مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلَا
يَشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ فَهُوَ رِبًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْبَابُ كله عن عمر وبن عمر وبن مَسْعُودٍ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا رِبًا
فِي الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ إِلَّا أَنْ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلَا
يَشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ فَهُوَ رِبًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْبَابُ كله عن عمر وبن عمر وبن مَسْعُودٍ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا رِبًا
فِي الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرَطَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مَا كَانَتْ فَهَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ
رِبًا وَالْوَأْيُ وَالْعَادَةُ مِنْ قَطْعِ الذرائع
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 516
وَمَنْ تَرَكَ مَا لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ مَخَافَةَ مُوَاقَعَةِ مَا بِهِ بَأْسٌ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ((وَاتْرُكْ
مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُ)) كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ لِمَا لَا
يَرِيبُكَ))
وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اتْرُكُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ وَالْوَأْيَ
وَالْعَادَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ الرِّيبَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنِ اسْتَسْلَفَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَتَحْلِيَةٍ
مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْوَلَائِدِ فَإِنَّهُ يَخَافُ فِي
ذَلِكَ الذَّرِيعَةَ إِلَى إِحْلَالِ مَا لَا يَحِلُّ فَلَا يَصْلُحُ وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَسْلِفَ
الرِّجْلُ الْجَارِيَةَ فَيُصِيبُهَا مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ يَرُدَّهَا إِلَى صَاحِبِهَا بِعَيْنِهَا فَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ وَلَا
يَحِلُّ وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَلَا يُرَخِّصُونَ فِيهِ لِأَحَدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ وَاسْتِسْلَافِهِ فَكَرِهَهُ
قَوْمٌ وَأَبَاهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَرَخَصَّ فِيهِ آخَرُونَ
فَمَنْ كَرِهَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ وَلَا أَجَازَ السَّلَمَ فِيهِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ
وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَةِ صِفَتِهِ لِأَنَّ مِشْيَتَهُ وَحَرَكَتَهُ وَجَرْيَهُ وَمَلَاحَتَهُ
كُلُّ ذَلِكَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ وَلَا يُدْرَكُ ذَلِكَ بِوَصْفٍ وَلَا يُضْبَطُ بِنَعْتٍ لِأَنَّ قَارِحًا أَخْضَرَ
غَيْرُ قَارِحٍ غَيْرِ أَخْضَرَ وَنَحْوُ هَذَا مِنْ صِفَاتِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَادَّعَوُا النَّسْخَ فِي حَدِيثَ
أَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِقْرَاضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَكْرَ وَرَدِّهِ الْجَمَلَ الْخِيَارَ
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي هريرة فادعوا النسخ في ذلك بحديث بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِقِيمَةِ
نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ نِصْفَ عَبْدٍ مِثْلِهِ
وَقَالَ دَاوُدُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ
الْأَشْيَاءِ إِلَّا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ خَاصَّةً وَمَا خَرَجَ عَنِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَالسَّلَمُ فِيهِ غَيْرُ
جَائِزٍ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلِقَوْلِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ سَلَّمَ فَلْيُسَلِّمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ
مَعْلُومٍ)) وَيَخُصُّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 517
مِنْ سَائِرِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا قَدْ دَخَلَ فِي بَيْعِ مَا
لَيْسَ عِنْدَكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ نَقَضَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ مَا أَصَّلُوا فِي قَوْلِهِمْ فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ
عِنْدَكَ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٌ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الربوا) الْبَقَرَةِ
275 إِلَّا بَيْعٌ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ بِتَحْرِيمِهِ وَبِالنَّهْيِ عَنْهُ أَوِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَمْ
يلزمهم السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ بَيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ غَيْرُ مَدْفُوعٍ بِمَا قَالَهُ
الْحِجَازِيُّونَ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ مِنَ الْأَعْيَانِ وَأَمَّا مَا كَانَ مَضْمُونًا فِي
الذِّمَّةِ مَوْصُوفًا فَلَا
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ اسْتِقْرَاضُ الْحَيَوَانِ جَائِزٌ
وَالسَّلَمُ فِيهِ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ فِي الْأَغْلَبِ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ وَاسْتِقْرَاضُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَكْرَ
وَفِي اسْتِقْرَاضِهِ الْحَيَوَانَ إِثْبَاتُ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ بِالصِّفَةِ الْمَعْلُومَةِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا إِيجَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ الْخَطَأِ فِي ذِمَّةِ مَنْ
أَوْجَبَهَا عَلَيْهَا وَدِيَةَ الْعَمْدِ الْمَقْبُولَةَ وِدِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُغَلَّظَةَ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ
الْمُجْتَمَعِ عَلَى ثُبُوتِهَا
وَذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْحَيَوَانِ بِالصِّفَةِ فِي الذِّمَّةِ فكذلك الاستقراض والسلم
وقد كان بن عُمَرَ يُجِيزُ السَّلَمَ فِي الْوَصْفِ
وَأَجَازَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَمْلُوكٍ بِصِفَةٍ وَذَلِكَ مِنْهُمْ
تَنَاقُضٌ عَلَى مَا أَصَّلُوهُ
وَأَجَازَ الْجَمِيعُ النِّكَاحَ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ
وَذَكَرَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قُلْتُ لِرَبِيعَةَ إِنَّ أَهْلَ أَنْطَابُلُسَ حَدَّثُونِي أَنَّ جُبَيْرَ
بْنَ مَعِينٍ كَانَ يَقْضِي عِنْدَهُمْ بِأَنْ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَقَدْ كَانَ يُجَالِسُكَ وَلَا
أَحْسَبُهُ قَضَى بِهِ إِلَّا عَنْ رأيك
فقال ربيعة قد كان بن مَسْعُودٍ يَقُولُ ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا لَكَ وَلِابْنِ مسعود في هذا قد
كان بن مَسْعُودٍ يَتَعَلَّمُ مِنَّا وَلَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ يَقْضِي فِي بِلَادِهِ بِأَشْيَاءَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 518
فَإِذَا جَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَجَدَ الْقَضَاءَ عَلَى غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا عَلَى صِحَّةٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَفِي مَسْأَلَةِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ
وَالرَّبَائِبِ كَانَ قَدْ أَفْتَى بِالْكُوفَةِ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْأُمِّ وَالرَّبِيبَةِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَهُ
عُمَرُ وَعَلِيٌّ إِنَّ الشَّرْطَ فِي الرَّبِيبَةِ وَالْأُمُّ مُهْمَلَةٌ فَرَجَعَ إِلَى ذَلِكَ
وَهَذَا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَحَدٌ قَدْ كَانَ عُمَرُ بِالْمَدِينَةِ يَعْرِضُ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي أَشْيَاءَ يَرْجِعُ
فِيهَا إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى جَلَالَةِ عُمَرَ وعلمه
وبن مَسْعُودٍ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الْأَخْيَارِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ بِصَاحِبِ
سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ له ((آذنك على أن ترفع
الْحِجَابُ وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ))
وَفَسَّرَ العلماء السواد ها هنا بِالسِّرَارِ
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِالْمَصَاحِفِ أَنْ تُشَقَّقَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ
بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي
قَالَ أَبُو وَائِلٍ فَقُمْتُ إِلَى الْخَلْقِ لِأَسْمَعَ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي بِمَنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ يَوْمَئِذٍ وَنَزَلَهَا مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ
وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ أَبُو مَسْعُودٍ مَا أَرَى رَجُلًا أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَيَوْمٌ أَوْ سَاعَةٌ أُجَالِسُ فِيهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَوْثَقُ فِي
نَفْسِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ كَانَ يسمع حتى لَا نَسْمَعُ وَيَدْخُلُ حِينَ لَا نَدْخُلُ
وَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دَامَ هَذَا الحبر بين أظهركم - يعني بن مَسْعُودٍ
وَأَخْبَارُهُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
كَثِيرًا
وَأَمَّا اعْتِلَالُ الْعِرَاقِيِّينَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُمْكِنُ صِفَتُهُ بِغَيْرٍ مُسَلَّمٍ لَهُمْ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي
الْحَيَوَانِ أَنْ يَأْتِيَ الْوَاصِفُ فِيهَا بِمَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ
وَغَيْرِهِ كَسَائِرِ الْمَوْصُوفَاتِ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَحَسْبُ الْمُسْلِمِ إِلَيْهِ إِذَا جَاءَ بِمَا تَقَعُ
عَلَيْهِ تِلْكَ الصِّفَةُ إِنْ بِعْتَهُ مِنْهُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِقْرَاضِ الْإِمَاءِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 519
فَقَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ
إِلَّا الْإِمَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُنَّ
وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ لِأَنَّ
رَدَّ الْمِثْلِ لَا يُمْكِنُ لِعُذْرِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَهُمْ فِي الْحَيَوَانِ
وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ فِيمَنِ اسْتَقْرَضَ أَمَةً فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى عُلِمَ ذَلِكَ
مِنْ فِعْلِهِ أَنَّهُ يَرُدُّهَا بِعَيْنِهَا وَيَنْفَسِخُ اسْتِقْرَاضُهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهَا إِنْ وَطِئَهَا
فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ تُرَدَّ بِرَدِّهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا عُقْرَهَا وَإِنْ حَمَلَتْ أَيْضًا رَدَّهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَقِيمَةَ
وَلَدِهَا إِنْ وَلَدَتْ أَحْيَاءً يَوْمَ سَقَطُوا مِنْ بَطْنِهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ وَإِنْ مَاتَتْ
لَزِمَهُ مِثْلُهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا فَقِيمَتُهَا
وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ - صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ - وَأَبُو جَعْفَرٍ - الطَّبَرِيُّ
اسْتِقْرَاضُ الْإِمَاءِ جَائِزٌ
قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالْمُزَنِيُّ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهَا وَأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَقْرِضِ صَحِيحٌ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ
التصرف كله
وكل ما جاز بيعه جاز قرضه في القياس
وَقَالَ دَاوُدُ ((لَمْ يَحْظُرِ اللَّهُ اسْتِقْرَاضَ الْإِمَاءِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ
وَأُصُولُ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ
وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ اسْتِسْلَافَ الْحَيَوَانِ وَالْإِمَاءُ مِنَ
الْحَيَوَانِ
وَحَجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزِ اسْتِقْرَاضَ الْإِمَاءِ وَهُمْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْفُرُوجَ مَحْظُورَةٌ لَا
تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ بِعِقْدٍ لَازِمٍ وَالْقَرْضُ لَيْسَ بِعِقْدٍ لَازِمٍ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ
يَرُدُّهُ مَتَى شَاءَ فَأَشْبَهَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ بِالْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِإِجْمَاعٍ حَتَّى
تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَيَلْزَمُ الْعَقْدُ فِيهَا وَهَذِهِ قِيَاسٌ عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ