مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أَنَّهُ الْتَمَسَ
صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى

اصْطَرَفَ مِنِّي وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَنِي خَازِنِي مِنَ (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أَنَّهُ الْتَمَسَ
صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361
اصْطَرَفَ مِنِّي وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَنِي خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ
وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهُ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا
إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ جَعَلَ الْبُرُّ صِنْفًا غَيْرَ
الشَّعِيرِ لِأَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ كَمَا فَصَلَ بَيْنَ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ بِوَاوٍ فَاصِلَةٍ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْبُرِّ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالِي
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى
بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنِي بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ
بْنَ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا
كَانَ نَسِيئَةً فَهُوَ رِبًا))
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثني بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ
قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ
عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنِ
الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ نَسْئًا
قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَيُّوبَ
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الذَّهَبِ
بِالْفِضَّةِ نَسْئًا
وَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسِيئَةُ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ
وَكَذَلِكَ حُكْمُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الطَّعَامِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَاءَ وَهَاءَ وَمَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ فِي الْبَابِ
قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ عُمَرَ وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ
قَالَ مَالِكٌ إِذَا اصْطَرَفَ الرَّجُلُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَمًا زَائِفًا فأراد
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362
رَدَّهُ انْتَقَضَ صَرْفُ الدِّينَارِ وَرَدَّ إِلَيْهِ وَرِقَهُ وَأَخَذَ إِلَيْهِ دِينَارَهُ وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ)) وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ وَهُوَ إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ
دِرْهَمًا مِنْ صَرْفٍ بَعْدَ أَنْ يُفَارِقَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ أَوِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْخِرِ فَلِذَلِكَ كُرِهَ
ذَلِكَ وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ لَا يُبَاعَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ
وَالطَّعَامُ كُلُّهُ عَاجِلًا بِآجِلٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلَا نَظِرَةٌ
وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ مُخْتَلِفَةً أَصْنَافُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دِينَارٌ بِعَشَرَةِ
دَرَاهِمَ ثُمَّ وَجَدَ دِرْهَمًا زَائِفًا فَرَضِيَ بِهِ جَازَ وبن رَدَّهُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي دِينَارٍ
وَاحِدٍ وَإِنْ وَجَدَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا زُيُوفًا انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي دِينَارَيْنِ وَهَكَذَا أَبَدًا فِيمَا
زَادَ
وَإِنِ اشْتَرَى دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَاحِدٍ فَوَجَدَ فِيهَا دِرْهَمًا وَاحِدًا زَائِفًا فَرَدَّهُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ
فِي الدِّينَارِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا رَدَّ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ يَكُونُ
شَرِيكًا بِقَدْرِ ذَلِكَ فِي الدِّينَارِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا افْتَرَقَا ثُمَّ وَجَدَ النِّصْفَ زُيُوفًا أَوْ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ فَرَدَّهُ بَطَلَ
الصَّرْفُ فِي الْمَرْدُودِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ اسْتَبْدِلَ
رَوَاهُ مُحَمَّدٌ فِي ((الْإِمْلَاءِ))
وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَسْتَبْدِلُ الرَّدِيءَ كُلَّهُ
وَقَالَ زُفَرُ يَبْطُلُ الصَّرْفُ فِيمَا رَدَّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ أَيْضًا
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ كُلُّهُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363
وَالْآخَرُ يُسْتَبْدَلُ0
وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الحسن وبن سِيرِينَ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا يُبَدِّلُ لَهُمْ مَا رَدَّ عَلَيْهِ
مِنَ الرَّدِيءِ وَلَا يَنْتَقِضُ شَيْءٌ مِنَ الصَّرْفِ
قَالَ أَحْمَدُ وَهُوَ أَحَبُّ الْأَقَاوِيلِ إِلَيَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ يَسْتَبْدِلُ احْتَجَّ بِأَنَّ الصَّرْفَ لَمْ يَفْتَرِقَا أَوَّلًا فِيهِ إِلَّا عَنْ قَبْضٍ
صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ الِاسْتِبْدَالُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ
فِعْلِهِمَا النَّسَاءُ
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ
يربي
رواه معمر عن أيوب عن بن سِيرِينَ عَنْ عُمَرَ
وَمَنْ قَالَ انْتَقَضَ الصَّرْفُ زَعَمَ أَنَّ الزَّائِفَ لَمْ يَقْبِضْ بِذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَخَّرَهُ
وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ أَنَّهُ لَمَّا سَمَّى لِكُلِّ دِينَارٍ مِنَ
الدَّرَاهِمِ شَيْئًا مَعْلُومًا مَا لَمْ يَنْتَقِضْ إِلَّا صَرْفُ الدِّينَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّائِفُ أَكْثَرَ مِنْهُ
فَيُنْتَقَضُ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْتُ
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ))
وَنَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ نَسْئًا
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا اخْتِلَافُهُمْ فِي قَبْضِ الصَّرْفِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يَقْبِضِ الْبَعْضَ حَتَّى يَفْتَرِقَا بَطَلَ الْبَيْعُ كُلُّهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ وَيَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ
وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّرْفِ عَلَى مَا لَيْسَ عِنْدَ أَحَدِهِمْ فِي حِينِ الْعَقْدِ
فَقَالَ أبو حنيفة والشافعي يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَيْسَتْ عِنْدَ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا ثُمَّ يَسْتَقْرِضُ فَيَدْفَعُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِهَذِهِ
الْمِائَةِ الدِّينَارِ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ لِمَا لَمْ يُعِيِّنُهُ قَرِيبًا
مُتَّصِلًا بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ كُلِّهَا مِنْهُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364
وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَكْرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ عَلَى جَوَازِ الصَّرْفِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا
وَقَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ