مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ
دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِذَا افْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمُ
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ
دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِذَا افْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمُ
اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ وَجَبَتِ الْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ بِأَثَرِ هَذَا الْحَدِيثِ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا
إِلَى أَجَلٍ قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ
كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَى بِهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ
الَّتِي إِلَى أَجَلٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ
قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا يَنْبَغِي لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قد نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ أَشْتَرِي مِنْكَ هَذِهِ الْعَجْوَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا أَوِ
الصَّيْحَانِيَّ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ أَوِ الْحِنْطَةَ الْمَحْمُولَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا أَوِ الشَّامِيَّةَ عَشَرَةَ
أَصْوُعٍ بِدِينَارٍ قَدْ وَجَبَتْ لِي إِحْدَاهُمَا إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا يَحِلُّ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ
عَشَرَةَ أَصْوُعٍ صَيْحَانِيًّا فَهُوَ يَدَعُهَا وَيَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ أَوْ تَجِبُ
عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَحْمُولَةِ فَيَدَعُهَا وَيَأْخُذُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ مِنَ
الشَّامِيَّةِ فَهَذَا أَيْضًا مَكْرُوهٌ لَا يَحِلُّ وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ في بيعة
وهو أيضا ما نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
وَقَدْ فَسَّرَ مَالِكٌ مَذْهَبَهُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ
عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا الْعِينَةُ
وَالثَّانِي أَنَّهُ يَدْخُلُهُ مَعَ الطَّعَامِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُتَفَاضِلًا
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ من بيوع الغرر ونحو ذلك
فسره بن القاسم
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 450
قال عيسى بن دينار سألت بن الْقَاسِمِ عَنْ تَفْسِيرِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَقَالَ لِي بَيْعَتَيْنِ
فِي بَيْعَةٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَبْلُغَ لَكَ تَفْسِيرُهُ وَأَصْلُ مَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ وَتَعْرِفُ بِهِ مَكْرُوهَهُمَا
أَنَّهُمَا إِذَا تَبَايَعَا بِأَمْرٍ يَكُونُ إِذَا فُسِخَتْ إِحْدَاهُمَا فِي صَاحِبِهِ كَانَ حراما أو يكون إذ
فُسِخَتْ إِحْدَاهُمَا فِي صَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا وَكَانَ غَرَرًا لَا يَدْرِي مَا عَقَدَ بِهِ بَيْعَ
سِلْعَتِهِ وَلَا مَا وَجَبَ لَهُ وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَأَصْلُهَا الْغَرَرُ وَالْمُخَاطَرَةُ وَهُوَ
فَسْخٌ إِنْ وَقَعَ إِلَّا أَنْ تَفُوتَ السِّلْعَةُ عِنْدَ مُبْتَاعِهَا فَيَكُونُ لَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ ابْتَاعَهَا
قَالَ عِيسَى وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ سِلْعَتِي هَذِهِ لَكَ - إِنْ شِئْتَ - بِدِينَارٍ نَقْدًا وَإِنْ
شِئْتَ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ قَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ الْأَخْذُ بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ إِنْ أَخَذَهَا بِالدِّينَارِ كَانَ
نَقْدًا قَدْ فَسَخَ دِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ فِي دِينَارٍ نَقْدًا وَإِنْ أَخَذَهَا بِدِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ كَانَ قَدْ
فَسَخَ دِينَارًا نَقْدًا بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ
فَهَذَا الَّذِي إِنْ فَسَخَهُ فِي صَاحِبِهِ لَمْ يَحِلَّ وَأَمَّا الَّذِي إِنْ فَسَخَهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ حَلَالًا
وَكَانَ غَرَرًا لَا يَدْرِي مَا عَقَدَ بِهِ بَيْعَ سِلْعَتِهِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ خُذْهَا بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِشَاةٍ
قَائِمَةٍ نَقْدًا فَذَلِكَ مِلْكُ الْآخَرِ يَأْخُذُهَا فَهُوَ الَّذِي إِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا فِي صَاحِبِهِ كَانَ حَلَالًا
وَكَانَ غَرَرًا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا عَقَدَ عَلَيْهِ بَيْعَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا زَادَ عِيسَى عَلَى أَنْ أَتَى بِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) إِلَّا أَنَّهُ
سَمَّى الْغَرَرَ حَلَالًا وَذَهَبَ إِلَى تَفْسِيرِ ظَنِّهِ فِي الدِّينَارِ نَقَدًا فِي الشَّاةِ وَجَعَلَ الْوَجْهَ
مِنَ الْآخَرِ حَرَامًا لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فِي ظَنِّهِ دِينَارٌ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَنَّ بَيْعَ الْغَرَرِ
لَيْسَ بِحَلَالٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلمنهى عَنْهُ كَمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ
بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَكَيْفَ صَارَ فِعْلُ مَنْ وَاقَعَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ حَلَالًا وَصَارَ فِعْلُ مَنْ وَاقَعَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَجْهِ الْآخَرِ حَرَامًا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَاعِلَيْنِ
لَمْ يَقْصِدْ فِي ظَاهِرِ أَمْرِهِ مَا نَهَى عَنْهُ وَلَكِنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا يُشْبِهُهُ
وَحَصَلَ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي حُكْمِ مَنْ فَعَلَهُ قَاصِدًا إِلَيْهِ فَلَمَّا صَارَ فِعْلُ مَنْ وَاقَعَ
أَحَدَ النَّهْيَيْنِ قَاصِدًا أَوْ جَاهِلًا حَلَالًا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ وَاقَعَ النَّهْيَ الثَّانِي مِثْلَهَا وَكِلَاهُمَا
مُتَسَاوِيَانِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إِنْ أَدْرَكَ وَإِصْلَاحُهُ بِالْقِيمَةِ إِنْ فَاتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ
وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 451
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ وَالزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ مَعْنَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدًا بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إِلَى سَنَةٍ وَلَا
أَعْقِدُ الْبَيْعَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَذَا تَفَرُّقٌ عَنْ ثَمَنٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ
قَالَ الْمُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُكُ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِأَلْفٍ إِذَا وَجَبَ
لَكَ عَبْدِي وَجَبَتْ لِي دَارُكَ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بِثَمَنٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لِأَنِّي مَا نَقَصْتُ فِي الْعَبْدِ
أَدْرَكْتُهُ بِمَا ازْدَدْتُ فِي الدَّارِ فَتَكُونُ الدَّارُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ إِنِّي مَا ازْدَدْتُ فِي الدَّارِ
أَدْرَكْتُ فِي الْعَبْدِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعٌ مُشْتَرٍ بِثَمَنٍ لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَبَيْعُهُمَا
مَفْسُوخٌ وَهُوَ يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ بَيْعًا مِنْ رَجُلٍ إِلَى أَجَلَيْنِ فَتَفَرَّقَا عَلَى
ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلَيْنِ إِلَّا عَنْ ثَمَنَيْنِ
فَإِنْ قَالَ هُوَ بِالنَّقْدِ بِكَذَا وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا ثُمَّ افْتَرَقَا عَلَى قَطْعِ أَحَدِ الْبَيْعَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ
قَالُوا وَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ الْآخَرُ عَبْدَهُ بِثَمَنٍ ذَكَرَهُ لَمْ يَجُزْ
فَمَعْنَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَالَ أَبِيعُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ إِذَا
كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ تَرَكَ وَلَا يَلْزَمُهُ فَلَا بَأْسَ
بِذَلِكَ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ إِنِ افْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ بِالِالْتِزَامِ حَتَّى يَفْتَرِقَا
عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنِ افْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ وَقَبَضَ السِّلْعَةَ فَهِيَ بِأَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَبْعَدِ
الأجلين
وقال بن شُبْرُمَةَ إِذَا فَارَقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَضَاعَ فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الثَّمَنَيْنِ نَقْدًا
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا افْتَرَقَ عَلَى إِلْزَامِ إِحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِمَا فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ
جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَافْتَرَقَا عَلَى غَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنِ افْتَرَقَا عَلَى
الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا عَلَى غَيْرِ الْتِزَامٍ بِثَمَنٍ يَلْزَمُ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَجَعَلَهُ مِنْ
بَابِ بَيْعِ الْخِيَارِ
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ إِذَا افْتَرَقَا عَلَى غَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَا بِالْتِزَامٍ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 452
وَلَا بِغَيْرِ الْتِزَامٍ لِأَنَّهُمَا قَدِ افْتَرَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَدَخَلَا تَحْتَ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارِ نَقْدًا أَوْ بِدِينَارَيْنِ إِلَى شَهْرٍ فُسِخَ ذَلِكَ وَرُدَّتْ إِلَى
قِيمَتِهَا نَقْدًا وَلَا يُعْطَى أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ حَدِيثِهِمْ لَا تَحِلُّ السَّوْمَتَانِ هُوَ بِكَذَا نَقْدًا أَوْ
بِكَذَا نَسِيئَةً قَالَ يَأْخُذُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ
قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِإِحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ قُلْتُ فَإِنَّهُ ذَهَبَ بِالسِّلْعَةِ
عَلَى ذَيْنِكَ الشَّرْطَيْنِ
قَالَ هِيَ بِأَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ بِعْتَ بَيْعًا فَقُلْتَ هُوَ لَكَ بِالنَّقْدِ بِكَذَا وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا فَذَهَبَ بِهِ
الْمُشْتَرِي وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْبَيْعَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ بَيْعُكَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ
وَهُوَ بَيْعَانِ فِي بَيْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ
فَإِنْ وَجَدْتَ مَتَاعَكَ بِعَيْنِهِ أَخَذْتَهُ وَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتُهْلِكَ فَلَكَ أَوْكَسُ الثَّمَنَيْنِ وَأَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ
وَإِذَا ذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ نَقْدًا كَانَ أَوْ نَسِيئَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ
الصَّفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ رِبًا
قَالَ سُفْيَانُ يَقُولُ إِنْ يَأْخُذْ سِلْعَةً بَيْعًا فَقَالَ أَبِيعُكَ هَذِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَتُعْطِينِي بِهَا
صَرْفَ دِرْهَمٍ
وَالثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ هُوَ رِبًا
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَهُوَ
عِنْدَهُمْ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ جَائِزٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ
وَمَعْمَرٌ عن الزهري عن قتادة وعن بن طاوس عن أبيه عن قتادة عن بن الْمُسَيَّبِ
قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقُولَ أَبِيعُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إِلَى شَهْرٍ أَوْ بِعِشْرِينَ إِلَى
شَهْرَيْنِ إِذَا بَاعَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا قبل أن تفارقه
ومعمر وبن عيينة عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا فَهُوَ بِأَقَلِّ
الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَبْعَدِ الأجلين
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 453