قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ وَيَسْتَثْنِي ثِيَابًا بِرُقُومِهَا إِنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ يَشْتَرَطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى فَإِنِّي أَرَاهُ شَرِيكًا فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اشْتُرِيَ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ (...) |
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ وَيَسْتَثْنِي ثِيَابًا بِرُقُومِهَا إِنَّهُ إِنِ
اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ يَشْتَرَطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى فَإِنِّي أَرَاهُ شَرِيكًا فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اشْتُرِيَ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءٌ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوَتٌ فِي الثَّمَنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الثُّنْيَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ لَا يُجِيزُونَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ جُمْلَةِ الثِّيَابِ وَالْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ شَيْئًا يَخْتَارُهُ الْبَائِعُ لِأَنَّ مَا عَدَا الْمُخْتَارَ لَيْسَ بِزَائِدٍ عِنْدَهُمْ وَكَذَلِكَ مَنِ اسْتَثْنَى مِنَ التَّمْرِ أَوِ الصُّبَرِ كَيْلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لِتَكْرَارِهِ وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ وَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَ قَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ مِنْهُ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ قَبَضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ وَلَا وَضِيعَةٌ وَلَا تَأْخِيرٌ لِلثَّمَنِ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلَا تَوْلِيَةٍ وَلَا إِقَالَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِقَالَةَ إِذَا كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ أَوْ زِيَادَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ أَنَّهَا بَيْعٌ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 497 وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِقَالَةِ عَلَى وَجْهِهَا بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ لَا نَظِرَةٌ وَلَا هِيَ بَيْعٌ فَيَحِلُّ فِيهَا وَيَحْرُمُ مَا يَحِلُّ فِي الْبَيْعِ وَيَحْرُمُ أَمْ هِيَ مَعْرُوفٌ وَإِحْسَانٌ وَفِعْلُ خير ليست بِبَيْعٍ وَكَذَلِكَ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَكَذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ وَالْإِقَالَةَ جَائِزٌ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِي الطَّعَامِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَصُنْعِ الْمَعْرُوفِ وَالْحُجَّةُ لَهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) الْحَجِّ 77 وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)) وَقَدْ لَزِمَ الْإِقَالَةَ وَالتَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ اسْمٌ غَيْرُ اسْمِ الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ فِي السَّلَمِ وَالطَّعَامِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَالْقَبْضِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فِي السَّلَمِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا فِي الطَّعَامِ الْمَأْخُوذِ بِعِوَضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَاخْتِلَافُهُمْ هَلْ هِيَ بَيْعٌ أَمْ فَسْخٌ عَلَى مَا أُضِيفَ لَكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَإِحْسَانٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا الْإِقَالَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخُ بَيْعٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخٌ أَيْضًا وَلَا تَقَعُ إِلَّا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ سَوَاءٌ تَقَابَلَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ ثَمَنٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هِيَ بَيْعٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَتَجُوزُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِثَمَنٍ آخَرَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِهِمْ قَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ أَقَالَهُ عَلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ وَلَيْسَتْ بِبَيْعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَائِزٌ فِي السَّلَفِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 498 كَانَتْ بَيْعًا دَخَلَهَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا فَسْخُ بَيْعٍ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهَا زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ وَإِنَّمَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنَّ حُكْمَهَا عِنْدَ حُكْمِ الْبَيْعِ الْمُسْتَأْنَفِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا قَبَضَ وَبَانَ بِهِ إِلَى نَفْسِهِ ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَلَا قَوْلُ أَصْحَابِهِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُوَاضَعَةِ لِلْحَيْضَةِ إِذَا وَقَعَتِ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ سَتْرِهَا لَهَا وَعَيْنُهُ عَلَيْهَا أن العهدة عليه والمصيبة منه واختلف بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَوْ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ وَلَمْ يَبِنْ بها حمل فقال بن الْقَاسِمِ عَلَى أَصْلِهِ الْمُصِيبَةُ فِيهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُصِيبَةُ فِيهَا مِنَ الْبَائِعِ الْمُقَالِي وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ بِمَوْضِعٍ لِذِكْرِ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِي الْبَابِ مَعْنَاهُ دُونَ مَا سِوَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَقِلْنِي وَلَكَ دَرَاهِمُ وَيَقُولُ له البائع أَقِلْنِي وَأُعْطِيكَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَالَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى طَعَامًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى قَالَ أَقِلْنِي وَأُعْطِيكَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي صَدْرِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنَ الْإِقَالَةِ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ الْأَوْزَاعِيِّ هَذَا فِيهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أخبرنا معمر عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا بَأْسَ بِالتَّوْلِيَةِ إِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أيوب عن الحسن مثله قال وقال بن سِيرِينَ لَا حَتَّى يُقْبَضَ وَيُكَالَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ التَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالشَّرِكَةُ سواء لا بأس به قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا مُسْتَفَاضًا بِالْمَدِينَةِ قَالَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَيَسْتَوْفِيَهُ إِلَّا أَنْ يُشْرِكَ فِيهِ أَوْ يُوَلِّيَهُ أَوْ يُقِيلَهُ وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كُلُّ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُقْبَضَ إِلَّا التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ والإقالة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 499 قَالَ دَاوُدُ وَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَأَمَّا الَّذِينَ جَعَلُوا ذَلِكَ بَيْعًا فَلَمْ يُجِيزُوا أَشْيَاءَ مِنْهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ التَّوْلِيَةُ بَيْعٌ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ وبن سِيرِينَ وَعَنْ فِطْرٍ عَنِ الْحَكَمِ قَالُوا التَّوْلِيَةُ بَيْعٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا فَلَا يُؤْلِهِ وَلَا يُشْرِكْ فِيهِ وَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ هَذَا عِنْدَنَا بَيْعٌ قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بَزًّا أَوْ رَقِيقًا فَبَتَّ بِهِ ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشَرِّكَهُ فَفَعَلَ وَنَقَدَا الثَّمَنَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ جَمِيعًا ثُمَّ أَدْرَكَ السِّلْعَةَ شَيْءٌ يَنْتَزِعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا فَإِنَّ الْمُشَرَّكَ يَأْخُذُ مِنَ الَّذِي أَشْرَكَهُ الثَّمَنَ وَيَطْلُبُ الَّذِي أَشْرَكَ بَيْعَهُ الَّذِي بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشَرِّكُ عَلَى الَّذِي أَشْرَكَ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُبَايَعَةِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَاوَتَ ذَلِكَ أَنَّ عُهْدَتَكَ عَلَى الَّذِي ابْتَعْتَ مِنْهُ وَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فَشَرْطُ الْآخَرِ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى مَنْ تَكُونُ الْعُهْدَةُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ فَرَوَى عيسى عن بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ الْعُهْدَةُ فِي ذَلِكَ أَبَدًا على البائع الذي عليه الثمن وقال بن حَبِيبٍ إِذَا كَانَ فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ نسق فعلى المشتري الأول وقال بن الْمَوَّازِ إِنْ وَلَّى أَوْ أَشْرَكَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَبِعَهُ الْمُوَكِّلُ أَوِ الْمُشَرِّكُ عَلَى الْبَائِعِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَإِنْ كَانَ بَاعَهَا فَالتِّبَاعَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ قَرِيبًا فَيَلْزَمُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّجُلُ مَا شَاءَ فِي كُلِّ مَا يَشْتَرِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 500 ذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ قَالَ لَا بَأْسَ إِنْ أَنْتَ اشْتَرَيْتَ سِلْعَةً فَسَأَلَكَ رَجُلٌ أَنْ تُشْرِكَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ وَبَعْدَهُ فَيَكُونُ عَلَيْكَ وَعَلَيْهَا الرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَعْرُوفَةٌ وَلَوْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ بَيْعًا لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُشْرَكَ فِيهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي شِرَاءٍ اشْتَرَاهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِيَ يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أبوُ حَنِيفَةَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْعَقَارِ فَإِنَّهُ أَجَازَ فِيهِ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ فَبَطَلَ الْقَبْضُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي شَيْءٍ يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ)) وَهُوَ مَأْكُولٌ مَكِيلٌ وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَالشَّرِكَةُ فِيهِ وَالتَّوْلِيَةُ جَائِزَةٌ وَأَمَّا الْعُهْدَةُ فِي الشَّرِكَةِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهَا عَلَى الْمُشَرِّكِ دُونَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُشْتَرِي عُهْدَتُكَ عَلَى الْبَائِعِ كَعَهْدِي فَيَجُوزُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ وَإِنْ تَفَاوَتَ كَانَ شَرْطُهُ بَاطِلًا وَكَانَتْ عُهْدَةُ الشَّرِيكِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الشَّرِكَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعْنَى الْعُهْدَةُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْقِيَامُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَالَّذِي أَشْرَكَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَيَكُونَانِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَالشَّرِكَةُ عِنْدَهُمْ جَائِزَةٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِصَامُ فِي كُلِّ مَا يَنْزِلُ فِيهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ إِلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامِلْهُ فِي شَيْءٍ وَأَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا شَرِكَةَ وَلَا خِصَامَ وَلَا عُهْدَةَ عِنْدَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَانَقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ حِينَ قَالَ انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ وَإِنَّمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 501 ذَلِكَ سَلَفٌ يُسْلِفُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ وَلَوْ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ هَلَكَتْ أَوْ فَاتَتْ أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ شَرِيكِهِ مَا نَقَدَ عَنْهُ فَهَذَا مِنَ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ سِلْعَةً فَوَجَبَتْ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَشْرِكْنِي بِنِصْفِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ جَمِيعًا كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِهِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ جَدِيدٌ بَاعَهُ نِصْفُ السِّلْعَةِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْوَجْهَ الَّذِي لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ قَوْلُهُ الَّذِي يُشْرِكُهُ انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَهُوَ إِذَا صَحَّ وَصَرَّحَ بِهِ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَأَجَازَ الْوَجْهَ الْآخِرَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ عِنْدَهُ إِلَّا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ جَائِزٌ عِنْدَهُ فِي أَصْلِ مَذْهَبِهِ وَعِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَلَا يجوز عندهم بيع والاجارة لِأَنَّ الثَّمَنَ - حِينَئِذٍ - يَكُونُ مَجْهُوَلًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَبْلَغُهُ مِنْ مَبْلَغِ حَقَّ الْإِجَارَةِ فِي عَقْدِ السِّلْعَةِ وَالْإِجَارَةُ أَيْضًا بَيْعُ مَنَافِعَ فَصَارَ ذَلِكَ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَيْضًا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ لِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَلِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ انْعَقَدَتْ مَعَ الشَّرِكَةِ وَالشَّرِكَةُ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَهَا مَا تَجْهَلُ بِهِ مَبْلَغَ ثَمَنِهَا عَلَى مَا وَصَفْنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُسَلِّفُ رَجُلًا سَلَفًا لِمُشَارَكَةٍ فَمَرَّةً أَجَازَهُ وَمَرَّةً كَرِهَهُ وَقَالَ لَا يَجُوزُ عَلَى حال واختار بن الْقَاسِمِ جَوَازَ ذَلِكَ فَرَوَى ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَسْلَفَهُ لِيُقَادَهُ وَيَضُرَّهُ بِالتِّجَارَةِ ثُمَّ جَعَلَ مِثْلَ مَا أَسْلَفَهُ وَتَشَارَكَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ جَرَّ إِلَى نَفْسِهِ بِسَلَفِهِ مَنْفَعَةً وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ منه على وجه الرفق والمعروف قال بن الْقَاسِمِ قَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَمَرَّةً أَجَازَهُ وَمَرَّةً كَرِهَهُ |