مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَطْعُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَقَالَا فِيهِ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا فِي كَسْرِهِ ضَرَرٌ لَمْ (...) |
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَطْعُ الذَّهَبِ
وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَقَالَا فِيهِ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا فِي كَسْرِهِ ضَرَرٌ لَمْ أَقْسِمْهُ فَإِنْ رَضِيَا بِكَسْرِهِ قَسَمْتُهُ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَجِيءُ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَإِسْنَادُهُ فِيهِ لِينٌ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حدثني قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فَضَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلْقَمَةَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِ الله عز وجل (قالوا يشعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد اباءونا أو أن نفعل في أمولنا) هُودٍ 87 قَالَ كَانَ ذَلِكَ قَطْعُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وروى بن القاسم وبن وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قطع الدنانير والدراهم فقرأ (قالوا يا شعيب أصلوتك تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أن نفعل في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 أمولنا ما نشؤا) هُودٍ 87 يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ يُرَادُ بِهَا نَهْيُ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْمَهُ عَنْ قَطْعِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَفِيهِ الْعُقُوبَةُ مِنَ السُّلْطَانِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تعالى (أو أن نفعل في أمولنا ما نشؤا) هُودٍ 87 قَالَ الزَّكَاةُ وَعَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ النَّعْشُ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) النَّمْلِ 48 قَالَ كَانُوا يَقْرِضُونَ الدَّرَاهِمَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ وَجَدَ رَجُلًا يَقْرِضُ الدَّرَاهِمَ فَقَطَعَ يَدَهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ جِزَافًا إِذَا كَانَ تِبْرًا أَوْ حُلِيًّا قَدْ صِيغَ فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الْمَعْدُودَةُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَعْدُودَةُ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جِزَافًا حَتَّى يَعْلَمَ وَيَعُدَّ فَإِنِ اشْتَرَى ذَلِكَ جِزَافًا فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ حِينَ يَتْرُكُ عَدَّهُ وَيَشْتَرِي جِزَافًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا مَا كَانَ يُوزَنُ مِنَ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ جِزَافًا وَإِنَّمَا ابْتِيَاعُ ذَلِكَ جِزَافًا كَهَيْئَةِ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْأَطْعِمَةِ الَّتِي تُبَاعُ جِزَافًا وَمِثْلُهَا يُكَالُ فَلَيْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ جِزَافًا بَأْسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجَازَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ جِزَافًا عَيْنًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ تِبْرًا دَرَاهِمَ كَانَتْ أَوْ دَنَانِيرَ وَالْمَصُوغُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا حَلَالٌ جَائِزٌ وَإِذَا جَازَ الدِّينَارُ بِأَضْعَافِهِ دَرَاهِمَ جَازَ الْجِزَافُ فِي ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ كَمَا يَجُوزُ الْقَصْدُ إِلَى الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُمَا يَدًا بِيَدٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَدَاوُدُ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ قِمَارًا وَلَا غَرَرًا وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنِ التِّبْرَ وَالْحُلِيَّ تُبَاعُ جُزَافًا كَمَا تُبَاعُ الْحِنْطَةُ وَالتَّمْرُ فَهَذَا عِنْدَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ وَزْنَ الْحُلِيِّ وَالتِّبْرِ وَلَا وَزْنَ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ فَإِنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 عَلِمَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْمُبْتَاعُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ إِلَّا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا دُلِّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وطائفة وأما (الشافعي و) أبو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَدَاوُدُ فَذَلِكَ عِنْدَهُمْ جَائِزٌ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا فِي مَوْضِعِهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى مُصْحَفًا أَوْ سَيْفًا أَوْ خَاتَمًا وَفِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنَّ مَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ الذَّهَبُ بِدَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ الثُّلُثَ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَكُونُ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَرِقِ مِمَّا فِيهِ الْوَرِقُ نُظِرَ إِلَى قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَرِقِ الثُّلُثَ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ بَعْضُهُ أَكْثَرُ مِمَّا فِيهِ مِنَ الْفِضَّةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا وَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَقْبِضَ حِصَّةَ الْفِضَّةِ فِي الْمَجْلِسِ وَيَقْبِضَ السَّيْفَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا كَانَ الفضل من النصل وكانت الحية تَبَعًا جَازَ شِرَاؤُهُ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ فِيهِ حِلْيَةُ فِضَّةٍ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بِشَيْءٍ مِنَ الْفِضَّةِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا وَالْمُفَاضَلَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِي الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لَا يُوقَفُ مِنْهَا (فِي السَّيْفِ) وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْهُ مَجْهُولٌ بِمَجْهُولٍ (أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ شَيْءٌ مِنْهُ مَجْهُولٌ بِمَجْهُولٍ) أَوْ مَعْلُومٌ (بِمَجْهُولٍ) لَمْ يَجُزِ السَّيْفُ الْمُحَلَّى وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ فِضَّةٍ إِنْ كَانَتِ الْحِلْيَةُ فِضَّةً بِحَالٍ وَلَا بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ وَالثُّلُثُ وَأَقَلُّ مِنْهُ وَأَكْثَرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِفِضَّةٍ يُبَاعُ بِفِضَّةٍ إِلَى أَجَلٍ وَالْحِلْيَةُ الثُّلُثُ فَدُونَ أَوْ سَيْفٌ مُحَلًّى بِذَهَبٍ يَبْتَاعُ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ يُبَاعُ بِأَحَدِهِمَا إِلَى أَجَلٍ ففي ((المدونة)) قال بن الْقَاسِمِ نَزَلَتْ بِمَالِكٍ فَلَمْ يُرِدِ الْبَيْعَ قَالَ بن القاسم وأنا أَرَى أَنْ يُرَدَّ فَإِنْ فَاتَ مَضَى لِأَنَّ رَبِيعَةَ يُجِيزُ بَيْعَهُ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ (قَالَ بن القاسم وعليه القيمة إن فات وذكر بن المواز عن بن القاسم لا يجوز إلى أجل أو يفسخ) قال وقاله (لي) مالك وبه قال (بن) المواز و (به) قَالَ أَشْهَبُ وَأَنَا أَكْرَهُ ذَلِكَ (بَدْءًا) فَإِنْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ لِأَنَّ (الْحِلْيَةَ) (إِذَا كَانَتْ تَبَعًا فَإِنَّمَا هِيَ كَالْعَرَضِ فَأَنَا أَفْسَخُ ذَلِكَ) إِذَا كَانَتْ لَيْسَتْ بِتَبَعٍ وَفِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) لِابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَتِ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ النَّصْلِ قَالَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَإِنْ فَاتَ عَنِ السَّيْفِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِنَ الذَّهَبِ وَقَالَ سُحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ النَّصْلِ مُجَرَّدًا أَوْ يَرُدُّ وَزْنَ الْفِضَّةِ وَرَوَى عِيسَى بْنُ مَسْكُونٍ عَنْ سُحْنُونٍ قَالَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ رِبًا إِلَّا أَنْ تَفُوتَ الْعَيْنُ فَيَكُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ النَّصْلِ (وَالْحَفْزِ دُونَ الْفِضَّةِ |