قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى ثَمَرًا مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى أَوْ لَبَنًا مِنْ
غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ إِنَّهُ لا بأس بذلك إذا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلًا يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ
دَفْعِهِ الثَّمَنَ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى ثَمَرًا مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى أَوْ لَبَنًا مِنْ
غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ إِنَّهُ لا بأس بذلك إذا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلًا يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ
دَفْعِهِ الثَّمَنَ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ
وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ مِنْهَا فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ
فَذَهَبَ زَيْتُهَا فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلَّا ذَهَبُهُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ بَيْعُ عَيْنٍ لَا بَيْعُ صفة مضمونة في الذمة فإذا ذهبت الرواية
لم يكن له إِلَّا الثَّمَنُ الَّذِي دُفِعَ
وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ بَيْعَ عَيْنٍ مِنَ الْأَعْيَانِ فِي شَيْءٍ مِنَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336
الْبُيُوعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ يَنْظُرُ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ وَيَتَأَمَّلُهُ وَيُحِيطُ بِهِ نَظَرُهُ وَيَعْلَمُ مَا
تَقَعُ عَلَيْهِ صِفَتُهُ بِعَيْنِهِ
وَالْبَيْعُ عِنْدَهُ عَلَى نَوْعَيْنِ
أَحَدُهُمَا عَيْنٌ مَرْئِيَّةٌ يُحِيطُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا الْمُتَبَايِعَانِ
وَالْآخَرُ السَّلَمُ الْمَوْصُوفُ الْمَضْمُونُ فِي الذِّمَّةِ فَأَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ لَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي
لَزِمَتْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الصِّفَةِ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ
فِي ذَلِكَ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الصِّفَةِ فِي مَوْضِعِهِ بِمَا لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ مَنِ ابْتَاعَ تَمْرًا أَوْ لَبَنًا لَمْ يَرَهُ عَلَى صِفَةٍ ذُكِرَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْهُ
حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ فَيَخْتَارَهُ أَوْ يَرُدَّهُ
وَهَذَا عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْمَوْصُوفِ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِرًا يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حلب
والرطب يستجنى فيأخذ المتباع يَوْمًا بِيَوْمٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا اشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ بَعْدَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَقَدْ حُلِبَ
اللَّبَنُ وَجُنِيَ التَّمْرُ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ
بِحِسَابِ مَا بَقِيَ له أو يأخذ منه المشتري سلعة بما بَقِيَ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا وَلَا
يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا فَإِنْ فَارَقَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يدخله الدين بالدين وقد نهي عن
الكالىء بالكالىء فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَلَا نَظِرَةٌ
وَلَا يَصْلُحُ إِلَّا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ وَلَا يُسَمَّى
ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ وَلَا فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ إِنْ فَنِي اللَّبَنُ أَوِ الْفَاكِهَةُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى مِنْ
ذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ لَهُ فَلِأَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّاوِيَةِ مِنَ
الزَّيْتِ تَنْشَقُّ وَيَذْهَبُ زَيْتُهَا وَقَدْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ صَفْقَتَهُ مِنْ تِلْكَ
الرَّاوِيَةِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يَلْزَمُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَكَ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَمٍ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337
مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا وَصَفْنَا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ
الواجب له وإذا وجب له كان له أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ مَا شَاءَ مِنَ السِّلَعِ تَاجِرَا وَأَنْ أَخَذَهُ
دَخَلَهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ دين وجب له في ذمة الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ ثَمَنَ مَا لَمْ يُوفِ الْبَدَلُ
مِنْهُ فَإِنْ أَخَذَهُ بِمَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَانَ كَمَنْ قَدْ فَسَخَ دَيْنَهُ ذَلِكَ بِدَيْنٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ((وَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ)) إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ
الْمَبِيعَةَ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاطُ فِي قَبْضِهَا إِلَّا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْعَقَارِ
الْمَأْمُونِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْأَجَلُ فِي بَيْعِ الصِّفَاتِ الْمَضْمُومَاتِ وَهِيَ السَّلَمُ
الْمَعْلُومُ فِي صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ وَكِيلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا لَا يَجُوزُ
عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي حَائِطٍ مَعْلُومٍ بِعَيْنِهِ وَلَا فِي ثَمَنِ لَبَنٍ بِأَعْيَانِهَا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السَّلَمَ فِي حِنْطَةٍ فِدْيَةُ كَذَا مُعَيَّنَةً إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً لَا تَخْتَلِفُ
فِي الْأَغْلَبِ جَائِزٌ وَأَصْلُ مَذْهَبِهِ مَا فِي ((الْمُوَطَّأِ)) كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ
وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ مِنْ شَرَائِطِ الْمُسْلَمِ الَّذِي بِهِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَا أُسْلِمَ فِيهِ مِنَ
الطَّعَامِ يَقُولُ فِيهِ مِنْ حَصَادِ عَامِ كَذَا
وَأَنْكَرَهُ الْكُوفِيُّونَ وَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ سَلَمٍ فِي عَيْنٍ مَعْدُومَةٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ وَهُوَ غَيْرُ
جَائِزٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي قَلِيلِ جَوَازِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ بَيْعٌ وَلَا يُمْكِنُ
الْإِحَاطَةُ بِكُلِّ الْمَبِيعِ لَا ينظر وَلَا بِصِفَةٍ وَالْأَغْلَبُ فِي الْعَامِّ السَّلَامَةُ إِنْ يَكُنْ فِي تِلْكَ
كَانَ فِي آخَرَ وَيَأْتِي هَذَا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ مِنَ الْعَجْوَةِ
وَالْكَبِيسِ وَالْعَذْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ أَوِ النَّخَلَاتِ
يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ
الْعَجْوَةِ وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ وَمَكِيلَةُ
ثَمَرِهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ فَإِنَّ أَخْذَ الْعَجْوَةَ الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَتَرَكَ الَّتِي فِيهَا
عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلًا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ ثَمَرَ
نَخَلَاتٍ مَعْدُودَاتٍ مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنَاتٍ يَخْتَارُهَا مِنْ جَمِيعِ النَّخْلِ
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي أَلْوَانِ النَّخِيلِ وَلَا فِي الثِّيَابِ وَلَا فِي الْعَبِيدِ وَلَا في
شيء من الأشياء لأنه بَيْعٌ وَقَعَ عَلَى مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَبَايِعَانِ بعينه
ومعلوم أن الاختيار لا يكون إلا فِيمَا بَعْضُهُ خَيْرٌ مِنْ بَعْضٍ وَأَفْضَلُ وَلَمْ يَفْسَدِ الْبَيْعُ
فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ أَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا
وَذَكَرَ مَالِكٌ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ
مِنَ التَّمْرِ قَدْ صَبَرَ الْعَجْوَةَ فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشْرَةَ
آصُعٍ وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ دِينَارًا عَلَى أَنَّهُ
يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ
قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عِنْدَ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا قوله من العلماء في المسألة الأولى
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ غَنَمٍ فَيَبِيعُهَا أَوْ ثِيَابٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
وَاخْتَارَ ذَلِكَ مَالِكٌ
وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وبن الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ تَمْرَ نَخَلَاتٍ
يَخْتَارُهَا
فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ جائز رواه بن وهب وبن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ يَبِيعُهَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا غَنَمًا فَيَسْتَثْنِيَهَا لِنَفْسِهِ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَ فِيهَا بن القاسم أربعين يوما
فقال بن الْقَاسِمِ وَلَا يَعْنِي قَوْلَهُ هَذَا لِأَنَّ الْغَنَمَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا جَائِزٌ وَالتَّمْرُ لَا
يَجُوزُ فيه التفاضل
قال بن الْقَاسِمِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لِلْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِذَا بَاعَ
الْأُمَّ كَالْمُشْتَرِي له لا يجوز ذلك لها
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ تَمْرًا مِنْ نَخَلَاتٍ مَعْدُودَاتٍ يَخْتَارُهَا مِنْ
حائط بعينه
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ لَهَا مِنْ تَمْرِ الْحَائِطِ فَلَمْ يَجْعَلْهُ مَالِكٌ كَالْمُشْتَرِي لَهَا وَلَمْ
يَخْتَلِفُوا فِي الثِّيَابِ وَالْغَنَمِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْبَائِعِ لَهَا مِنْ حَائِطِهِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا عَدَدًا
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ - أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ فَلَا يُجِيزُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ
لِأَنَّ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى مَجْهُولٌ وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ مَاذَا لَهُ إِذَا
ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَالَ مَالِكٌ يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ
دِينَارِهِ إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلْثَيْ دِينَارٍ رُطَبًا أَخَذَ ثُلُثَ الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ
ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَبًا أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ
لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً سِوَى
التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ له فإن أخذ تمرا أو سلعة أخرى فَلَا يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ
ذَلِكَ مِنْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ إِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ عِنْدَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَتَهُ بِعَيْنِهَا أَوْ يُؤَاجِرَ غُلَامَهُ
الْخَيَّاطَ أَوِ النَّجَّارَ أَوِ الْعَمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ أَوْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ
ذَلِكَ الْغُلَامِ أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْكَنِ إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ
الرَّاحِلَةِ أَوْ إِجَارَةِ الْعَبْدِ أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ إِنْ
كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِي الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ
ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ
وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ فِي فَاكِهَةٍ فَانْقَضَى أَيَّامُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا أَسْلَمُ فيه منها
فذكر سحنون عن بن الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَمَرَّةً قَالَ يَصْبِرُ فِيمَا
بَقِيَ لَهُ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ
قال بن الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَاكِهَةِ
إِلَى قَابِلٍ أَخَّرَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ
وَقَالَ سُحْنُونٌ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا خِيَارٌ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ مُتَأَخِّرَةً إِلَى
قَابِلٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ خِيَارٌ لَكَانَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340
وَقَالَ أَشْهَبُ هُمَا مَجْبُورَانِ عَلَى الْفَسْخِ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا التَّأْخِيرُ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ مَنْ أَسْلَمَ فِي رُطَبٍ أَوْ عِنَبٍ فَنَفَدَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ بِالْبَلَدِ الَّذِي
سَلَّفَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ الْمُسَلِّفُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا بَقِيَ مِنْ سَلَفِهِ حِصَّتِهِ
أَوْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ إِلَى رُطَبِ قَابِلٍ
قَالَ وَقَدْ قِيلَ يَنْفَسِخُ بِحِصَّتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا انْفَسَخَ ارْتَفَعَ الْخِيَارُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا أَخْذُ رَأْسِ مَالِهِ أَوْ مَا بَقِيَ لَهُ
مِنْهُ بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يَقْبِضِ الْمُسْلِمُ السَّلَمَ حَتَّى فَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ
مِثْلُهُ فالمسلم بالخيار - إن شاء فسخ السلم وَاسْتَرْجَعَ رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ إِلَى
وُجُودِ مِثْلِهِ فَإِنَّ صَبْرَ إِلَى وُجُودِ مِثْلِهِ أَخَذَ الْمُسْلَمَ إِلَيْهِ بِهِ حِينَئِذٍ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا يُسْلِّفُ فِيهِ بِعَيْنِهِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ
الْمُسَلِّفُ مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ أَوِ
الْمَسْكَنَ أَوْ يَبْدَأُ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ لَا
يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلَا أَجَلٌ
قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلَانَةَ
أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مَنِ الزَّمَانِ أَوْ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ أَوِ
الْمَسْكَنِ فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ كَانَ إِنَّمَا يُسْلِفُهُ ذَهَبًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ
صَحِيحَةً لِذَلِكَ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّى لَهُ فَهِيَ لَهُ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ مِنْ
مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ وَكَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ أَوِ اسْتَكْرَى فَقَدْ خَرَجَ
مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ الَّذِي يُكْرَهُ وَأَخَذَ أَمْرًا مَعْلُومًا وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ
الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ فَيَقْبِضُهُمَا وَيَنْقُدُ أَثْمَانَهُمَا فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ أَخَذَ
ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ
وَلَمْ يَخَفْ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُدْخِلَ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ مَعْنَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341
لِأَنَّ ذَلِكَ كَالنَّادِرِ وَخَافَهُ فَيَمَنْ شَرَطَ النَّقْدَ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَلَمْ يُجِزْهُ
وَكَذَلِكَ فِي الْمُوَاضَعَةِ