مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ لَا تَبِيعُوا الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ
حَتَّى يَبْيَضَّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مُسْنَدًا
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو داود (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ لَا تَبِيعُوا الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ
حَتَّى يَبْيَضَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مُسْنَدًا
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو داود قَالَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قال حدثني بن علية عن أيوب عن نافع عن بْنِ
عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ وَعَنِ
السُّنْبُلِ حَتَّى تَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ مِنَ الْعَاهَةِ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ حَمَّادٍ
قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التنوري عن أيوب عن نافع عن
بن عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ وَعَنِ
السُّنْبُلِ حَتَّى تَبْيَضَّ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ
وَفِي نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى تَبْيَضَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا
ابْيَضَّ جَازَ بَيْعُهُ
وَفِي مِثْلِ هَذَا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ
أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ
وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَابْيَضَّ السُّنْبُلُ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ حَصَادِهِ
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى
أَنَّ بَيْعَ الْحَبِّ في سنبله إذا يَبِسَ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ وَابْيَضَّ السُّنْبُلُ جَائِزٌ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَلَيْهِ حَصَادُهُ وَدَرْسُهُ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يُسَلِّمَ الْحَبَّةَ إِلَى الْمُشْتَرِي مُمَيَّزًا مِنَ التِّبْنِ
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
وَقَالَ غَيْرُهُمْ حَصَادُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَحْصُودًا فِي تِبْنِهِ إِلَّا
أَنْ يَجُوزَ شِرَاءُ شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ عَلَيْهَا جِلْدُهَا الْحَائِلُ دُونَ لَحْمِهَا
قَالَ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْخُذُ عُشْرَ الْحُبُوبِ فِي أَكْمَامِهَا وَلَا يُجَوِّزُ بَيْعَ
الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا
قَالَ وَمَنْ أَجَازَ بِيعَ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا لَزِمَهُ أَنْ يُجِيزَهُ فِي تِبْنِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَقِيلَ لَهُ فِي
بَيْعِ الزَّرْعِ إِذَا ابْيَضَّ وَاشْتَدَّ فِي سُنْبُلِهِ خَبَرٌ بِإِجَازَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ من رواه قيل له رواه إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَشْتَدَّ قَالَ مَا أَحْفَظُ
هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَبَيْعُهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَإِنْ صَحَّ
الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بالحديث ما وسعنا إلا
اتباعه إِلَّا اتِّبَاعُهُ وَالْقَوْلُ بِهِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ اسْتِعْمَالُ قِيَاسٍ وَلَا مَعْقُولٍ مَعَ ثُبُوتِ
الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِهِ
وَقَالَ اضْرِبُوا عَلَيْهِ وَكَثِيرُهُ مِنْ بَيْعِ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ جَائِزٌ كَمَا جَاءَ الْخَبَرُ بِهِ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ
كَالْمَقَاثِي وَالْمَوْزِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْيَاسَمِينِ وَلَا بَيْعُ مَا خُلِقَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي
حِينِ الْبَيْعِ وَلَا بَيْعُ مَا خُلِقَ وَقَدَرُوا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ
حَالَ دُونَ رُؤْيَتِهِ حَائِلٌ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ خُلِطَ بِغَيْرِهِ خَلْطًا يَمْنَعُ أَنْ يُعْرَفَ مِقْدَارُهُ وَهَذَا
كُلُّهُ عِنْدَهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهُ وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ فِيهِ أَبْطَلَهُ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَيْعُ الْجَزَرِ مَا دَامَ عَلَيْهِ قِشْرَتَانِ حَتَّى تَزُولَ الْقِشْرَةُ الْعُلْيَا
وَتَبْقَى فِي الْقِشْرَةِ السُّفْلَى الَّتِي فِيهَا بَقَاؤُهُ وَيَصِحُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ الَّذِي
عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِصَاحِبِهِ لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ فَيَقُولُ
صَاحِبُ الطَّعَامِ هَذَا لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بَيْعِ
الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ فَبِعْنِي طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ حَتَّى
أَقْضِيَكَهُ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ طَعَامًا ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403
أَعْطَاهُ ثَمَنَ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلِّلًا فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ
ذَلِكَ إِذَا فَعَلَاهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفَهُ مَالِكٌ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَكْشُوفٌ فَقَدْ عَقَدَا
عَلَيْهِ غَرِيمَتَهَا وَظَهَرَ ذَلِكَ فِي فِعْلِهِمَا إِذَا قَالَ لَهُ لَا أَبِيعُكَ الطَّعَامَ الَّذِي سَلَّمْتُ فِيهِ
إِلَيْكَ وَحَتَّى أَقْبِضَهُ فَقَالَ لَهُ بِعْنِي طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ أَصْرِفُهُ إِلَيْكَ فَضَامِنٌ طَعَامَكَ وَيَبْقَى
ثَمَنُهُ عَلَى مَكَانِهِ إِنَّمَا بَاعَهُ الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي عَقَدَهُ فِي الطَّعَامِ
الْآخَرِ فَصَارَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إِلَى سَائِرِ مَا يَدْخُلُهُ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ قَدْ
صَرَفَ الطَّعَامَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ إِلَيْهِ وَصَارَ فِعْلُهُمَا ذَلِكَ وذريعة إِلَى تَحْلِيلِ مَا لَا
يَحِلُّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى
وَأَمَّا إِذَا ابْتَاعَ رَجُلٌ طَعَامًا مِنْ غَرِيمٍ لَهُ عَلَيْهِ طَعَامٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا إِعَادَةٍ
مَعْرُوفَةٍ ثُمَّ قَضَاهُ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ كُلِّ مَنْ لَا يَقُولُ بِإِعْمَالِ
الظَّنِّ لِقَطْعِ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْ غَرِيمِهِ
سِلْعَةً بَعْدَ سِلْعَةٍ وَأَنْ يُعَامِلَهُ مُعَامَلَةً بَعْدَ مُعَامَلَةٍ إِذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ السَّلَامَةِ فَإِذَا مَلَكَ
الطَّعَامَ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا كَلَامٍ هُوَ كَالشَّرْطِ وَقَبَضَهُ وَجَائِزٌ فِيهِ تَصَرُّفُهُ
جَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الْغَرِيمُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ كَمَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا أَحَبَّ
وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْقَبِيحَ عِنْدَهُ كَأَنَّهُ قَدْ شَرَطَهُ وَقَصَدَهُ وَلَا يَنْفَعُ
عِنْدَهُ الْقَوْلُ الْحَسَنُ فِي الْبَيْعِ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ قَبِيحًا كَمَا لَا يَضُرُّهُ عِنْدَهُ الْقَوْلُ الْقَبِيحُ
إِذَا كَانَ الْفِعْلُ حَسَنًا
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُجِيزُ مَا لَا يُجِيزُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ وَذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ أَبِيعُكَ
سِلْعَتِي هَذِهِ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي فِي تِلْكَ الدَّرَاهِمِ دِينَارًا فَأَجَازَ ذَلِكَ
مَالِكٌ مَعَ قُبْحِ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ بِيَقِينٍ فِي بَيْعِهِ وَصَرْفًا مُتَأَخِّرًا عِنْدَ غَيْرِهِ وَأَمَّا عِنْدَهُ
فَإِنَّمَا بَاعَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ بِالدِّينَارِ وَكَانَ ذِكْرُ الدَّرَاهِمِ عِنْدَهُ لَغْوًا لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُرَاعِي فِيمَا يُحِلُّ وَيُحَرِّمُ مِنَ الْبُيُوعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِلَّا مَا
اشْتَرَطَا وَذَكَرَا بِأَلْسِنَتِهِمَا وَظَهَرَ مِنْ قَوْلِهِمَا لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُكَ
هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أُنْظِرُكَ بِهَا حَوْلًا أَوْ شَهْرًا لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ قَالَ أَسْلِفْنِي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 404
دَرَاهِمَ وَأَمْهِلْنِي بِهَا حَوْلًا أَوْ شَهْرًا جَازَ وَلَيْسَ بَيْنَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ لَفْظُ الْقَرْضِ وَلَفْظُ
الْبَيْعِ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ مِنْهُ وَلِغَرِيمِهِ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ مِثْلُ
ذَلِكَ الطَّعَامِ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّعَامِ
الَّذِي لَكَ عَلَيَّ بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ
قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمَهُ
بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ
سَلَفًا حَالًّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ
أَنْ يُسْتَوْفَى لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ
اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ
وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ فَيَحِلُّ لَهُ
ذَلِكَ وَيَجُوزُ وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصًا بِوَازِنَةٍ لم يحل ذلك ولو اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ
أَسْلَفَهُ وَازِنَةً وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ نُقَّصًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ