مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مولى بن أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ يَشُكُّ دَاوُدُ قَالَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ (...) |
مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مولى بن أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ يَشُكُّ دَاوُدُ قَالَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ يتحرى ذلك ويخرص في رؤوس النَّخْلِ وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ لِأَنَّهُ أُنْزِلَ بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ مَا أَشْرَكَ أَحَدٌ أَحَدًا فِي طَعَامِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا أَقَالَهُ مِنْهُ وَلَا وَلَّاهُ أَحَدًا حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَالْعَرِيَّةُ مَعْنَاهَا عَطِيَّةُ ثَمَرِ النَّخْلِ دُونَ الرِّقَابِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 كَانَ الْعَرَبُ إِذَا دَهَمَتْهُمْ سَنَةٌ تَطَوَّعَ أَهْلُ النَّخْلِ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ لَا نَخْلَ لَهُ فَيُعْطِيهِ مِنْ ثَمَرِ نَخْلِهِ مَا سَمَحَتْ بِهِ نَفْسُهُ فَمِنْهُمُ الْمُقِلُّ وَمِنْهُمُ الْمُكْثِرُ وَالْمَصْدَرُ مِنْ ذَلِكَ ((الْإِعْرَاءُ)) وَهُوَ مِثْلُ الْإِقْفَارِ وَالْإِحْبَالِ وَالْمِنْحَةِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ أَصْحَابِنَا ((الْعُمْرَى)) وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْعُمْرَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْخَلِيلُ الْعَرِيَّةُ مِنَ النَّخْلِ الَّتِي تُعَرَّى عَنِ الْمُسَاوَمَةِ عِنْدَ بَيْعِ النَّخْلِ وَالْفِعْلِ ((الْإِعْرَاءُ)) وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَمَرَتَهَا لِمُحْتَاجٍ وَكَانَتِ العرب تمتدح بها قال بعض شعراء الأنصار يَصِفُ نَخْلَةً لَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ وَلَا رَجَبِيَّةٍ وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْمَوَاحِلِ وَالسَّنْهَاءُ مِنَ النَّخْلِ الَّتِي تَحْمِلُ سَنَةً وَتَحُولُ سَنَةً وَالرَّجَبِيَّةُ الَّتِي تَمِيلُ بِضَعْفِهَا فَتُدَعَّمُ مِنْ تَحْتِهَا وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ فَمَدَحَ الشَّاعِرُ نَخْلَةً بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَمَّا مَعْنَى الْعَرِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا أَصِفُهُ لَكَ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمِنْ ذلك أن بن وَهْبٍ رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قال العرية الرجل يُعْرِي الرَّجُلُ النَّخْلَةَ أَوِ النَّخَلَاتِ يُسَمِّيهَا لَهُ مِنْ مَالِهِ لِيَأْكُلَهَا فَيَبِيعُهَا بِتَمْرٍ قَالَ لَمْ يَقُلْ يَبِيعُهَا مِنَ الْمُعْرَى وَلَا خَصَّ أَحَدًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قال حدثني هناد عن عبدة عن بن إِسْحَاقَ قَالَ الْعَرَايَا أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخَلَاتِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا فَيَبِيعُهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ فِيهِ الِاقْتِضَاءُ عَلَى الْمُعْرِي فِي الْبَيْعِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا وَجَعَلُوا الرُّخْصَةَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا يَبِيعُهَا الْمُعْرِي مِمَّنْ شَاءَ رِفْقًا بِهِ وَرُخْصَةً لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أُرْخِصَ في العرايا النخلة والنخلتين تُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالُوا فَقَدْ أَطْلَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْمُعْرِي وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ قُصِدَ بِهَا الْمُعْرِي الْمِسْكِينُ لِحَاجَتِهِ قَالُوا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ الْمُعْرَى قَدْ مَلَكَ مَا قَدْ وُهِبَ لَهُ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ المعري ومن غيره إذ أَرْخَصَتْ لَهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ وَخَصَّتْهُ مِنْ معنى المزابنة في لمقدار الْمَذْكُورِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا فَقَالَ أَنَا لَا أَقُولُ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَقُولُ إِنَّ الْعَرَايَا أَنْ يُعَرِيَ الرَّجُلُ جَارَهُ أَوْ قَرَابَتَهُ لِلْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ فَإِذَا أَعْرَاهُ إِيَّاهَا فَلِلْمُعْرَى أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ شَاءَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَأَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا فَرَخَّصَ فِي شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ فَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ أَنْ تُبَاعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَيَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ يَقُولُ يَبِيعُهَا مِنَ الَّذِي أَعْرَاهَا وَلَيْسَ هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدِي بَلْ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ قَالَ وكذلك فسره لي بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَثْرَمُ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ العرية فيها معنيان لا يجوزان في غيرها منها أنها رُطَبٌ بِتَمْرٍ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَفِيهَا أَنَّهَا تَمْرٌ بِثَمَرٍ يُعْلَمُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 كَيْلُ التَّمْرِ وَلَا يُعْلَمُ كَيْلُ الثَّمَرِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْعَرِيَّةِ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَإِذَا بَاعَ الْمُعْرَى الْعَرِيَّةَ أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ التَّمْرَ السَّاعَةَ أَوْ عِنْدَ الْجِذَاذِ قَالَ بَلْ يَأْخُذُهُ السَّاعَةَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ مَالِكًا يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ التَّمْرَ السَّاعَةَ حَتَّى يَجُذَّ قَالَ بَلْ يَأْخُذُهُ السَّاعَةَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَمَعْنَى الْعَرَايَا عِنْدَهُ إِبَاحَةُ بَيْعِ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ وَجَعَلَ هَذَا الْمِقْدَارِ مَخْصُوصًا مِنَ الْمُزَابَنَةِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ خَاصَّةً قَالَ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْعَرِيَّةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْأَغْلَبَ فِي الْعَرَايَا أَلَّا تَبْلُغَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ عَطَايَاهُمْ فِي الْجَارِ وَالْقَرِيبِ وَلِلْحَاجَةِ فَقَدْ دَخَلَ فِي تِلْكَ الرُّخْصَةِ كُلُّ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ ممن شاء من ثمن من الْعَرَايَا وَغَيْرِ الْعَرَايَا وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ رافع بن خديج وسهل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثني بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ - مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ - أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ التَّمْرِ بالتمر إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ جَائِزٌ بَيْعُ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ الرُّطَبِ بِالثَّمَرِ يَدًا بِيَدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِيمَنْ وُهِبَ لَهُ تَمْرُ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ أَوْ فِيمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ حَائِطِهِ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَالرُّخْصَةُ عِنْدَهُ إِنَّمَا وردت به في الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ فَخَرَجَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَهُوَ مُزَابَنَةٌ لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالثَّمَرِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْعَرَايَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا لَا مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مولى بن أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ خمسة أوسق - شك داود وحديث بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا وَحَدِيثُ سَهْلٍ وَنَافِعٍ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَالَ فِي حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ للعرية أن تباع بخرصها يأكلها أَهْلُهَا رُطَبًا قَالَ يَعْنِي يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا الَّذِينَ يَبْتَاعُونَهَا رُطَبًا وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَإِمَّا غَيْرُهُ مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ قَالَ فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلٌ مِنْ قُوتِهِمْ مِنَ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا العرايا بخرصها من التمر الذي بأيديهم يأكلونها رُطَبًا وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَرِيَّةِ إِذَا بِيعَتْ وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ قَالَ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَائِزٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ يَلْزَمُهُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِأَنَّهُ شَكَّ وَأَصْلُ بَيْعِ التمر في رؤوس النَّخْلِ بِالتَّمْرِ حَرَامٌ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ إِلَّا مَا اسْتُوْفِيَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ وَذَلِكَ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَالْعَرِيَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيمَا دُونَ النَّخْلَ وَالْعِنَبَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الْخَرْصَ فِي ثِمَارِهَا وَأَنَّهُ لَا حَائِلَ دُونَ الْإِحَاطَةِ بِهِمَا وَأَمَّا مَذْهَبُ مالك وأصحابه بالعرايا فروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَةَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ مَا عَاشَ فَإِذَا طَابَ الثَّمَرُ وَأَرْطَبَ قَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 صَاحِبُ النَّخْلِ أَمَا أَكْفِيكُمْ سَقْيَهَا وَضَمَانَهَا تَمْرًا عِنْدَ الْجِذَاذِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ مَعْرُوفَا كُلَّهُ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ قَالَ وَتَجُوزُ الْعَرِيَّةُ فِي كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ نَحْوَ الزَّبِيبِ وَالزَّيْتُونِ وَلَا أَرَى صَاحِبَ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا إِلَّا مِمَّنْ فِي الْحَائِطِ ممن له تمر يخرصه وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا حَتَّى يَحِلَّ بَيْعُهَا وَلَا يَجُوزَ بَعْدَ مَا حَلَّ بَيْعُهَا أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا إلا إلى الْجِذَاذَ قَالَ وَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فَلَا وَإِمَّا بِالطَّعَامِ فَلَا يَصْلُحُ أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَجُذَّ ما في رؤوسهما مَكَانَهُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ وَلَا بِتَمْرٍ نَقْدًا بِأَيْدِيهِمْ وَإِنْ جَذَّهَا فِي الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنَ الَّذِي أُعْرِيَهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَقْطَعَهَا وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا فَلَا يَجُوزُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا حَمَلَ مَالِكًا عَلَى أَنَّ يَقُولَ هَذَا كُلَّهُ فِي الْعَرِيَّةِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مَخْصُوصَةٌ بِنِسْبَتِهَا فَلَا يَتَعَدَّى بِهَا مَوْضِعَهَا وَالسُّنَّةُ عِنْدَهُ فِيهَا مَا أَدْرَكَ عَلَيْهِ أَهْلَ الْفَتْوَى بِبَلَدِهِ وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَرِيَّةَ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ فِي حَائِطِهِ مِقْدَارَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَمَا دُونَهَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنَ الْمُعْرَى عِنْدَ طِيبِ التَّمْرِ فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَ جِذَاذِ التَّمْرِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَإِنَّ عَجَّلَ لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ مِنْ حَائِطِهِ مَا شَاءَ وَلَكِنَّ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَمَا دُونَ وَلَا يَبِيعُهَا الْمُعْرَى بِمَا وَصَفْنَا إِلَّا مِنَ الْعُرُوضِ خَاصَّةً وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا إِلَّا عَلَى سُنَّةِ بَيْعِ الثِّمَارِ إِلَّا مِنَ الْمُعْرِي وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا إِلَّا عَلَى سُنَّةِ بَيْعِ الثِّمَارِ فِي غَيْرِ الْعَرَايَا فِي حُجَّةِ مَالِكٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ - مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ - قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَذَكَرَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ بَيْعِهَا مِمَّنْ كَانَ أعراها دون غيره لِأَنَّهُ لَا أَهْلَ لَهَا سِوَاهُمْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْعَرَايَا هِيَ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ الْمَسَاكِينَ يُمْنَحُونَ النَّخَلَاتِ فَتُرْطِبُ فِي الْيَوْمِ الْقَفِيزُ وَالْقَفِيزَانِ فَلَا يكون فيها مَا يَسَعُهُمْ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا ثَمَرَ نَخْلِهِمْ بِأَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ فَلَمْ يُقْصِرْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَى بَيْعِهَا مِنَ الْمُعْرِي قَالَ وَسَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الْعَرِيَّةِ وَالْوَطِيَّةِ وَالْأَكْلَةِ قَالَ الْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ يَمْنَحُهَا الرَّجُلُ أَخَاهُ وَالْوَطِيَّةُ مَا يَطَأُهُ النَّاسُ وَالْأَكْلَةُ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ لِلرَّجُلِ فِي حَائِطٍ لِغَيْرِهِ وَالْعَادَةُ فِي الْمَدِينَةِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بِأَهْلِيهِمْ فِي وَقْتِ الثِّمَارِ إِلَى حَوَائِطِهِمْ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكَ خَرْصَ نَخْلَتِكَ تَمْرًا فَأُرْخِصَ لَهُمَا ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالَفَةٌ لِأَصْلِ مَالِكٍ فِي الْعَرِيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَهُ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هِيَ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ نَخَلَاتٍ مِنْ حَائِطِهِ ثُمَّ يُرِيدُ شِرَاءَهَا مِنْهُ فَأُرْخِصَ لَهُ فِي ذَلِكَ دون غيره ورواية بن نَافِعٍ هَذِهِ نَحْوُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَرِيَّةِ وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي نَخْلَةٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ لِآخَرَ لَهُ أَصْلُهَا فَأَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أن يشتريها منه بعد ما أَزْهَتْ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْجِذَاذِ فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْكِفَايَةَ لِصَاحِبِهِ وَالرِّفْقَ بِهِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا ذَلِكَ لِدُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ وَضَرَرِ ذَلِكَ عليه فلا خير فيه قال بن الْقَاسِمِ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْعَرِيَّةِ قَالَ أَبُو عمر رواية بن القاسم هذه تضارع رواية بن نافع ولكن بن الْقَاسِمِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْعَرِيَّةِ يُرِيدُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْعَرِيَّةِ بِمَا يَرُدُّ سُنَّتَهَا وَيُبْطِلُ حُكْمَهَا وَأَخْرَجُوهَا مِنْ بَابِ الْبَيْعِ ولم يجعلوها مستثناه من المزابنة وروى بن سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْعَرِيَّةُ هِيَ النَّخْلَةُ يَهَبُ صَاحِبُهَا ثَمَرَهَا لِرَجُلٍ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي أَخْذِهَا فَلَا يَفْعَلُ حَتَّى يَبْدُوَ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُعَوِّضَهُ مِنْهُ خَرْصَهُ تَمْرًا فَأُبِيحَ ذَلِكَ لَهُ وَرُخِّصَ لِأَنَّ الْمُعْرِيَ لَمْ يَكُنْ مَلَّكَهُ أَوْ مَلَكَهُ وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ لِلْمُعْرِي أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا بَدَلًا مِنْ رُطَبٍ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الرُّخْصَةُ فِيهِ لِلْمُعْرِي لِأَنَّهُ كَانَ مُخْلِفًا لِوَعْدِهِ فَرُخِّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأُخْرِجَ مِنْ إِخْلَافِ الْوَعْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا قاله الكوفيون يرده حديث بْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا مِنْ رِوَايَةِ مالك وغيره عن نافع عن بن عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ الزهري عن سالم عن بن عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |