مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ لم يذكر فيه الجزاف ورواه غيره عن نافع عن بن عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَبْتَاعُ الطَّعَامَ جِزَافًا فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عن نافع عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا وَجَوَّزَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وغيره وعبيد الله متقدم في حفظه حَدِيثِ نَافِعٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جِزَافًا فِي أَعْلَى السُّوقِ فَيَبِيعُونَهُ مَكَانَهُ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ مَكَانَهُ حَتَّى يَنْقُلُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْعِينَةُ فمعناها بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَبْتَاعَهُ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَتَفْسِيرُ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا ذَرِيعَةٌ إِلَى دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى أَجَلٍ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا لَهُ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى أَجَلٍ وَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 369 أكثر منها إلى أجل فقال المسؤول لِلسَّائِلِ هَذَا لَا يَحِلُّ وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ وَلَكِنِّي أَبِيعُ مِنْكَ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي سَأَلْتَنِي سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا لَيْسَتْ عِنْدِي أَبْتَاعُهَا لَكَ فَلِمَ يَشْتَرِيهَا مِنِّي فَيُوَافِقُهُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي يَبِيعُهَا بِهِ مِنْهُ ثُمَّ يُوَفِّي تِلْكَ السِّلْعَةَ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ نَقْدًا ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى الَّذِي سَأَلَهُ الْعِينَةَ بِمَا قَدْ كَانَ اتَّفَقَ مَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَهَذِهِ الْعِينَةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَبَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يَسْتَوْفِهِ وَلَمْ يَصُرَّهُ عِنْدَكَ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَرِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ لِأَنَّهُ رَبِحٌ أَصَابَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْتَاعَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وذكر بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ إِنِّي ابْتَعْتُ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فَلَمَّا جِئْتُ لِيُوَفِّيَنِي إِذَا هُوَ لَا طَعَامَ عِنْدَهُ وَإِذَا هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْتَاعَهُ لِي مِنَ السُّوقِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا آمُرُهُ أَنْ يَبِيعَكَ إِلَّا مَا كَانَ عِنْدَهُ وَلَا آمُرُكَ أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ عِنْدَهُ قال مالك وذلك في العينة قال بن وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ إِنْ رَجُلًا جَاءَنِي فَقَالَ لِي أَنِ ابتاع هَذَا الْبَعِيرَ حَتَّى أَشْتَرِيَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ فقال بن عُمَرَ لَا خَيْرَ فِيهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بن يزيد عن بن شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ سِلْعَةً حَتَّى تَكُونَ مِنْهُ قَالَ يُونُسُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي بن جُرَيْجٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ أَخْبَرَهُ كُنْتُ مع بن عُمَرَ إِذْ سَأَلَهُ نَحَّاسٌ فَقَالَ يَأْتِينِي الرَّجُلُ فِي بَعِيرٍ لَيْسَ لِي فَيُسَاوِمُنِي فَأَبِيعُهُ مِنْهُ ثم ابتاعه بعد ذلك فقال بن عُمَرَ لَا قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عمر قال سألت بن شِهَابٍ عَنِ الْعِينَةِ فِي الدِّينِ فَقَالَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الطَّعَامَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا لَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ يَبْتَاعَهُ بَعْدَ أَنْ يُوجِبَ بيعه لصاحبه إلا أن يبيع مَضْمُونًا عَلَيْهِ إِلَى حِينِ يَرْتَفِعُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 مُحَمَّدٍ قَالَ إِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَبْتَاعَ الشَّيْءَ مِنْكُمْ فَابْتَاعُوهُ ثُمَّ بِيعُوهُ مِنْهُ وَرَوَى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ بِعْتُ طَعَامًا مِنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَبَعْضُ الطَّعَامِ عِنْدِي وَبَعْضُهُ لَيْسَ عِنْدِي وَرَبِحْتُ مَالًا كَثِيرًا فَأَتَانِي رَسُولَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَا مَا كَانَ عِنْدَكَ فَاقْبِضْهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ فَارْدُدْهُ وذكر بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ وَكَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ كُنْتُ أَتَعَيَّنُ لِأَبِي وَلِبَعْضِ أَهْلِي فَسَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ إِنَّ لِي حَاجَةً بِرَاوِيَةٍ أَوْ رَاوِيَتَيْنِ فَذَهَبَ الرَّجُلُ إِلَى السُّوقِ فَابْتَاعَ الرَّاوِيَةَ أَوِ الرَّاوِيَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ عِنْدِي حَاجَتُكَ وَبَاعَهَا مِنْهُ لَمَ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى الْغَدِ قَالَ عُثْمَانُ فَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ قَالَ عُثْمَانُ وَرَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ أَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا جَاءَ الَّذِي يَطْلُبُ الْعِينَةَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أَبِيعُهُ ثُمَّ يَذْهَبُ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِي ثُمَّ يَأْتِيهِ بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّعَامَ فَيَقُولُ عِنْدِي حَاجَتُكَ فَإِنْ وَافَقَهُ ذَلِكَ الطَّعَامُ بَاعَهُ مِنْهُ قال عثمان وأنا أرى قول بن الْقَاسِمِ نَحْوًا مِنْ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَأْيٌ وَلَا يَجِدُهُ وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى مَا وَصَفْنَا قِيلَ لِلْبَائِعِ إِنْ أَعْطَيْتَ السِّلْعَةَ لِمُبْتَاعِهَا مِنْكَ بِمَا اشْتَرَيْتَهَا مِنْكَ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَفَهُ الثَّمَنَ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ وَلَئِنْ بَاعَهَا مِنَ الَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهَا فُسِخَ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ السِّلْعَةَ فَيَكُونُ لِبَائِعِهَا قِيمَتُهَا يَوْمَ بَاعَهَا نَقْدًا وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ كَانَ ضَامِنًا للسلعة لو هلكت قال بن الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَوْ تَوَرَّعَ عَنْ أَخْذِ مَا ازْدَادَ عَلَيْهِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ بَلْ مَنْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ السِّلْعَةَ فَيَكُونُ فِيهَا الْقِيمَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ طَعَامًا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاعَ طَعَامًا لَيْسَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ وَكَأَنَّهُ حَمَلَ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ عَلَى الطَّعَامِ يَتَعَيَّنُ وَشَكَّ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 وَحَمَلَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْعُمُومِ فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَفْسِيرُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعِينَةِ فَأَمَّا لَفْظُ نَافِعٍ عَنِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ)) ولفظ عبد الله بن دينار عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ هُوَ الْقَبْضُ لِمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) الشُّعَرَاءِ 181 وَقَالَ (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا) يُوسُفَ 88 وَقَالَ (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) الْمُطَفِّفِينَ 3 وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنَ الطَّعَامِ كُلِّهِ وَالْآدَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَنِ ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ حَتَّى يَقْبِضَهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَكَذَلِكَ الْمِلْحُ وَالْكُزْبُرُ وَزَرِيعَةُ الْفُجْلِ الَّذِي فِيهِ الزَّيْتُ الْمَأْكُولُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا زيت فيؤكل فهي كزريعة الْكُرَّاثِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِطَعَامٍ فَلَا بَأْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِبَيْعِ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِئْنَافِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي التَّوَابِلِ وَالْحُلْبَةِ وَالشُّونِيزِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ إِذَا بِيعَ جُزَافًا صُبَرًا عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ لَا بَأْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَبِيعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبْلَ انْتِقَالِهِ من موضعه وقد روي عنه أنه اسْتَمَدَّ قَوْلَهُ انْتِقَالِهِ لِكُلِّ مَنِ ابْتَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الطَّعَامِ إِذَا ابْتِيعَ جِزَافًا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ أَمَّا الطَّعَامُ كُلُّهُ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ الَّذِي ابْتَاعَهُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْجِزَافِ وَيَنْتَقِلَهُ وَيَقْبِضَهُ مِمَّا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَهُ قَالُوا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا فَجَائِزٌ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 372 وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ كُلِّهَا جَوَازُ بَيْعِهَا قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا عَلَى مَا نُوَضِّحُهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْعُرُوضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَ الْعُرُوضِ قَبْلَ الْقَبْضِ وهو مذهب بن عَبَّاسٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ تَلْخِيصِ مَذَاهِبِهِمْ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَا بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ منه قبل القبض بالكيل أو الوزن حَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ وَمَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ - قِيَاسًا عَلَى مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا بِيعَ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ يُمَهَّدَ قَبْلَ اسْتِئْنَافِهِ وَلَا يُسْتَأْجِرَ بِهِ وَلَا يُؤْخَذَ عَلَيْهِ بَدَلٌ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ مَا اسْتَقَرَّ مِنَ الطَّعَامِ عِنْدَ اسْتِيفَائِهِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ أَوْ حَتَّى يَقْبِضَهُ)) وَلَمْ يَقُلْ مَنْ مَلَكَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَجَائِزٌ عِنْدَهُ بَيْعُ مَا اشْتُرِيَ مِنَ الطَّعَامِ جِزَافًا قَبْلَ نَقْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِنَّمَا الْمَهْرُ وَالْجُعْلُ وَمَا يُؤْخَذُ فِي الْخُلْعِ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فَجَائِزٌ أَنْ يُبَاعَ مَا مَلَكَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَا وَالَّذِي لَا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مَا اشْتُرِيَ أَوِ اسْتُؤْجِرَ بِهِ قَالَا وَكُلُّ مَا مُلِّكَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِلَّا الْعَقَارَ وَحْدَهُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بن الحسن كل ما ملك بشراء أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَقَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ مَشْرُوبًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ غَيْرَ مِكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ وَلَا مَأْكُولٍ وَلَا مَسْرُوقٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمَا رَوَيَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ)) وَأَفْتَيَا جَمِيعًا بِأَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ حَتَّى يُقْبَضَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 قال بن عَبَّاسٍ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي مِثْلُ الطَّعَامِ0 رَوَاهُ بن عيينة عن عمرو عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى عُمُومِ قَوْلِهِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَذَلِكَ بِجَمِيعِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ عِنْدَهُمْ وَقَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ كُلُّ شَيْءٍ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عن عبد ربه عن بن عِيَاضٍ عَنْ عُثْمَانَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ طَعَامٍ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مذهب بن عَبَّاسٍ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَقَوْلُهُ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ((إِذَا ابْتَعْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ)) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بن حرب قال حدثني إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ((لا يَحِلُّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ لِي منها وما يحرم فقال ((يا بن أَخِي! إِذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ بَيْعِ وَجَعَلَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ مُجْمَلًا يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ)) وَكَذَلِكَ حَمَلُوا رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ عَلَى الطَّعَامِ وَحْدَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 374 وقال عيسى سألت بن الْقَاسِمِ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَقَالَ ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَرِبْحُهُ حَرَامٌ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ مِنَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ فإن ربحها حلال لا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ بَيْعَهَا قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا حَلَالٌ وكذلك قال مالك وقال بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَرَى أَنَّ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَبَيْعُ كُلِّ مَا ابْتَاعَ الْمَرْءُ بِالْخِيَارِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ مَا ضَمِنَهُ مِنَ الْبَائِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُخْتَلَفُ فِي حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَأَسَانِيدِهِ مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ هَذَا لَمْ يَرَهُ وَعَنْهُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ فِيمَا عَلِمْتُ وَيُوسُفُ ثِقَةٌ وَمَا أَعْلَمُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصْمَةَ جُرْحَةً إِلَّا أَنَّ مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنِّي أَقُولُ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ فَلَا يَضُرُّهُ إِذَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ |