالِ العبد وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِيهَا لَا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَا الثَّوْرِيُّ وَلَا أَحْمَدُ وَلَا إِسْحَاقُ وَلَا أَبُو ثَوْرٍ وَلَا دَاوُدُ وَلَا الطبري وكذلك قال المغيرة وبن دينار وبن عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ مَتْرُوكَةٌ فِي النَّخْلِ إِلَى الْجُذَاذِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَعْقُولٌ إِذَا كَانَتِ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ أَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي تَرْكَهَا فِي شَجَرِهَا إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْجُذَاذَ وَالْقِطَافَ مِنَ الشَّجَرِ فَإِذَا كَانَ لَا يَصْلُحُ بِهَا إِلَّا السِّقَاءُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي تَخْلِيَةُ الْبَائِعِ وَمَا يَكْفِي مِنَ السَّقْيِ وَإِنَّمَا مِنَ الْمَاءِ مَا تَصْلُحُ بِهِ الثَّمَرَةُ مِمَّا لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا بَاعَ الرَّجُلُ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ ظَهَرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ قَلْعُهُ مِنْ شَجَرِ الْمُشْتَرِي وَمِنْ نَخْلِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ إِلَى الْجِذَاذِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ أُبِّرَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ إِذَا كَانَ قَدْ ظَهَرَ فِي النَّخْلِ فَإِنِ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ تَرْكَ الثَّمَرَةِ إِلَى الْجِذَاذِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ قَالَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا كَانَ صَلَاحُهَا لَمْ يَبْدُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إِنِ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ بَقَاءَهَا إِلَى جِذَاذِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا فَالْبَيْعُ وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ خَالَفَ الْكُوفِيُّونَ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ إِلَى قِيَاسٍ وَلَا قِيَاسَ مَعَ النص وَمِنْ حُجَّتِهِمُ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ حَتَّى تَنَاهَتْ وَصَارَتْ بَلَحًا أَوْ بُسْرًا وَبِيعَ النَّخْلُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَدْخُلُ فِيهِ قَالُوا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذِكْرِ التَّأْبِيرِ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ فَاعْتَبَرُوا ظُهُورَ الثَّمَرَةِ وَلَمْ يعرفوا بين المؤبر وغير المؤبر وقال بن أَبِي لَيْلَى سَوَاءٌ أُبِّرَ النَّخْلُ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ إِذَا بِيعَ أَصْلُهُ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَطَهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا كَسَعَفِ النَّخْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَشَدُّ خِلَافًا لِلْحَدِيثِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَنِ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أن يشترطه المشتري وبدو صلاحه عند بن الْقَاسِمِ أَنْ يَبْرُزَ وَيَظْهَرَ وَيَسْتَقِلَّ وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ وَالْبِذْرُ لَمْ يَنْبُتْ فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطٍ وَقَدْ رُوِيَ عن مالك أنه للبائع وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَمَنِ ابْتَاعَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ قَدْ أُلْقِحَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُلَقَّحْ فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أُلْقِحَ أَكْثَرُهُ كَانَ لِلْبَائِعِ كُلُّهُ دُونَ الْمُبْتَاعِ وَقَالَ وَلَقَاحُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ أَنْ يُحَبِّبَ وَيُسَنْبِلَ حَتَّى لَوْ يَبِينُ - حِينَئِذٍ - لَمْ يَكُنْ فَسَادًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 وَقَوْلُهُمْ فِي اشْتِرَاطِ نِصْفِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ نِصْفِ مَالِ الْعَبْدِ أَوْ بَعْضِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا |