مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مُرْسَلٌ فِي ((الْمُوَطَّإِ)) عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ ورواه عبد الرزاق عن مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ ((الْمُوَطَّأِ)) سَوَاءٌ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أصحاب بن شهاب فمنهم من أسنده فجعله عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ من جعله عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الرُّوَاةَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَالْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي ((التَّمْهِيدِ وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَمُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حديث بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ)) لَيْسَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال ((إذا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ غَرِيمُهُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ)) لَمْ يَذْكُرِ الْمَوْتَ وَلَا حُكْمَهُ كَذَلِكَ رَوَاهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 503 وكذلك رواه أيوب وبن جريج وبن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا دُونَ الْغَيْرِ)) لَمْ يَذْكُرِ الْمَوْتَ وَلَا حكمه ورواه بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ قَالَ أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَفْلَسَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ)) فَسَوَّى فِي رِوَايَتِهِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ التَّفْلِيسِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ نَقْلِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ رَوَاهُ الْعُدُولُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَفَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَرَدُّوهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَهَذَا مِمَّا عُيِّبُوا بِهِ وَعُدَّ عَلَيْهِمْ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي رَدُّوهَا بِغَيْرِ سُنَّةٍ صَارُوا إِلَيْهَا لِأَنَّهُمْ أَدْخَلُوا الْقِيَاسَ وَالنَّظَرَ حَيْثُ لَا مَدْخَلَ لَهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاعْتِبَارُ وَالنَّظَرُ عِنْدَ عَدَمِ الْآثَارِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ السِّلْعَةَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَثَمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهَا كَسَائِرِ مَالِهِ وَهَذَا لَا يَجْهَلُهُ عَالِمٌ وَلَكِنَّ الِانْقِيَادَ إِلَى السُّنَّةِ أَوْلَى بِمُعَارَضَاتِهَا بِالرَّأْيِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ ذَكَرَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ كَثِيرًا إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ لَهُ مَا تَقُولُ أَنْتَ أَوْ مَا رَأْيُكَ فَيَقُولُ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) النُّورِ 63 وَمِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ كَثِيرٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِحَدِيثِ التَّفْلِيسِ جُمْلَةً وَاسْتَعْمَلَهُ - وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي أَشْيَاءَ مِنْ فُرُوعِهِ - فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا أَعْلَمَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ سَلَفًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا مَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ وَفِيهِ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا وَأَحَادِيثُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يَرَوْنَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِذَا انْفَرَدَ بِهَا حُجَّةً وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ هُوَ وَالْغُرَمَاءُ فِيهِ شَرْعٌ سَوَاءٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 504 وَلَيْسَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ حُجَّةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَيُشْبِهُ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَهُ فِي الْمُسْكِرِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ وَإِنْ كَانَ المشتري قد باع بعضه وفرقه الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ لَا يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئًا فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ مِنْ مَتَاعِهِ وَيَكُونَ فِيمَا لَمْ يَجِدْ إِسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِغَيْرِ مَالِهِ فِي الْفَلَسِ أَنَّهُ أَحَقُّ أَيْضًا بِمَا وَجَدَ عَنْهُ إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ ذَلِكَ أَوْ فَوَّتَهُ بِوُجُوهِ الْفَوْتِ لِأَنَّ الَّذِي وُجِدَ مِنْ سِلْعَتِهِ هُوَ عَيْنُ مَالِهِ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وَجَدَ نِصْفَ سِلْعَتِهِ بِعَيْنِهَا عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ قَالَ أَرَى أَنْ يَأْخُذَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيُحَاصَّ الْغُرَمَاءَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ لَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ فَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ وَبَقِيَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ أَوِ النِّصْفُ الَّذِي قَبَضَ ثَمَنَ الْهَالِكِ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا بِمِائَةٍ فَقَبَضَ تِسْعِينَ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْآخَرُ رَهْنًا بِعَشَرَةٍ هَكَذَا رَوَى الْمُزَنِيُّ وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنْهُ قَالَ لَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ فَبَاعَهُمَا بِعِشْرِينَ قَبَضَ عَشَرَةً وبقي من ثمنهم عَشَرَةٌ كَانَ شَرِيكًا فِيهَا بِالنِّصْفِ يَكُونُ نِصْفُهُمَا لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْغُرَمَاءِ يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ وَجُمْلَةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ فِي التَّفْلِيسِ دِرْهَمٌ لَمْ يَرْجِعْ مِنَ السِّلْعَةِ إِلَّا بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسِ عَيْنُ مَالِ الْبَائِعِ وَقِيمَتُهُ بِمِقْدَارِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ جُعِلَ لَهُ أَخْذُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ دُونَ سَائِرِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدَيْنِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَانْتَقَدَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ وَبَقِيَتْ عَلَى الْغَرِيمِ خَمْسُونَ ثُمَّ أَفْلَسَ غَرِيمُهُ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَفَاتَهُ الْآخَرُ فَأَرَادَ أَخْذَهُ بِالْخَمْسِينَ الَّتِي بَقِيَتْ لَهُ عَلَى غريمه وقال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 505 الْخَمْسُونَ الَّتِي أَخَذْتُ ثَمَنُ الْعَبْدِ الذَّاهِبِ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ بَلِ الْخَمْسُونَ الَّتِي أَخَذْتَ ثَمَنُ هَذَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْعَبْدَانِ سَوَاءً رَدَّ نِصْفَ مَا قَبَضَ وَلَكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وأخذ العبد وذلك أنه إنما اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ كُلِّ عَبْدٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا قَالَ وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ عَبْدًا وَاحِدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِ خَمْسِينَ رَدَّ الْخَمْسِينَ إِنْ أَحَبَّ وَأَخَذَ الْعَبْدَ قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي رَوَايَا الزَّيْتِ وَغَيْرِهَا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ الْعَبْدُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِذَا كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءً لِأَنَّهُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ وَجَدَهُ عِنْدَ غَرِيمِهِ وَقَدْ أَفْلَسَ وَالَّذِي قَبَضَهُ وَثَمَنَ مَا فَاتَ إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ سَوَاءً كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَاحِدًا وَقَبَضَ نِصْفَ لُبِّهِ كَانَ ذَلِكَ النِّصْفُ لِلْغُرَمَاءِ وَكَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي لَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لِمَا أَخَذَ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ((الْمُوَطَّإِ)) فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئا فأحب أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى آخَرَ قَوْلِهِ فَقَدْ خَالَفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ مَا بَقِيَ مِنْ سِلْعَتِهِ لَا غَيْرَ ذَلِكَ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ ثَمَنَهَا كُلَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَيْهَا سَبِيلٌ فَكَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ ثَمَنَ بعضها لم يكن إلى ذلك البعض سبيلا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَ الثَّمَنِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ لَوْ قَبَضَهُ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا قَبَضَ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ أَيْضًا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الْمُفْلِسِ يَأْبَى غُرَمَاؤُهُ دَفْعَ السِّلْعَةِ إِلَى صَاحِبِهَا وَقَدْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا وَيُرِيدُونَ دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ لِمَا لَهُمْ فِي قَبْضِ السِّلْعَةِ مِنَ الْفَضْلِ فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُمْ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ أَخْذُهَا إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهُا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ هَذَا مَقَالٌ قَالَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُفْلِسِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 506 أَخْذُ السِّلْعَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَاحِبَهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْهُمْ فالغرماء أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهَا وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي الْمُفْلِسِ يَمُوتُ قَبْلَ الْحُكْمِ عليه وقبل توفيقه فقال مالك ليس حكم الفلس كَحُكْمِ الْمَوْتِ وَبَائِعُ السِّلْعَةِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بهذا القول حديث بن شِهَابٍ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفْلِسَ يُمْكِنُ أَنْ تَطْرَأَ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَيْسَ الْمَيِّتُ كَذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَوْتُ وَالْفَلْسُ سَوَاءٌ وَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِهَا إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ بن أَبِي ذِئْبٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَدْ قَضَى رَسُولُ الله أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ)) فَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَ الْمَوْتِ زِيَادَةً مَقْبُولَةً وَرَدَتْ فِي حَدِيثٍ مسند وحديث بن شِهَابٍ الصَّحِيحُ فِيهِ الْإِرْسَالُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلَى نَصِّ مَا رواه أصحاب مالك وسائر أصحاب بن شِهَابٍ وَذَكَرَ فِيهِ الَّذِي ذَكَرُوا وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ الْمُفْلِسِ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ فَيَنْبَغِي أَلَّا تَكُونَ زِيَادَةُ أَبِي الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَلْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ مَقْبُولَةً لِأَنَّهَا قَدْ عَارَضَهَا مَا يَدْفَعُهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مُبْتَاعٍ أَحَقُّ بِمَا ابْتَاعَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْزُونٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ لَا مَعَارِضَ لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُفْلِسٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 507 هَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ وَمَا عَدَاهَا فَمَصْرُوفٌ إِلَى الْأَصْلِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ مَالِكٌ وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ غَزْلًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ بُقْعَةً مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى عَمَلًا بَنَى الْبُقْعَةَ دَارًا أَوْ نَسَجَ الْغَزَلَ ثَوْبًا ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ فَقَالَ رَبُّ الْبُقْعَةِ أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ إِنَّ ذَلِكَ لَهُ وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ وَمَا فِيهَا مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الْبُقْعَةِ وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتَكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلْثُ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ إِذَا دَخَلَهُ هَذَا وَلَحِقَ الْمُشْتَرِي دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ عِنْدَهُ وَهَذَا الْعَمَلُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَى الرَّبِيعُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَلَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ دَارًا فَبُنِيَتْ أَوْ بُقْعَةً فَغُرِسَتْ ثُمَّ أَفْلَسَ الْغَرِيمُ رُدَّتْ لِلْبَائِعِ الدَّارُ كَمَا كَانَتْ وَالْبُقْعَةُ حِينَ بَاعَهَا وَلَمْ أَجْعَلْ لَهُ الزِّيَادَةَ ثُمَّ خَيَّرْتُهُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَالْغِرَاسِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَوْ يكون له ما كان في الْأَرْضِ لَا عِمَارَةَ فِيهَا وَتَكُونُ الْعِمَارَةُ الْحَادِثَةُ فِيهَا تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ سَوَاءً بَيْنَهُمْ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ وَالْغَرِيمُ أَنْ يَقْلَعُوا الْبُنْيَانَ وَالْغَرْسَ وَيَضْمَنُوا لِرَبِّ الْأَرْضِ مَا نَقَصَ الْأَرْضَ الْقَطْعُ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ قَالَ وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فَغَرَسَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَفْلَسَ فَأَبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ بِقِيمَةِ الْغَرْسِ الَّذِي فِيهَا وَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَوِ الْغَرِيمُ أَنْ يَقْلَعُوا الْغَرْسَ وَيُسَلِّمُوا الْأَرْضَ إِلَى رَبِّهَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ إِلَّا الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْأَرْضَ يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَلْخِيصُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ أَنَّ لِلْبَائِعِ مَا فِيهِ مِنْ الْأَرْضِ وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهِ بِنَاءٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَأَخَذَ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ وَإِنْ شَاءَ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَعَلَى مَا قَدَّمْتُ لَكَ مَالُ الْمُفْلِسِ كُلُّهُ عِنْدَهُمْ لِلْغُرَمَاءِ الَّذِي فَلَّسَهُ الْقَاضِي لَهُمْ دُونَ صَاحِبِ الْمُسَاقَاةِ وَهُوَ فِيهَا كَأَحَدِهِمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 508 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ بَاعَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ فَلَسَ قِيلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إِنْ شِئْتَ فَلَكَ الْأَرْضُ إِذَا حُصِدَ الطَّعَامُ وَإِنْ شِئْتَ فَاضْرِبْ مَعَ الْغُرَمَاءِ قَالَ وَالْغَرِيمُ يَأْخُذُ مَالَهُ بعينه إذا وجده عند مفلس قد وَقَفَ الْقَاضِي مَالَهُ يَأْخُذُهُ نَاقِصًا فِي بَدَنِهِ إِنْ شَاءَ وَزَائِدًا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِهُ بِعَيْنِهِ لِسِمَنٍ وَلَا لِهُزَالٍ إِنْ أَرَادَ أَخْذَ سِلْعَتِهِ بِعَيْنِهَا وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ تَرْكَهَا وَالضَّرْبَ بِثَمَنِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ وَكُلُّ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمُشْتَرِي فِيهَا قَبْلَ توقيف القاضي ما له فَهُوَ لَهُ بِضَمَانِهِ عَلَى سُنَّةِ الْغَلَّةِ وَالْخَرَاجِ فِي الْقِيَامِ بِالْعَيْبِ قَالَ وَلَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَمْحًا فَطَحَنَهُ أَخَذَ الْغَرِيمُ الدَّقِيقَ وَغَرِمَ ثَمَنَ الطَّحْنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدَّقِيقَ وَيَكُونُ الْغُرَمَاءُ شُرَكَاءَهُ فِي قِيمَةِ الطَّحْنِ وَالطَّحَّانُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ رَوَاهُ الرَّبِيعُ أَنَّ لِلطَّحَّانِ حَبْسَ الدَّقِيقِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ كَالرَّهْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنِ اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَوْ خَاطَهُ أَوْ قَصَّرَهُ فَالْغُرَمَاءُ شُرَكَاءُ فِي قِيمَةِ الصَّبْغِ وَأَمَّا الْقَصَّارُ وَالْخَيَّاطُ فَإِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ مِثْلَ الصبغ في الثوب واختلف قول بن الْقَاسِمِ فِي الْحَائِكِ يَجِدُ الثَّوْبَ الَّذِي نَسَجَهُ بيد ربه مفلسا فروى عيسى عن بن الْقَاسِمِ أَنَّ كُلَّ صَانِعٍ يَجِدُ صَنْعَتَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُ عَمَلِ يَدِهِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ شَرِيكٌ بِالنَّسْجِ كَمَا يَكُونُ الصَّبَّاغُ شَرِيكًا بِالصَّبْغِ قال سحنون والخياط شريك لخياطته وخالف سحنون بن الْقَاسِمِ فِي الْأَجِيرِ عَلَى السَّقْيِ فِي الزَّرْعِ والثمرة إذا أفلس صاحبها قال بن الْقَاسِمِ هُوَ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ هُوَ كَالصَّبَّاغِ هُمْ أَحَقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ بَيْنَهُمْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ وَذَكَرْنَا مَا يَحْصُلُ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ فِي الْكِتَابِ ((الْكَافِي)) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إمساكها فإن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 509 الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ وَلَا يُنْقِصُوهُ شَيْئًا وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ وَلَا تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ وَلَا يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا نَقَصَتِ السِّلْعَةُ فلا خلاف فِيمَا حَكَاهُ مَالِكٌ عِنْدَ كُلِّ مَنِ اسْتَعْمَلَ حَدِيثَ التَّفْلِيسِ جَمِيعُهُمْ يَقُولُ بِذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا زَادَتِ السِّلْعَةُ فِي سُوقِهَا لِزِيَادَةٍ فِي سِعْرِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ لِلْغُرَمَاءِ خِيَارًا فِي السِّلْعَةِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُفْلِسِ خِيَارٌ وَوَجْهُ أَقْوَالِهِمْ بَيِّنَةٌ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَوْلِ فِيهَا وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ (الْمُشْتَرِي) فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلًا وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْوَلَدِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْغَلَّةِ وَالْخَرَاجِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ دُونَ الْبَائِعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ بَاعَهُ أَمَةً فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَفْلَسَ كَانَتْ لَهُ الْأَمَةُ إِنْ شَاءَ وَالْوَلَدُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ حُبْلَى كَانَتْ لَهُ حُبْلَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْآبَاءَ كَالْوِلَادَةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالْكُوفِيُّونَ عَلَى أَصْلِهِمُ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي آخِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلًا وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْبَابِ |