قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ ثُمَّ يَقْدَمُ
بِهِ بَلَدًا آخَرَ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً إِنَّهُ لَا يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ وَلَا أَجْرَ الطَّيِّ

وَلَا الشَّدِّ وَلَا النَّفَقَةَ وَلَا كِرَاءَ بَيْتٍ فَأَمَّا كِرَاءُ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ ثُمَّ يَقْدَمُ
بِهِ بَلَدًا آخَرَ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً إِنَّهُ لَا يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ وَلَا أَجْرَ الطَّيِّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 461
وَلَا الشَّدِّ وَلَا النَّفَقَةَ وَلَا كِرَاءَ بَيْتٍ فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حُمْلَانِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ
الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ إِلَّا أَنْ يُعْلِمَ الْبَائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى
ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الْقِصَارَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَالصِّبَاغُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ يُحْسَبُ
فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي الْبَزِّ فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِمَّا سَمَّيْتُ إِنَّهُ لَا
يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ
يَفُتِ الْبَزُّ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ لِمَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ لِلدِّينَارِ دِرْهَمٌ أَوْ نَحْوُ
ذَلِكَ
وَمَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ فِي جَمِيعِ ثَمَنِهَا كُلًّا فَإِنَّهُ يَحْسِبُ فِيهَا مَا كَانَ
لِدَنَانِيرِهِ فِي عَيْنِ السِّلْعَةِ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ وَلَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِكُلِّ مَا قَامَتْ
عَلَيْهِ السِّلْعَةُ مِنْ كِرَاءٍ فَأَخَذَهُ سِمْسَارٌ وَطَيٍّ وَشَدٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ رَضِيَ فَأَخَذَ السِّلْعَةَ
عَلَى ذَلِكَ وَأَرْبَحَهُ عَلَيْهِ طَابَ ذَلِكَ لَهُ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ أَجِدْ في كتبه جوابا في هذه الْمَسْأَلَةِ لَا فِي كِتَابِ الْمُزَنِيِّ وَلَا فِي
كِتَابِ ((الْبُوَيْطِيِّ)) إِلَّا أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَلَاحًا لِلْمُبْتَاعِ مِمَّا هُوَ عَيْنٌ
قَائِمَةٌ فِيهِ أَوْ أَمْرٌ لَهُ قِيمَةٌ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ نَفْسِ الْمُبْتَاعِ وَقَوْلُهُ مِثْلُ مَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ
عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ فِي الْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ
وَالْكِرَاءِ وَيُلْحِقُ بِالرَّقِيقِ الْكِسْوَةَ وَالنَّفَقَةَ وَكَذَلِكَ أَجْرُ السِّمْسَارِ وَيَقُولُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ
قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُهُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يرفع فيه كراؤه وَنَفَقَتَهُ ثُمَّ يَبِيعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُرَابَحَةً
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الَّذِي نَقُولُ بِهِ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ لا تجوز إلا على الثمن الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ
وَلَكِنَّهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْسِبَ جَمِيعَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَمَا لَزِمَهُ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ قَامَ
عَلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَقُلِ اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَكَذَا فَيَكُونُ فَإِنْ بَاعَهُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 462
عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِكَذَا وَقَدْ حَمَلَ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ وَإِنِ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي
الْمَتَاعَ كَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ
قَالَ وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَتَاعِ وَعَلَى الرَّقِيقِ فِي طَعَامِهِمْ وَمُؤْنَتِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ حُسِبَ عَلَيْهِ
قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا أَوْ كَذَا وَلَا يَحْسِبُ فِي ذَلِكَ نَفَقَةً وَلَا كِرَاءً
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ عَشَرَةُ
دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ
ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ أو ابتاعه بدنانير
وباعه بدارهم وَكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ يَفُتْ فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ
فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ وَيُحْسَبُ لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ عَلَى
مَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى مَا رَبَّحَهُ الْمُبْتَاعُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ هَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ جِدًّا
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
وَهُوَ مِنْ بَابِ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي ذَلِكَ بَعْدُ
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ فَأَعْطَى فِي الدَّنَانِيرِ عُرُوضًا أَوْ دَرَاهِمَ إِنَّهُ لَا
يَبِيعُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ مَا نَفِذَ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى
يُبَيِّنَ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ عَيْبًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا مَا أَعْطَى
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِالْأَلْفِ
الدِّرْهَمِ عُرُوضًا أَوْ أَعْطَى فِيهَا ذَهَبًا فإنه يبيعها مرابحة على ألف درهم ولايبين
وهوقول الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالُوا لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا وَرَدَّ السِّلْعَةَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي عَقَدَ
سِلْعَتَهُ عَلَيْهِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى مَا عَقَدَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُضَ ثُمَّ يُعْطِيهِ بَعْدَ
ذَلِكَ فِيهِ عُرُوضًا أَوْ ذَهَبًا أَوْ مَا اتفقا عليه
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 463
وقد اختلف بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الَّذِي يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِطَعَامٍ أو عرض هل يبيعها
مرابحة
فقال بن الْقَاسِمِ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَى مِنَ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ
يَبِيعَهَا عَلَى قِيمَتِهَا
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِشَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً لِأَنَّ
ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوِ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِنَسِيئَةٍ وَبَاعَهَا مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبِنْ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ
أَجَلِهِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ كَالْعَيْبِ
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ هُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ لَهُ مِثْلُ نَقْدِهِ وَأَجَلِهِ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ جَاءَهُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ دِينَارًا وَقَدْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْبَائِعُ فَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ
قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِهِ
الْبَيْعُ أَوَّلَ يَوْمٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَإِنْ أَحَبَّ
ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنَ
الْقِيمَةِ فَيُخَيَّرُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ وَفِي رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ
دِينَارًا
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مُرَابَحَةً فَقَالَ قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ
ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْبَائِعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ
يَوْمَ قَبَضَهَا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الثمن الذي ابتاع به علىحساب مَا رَبَّحَهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ إِلَّا
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَقِّصَ رَبَّ السِّلْعَةِ
مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ رِضَى بِذَلِكَ وَإِنَّمَا جَاءَ رَبُّ السِّلْعَةِ يَطْلُبُ
الْفَضْلَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يَضَعَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ
عَلَى الْبَرْنَامَجِ
قَالَ أَبُو عمر إنما قال على البر نامج لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ عِنْدَهُ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ
وَالْمَعْهُودُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي بَيْعِ الْبَرْنَامَجِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ ((دَهْ
دُوَازْدَهْ)) لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 464
وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ إِذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَذَبَ فِي الشراء
وزاد وقامت بذلك بينة فلذلك كله سواء عند بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ
وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ تُحَطُّ عَنِ الْمُشْتَرِي
الزِّيَادَةُ الَّتِي كَذَبَ فِيهَا الْبَائِعُ وَمَا أَصَابَهَا مِنَ الرِّبْحِ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا اشْتَرَى إِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ بِالْخِيَارِ
فِي أَخْذِهِ السِّلْعَةَ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى لَهُ أَوْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ
وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَانَةِ وَالْكَذِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ
بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى بِهِ الْبَائِعُ أَوْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ
قَالَ وَلَا تُرَدُّ عَنْهُ الْخِيَانَةُ فَيَرْجِعُ إِلَى ثَمَنٍ مَجْهُولٍ لَمْ يَنْعَقِدِ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِهِ
وَالْقَوْلَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولَانِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ لَوِ ادَّعَى الْغَلَطَ وَذَكَرَ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ فَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّهُ
لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي مِنْهَا لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُخَيِّرُ الْمُبْتَاعُ عَلَى
حِسَبِ مَا ذَكَرَ
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ إِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ بَيْعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ
لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَتَيْنِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِرِبْحِ خَمْسِينَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِذَا تَبَيَّنَ
بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ دَفَعَ لِلْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ وَمَا أَصَابَهَا مِنَ الرِّبْحِ
قَالَ وَإِنِ ابْتَاعَهُ بِذَهَبٍ أَوْ دَهْ دُوَازْدَهْ
وَكَذَلِكَ أَيْضًا قَالَ فَإِنِ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ بَاعَهُ مُسَاوَمَةً بِمِائَتَيْنِ
وَخَمْسِينَ فَأَكْثَرَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَهُ مَا بَاعَهُ بِهِ
وَذَكَرَ الْجَوْزَجَانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ إِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ
بِالْخِيَارِ بَيْنَ رَدِّ الْمَتَاعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدِ اسْتَهْلَكَ الْمَتَاعَ أَوْ بَعْضَهُ فَالثَّمَنُ لَازِمٌ لَهُ لَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ
مِنْ ذَلِكَ
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِخِيَانَتِهِ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يَرْجِعِ الْمُشْتَرِي
فِي شَيْءٍ مِنَ الثَّمَنِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 465
وَذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُحَطُّ فِي التَّوْلِيَةِ وَلَا يُحَطُّ فِي الْمُرَابَحَةِ وَلَهُ الْخِيَارُ
قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُحَطُّ فِيهِمَا وَلَهُ الْخِيَارُ
وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ يُحَطُّ مِنْهُمَا
وهو قول بن أَبِي لَيْلَى
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فِي الْمُرَابَحَةِ لَهُ الْخِيَارُ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ
قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا دَخَلَهَا عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ حَالَتِ الْأَسْوَاقُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَلَا يَرُدُّهَا
وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا نِصْفَ مَا وَزَنَ مِثْلَ مَا وَزَنَ الْمُبْتَاعُ أَوْ
أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ تَمَامُ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا وَزَنَ
فَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَخَذَ الْجَمِيعَ أَوْ رَدَّ
قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحَطُّ فِي الْمُرَابَحَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي مِثْلَ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا خَانَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي حُطَّ عَنْهُ مِنَ الثَّمَنِ الزِّيَادَةُ وَرِبْحُ الزِّيَادَةِ
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذَا قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ
بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْخِيَانَةِ بَيْنَ أَنْ يَنْتَقِصَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ السِّلْعَةَ وَيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ
يُمْضِيَ الْبَيْعَ بِمَا ابْتَاعَهَا بِهِ إِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ
يَأْخُذَهَا بِمَا خَانَهُ فِيهِ مِنَ الثَّمَنِ وَرَبِحَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ لَمْ يَرَ أَنْ يُحَطَّ عَنِ الْمُشْتَرِي مَا كَذَبَ فِيهِ الْبَائِعُ وَخَيَّرَهُ قَاسَهُ
عَلَى الْعَيْبِ لِأَنَّ الْعَيْبَ نَقْضٌ دَخَلَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَهُوَ فِيهِ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ
شَاءَ رَدَّ وَمَنْ رَأَى أَنْ يُحَطَّ عَنْهُ فَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنَّمَا رِبْحُهُ عَلَى مَا ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ
عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَمَّا خَانَهُ وَجَبَ أَنْ يَرُدَّ مَا خَانَهُ بِهِ كَمَا لَوْ خَانَهُ فِي الْوَزْنِ أَوِ
الْكَيْلِ وَجَبَ رَدٌّ ذَلِكَ إلى الحق
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 466