مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يَكُونُ الْمَطْلُ مِنَ الْغَنِيِّ إِذَا كَانَ صَاحِبُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 491 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يَكُونُ الْمَطْلُ مِنَ الْغَنِيِّ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ طَالِبًا لِدَيْنِهِ رَاغِبًا فِي أَخْذِهِ فَإِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا غَنِيًّا وَمَطَلَهُ وَسَوَّفَ بِهِ فَهُوَ ظَالِمٌ لَهُ وَالظُّلْمُ مُحَرَّمٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَقَدْ أَتَى الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِي الظَّالِمِينَ بِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ فَقِهَهُ عَنْ قَلِيلِ الظُّلْمِ وَكَثِيرِهِ مُنْتَهِيًا وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ بَعْضُهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَأَعْظَمُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لُقْمَانَ 13 وَقَالَ (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) طه 111 أَيْ خَابَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ بَعْضِهَا أَوْ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا ارْتَكَبَ مِنَ الظُّلْمِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَقَالَ (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا) الْفُرْقَانِ 19 وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَاكِيًا عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ عَلَيْكُمُ الظُّلْمَ فَلَا تَظَالَمُوا وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ مُحَرَّمٌ)) 12 مُوجِبٌ لِلْإِثْمِ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اسْتِحْلَالِ عِرْضِهِ وَالْقَوْلِ فِيهِ وَلَوْلَا مَطْلُهُ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) النِّسَاءِ 148 وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ يُحِلُّ عِرْضَهُ أَيْ يُحِلُّ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لَوْلَا مَطْلُهُ وَلَيَّهُ وَمَعْنَى وَعُقُوبَتَهُ قَالُوا السِّجْنُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يُثْبِتَ عُسْرَتَهُ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ نَظِرَةٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 492 حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ سَحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ إِذَا مَطَلَ الْغَنِيُّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ ظَالِمًا وَأَمَّا قَوْلُهُ ((إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)) فَمَعْنَاهُ الْحَوَالَةُ يَقُولُ إِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحِلْ عَلَيْهِ وَهَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِرْشَادٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا وَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ إِذَا رَضِيَ بِذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَطَابَتْ نَفْسُهُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ مِنْهُ غِنًى أَلَّا يَسْتَحِيلَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَأَوْجَبُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ فَرْضًا إِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيئًا وَأَمَّا الْحَوَالَةُ فَسَيَأْتِي مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِيهَا فِي بَابِهَا مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى |