مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا قَالَ أَبُو عمر فِي نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ
كَانَ لَا يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا قَالَ أَبُو عمر فِي نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا جَازَ بيعها في رؤوس الأشجار وإن لم تضرم وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وعكرمة - مولى بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُمَا قَالَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ في رؤوس النخل قبل أن تضرم حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو شَيْبَةَ دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الثَّمَرَ عَلَى رؤوس النخل قبل أن يضرمه أَنَّهُ كَرِهَهُ قَالَ يَحْيَى وَكَرِهَهُ عِكْرِمَةُ وَرَخَّصَ فيه سليمان بن يسار وقال بن الْمُبَارَكِ وَحَدَّثَنِي خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ - يَعْنِي مِثْلَ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بن حسان عن بن سِيرِينَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا يُرِيدُ حَتَّى تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ وَكَذَلِكَ جَعَلَ مَالِكٌ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ حديث بن عُمَرَ مُفَسِّرًا لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشْقِحَ أَوْ تَصْفَرَّ وَيُؤْكَلَ مِنْهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ حَتَّى تُزْهِيَ وَحَتَّى تَزْهُوَ يُقَالُ مِنْهُ زَهَتِ النَّخْلَةُ وَأَزْهَتْ إِذَا طَابَ ثَمَرُهَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ الْحَائِطُ كُلُّهُ إِذَا زَهَتْ مِنْهُ النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ وَكَانَ الطِّيبُ مُتَتَابِعًا وَأَمَّا سَائِرُ الثِّمَارِ مِنَ التِّينِ وَالْعِنَبِ وَالْفَوَاكِهِ كُلِّهَا فَلَا يُبَاعُ صِنْفٌ مِنْهَا حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُهُ وَيُؤْكَلَ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ الْعِنَبُ أَسُودَ فَجُنِيَ فَبَدَا فِيهِ السَّوَادُ وَظَهَرَ وَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ فَحَتَّى يَتَمَزَّجَ وَيَصْلُحَ لِلْأَكْلِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ فِي الشَّجَرِ بِطِيبِ الْبُكُورِ مِنْهُ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ زَيْتُونِ الْعَصِيرِ وَيَكُونَ طِيبُهُ مُتَتَابِعًا وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أَنْوَاعٌ مِنَ الثِّمَارِ فَلَا يُبَاعُ صِنْفٌ مِنْهَا بِطِيبِ غَيْرِهِ حَتَّى يَطِيبَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ أَوَّلُهُ فَيُبَاعَ ذَلِكَ الصِّنْفُ بِطِيبِ أَوَّلِهِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ وَأَجَازُوا بَيْعَ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى شَرْطِ الْقَطْعِ لَهَا مَكَانَهَا كَالْفَصِيلِ وَالْبَقْلِ وَالْبَلَحِ وَالْبُسْرِ وَسَنُبَيِّنُ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى بَعْدُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لَا تُبَاعُ الثِّمَارُ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ فَالْمَعْنَى حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْجَائِحَةِ وَهَذَا فِي الْأَغْلَبِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا لِأَنَّ طُلُوعَ الثُّرَيَّا صَبَاحًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي زَمَانِ طِيبِ ثِمَارِ النَّخِيلِ وَبَعْدَ الْآفَةِ وَالْعَاهَةِ عليها في الأغلب من أمرها وروى بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن سراقة عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ قَالَ عُثْمَانُ فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَتَى ذَلِكَ فَقَالَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا وَقَدْ رَوَى عَسَلُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ)) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ طُلُوعُ الثُّرَيَّا صَبَاحًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرُبَّمَا يَكُونُ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً تَمْضِي مِنْ شَهْرِ أَيَارَ وَهُوَ ((مَايْ)) وَالنَّجْمُ الثُّرَيَّا لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِلْبَلَدِ يَجُوزُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْبِلَادَ الَّتِي فِيهَا النَّخْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْحِجَازَ خَاصَّةً وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَوْلِ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَفِي اسْتِعْمَالِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا كَانَا يبيعان ثمارهما قبل بدو صلاحها وأنهما كانا يَبِيعَانِ ثِمَارَهُمَا الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ وَالْأَعْوَامَ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ سَمِعَهُ يَقُولُ وَلِيتُ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَلِيَ يَتِيمًا فَكَانَ يَبِيعُ مَالَهُ سِنِينَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَاعَ مَالَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال نهيت بن الزُّبَيْرِ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ مُعَاوَمَةً يَعْنِي سَنَتَيْنِ وثلاثا وأكثر وما روي عن عمر وبن الزبير فلا يعلم أحدا مِنَ الْعُلَمَاءِ تَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ نَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَبَعْدَ خَلْقِهَا فَمَا ظَنَّكَ بِبَيْعِ مَا لم يخلق منها وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُعَاوَمَةِ وَعَنْ بَيْعِ مَا لم يخلق منها وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ ويحتمل أن يكون بيع عمر وبن الزُّبَيْرِ لِلثِّمَارِ سِنِينَ - إِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا - أن ذلك على أن كل سنة منها عَلَى حِدَتِهَا فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَمَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَهَبَا إِلَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَانَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ وسنذكر ذلك بعد فِي هَذَا الْبَابِ بِعَوْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قيس عن سليمان بن عتيق عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُعَاوَمَةِ وَقَالَ أَيُّوبٌ وَقَالَ أَحَدُهُمَا عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَأَمَّا السَّلَمُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ بالصفة المعلومة فجائز عاما وأعواما لحديث بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عن أبي المنهال عن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحَادِيثَ هَذَا الْبَابِ بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَّصِلَةِ كُلِّهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كان بن عَبَّاسٍ يَبِيعُ مِنْ غِلْمَانِهِ النَّخْلَ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَابِرٌ أَفَعَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخيل سِنِينَ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ رِبًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْسَانِ لَيْسَ بِنَهْيِ وُجُوبٍ وَتَحْرِيمٍ فَأَجَازُوا بَيْعَهَا إِذَا خَلَقَتْ وَظَهَرَتْ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ((مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)) قَالُوا فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتِرَاطَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْأَبَارِ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي صَفْقَةِ بَيْعِ أُصُولِهَا فَلَمْ يَجْعَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَعًا لَهَا فَيُدْخِلْهَا فِي الصَّفْقَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَ أنها في حين تبع الْأُصُولِ لِلْبَائِعِ وَأَجَازَ الْمُشْتَرِي اشْتِرَاطَهَا فِي صَفْقَةٍ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّفْقَةِ إِلَّا بِالِاشْتِرَاطِ جَازِ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْأَبَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الزِّنَادِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَايَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ قَاضِيَهُمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ قَدْ أَصَابَ الثَّمَرَةَ الدُّمَانُ وَأَصَابَهُ قُشَامٌ وَمُرَاضٌ عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا فَلَمَّا كَثُرَتْ خُصُومَتُهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا عَلَيْهِمْ ((أَمَّا لَا فَلَا تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ)) لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَجِيءُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ لَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث بن عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهكم عَنْهُ فَانْتَهُوا) الْحَشْرِ 7 وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ سمعت بن عَبَّاسٍ يَقُولُ لَا يُبَاعُ الثَّمَرُ حَتَّى يُطْعَمَ وَجُمْلَةُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا إِذَا ظَهَرَتْ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَاسْتَبَانَتْ سَوَاءٌ أُبِّرَ النَّخْلُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ وَعَلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمْ أَنْ يَجُذَّهَا وَيَقْطَعَهَا وَلَا يَتْرُكَهَا عَلَى أُصُولِ الْبَائِعِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ قَطْعَهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَرْكَهَا إِلَى جِذَاذِهَا فَإِنِ ابْتَاعَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَاشْتَرَطَ تَرْكَهَا إِلَى الْجِذَاذِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ قَالَا الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ فَاسِدٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ صَلَاحُهَا لَمْ يَبْدُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا وَاحْمَرَّتْ أَوِ اصْفَرَّتْ وَتَنَاهَى عَظْمُهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سعد وسفيان الثوري والأوزاعي وبن أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يَجُوزُ إِنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ عَلَى الْقَطْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا جَازَ وَكَذَلِكَ الْفَصِيلُ وَالْفَوَاكِهُ كُلُّهَا جَائِزٌ عِنْدَهُمْ بَيْعُهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مَكَانَهَا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْقَطْعَ مَكَانَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فُسِخَ وَأَخَذَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ ثَمَرَتَهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ جَذَّهَا رَدَّهَا إِلَى الْبَائِعِ وَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدِهِ غُرِّمَ مَكِيلَتَهَا وَإِنْ أَخَذَهَا رُطَبًا غُرِّمَ قِيمَتُهَا وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُجِيزُونَ بَيْعَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْقَطْعَ مَا لَمْ يَشْتَرِطِ التَّرْكَ لَهَا إِلَى الْجِذَاذِ وَيُؤَخِّرُ لِقَطْعِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنِ اشْتَرَطَ التَّرْكَ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَانَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَاللَّيْثِ مَنِ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ بَعْدَ بُدُوِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 صَلَاحِهَا فَسَوَاءٌ شَرَطَ تَبْقِيَتَهَا أَوْ تَرْكَهَا إِلَى الْجِذَاذِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى الْبَائِعِ سَقْيُ الثَّمَرِ حَتَّى يَتِمَّ جذاذة وقطافه وقد روي عن الثوري وبن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ اشْتَرَطَ قَطْعَهَا أَوْ لَمْ يِشْتَرِطْ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عَنْهُمَا أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُهَا عَلَى الْقَطْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَالْفَصِيلِ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا روى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ الْحَائِطُ وإن لم يره إِذَا أَزْهَى مَا حَوْلَهُ مِنَ الْحِيطَانِ وَكَانَ الزمان قد أمنت فيه العاهة قال بن الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا يَبِيعَهُ حَتَّى يُزْهِيَ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا أَرَاهُ حَرَامًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ صَحِيحٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنْ ذَهَابِ الْعَاهَةِ بِأَوَّلِ طُلُوعِ الثُّرَيَّا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَزْهَى حَائِطُهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَنْوَاعٌ مِنَ الثِّمَارِ كَالتِّينِ وَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ فَطَابَ أَوَّلُ جِنْسٍ مِنْهَا تَبِعَ ذَلِكَ وَجَذَّهُ وَلَمْ يَبِعْ مِنْهُ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَطِبْ شَيْءٌ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ((أَرَأَيْتَ إن منع الله الثمرة فيم يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ)) فَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ عَنِ الْمُشْتَرِي إِذَا أَصَابَتِ الثَّمَرَ جَائِحَةٌ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَضَاءِ بِوَضْعِهَا احْتَجَّ بحديث أنس هذا ومثله حديث بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ)) وَسَنَذْكُرُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ وَاخْتِلَافَهُمْ فِيهِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا مَعْنَى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها لأن بَيْعَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بيع الْغَرَرِ فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعِ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فِي الْأَغْلَبِ بِقَوْلِهِ مَعَ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ مَعْنَاهُ إِذَا بِعْتُمُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَمَنَعَهَا اللَّهُ كُنْتُمْ قَدْ رَكِبْتُمُ الْغَرَرَ وَأَخَذْتُمْ مَالَ الْمُبْتَاعِ بِالْبَاطِلِ فَلَا تَبِيعُوهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَلِمْتُمْ مِنَ الْغَرَرِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ حِينَئِذٍ مِنْ أَمْرِهَا السَّلَامَةُ فَإِنْ لِحَقَتْهَا جَائِحَهٌ فَهِيَ نَادِرَةٌ لَا حُكْمَ لَهَا وَكَانَتْ كَالدَّارِ تُبَاعُ فَتُهْدَمُ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ يَمُوتُ بِإِثْرِ قَبْضِ الْمُبْتَاعِ لَهُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُرُوضِ تَهْلِكُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُبْتَاعُ بِهَا قَالُوا كُلُّ مَنِ ابْتَاعَ ثَمَرَةً مِنْ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ فِي حَالٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهِ فَقَبَضَ ذَلِكَ بِمَا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَهُ فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَأَهْلَكَتْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ثَلَاثًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمُصِيبَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ ثُمَّ رَجَعَ بِمِصْرَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَشْهَرُ قَوْلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَضَعَّفَ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ)) وأمر بوضع الجوائح وقال كان بن عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُنَا بِهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَلَا يُذْكَرُ فِيهِ ((وَضْعُ الجوائح)) ثم ذكرها فيه بَعْدُ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ هُوَ فِيهِ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ فِيهِ يَعْنِي قَوْلَهُ وَأَمَرَ بوضع الجوائح واضطرب ولم يثبت فيه على شَيْءٌ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ لَمْ أَعْدُهُ قَالَ وَلَوْ كُنْتُ قَائِلًا بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ لَوَضَعْتُهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَمِمَّنْ لَمَّ يَقُلْ بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَيَأْتِي تَلْخِيصُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي جَوَائِحِ الثِّمَارِ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مَالِكٌ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ والخربز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 وَالْجَزَرِ إِنَّ بَيْعَهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ حَلَالٌ جَائِزٌ ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ وَيَهْلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ فَإِذَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعًا عَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ بِمَا رَسَمَهُ فِي كِتَابِ ((الْمُوَطَّأِ)) وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَإِذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهَا جَازَ بَيْعُ جَمِيعِهَا بِطِيبِ أَوَّلِهَا وَلَوْلَا طِيبُ أَوَّلِهَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا فَكَذَلِكَ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ فِي الْمَقَاثِي مِنَ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ يَكُونُ تَبَعًا لِمَا خُلِقَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا كَانَ مَا لَمْ يَطِبْ مِنَ الثَّمَرَةِ تَبَعًا لِمَا طَابَ وَحُكْمُ الْبَاذِنْجَانِ وَالْمَوْزِ وَالْيَاسَمِينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كُلَّهُ حُكْمُ الْمَقَاثِي عِنْدَهُمْ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ شَيْءٍ لَمْ يُخْلَقْ وَلَا بَيْعُ مَا خُلِقَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَبْضِهِ فِي حِينِ الْبَيْعِ وَلَا بَيْعُ مَا خُلِقَ وَقَدَرَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ كل معيب فِي الْأَرْضِ مِثْلِ الْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ وَلَيْسَ ذِكْرُ الْجَزَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَكْثَرِ ((الْمُوطَّآتِ)) لِأَنَّهُ بَابٌ آخَرُ نَذْكُرُهُ فِي بَابِ بيع الغائب والمعيب فِي الْأَرْضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَوْلُ الْكُوفِيِّينَ فِي بَيْعِ الْمَقَاثِي كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وهو قول أحمد وإسحاق لأنه بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ عِنْدَهُمْ وَبَيْعُ الْغَرَرِ |