مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِنْ تَرَكَ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ
قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِنْ تَرَكَ الَّذِي اشْتَرَطَ السَّلَفَ مَا اشْتَرَطَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ جَائِزًا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وَسَلَفٍ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَحِلُّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ)) وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَقْبُولٌ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَحْتَجُّونَ بِهَذَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ وَإِنَّمَا الْوَاهِي مِنْ حَدِيثِهِ ما يرويه الضعفاء عنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 432 وأما صحيفة الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ فَصَحِيفَةٌ مَشْهُورَةٌ صَحِيحَةٌ مَعْلُومٌ مَا فِيهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْكِتَابِ عَنْهُ رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَحْفَظَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّهُ كَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْتُبُ كُلَّ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ قَالَ ((نَعَمْ فَإِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا)) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هذه الأحاديث في كتاب العلم روينا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ يُحْتَجُّ بِهِ لِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ وَسَمِعَ شُعَيْبٌ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَوْلُ عَلِيٍّ هَذَا مَعَ إِمَارَتِهِ وَعِلْمِهِ بِالْحَدِيثِ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَشْرُوعٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ أَنَّ الْبَيْعَ إِذَا انْعَقَدَ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ سَلَفًا مَعَ مَا ذَكَرَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ أَوْ سَلَّفَ الْبَائِعُ الْمُبْتَاعَ مَعَ سِلْعَتِهِ الْمَبِيعَةِ سَلَفًا يَنْعَقِدُ عَلَى ذَلِكَ وَالصَّفْقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الثَّمَنُ بالسلف مجهولا والسنة المجتمع عليه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الثَّمَنُ إِلَّا مَعْلُومًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ أَسْلَفَهُ خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً فَلَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ عَشَرَةً إِلَّا بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنَ السَّلَفِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ فَلِذَلِكَ صَارَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنْ تَرَكَ السَّلَفَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا فَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَكَانَ سَحْنُونٌ يَقُولُ إِنَّمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِذَا لَمْ يَقْبِضِ السَّلَفَ وَتَرَكَ وَأَمَّا إِذَا قَبَضَ السَّلَفَ فَقَدْ تَمَّ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَالْبَيْعُ - حِينَئِذٍ - مَفْسُوخٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عن بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ ((فَإِنْ رَدَّ السَّلَفَ)) وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ جَاءَ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) ((تَرَكَ السَّلَفَ)) لِأَنَّ رَدَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وإذا قبض السلف فَهُوَ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا بِمِائَةٍ وَاشْتَرَطَ أَنْ يُسْلِفَهُ سَلَفًا كَانَ الْبَيْعُ مَفْسُوخًا إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لَا حَاجَةَ لِي فِي السَّلَفِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 433 قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَنَّهُ إِذَا أَدْرَكَ فَسَخَ وَإِنْ فَاتَ تَرَكَ الَّذِي قَبَضَ السَّلَفَ السَّلَفَ وَكَانَ لِلْبَائِعِ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَاعَهَا بِهِ فَأَدْنَى مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي أَسْلَفَ الْمُبْتَاعَ سَلَفًا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا مُعَجَّلًا فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنْ أَسْلَفَ مَعَهُ سَلَفًا وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ هُوَ الَّذِي أَسْلَفَ الْبَائِعَ فُسِخَ الْبَيْعُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا وَرَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ سِلْعَتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ إِلَّا أَنْ تَنْقُصَ قِيمَتُهَا مِنَ الثَّمَنِ فَلَا يَنْقُصُ الْمُشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنْ أَسْلَفَ مَعَهُ سَلَفًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ رَضِيَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ بِتَرْكِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إِذَا وَقَعَ فَاسِدًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أُجِيزَ حَتَّى يُفْسَخَ وَيُسْتَأْنَفَ فِيهِ عَقْدٌ آخَرُ وَالْقِيمَةُ عِنْدَهُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسَلِّفُ الْبَائِعَ أَوِ الْمُشْتَرِيَ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَدْ رَوَى بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ تَرَكَ السَّلَفَ قَالَ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الْبَيْعِ فَاسِدًا فِي اشْتِرَاطِ السَّلَفِ كَالْبَيْعِ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وَقَعَ فَاسِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ فَيَرُدُّ السَّلَفَ وَيَصْلُحُ بالقيمة قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الْبُرْكَانِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ فَقَالَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَبَيْنَ رَجُلٍ بَاعَ غُلَامًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَزِقِّ خَمْرٍ أَوْ شَيْءٍ حَرَامٍ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَدَعُ الْزِّقَّ أَوِ الشَّيْءَ الْحَرَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَهَذَا الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ عِنْدَ مَالِكٍ غَيْرُ جَائِزٍ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مُشْتَرِطَ السَّلَفِ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهِ وَتَرْكِهِ وَلَيْسَ مَسْأَلَتُكَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ يَكُونُ مِثْلَ مَسْأَلَتِكَ لَوْ قَالَ أَبِيعُكَ غُلَامِي بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنِّي إِنْ شِئْتَ أَنْ تَزِيدَنِي زِقَّ خَمْرٍ زِدْتَنِي وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ ثُمَّ تَرَكَ زِقَّ الْخَمْرِ فَجَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ أَخَذَهُ فُسِخَ الْبَيْعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَصْنَعْ إِسْمَاعِيلُ شَيْئًا لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْزِّقِّ مِنَ الْخَمْرِ إِذَا شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ تَرَكَهُ كَصَاحِبِ السَّلَفِ سَوَاءً وَلَمْ تَقَعْ مَسْأَلَةُ السَّلَفِ الْمُشْتَرَطِ وَلَا مَسْأَلَةُ الْزِّقِّ مِنَ الْخَمْرِ الْمُشْتَرَطِ أَيْضًا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ وَعَقْدُ الصَّفْقَةِ عَلَى التَّخْيِيرِ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إن شئت أن تريد وَلَا إِنْ شِئْتَ أَنْ تُسْلِفَنِي فَاعْتَلَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 434 إِسْمَاعِيلُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ وَاحْتَجَّ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَالْأَصْلُ مَا قَدَّمْتُ لَكَ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ لا يقع من مجهولا وَكَذَلِكَ الْزِّقُّ مِنَ الْخَمْرِ يَقَعُ بِهِ الثَّمَنُ مجهولا لسقوط بيع الخمر في الشريعة ولأنها صِفَةٌ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا فَلَوْ صَحَّحْنَا الْحَلَالَ مِنْهَا رَجَعَ الثَّمَنُ إِلَى الْقِيمَةِ وَالْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ مِنَ الْكَتَّانِ أَوِ الشَّطَوِيِّ أَوِ الْقَصَبِيِّ بِالْأَثْوَابِ مِنَ الْإِتْرِيبِيِّ أَوِ الْقَسِّيِّ أَوِ الزِّيقَةِ أَوِ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوِ الْمَرْوِيِّ بِالْمَلَاحِفِ الْيَمَانِيَّةِ وَالشَّقَائِقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بِالِاثْنَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَةِ يَدًا بِيَدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ نَسِيئَةٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَصْلُحُ حَتَّى يَخْتَلِفَ فَيَبِينَ اخْتِلَافُهُ فَإِذَا أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْهَرَوِيِّ بِالثَّوْبِ مِنَ الْمَرْوِيِّ أَوِ الْقُوهِيِّ إِلَى أَجَلٍ أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْفُرْقُبِيِّ بِالثَّوْبِ مِنَ الشَّطَوِيِّ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا - يَعْنِي الثِّيَابَ قَبْلَ أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 435 تَسْتَوْفِيَهُ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ وَأَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى غَيْرَ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ كَالطَّعَامِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ الْمَعْنَى بِأَبْسَطَ مِمَّا مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْإِتْرِيبِيُّ ثِيَابٌ تُعْمَلُ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ يُقَالُ لَهَا إِتْرِيبُ وَأَمَّا الْقَسِّيُّ فَثِيَابٌ تُعْمَلُ فِي الْقَسِّ نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي مِصْرَ وَأَمَّا الزِّيقَةُ فَثِيَابٌ تُعْمَلُ بِالصَّعِيدِ غِلَاظٌ رَدِيَّةٌ وَأَمَّا الشَّقَائِقُ فَالْأُزُرُ الضيقة الردية قال أبو عمر فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْعُرُوضَ كُلَّهَا مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِ الثِّيَابِ لَا بَأْسَ بِالْعَرَضِ الْمُعَجَّلِ مَنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إِذَا اخْتَلَفَا فَبَانَ اخْتِلَافُهُمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ فَكَيْفَ شِئْتَ وَلَا يضره اتفاق أجناسهما إذ اخْتَلَفَتِ الْأَعْرَاضُ فِيهِمَا وَاخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهَا فَإِنِ اتَّفَقَتِ الْأَعْرَاضُ وَالْمَنَافِعُ لَمْ يَجُزْ فَلَا يَجُوزُ ثَوْبٌ شَطَوِيٌّ بِثَوْبَيْنِ مَنَ الشَّطَوِيِّ إِلَى أَجَلٍ وَلَا بَأْسَ بِالثَّوْبِ الشَّطَوِيِّ نَقْدًا بِالثَّوْبَيْنِ مِنَ الْمَرْوِيِّ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الْكَتَّانِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَسْلِيمُ غَلِيظِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهِ وَرَقِيقِهِ فِي غَلِيظِهِ اثْنَيْنِ فِي وَاحِدٍ وَوَاحِدٍ فِي اثْنَيْنِ وَكَذَلِكَ ثِيَابُ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ رَقِيقُهَا فِي غَلِيظِهَا وَغَلِيظُهَا فِي رَقِيقِهَا وَلَا يُنْظَرُ إِلَى اتِّفَاقِ أَسْمَائِهَا وَلَا إِلَى أَصْلِهَا إِذَا اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهَا وَأَغْرَاضُ النَّاسِ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الصَّانِعُ الْعَامِلُ أَوِ الْكَاتِبُ أَوِ الْفَصِيحُ يُسْلَمُ فِي الْأَعْبُدِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِثْلَهُ وَإِنْ كَانُوا أَصْلُهُمْ كُلِّهِمُ الْعَجَمُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مُخْتَلِفٌ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَمَذْهَبِهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ الْكَافِي وَأَتَيْنَا فِيهِ بِالْبَيَانِ الشَّافِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لَا يَصْلُحُ ثَوْبٌ بِثَوْبَيْنِ دَيْنًا إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ لَا يصلح ثوب بثوبين إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ لَا يَجُوزُ النَّسَأُ فِي الشَّيْءِ يُبَاعُ فِي صِنْفِهِ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الصِّفَةُ وَالتَّسْمِيَةُ وَقَالَ رَبِيعَةُ الَّذِي يَحْرُمُ مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبُ بِالثَّوْبَيْنِ إِلَى أَجَلٍ مِنْ ضَرْبٍ وَاحِدٍ كَالسَّائِرِيَّةِ بالسائرتين والقبطية بالقبطتين وَالرَّيْطَةِ بِالرَّيْطَتَيْنِ مِنْ نَسْجِ الْوَلَائِدِ وَأَمَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ نَسِيجُ مِصْرَ كُلِّهَا كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسَأُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ قَالَ وَيَجُوزُ نَسِيجُ مِصْرَ كُلُّهُ بِنَسِيجِ العراق نسيئة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 436 وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَمَذْهَبُهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثِّيَابِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ نَسِيئَةً إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فِيهَا نَحْوَ الْهَرَوِيِّ بِالْقُوهِيِّ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا بِهِ وَنَحْوُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالثَّوْبِ بِالثَّوْبَيْنِ نَسِيئَةً إِذَا اختلفت ويكره من شيء واحد وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ الْعُرُوضِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ أَكْرَهُ النَّسَأَ فِي الثِّيَابِ إِذَا كَانَ أَصْلُهَا وَاحِدًا قَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قُطْنًا وَالْآخَرُ كَتَّانًا أَوْ صُوفًا فَلَا بَأْسَ بِالنَّسِيئَةِ فِيهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالذَّهَبِ والفضة فجائز فيه النسيئة والتفاضل كيف شاء المتبايعين وَلَا رِبَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَا بَأْسَ بِقَبْضَةٍ بِقَبْضَتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ سَائِرٌ الثِّيَابِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ وَخَالَفَهُ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ فِي هَذَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كُلُّ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَجَائِزٌ التَّفَاضُلُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً وَعَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ فَجَائِزٌ التَّفَاضُلُ وَعَنْ إسماعيل بن أمية عن بن الْمُسَيَّبِ فِي قُبْطِيَّةٍ بِقُبْطِيَّتَيْنِ نَسِيئَةً كَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَزَادَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ إِنَّمَا الرِّبَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ بن أبي زيد قال حدثني بن وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْبَشِيرِ قَالَ حدثني بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُخَالِفُونَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْهَا قَوْلُهُ لَا بأس بقبطية بقبضتين إِلَى أَجَلٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 437 حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ قَالَ طُفْتُ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَطْلُبُ الْعِلْمَ فَمَا لَقِيتُ رَجُلًا أَعْلَمَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ |