قَالَ مَالِكٌ وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبَدًا بِعَيْنِهِ أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لَا يَصْلُحُ لَا هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى أَوِ اسْتَأْجَرَ وَلَا هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى (...) |
قَالَ مَالِكٌ وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبَدًا بِعَيْنِهِ أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ يَقْبِضُ
الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لَا يَصْلُحُ لَا هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى أَوِ اسْتَأْجَرَ وَلَا هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا التَّسْلِيفُ فِي صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يَسْتَكِيلُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ شَيْئًا مَوْصُوفًا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ السَّلَمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ رَجْعَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَقْبِضُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ في الرطب وما كان مثله أو كإجازة الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ أَنَّهُ كَالدَّينِ بِالدَّينِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِنَقْدٍ وَلَا يَشْرَعَ فِي قَبْضِ مَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ أَوْ قَبْضُ أَصْلِهِ الَّذِي إِلَيْهِ ذَهَبَ وَإِلَيْهِ يَقْصِدُ إِلَى شِرَاءِ مَنْفَعَتِهِ كَالْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدِ انْتَفَعَ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَأَنَّهُ أَيْضًا يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَلَا أَعْلَمَ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ عَيْنٍ مَرْئِيَّةٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ هَلَاكُهَا بِشَرْطِ تَأْخِيرِ قَبْضِهَا إِلَى أَجَلٍ لَا يُؤْمَنُ قَبْلَهُ ذَهَابُهَا لِأَنَّهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنْ شَرْطِ بَيْعِ الْأَعْيَانِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُبْتَاعِ بِأَثَرِ عَقْدِ الصَّفْقَةِ فِيهِ نَقْدًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ دَيْنًا إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَرَبِيعَةَ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَجَازُوا بَيْعَ الْجَارِيَةِ الْمُرْتَفِعَةِ عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ وَلَمْ يجيزوا فيها النَّقْدَ وَأَبَى ذَلِكَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ إِلَى مَا يَدْخُلُهُ مِنَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ - أَيْضًا مَا نذكره فيه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 كان بن الْقَاسِمِ لَا يُجِيزُ عَنْ أَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَرِيمِهِ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ثَمَرًا قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَلَا سُكْنَى دَارٍ وَلَا جَارِيَةً يَتَوَاضَعُ وَيَرَاهُ مِنْ بَابِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَكَانَ أَشْهَبُ يُجِيزُ ذَلِكَ وَيَقُولُ لَيْسَ هَذَا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ أَلَّا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنٍ إِلَّا مَا اعْتَرَفَ الدَّيْنُ طَرَفَيْهِ وَكَانَ الْأَبْهَرِيُّ يَقُولُ الْقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ إِذَا قَبَضَ فِي الدَّيْنِ مَا يُبَرِّئُهُ إِلَيْهِ غَرِيمُهُ مِمَّا يَقْبَضُ لَهُ مِثْلُهُ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَفِي ((المدونة)) قال مالك كان الناس يبتاعون اللَّحْمَ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ كُلَّ يَوْمٍ وَزْنًا مَعْلُومًا وَالثَّمَنُ إِلَى الْعَطَاءِ وَلَمْ يَرَ النَّاسُ بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ وَاللَّحْمُ وَكُلُّ مَا يَتَبَايَعَهُ النَّاسُ فِي الْأَسْوَاقِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّ كان الثَّمَنِ إِلَى أَجَلٍ وَلَمْ يَرَهُ مِنَ الدَّيْنِ بالدين وروى أبو زيد عن بن الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِيمَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْفَسَادُ إِذَا أَخَذَ جَمِيعَهُ مِثْلَ الْفَاكِهَةِ وَأَمَّا الْقَمْحُ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا تَبَايَعَا بَدَيْنٍ وَافْتَرَقَا وَلَمْ يَقْبِضِ الْمُبْتَاعُ جَمِيعَ مَا ابْتَاعَهُ فَهُوَ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي فَاكِهَةٍ فِي أَوَانِهَا وَلَبَنٍ فِي أَوَانِهِ أَوْ لَحْمٍ مَوْصُوفٍ أَوْ كِبَاشٍ مَوْصُوفَةٍ أَوْ أَرَادِبَ مِنْ قَمْحٍ مَعْلُومَةٍ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا كُلَّهُ عَلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي قَبْضِ مَا اشْتَرَى وَيَقْبِضَ فِي كُلِّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا وَلَا بَأْسَ عِنْدَهْ أَنْ يَتَأَخَّرَ النَّقْدُ فِيهِ إِلَى غَيْرِ الْأَجَلِ الْبَعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقَبْضِ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَمَا سَلَّفَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ لَمْ يُجِزْ أَنْ يَتَأَخَّرَ الثَّمَنُ |