مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرُهُ وَلَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهِ أَوْ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرُهُ وَلَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهِ أَوْ يَبْتَاعَهُ
لَيْلًا وَلَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ الْآخَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ
عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذَا بِهَذَا فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ
الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ وَبَيْعُ الْحَصَى بُيُوعًا يَتَبَايَعُهَا أَهْلُ
الْجَاهِلِيَّةِ
وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي سعيد وبن عُمَرَ
فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسِلْمِ عَنْهَا وَمَعْنَاهَا يَجْمَعُ الْخَطَرَ وَالْغَرَرَ وَالْقِمَارَ
لِأَنَّهُ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا تَقْلِيبٍ وَلَا يَدْرِي حَقِيقَةَ مَا اشْتَرَى
وَتَفْسِيرُ مَالِكٍ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَرِيبٌ مِنَ السَّوَاءِ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 459
وَكَذَلِكَ بِيعُ الْحَصَى وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ ثِيَابٌ مَبْسُوطَةٌ فَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ لِلْبَائِعِ أَيُّ ثَوْبٍ مِنْ
هَذِهِ الثِّيَابِ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْحَصَى الَّتِي أَرْمِي بِهَا فَهِيَ لِي فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ نَعَمْ
فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ شِرَاءِ مَا لَا يَقِفُ الْمُبْتَاعُ عَلَى عَيْنِهِ وُقُوفَ تَأَمُّلٍ لَهُ
وَعِلْمٍ بِهِ وَلَا يَعْرِفُ مَبْلَغَهُ هُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فِي مَعْنَى مَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ
شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ بن
شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ وَنَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ
وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَلَا يُقَلِّبُهُ إِلَّا بِذَلِكَ
وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ الْآخَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا
عَلَى غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَأَمُّلٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي أَلْفَاظِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ اللُّبْسَتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ اللُّبْسَةِ الصَّمَّاءِ مِنَ الْجَامِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَتَفْسِيرُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ عَلَى نَحْوِ تَفْسِيرِ مَالِكٍ لِذَلِكَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَعْنَى الْمُلَامَسَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِالثَّوْبِ مَطْوِيًّا فَيَلْمِسُهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يأتي به
في ظلمة ويقول رَبُّ الثَّوْبِ أَبِيعُكَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ الْبَيْعُ فَنَظَرْتَ إِلَيْهِ فَلَا
خِيَارَ لَكَ
وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي هَذَا وَتَنْبِذُ إِلَيَّ ثَوْبَكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما
بالآخر ولا خِيَارَ لَنَا إِذَا عَرَفْنَا الطُّولَ وَالْعَرْضَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَمَا رَوَى عَنْهُ الرَّبِيعُ
فِي أَنَّهُ يُجِيزُ الْبَيْعَ عَلَى خِيَارِ الرؤية
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 460
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ بَيْعَانِ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ
عَلَى مَا سَاوَمَ بِهِ فَقَدْ مَلَكَهُ وَإِذَا نَبَذَهُ إِلَيْهِ فَقَدْ مَلَكَهُ وَوَجَبَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ وَإِنْ
لَمْ تَطِبْ بِذَلِكَ نَفْسُهُ فَذَلِكَ قِمَارٌ لا يتابع
وقال بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ الْمُلَامَسَةُ كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ السِّلَعَ وَلَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَلَا
يُخْبِرُونَ عَنْهَا
وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يُنَابِذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ وَلَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا
وَقَالَ رَبِيعَةُ الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُلَامَسَةِ بَيْعُ الْأَعْمَى وَالْمَسُّ بِيَدِهِ أَوْ بَيْعُ
الْبَزِّ وَسَائِرِ السِّلَعِ لَيْلًا دُونَ صِفَةٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ أَوِ الثَّوْبِ الْقِبْطِيِّ المدرج في طيه إنه لا
يجوز بيعهما حَتَّى يُنْشُرَا وَيُنْظَرَ إِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ
وَهُوَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَبِيعُ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ مُخَالِفٌ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي جِرَابِهِ وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ وَمَا
مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ الجائزة والتجارة بينهم
التي لا يرون بها بَأْسًا لِأَنَّ بَيْعَ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ عَلَى غَيْرِ نَشْرٍ لَا يُرَادُ بِهِ
الْغَرَرُ وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلَامَسَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ سَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الْبَرْنَامَجِ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَمَّا بَيْعُ الثَّوْبِ فِي طَيِّهِ دُونَ أَنْ يُنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى
بِيعَ الْمُلَامَسَةِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى فِيهِ إِلَّا طَاقَةً وَاحِدَةً فَإِنْ عَرَفَ ذَرْعَهُ فِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ
وَنَظَرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ فَاشْتَرَى عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَإِنْ خَالَفَ كَانَ ذَلِكَ عَيْنًا كَسَائِرِ
الْعُيُونِ إِنْ شَاءَ قَامَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ رَضِيَهُ