مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عن

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عن
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا)) فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ
الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ
وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ
بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا))
هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ عَبْدُ
الْمَجِيدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا عَامِلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْبَرَ الَّذِي جَاءَهُ بِالتَّمْرِ الْجَنِيبِ
الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ هَذَا وَحَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَيْضًا فَهُوَ
سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ الْبَلَوِيُّ الْأَنْصَارِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ ممن شهد بَدْرًا
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ
رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبَا
هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَوَّارَ بْنَ غَزِيَّةَ أَخَا بَنِي
عَدِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَمَّرَهُ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا)) فَقَالَ لَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ
مَالِكٍ هَذَا سَوَاءً
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ التَّمْرَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ رَدِيئُهُ وَجَيِّدُهُ
وَرَفِيعُهُ وَوَضِيعُهُ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ
ويدخل في معنى التمر جميع الطعام لا يَجُوزُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ
الزِّيَادَةُ وَلَا النَّسِيئَةُ فَإِنْ كَانَ جِنْسَيْنِ وَصِنْفَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّشْبِيهُ
وَجَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ
فَهَذَا حُكْمُ الطَّعَامِ الْمُقْتَاتُ الْمُدَّخَرُ كُلُّهُ عِنْدَ مَالِكٍ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالطَّعَامُ كُلُّهُ مُقْتَاتٌ وَغَيْرُ مُقْتَاتٍ مُدَّخَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُدَّخَرٍ عِنْدَهُ لَا
يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا نَسِيئَةً
وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ الطَّعَامُ الْمَكِيلِ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ الْمَوْزُونُ عِنْدَهُمْ وَسَنُبَيِّنُ مَذَاهِبَهُمْ فِي
مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ يَدْخُلُهُ الرِّبَا مِنْ وَجْهَيْنِ لَا يَجُوزُ
بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً إِلَّا أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَصْلِهِ
الْمَذْكُورِ فِي الِاقْتِيَاتِ وَغَيْرِهِ وَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَغَيْرِهِمَا
وَالْجِنْسُ الْوَاحِدُ مِنَ الطَّعَامِ كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا
نَسِيئَةً
وَكَذَلِكَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ ذَهَبًا بِوَرِقٍ جَازَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدٍ
وَلَا تَحِلُّ فِيهِمَا النَّسِيئَةُ
وَهَكَذَا الطَّعَامُ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي أَصْنَافِهِ فِي مَوْضِعِهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْرِيمِ الشَّيْءِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَابُ
مِمَّا يُعْذَرُ الْإِنْسَانُ بِجَهْلِهِ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الْإِسْرَاءِ 15
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا
يَتَّقُونَ) التَّوْبَةِ 115
وَالْبَيْعُ إِذَا وَقَعَ مُحَرَّمًا فَهُوَ مَفْسُوخٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ جَهِلَهُ فَاعِلُهُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ))
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَدِّ هَذَا الْبَيْعِ مِنْ حَدِيثِ بِلَالِ
بْنِ رَبَاحٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَيْضًا
وَرَوَى مَنْصُورٌ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ بِلَالٍ قَالَ
كَانَ عِنْدِي تَمْرٌ دُونٌ فَابْتَعْتُ أَجْوَدَ مِنْهُ فِي السُّوقِ بِنِصْفِ كَيْلِهِ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ وَأَتَيْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ((مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا)) فَحَدَّثْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فَقَالَ ((هَذَا
الرِّبَا بِعَيْنِهِ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَخُذْ تَمْرَكَ وبعه بحنطة أو شعير ثم اشتر مِنْ
هَذَا التَّمْرِ ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ)) فَفَعَلْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((التمر
بالتمر مثلا بمثل
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327
والحنطة بالحنطة مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ وَزْنًا بِوَزْنٍ
فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ رِبًا فَإِذَا اخْتَلَفَتْ فَخُذُوا وَاحِدًا بِعَشَرَةٍ))
وَفِي اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ إِذَا وَقَعَ بِالرِّبَا فَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى
أَنَّ بَيْعَ عَامِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ
الرِّبَا وَقَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّهْيِ عن التفاضل في
ذَلِكَ وَلِهَذَا سَأَلَهُ عَنْ فِعْلِهِ لِيُعْلِمَهُ بِمَا أَحَدَثَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ حُكْمِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ بِفَسْخِ
مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ إِلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدِ احْتَجَّ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَجَازَ أَنْ يَبَيْعَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ مِنْ رَجُلٍ بِالنَّقْدِ
وَيَبْتَاعَ مِنْهُ بِذَلِكَ النَّقْدِ طَعَامًا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ فِيهِ بَائِعَ الطَّعَامِ وَلَا
مُبْتَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ