قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنَ الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا أَوْ يَابِسِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وما كان منها مِمَّا يَيْبَسُ فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً تُدَّخَرُ (...) |
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنَ الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا أَوْ
يَابِسِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وما كان منها مِمَّا يَيْبَسُ فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً تُدَّخَرُ وَتُؤْكَلُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وَمِثْلًا بِمِثْلٍ إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 بأس بأن يُبَاعَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَصْلُحُ إِلَى أَجَلٍ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا لَا يَيْبَسُ وَلَا يُدَّخَرُ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْبًا كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْجَزَرِ وَالْأُتْرُجِّ وَالْمَوْزِ وَالرُّمَّانِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ وَيَكُونُ فَاكِهَةً قَالَ فَأَرَاهُ حَقِيقًا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا بَيْعُ الْفَاكِهَةِ رِطْبِهَا وَيَابِسِهَا فلا أعلم خلافا بعين فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ الِاسْتِيفَاءُ وَقَبْضُ الشَّيْءِ مِنْهَا أَنْ يَبْرَأَ الْبَائِعُ مِنْهُ إِلَى مُبْتَاعِهِ وَيُمَكِّنَهُ مِنْ قَبْضِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفي وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْقَوْلُ فِيهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يُدَّخَرُ مِنَ الْمَأْكُولِ وَمَا لَا يُدَّخَرُ طَعَامٌ كُلُّهُ فَوَاجِبٌ أَلَّا يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يُسْتَوْفَى وَأَمَّا التَّفَاضُلُ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ إِذَا كَانَ يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ فِي الْأَغْلَبِ فَإِنَّ الرِّبَا فِيهَا يَدْخُلُهُ إِذَا كَانَ وَاحِدًا مِنْ وَجْهَيْنِ وَهُمَا التَّفَاضُلُ وَالنَّسِيئَةُ فَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا رِبَا فِيهِمَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ وَجَائِزٌ بَيْعُ بَعْضِ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَأَمَّا مَا لَا يَيْبَسُ وَلَا يُدَّخَرُ مِثْلَ التُّفَّاحِ وَالْإِجَّاصِ وَالْكُمِّثْرَى وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْمَوْزِ وَالْبِطِّيخِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ جِنْسًا وَاحِدًا كَانَ أَوْ جِنْسَيْنِ وَالْجِنْسُ هُوَ الصِّنْفُ عِنْدَهُمْ فَالرُّمَّانُ صِنْفٌ غَيْرُ التُّفَّاحِ وَالتُّفَّاحُ صِنْفٌ غَيْرُ الْخَوْخِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 وَأَصْلُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ مَا نَقَلَتْهُ الْكَافَّةُ وَرَوَتْهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ نَقْلِ الْعُدُولِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((الذَّهَبُ بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَبَيْعُ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ)) فَلَمْ يَذْكُرْ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا مَا يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ وَحَرَّمَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ التَّفَاضُلَ وَالنَّسِيئَةَ مَعًا وَفِي الْجِنْسِ حَرَّمَ النَّسِيئَةَ فَقَطْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالْمَأْكُولُ كُلُّهُ وَالْمَشْرُوبُ كُلُّهُ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ وَصِنْفِهِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ رُمَّانَةٌ بِرُمَّانَتَيْنِ وَلَا تُفَّاحَةٌ بِتُفَّاحَتَيْنِ وَلَا بِطِّيخَةٌ بِبِطِّيخَتَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَيَدْخُلُهُ الرِّبَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِي الْوَجْهَيْنِ النَّسِيئَةِ وَالتَّفَاضُلِ عَلَى حَسَبِ مَا هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا يُدَّخَرُ مِنَ الطَّعَامِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَا مُتَفَاضِلَيْنِ يَدًا بَيْدٍ وَالطَّعَامُ الْمُدَّخَرُ وَغَيْرُ الْمُدَّخَرِ وَالْمُقْتَاتُ وَغَيْرُ الْمُقْتَاتِ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ إِنْ كَانَ يُوزَنُ أَوْ كَيْلِهِ إِنْ كَانَ يُكَالُ وَفِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَ التَّفَاضُلُ دُونَ النَّسِيئَةِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يُدَّخَرُ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْبَيْضِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدٍ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْبِيضَ مِمَّا يُدَّخَرُ لَا يَجُوزُ مِنْهُ وَاحِدَةٌ بِاثْنَتَيْنِ وَأَجَازَ بَيْعَ الصَّغِيرِ بِالْكَبِيرِ مِنْهُ وَقَالَ فِي بَيْضِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ وَبَيْضِ النَّعَامِ إِذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلًا بِمِثْلٍ جَازَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَالْجِنْسُ عِنْدَهُمْ بِانْفِرَادِهِ تَحْرُمُ فِيهِ النسيئة وكذلك الكيل والوزن كل واحد منهما بِانْفِرَادِهِ تَحْرُمُ فِيهِ النَّسِيئَةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 وَأَمَّا التَّفَاضُلُ فَلَا يَحْرُمُ إِلَّا بِإِجْمَاعِ الْجِنْسِ وَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْعُصْفُرُ بِالْعُصْفُرِ وَلَا الْقُطْنُ بِالْقُطْنِ وَلَا الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ كَالْمَأْكُولِ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ دُونَ النَّسِيئَةِ كَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَرُوِيَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ جِدًّا أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ أَلَّا يُبَاعَ صِنْفٌ مِنْهُ بِصِنْفٍ آخَرَ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا رِبَا فِيهِ إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ بَيْعَ تَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ وَبَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ وَجَوْزَةٍ بِجَوْزَتَيْنِ إِذَا كَانَتْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ قَدْ خَرَجَ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الْبَيْضَةِ بِالْبَيْضَتَيْنِ وَالْجَوْزَةِ بِالْجَوْزَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَجُوزُ تَمْرَةٌ بِتَمْرَتَيْنِ وَلَا بِتَمْرَةٍ أَكْبَرَ مِنْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّمْرِ تَحْرِيمُ التَّفَاضُلِ وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِأَنَّ مُسْتَهْلِكَ التَّمْرَةِ وَالتَّمْرَتَيْنِ يَلْزَمُهُ فِيهَا الْقِيمَةُ دُونَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا مَكِيلَ وَلَا مَوْزُونَ لِأَنَّ أَصْلَهُ الْكَيْلُ وَلَا يُدْرَكُ بِالْكَيْلِ وَلَا يُصْرَفُ الْمَكِيلُ عِنْدَهُمْ إلى الوزن وقال بن أَبِي لَيْلَى لَا يَجُوزُ رِطْلُ سَمَكٍ بِرِطْلَيْنِ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ لَا أَنْظُرُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُشْرَبُ وَلَا ينظر إلى ما يؤكل ويشرب إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَأْخُذُهُ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَإِنَّمَا الرِّبَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ عَلَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً وَهَذَا كَانَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِبَغْدَادَ ثُمَّ ضَمَّ بِمِصْرَ إِلَى مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُوزَنُ وَلَا يُكَالُ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الطعام بالطعام إلى مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ وَالْبُرُّ بِالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ إِلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ)) وَسَنَذْكُرُ الْحَدِيثَ فِي ذلك في باب بِيعَ الطَّعَامِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ لَا رِبَا إِلَّا فِي كَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْقِيفٌ لَا رُؤْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ |