مالك عن بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وبن شِهَابٍ عَنْ أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ
بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ مِنْ (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وبن شِهَابٍ عَنْ أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ
بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ مِنْ بَيْعِهِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْحِنْطَةَ فَأَمَّا أَنْ
يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ الَّتِي بَاعَ بِهَا الْحِنْطَةَ إِلَى أَجَلٍ تَمْرًا مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ
الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ وَيُحِيلَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ التَّمْرَ عَلَى غَرِيمِهِ الَّذِي بَاعَ
مِنْهُ الْحِنْطَةَ بِالذَّهَبِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فِي ثَمَرِ التَّمْرِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَفَسَّرَ بِهِ قَوْلَ سَعِيدٍ وَسُلَيْمَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وبن شِهَابٍ فَهُوَ كَمَا ذَكَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ إِذَا
كَانَ الْبَائِعُ لِلطَّعَامِ قَدِ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ غَيْرِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَحَالَهُ بِثَمَنِ مَا
اشْتَرَاهُ مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ طَعَامَهُ لِأَنَّهَا حَوَالَةٌ لَا يَدْخُلُهَا شَيْءٌ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ
بِطَعَامٍ
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا كَرِهَهُ سَعِيدٌ وسليمان وأبو بكر وبن شِهَابٍ
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِبَائِعِ الطَّعَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مُبْتَاعِهِ مِنْهُ
فِي ثَمَنِهِ طَعَامًا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ لَا يَجُوزُ فِيهِ النسيء وجعلوا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379
ذِكْرَ الذَّهَبِ لَغْوًا لِأَنَّ بَائِعَ الْحِنْطَةِ بِالذَّهَبِ إِذَا أَخَذَ فِي الذَّهَبِ تَمْرًا لَمْ يَحْصُلْ بِيَدِهِ
الْإِطْعَامُ بَدَلًا مِنْ طَعَامٍ بَاعَهُ إِلَى أجل
قال عيسى بن دينار سألت بن الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ طَعَامًا بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى شَهْرٍ
فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى بَائِعُ الطَّعَامِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ طَعَامًا فَأَحَالَهُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ
قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يسار وأبو بكر بن حزم وبن
شِهَابٍ عَنْ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ فَذَكَرَ مَسْأَلَةَ ((الْمُوَطَّأِ)) إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ فِيهَا
قَالَ عِيسَى قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ أَحَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمِائَةُ الدِّينَارِ بَائِعَ الطَّعَامِ عَلَى
غَرِيمٍ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَيَجُوزُ لِبَائِعِ الطَّعَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ
طَعَامًا
قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قِيَاسٍ وَلَا أَثَرٍ لِأَنَّهُ طَعَامٌ مَأْخُوذٌ مَنْ ثَمَنِ طَعَامٍ
مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرَى لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ أَجَازَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَنْ بَاعَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ
أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِ طَعَامِهِ مَا شَاءَ طَعَامًا وَغَيْرَهُ
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ بِدَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ
فِيهَا ذَهَبًا أَمْ لَا
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ
يَأْخُذُهَا لِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّرْفِ فِي حِينِ التَّرَاضِي قَبْلَ الِافْتِرَاقِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ يَأْخُذُ الدَّنَانِيرَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمَ مِنَ الدَّنَانِيرِ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَإِنِ
افْتَرَقَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَكَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ الدَّرَاهِمُ الَّتِي ابْتَاعَ بِهَا السِّلْعَةَ حَتَّى
يَتَّفِقَا وَيَتَقَابَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ
وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ وَلَا أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ الْمَبِيعِ إِلَى أَجَلٍ طَعَامًا
وَجَعَلُوهُ طَعَامًا بِطَعَامٍ لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ حَالَّةً فَإِنَّهُ يَأْخُذُ دَنَانِيرَ عَنْهَا إِنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ
إِلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهَا بِدَنَانِيرَ وَيَأْخُذْ فِي ذَلِكَ عِوَضًا إن شاء
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 380
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ جَائِزٌ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمَ مِنَ الدَّنَانِيرِ حَلَّ
الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ إِذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَوْلُهُ فِي أَخْذِ الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَأَخْذِ الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ فِي الطَّعَامِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ بِخِلَافِهِمَا لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بِأَخْذِ الدَّنَانِيرِ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ
طَعَامٍ مِنْ ثَمَنِ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِاسْمِهِ
قَالَ وَمَنْ بَاعَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ طَعَامًا
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ والحسن البصري وبن سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ فِيمَنْ بَاعَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ فَلَا بَأْسَ أَنْ
يَشْتَرِيَ مِنْهُ بدراهمه طعاما
وهو قول بن شُبْرُمَةَ
وَكَرِهَهُ عَطَاءٌ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى أَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا يَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ
يُشْرَبُ
وَقَالَ بن شُبْرُمَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ دَرَاهِمَ دَنَانِيرَ وَلَا عَنْ دَنَانِيرَ دَرَاهِمَ وَإِنَّمَا
يَأْخُذُ مَا أَقْرَضَ وَعَيْنَ مَا بَاعَ
قَالَ أَبُو عمر قول بن شُبْرُمَةَ صَدَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ أَجَازَهُ فِي الطَّعَامِ
وَكَرِهَهُ فِي الدَّرَاهِمِ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ أَكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي ثَمَنِ مَا يُكَالُ شَيْئًا يُكَالُ وَيَأْخُذَ مَا لا يكال
وكذلك إذ باع ما لا يُوزَنُ أَكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا يُوزَنُ وَيَأْخُذَ مَا لَا يُوزَنُ لَا يَأْخُذُ مِنَ
الْحِنْطَةِ تَمْرًا وَلَا مِنَ السَّمْنِ زَيْتًا
وَهُوَ قَوْلُ بن شِهَابٍ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ دُونَهُمْ وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ لَمْ يَجُزْ
أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ إِلَى أَجَلٍ وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ حَلَّ وَهَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
سَوَاءٌ
وَرَوَى الشَّيْبَانِيُّ عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ اقْتِضَاءَ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ
والورق من الذهب
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 381
وعن بن مسعود مثله
وعن بن عُمَرَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بن عُيَيْنَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَرَأَيْتَ إِذَا بِعْتُ طَعَامًا
بِذَهَبٍ فَحَلَّتِ الذَّهَبُ فَجِئْتُ أَطْلُبُهُ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُ ذَهَبًا فَقَالَ خُذْ مِنِّي طَعَامًا فَقَالَ كَرِهَ
طَاوُسٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا
وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ إِذَا حَلَّ دَيْنُكَ فَخُذْ مَا شِئْتَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عن أيوب عن بن سِيرِينَ قَالَ إِذَا بِعْتَ شَيْئًا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ
بِدَيْنٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَخُذْ مَا شِئْتَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ غَيْرِهِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثوري عن حماد وبن سِيرِينَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ حِنْطَةً بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ قَالَ
يَأْخُذُ طَعَامًا وَغَيْرَ ذَلِكَ إِذَا حَلَّ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ تَمِيمِ بْنِ خُوَيْصٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ
قَالَ إِذَا بِعْتَ بِدَنَانِيرَ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَخُذْ بِالدَّنَانِيرِ مَا شِئْتَ
وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا بِعْتَ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِدِينَارٍ فَلَا تَأْخُذْ
شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ إِلَّا أَنْ يَصْرِفَكَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ بِعْتَ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ
فَصَرَفَكَ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا يُوزَنُ فَخُذْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَكِيلُ كُلُّهُ عِنْدَهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ
وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْكُوفِيِّينَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ غَيْرُهُ لِمَنْ
وَجَبَ ذَلِكَ لَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ
وَلَا أَرَى أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصِّنْفِ بَدَلًا مِنْ ثَمَنِهِ إِلَّا مِثْلَ مَا أَعْطَى لَا زِيَادَةَ كَمَا لَا
يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْبُرِّ إِذَا بَاعَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي ثَمَنِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَلَا أَنْ يَأْخُذَ بُرًّا
إِلَّا مِثْلَ كَيْلِ الْبُرِّ الَّذِي بَاعَهُ فِي صِفَتِهِ وُجُودٌ بِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ بِرِضًا جَرَّ زِيَادَةً
وَسَنَذْكُرُ الْأَصْنَافَ عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَنْ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ وَمِنَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ فَحُجَّتُهُ
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا تَبِيعُوا الذهب
بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلا
مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 382
فَفِي قَوْلِهِ لَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الدَّرَاهِمِ
دَنَانِيرَ لِأَنَّ الْغَائِبَ مِنْهَا مَا فِي الذِّمَّةِ مِنَ الدَّيْنِ وَالنَّاجِزَ مَا يأخذه
وهو مذهب بن عباس وبن مَسْعُودٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي هَذَا
الْبَابِ
وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ أَخْذَ الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ حُجَّتُهُ حَدِيثُ سِمَاكِ بْنِ
حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن بن عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ أَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ
وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ((لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ بِسِعْرِ يَوْمِكُمَا))
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَا حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ
حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ
وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ فَقَالَ ((لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا))
قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بِسِعْرِ يَوْمِهِمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ إِسْرَائِيلَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَائِقٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِبَقِيعِ
الْفَرْقَدِ كنت أبيع البعير بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ فَأَتَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ حُجْرَتَهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِذَا أَخَذْتَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلَا تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
بَيْعٌ))
وَرَوَاهَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ بِنَحْوِ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ
فَمِنْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ وَالْآجِلِ قَالَ لَمَّا لَمْ يَسْأَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْحَالِ عِنْدَهُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي الشَّرْعِ لَوَقَفَهُ
عَلَيْهِ
وَمَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْحَالِّ دُونَ الْآجِلِ
قَالَ وَالْآجِلُ هُوَ الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُنْسَبُ بَيْعُهُ بِنَاجِزٍ وَلَا بِغَائِبٍ مثله وإنما
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 383
الْحَالُّ بِالذِّمَّةِ فِيهِ كَالْعَيْنِ الظَّاهِرَةِ إِذَا اجْتَمَعَا وَتَقَابَضَا وَلَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ
وَمَنْ جَعَلَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ كَالدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فِي ذَلِكَ قَالَ لَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الْبُرَّ بِالْبُرِّ
رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَثَبَتَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهَا ثم وردت السنة في حديث بن عُمَرَ فِي أَنَّ قَبْضَ الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ جَائِزٌ لَا
بَأْسَ بِهِ كَانَتْ مُفَسِّرَةً كَذَلِكَ وَكَانَ قَبْضُ الطَّعَامِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ كَقَبْضِ الدَّنَانِيرِ مِنَ
الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُسْتَأْنَفٌ لَمْ يَمْنَعِ اللَّهُ مِنْهُ وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الطَّعَامِ مِنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ تَرَكَ الْقِيَاسَ وَلَمْ يَعُدْ
بِالرُّخْصَةِ مَوْضِعًا
وأما بن شُبْرُمَةَ فِي تَجْوِيزِهِ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ مِنَ الطَّعَامِ وَإِبَايَتِهِ لِذَلِكَ فِي الدَّنَانِيرِ مِنَ
الدَّرَاهِمِ فلأنه لم يبلغه حديث بن عُمَرَ وَرَأَى أَنَّ ثَمَنَ الطَّعَامِ جَائِزٌ لِرَبِّهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ
بِمَا شَاءَ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ تُهْمَةُ مُسْلِمٍ وَلَوْ قَضَى بِالظَّنِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ
طَعَامًا بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ وَالرِّبَا لَا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ قَصَدَ إِلَيْهِ وَأَرَادَهُ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْبِيَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ
الصَّرْفِ حُكْمُ التَّصَارُفِ فِي الدَّيْنَيْنِ