مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ
الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى حُلُولِ الْأَجَلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ قال حدثني بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مطعم المكي عن بن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 384 عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وهم يسلفون في التمر السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووزن معلوم وأجل معلوم)) وقال بن عَبَّاسٍ أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَمَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كتابه وأذن فيه فقال الله تعالى (يأيها الذين ءامنوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) الْبَقَرَةِ 282 وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي التَّمْرِ قَبْلَ حِينِهِ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْغَالِبِ فَإِنْ كَانَ يَنْقَطِعُ حِينَئِذٍ لَمْ يَجُزْ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ هَذَا قَالَ وَالرُّطَبُ مِنَ التَّمْرِ فَقَدْ أَجَازَ السَّلَمَ فِيهِ قَبْلَ حِينِهِ إِذَا أَجَازَهُ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى عَنِ السَّلَفِ فَقَالَ كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكَيْلٍ مَعْلُومٍ وَمَا هُوَ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى وعبد الرحمن قالا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ سَلَمٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَجُزْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إِلَّا فِيمَا كَانَ فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْهُ شَيْءٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 385 وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَكُونُ السَّلَمُ إِلَّا فِيمَا لَا يَكُونُ مِنَ السَّنَةِ حِينٌ إِلَّا وَهُوَ يُوجَدُ فِيهِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ اللَّيْثُ أَكْرَهُ السَّلَمَ فِي الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ قَبْلَ أَوَانِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا كَرِهَ السَّلَمَ بِمَا يَنْقَطِعُ وَلَا يُوجَدُ بِأَيْدِي النَّاسِ الْعَامَ كُلَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ كَرِهَهُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَنْ مَاتَ حَلَّ دَيْنُهُ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ كَانَ عُذْرًا وَالسُّنَّةُ أَوْلَى مِنْ كُلِّ مَنْ يَرُدُّ النُّصُوصَ بِقِيَاسٍ عَلَى غَيْرِهَا وَلَيْسَ فِي نَهْيِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ وَعَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا مَا يَرُدُّ حَدِيثَ السَّلَمِ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ عَيْنٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ وَهَذَا بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ وَمَضْمُونٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا إِلَّا فِي السَّلَمِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إلى أجل وهذا معنى قول بن عُمَرَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَتَمْرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي طَعَامٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَحَلَّ الْأَجَلُ فَلَمْ يَجِدِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَفَاءً مِمَّا ابْتَاعَ مِنْهُ فَأَقَالَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إِلَّا وَرِقَهُ أَوْ ذَهَبَهُ أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئًا حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ غَيْرَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ أَوْ صَرَفَهُ فِي سِلْعَةٍ غَيْرِ الطَّعَامِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بيع الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الشِّرَاءِ بِرَأْسِ مَالِ الْمُسَلِّمِ مِنَ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَقَوْلُ مَالِكٍ مَا وَصَفَهُ فِي مَوْطَّئِهِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ قَبْضًا صَحِيحًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بْنِ الْحَسَنِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى غَيْرَ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ كَالطَّعَامِ وَإِذَا تَقَايَلَا عِنْدَهُ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الطَّعَامِ بِرَأْسِ مَالِهِ مَا شَاءَ إِذَا خَالَفَ جِنْسَ مَا تَقَايَلَا فِيهِ وَتَعَجَّلَ ذَلِكَ وَلَا يُؤَخِّرُهُ وَكَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِ جِنْسِهِ وَيُحِيلَ عَلَيْهِ وَإِذَا تَقَايَلَا فِي الطَّعَامِ سَلَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِرَأْسِ مَالِهِ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 وأما أبو حنيفة وأصحابه فلا يجوز عندهم شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَا بَيْعُ السَّلَمِ مِنْ بَائِعِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدَةٌ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عَطِيَّةَ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ((من سَلَّفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ)) وَمَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا حِينَ سُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ خُذْ مَا سَلَّمْتَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِكَ وَلَا تَأْخُذْ غير ذلك روي ذلك عن بن عُمَرَ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَحُجَّةُ مَالِكٍ قَدْ أَوْضَحَهَا عَلَى مَذْهَبِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ السَّلَمَ إِذَا أَقَالَ مَنْ سَلَّمَهُ مَا شَاءَ بِرَأْسِ مَالِهِ مِنَ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْإِقَالَةِ الْبَدَلَ مِنْهَا فَإِذَا مَلَكَ رَأْسَ مَالِهِ بِالْإِقَالَةِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ قَدْ بَطَلَ بِالْإِقَالَةِ وَلَا حُجَّةَ لِمُخَالِفِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ مَا سَلَّمَ فِيهِ فِي غَيْرِهِ وَمَعْنَى النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ هُوَ بَيْعُ مَا سَلَّمَ فِيهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَذَلِكَ هُوَ صَرْفُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْحُكْمُ بِقَطْعِ الذَّرَائِعِ كَانَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسَلَّمُ إِلَيْهِ لَمَّا عَلِمَا أَنَّ فَسْخَ الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ الْإِقَالَةَ ذِكْرًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ يَسْتَجِيزُ بِذَلِكَ صَرْفَ الطَّعَامِ فِي غَيْرِهِ وَذَلِكَ بَيْعُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أنه لو لم يستقيل لَمْ يَجُزْ لَهُ صَرْفُ رَأْسِ الْمَالِ فِي غَيْرِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ رَأْسِ مَالِهِ فِي دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِلْبَائِعِ أَقِلْنِي وَأُنْظِرُكَ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ فَكَانَ ذَلِكَ بَيْعَ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أن يستوفى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَرِهَ الطَّعَامَ أَخَذَ بِهِ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا الْإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ بِشَيْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بالإقالة وإنما تَصِيرُ الْإِقَالَةُ إِذَا فَعَلَا ذَلِكَ بَيْعًا وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذِهِ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ إِذَا أَقَالَهُ فِي جَمِيعِ السَّلَمِ وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ فِي حِينِ الْإِقَالَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ مَعَهُ وَمَعَ غَيْرِهِ إِذَا بَانَ بِمَا قَبَضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَيَأْتِي ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ النَّظِرَةَ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَالزِّيَادَةِ وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ صَارَتْ بَيْعًا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ الْإِقَالَةِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ بَيْعِهِ لَكِنْ بِرَأْسِ الْمَالِ لَا زِيَادَةَ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ فِيهِ وَالشَّرِكَةِ فِي بَابٍ جَامِعٍ بِيعَ الطَّعَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي التَّأْخِيرِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مَعْرُوفٌ وَفِعْلٌ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا صَفْقَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ)) قَالَ مَالِكٌ مَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَنَّ سَلَّفَ فِي صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 388 مِمَّا سَلَّفَ فِيهِ أَوْ أَدْنَى بَعْدِ مَحِلِّ الْأَجَلِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُسْلِفَ الرَّجُلُ فِي حِنْطَةٍ مَحْمُولَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا أَوْ شَامِيَّةً وَإِنَّ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ صَيْحًا نِيًّا أَوْ جَمْعًا وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْوَدَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إِذَا كَانَتْ مِكِيلَةُ ذَلِكَ سَوَاءً بِمِثْلِ كَيْلِ مَا سَلَّفَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا فِي قَبْضِ الشَّعِيرِ مِنَ الْقَمْحِ عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ كُلِّ مَنْ يَجْعَلُ الشَّعِيرَ صِنْفًا غَيْرَ الْقَمْحِ وَالْقَمْحُ كُلُّهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ صِنْفٌ وَاحِدٌ كَمَاءِ الشَّعِيرِ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَكَمَاءِ الزَّبِيبِ أَحْمَرِهِ وَأَسْوَدِهِ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ التَّمْرُ وَضُرُوبُهُ وَالسُّلْتُ عِنْدَهُمْ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَالذُّرَةُ صِنْفٌ وَالدَّخَنُ صِنْفٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِذَا سَلَّفَ فِي صِنْفِهِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَأَخَذَ عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَرْفَعَ مِنْ صِفَتِهِ فَذَلِكَ إِحْسَانٌ مِنَ الْمُعْطِي وَإِنْ أَخَذَ أَدْوَنَ فَهُوَ تَجَاوُزٌ مِنَ الْآخِذِ وَفِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا زِيَادَةُ بَيَانٍ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ وَاللَّهٌ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَإِنَّمَا اخْتَارَ مَالِكٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَفْظَ سَلَفٍ فِي طَعَامٍ وَسَلَفٍ فِي كَذَا وَالسِّلْعَةُ فِي الطَّعَامِ وَالسِّلْعَةُ فِي الْعُرُوضِ وَنَحْوَ هَذَا مِنْ لَفْظِ السَّلَفِ وَإِنْ كَانَ لَفْظًا مُشْتَرَكًا لِجَمِيعِ الْقَرْضِ وَالسَّلَمِ وَلَمْ يُكْثِرْ فِي مُوَطَّئِهِ كُلِّهِ ذِكْرَ السَّلَمِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ أَسْلَمْتُ فِي كَذَا وَيَقُولُ إِنَّمَا الْإِسْلَامُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ |