مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ يَعْنِي بِمَهْرِ الْبَغِيِّ مَا تُعْطَاهُ المرأة على الزنى (...) |
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ يَعْنِي بِمَهْرِ الْبَغِيِّ مَا تُعْطَاهُ المرأة على الزنى وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ رُشْوَتَهُ وَمَا يُعْطَى عَلَى أَنْ يَتَكَهَّنَ قَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ مَهْرَ الْبَغِيِّ حَرَامٌ وَهُوَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 428 والبغي الزانية والبغاء الزنى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) مَرْيَمُ 28 يَعْنِي زَانِيَةً وَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ (ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء) النور 33 أي على الزنى وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ فِي حُلْوَانِ الْكَاهِنِ أَنَّهُ مَا يُعْطَاهُ عَلَى كَهَانَتِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَالْحُلْوَانُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الْعَطِيَّةُ قَالَ الشَّاعِرُ فَمَنْ رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلِي وَنَاقَتِي يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ إِذَا مَاتَ قَائِلُهُ وَأَمَّا بَيْعُ الْكِلَابِ وَأَثْمَانُهَا وَقِيمَتُهَا عَلَى مَنْ قَتَلَهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ فِيهِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) وَالْحُجَّةُ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ صَحِيحَةٌ منها ما ذكره بن وهب عن يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ الضَّارِي مِنَ الْكِلَابِ مَأْمُورٌ بِقَتْلِهِ فَإِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ الْمُبَاحِ اتِّخَاذُهُ لَا الْمَأْمُورِ بِقَتْلِهِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِقَتْلِهِ مَعْدُومٌ وَلِأَنَّهُ مُحَالٌ أَلَّا يُطَاعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما أَمَرَ بِهِ مِنْ قَتْلِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عِنْدَهُ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ الَّذِي أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ فَأَجَازَ مَرَّةً ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَمَنَعَ مِنْهُ أُخْرَى وَوَجْهُ إِجَازَةِ بَيْعِ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ مِنَ الْكِلَابِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي وَرَدَ بِالنَّهْيِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 429 عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ فَمَنْ نَذَرَ مَعَهُ حُلْوَانَ الْكَاهِنِ وَمَهْرَ الْبَغِيِّ وَهَذَا لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ الْكَلْبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مِنَ الْكِلَابِ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ بَيْعُهُ وَلَا خِلَافَ عَنْهُ مَنْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَمَنْ قَتَلَ كَلْبَ الدَّارِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسْرَحُ مَعَ الْمَاشِيَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ وَاخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْكَلْبِ الضَّارِي وَلَا غَيْرِ الضَّارِي وَلَا يَحِلُّ عِنْدَهُ ثَمَنُ كَلْبِ الصَّيْدِ وَلَا كَلْبِ الْمَاشِيَةِ وَلَا كَلْبِ الزَّرْعِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ قَتَلَ كَلْبَ الصَّيْدِ أَوْ لِغَيْرِ صَيْدٍ قِيمَةٌ عِنْدَهُمْ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بن أبي طالب وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي جُحَيْفَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَغَيْرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ - يَعْنِي الْجَزَرِيَّ - عَنْ قَيْسِ بن حبتر عن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ ((إِذَا أَتَاكَ صَاحِبُ الْكَلْبِ وَطَلَبَ ثَمَنَهُ فَامْلَأْ كَفَّيْهِ تُرَابًا)) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْكِلَابِ الَّتِي لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَبَيْعُ الْهِرِّ وَعَلَى مَنْ قَتَلَ أَوْ أَتْلَفَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قِيمَتُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 430 وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْكُوفِيِّينَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا لِي وَلِلْكَلْبِ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَكَلْبِ مَاشِيَةٍ قَالَ فَأُخْبِرَ أَنَّ كَلْبَ الصَّيْدِ كَانَ مَقْتُولًا فَكَانَ بَيْعُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَرَامًا وَكَانَ قَاتِلُهُ مُؤَدِّيًا لِفَرْضٍ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَأَبَاحَ الِاصْطِيَادَ بِهِ فَصَارَ كَسَائِرِ الْجَوَارِحِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ قَالَ وَمِثْلُ ذَلِكَ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كسب الحجام وقال كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ)) ثُمَّ أَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ فَكَانَ ذَلِكَ نَاسِخًا لِمَنْعِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَنَهْيِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ في ألفاظ حديث بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ هَذَا حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن نصر قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يحدث عن بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ ((مَا لَهُمْ وَالْكِلَابِ)) ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَقَالَ ((إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوا الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)) وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ أَكْرَهُ أَنْ أُفْنِيَهَا لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا أَلَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ)) قَالَ ((وَأَيُّمَا أَهْلُ دَارٍ حَبَسُوا كَلْبًا لَيْسَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ)) وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بَيْعُ الْكِلَابِ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّمًا وَمَنْ قَتَلَهُ وَهُوَ مُعَلَّمٌ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 431 قَالَ وَبَيْعُ الْفَهْدِ وَالصَّقْرِ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الْهِرِّ وَكُلِّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ فِي بَيْعِ كُلِّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ مِلْكُهُ وَشِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْقِرْدِ وَالْفَأْرِ وَكُلِّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا أَكْلُ ثَمَنِهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي ثَمَنِ الْهِرِّ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ فَذَكَرْنَاهُ وَعِلَّتَهُ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَاللَّهُ يُوَفِّقُنَا أَفْضَلَ مَا رَضُوهُ وَبِهِ الْعَوْنُ |