قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم نَهَى عَنِ النَّجْشِ
قَالَ مَالِكٌ وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي نَفْسِكَ اشْتِرَاؤُهَا فَيَقْتَدِي
بِكَ غَيْرُكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَفْسِيرُ الْعُلَمَاءِ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم نَهَى عَنِ النَّجْشِ
قَالَ مَالِكٌ وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي نَفْسِكَ اشْتِرَاؤُهَا فَيَقْتَدِي
بِكَ غَيْرُكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَفْسِيرُ الْعُلَمَاءِ لِمَعْنَى النَّجْشِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى وَإِنِ اخْتَلَفَتْ
أَلْفَاظُهُمْ فِيهِ بَلِ الْمَعْنَى فِيهِ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجْشِ قَالَ وَالنَّجْشُ خَدِيعَةٌ وَلَيْسَ
مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الدِّينِ وَهُوَ أَنْ يَحْضُرَ السِّلْعَةَ تُبَاعُ فَيُعْطِيَ بِهَا الشَّيْءَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ
شِرَاءَهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ السُّوَّامُ فَيُعْطُوا بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ لَوْ لَمْ يَعْلَمُوا سَوْمَهُ
وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِارْتِكَابِهِ مَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وَعَقْدُ
الشِّرَاءِ نَافِذٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ النَّجْشِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 527
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَحِلُّ النَّجْشُ وَفَسَّرُوهُ بِنَحْوِ مَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
وَتَفْسِيرُ النَّجْشِ عَنْهُمْ فِي تَحْصِيلِ مَذَاهِبِهِمْ أَنْ يَدُسَّ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ لِيُعْطِيَ فِي
سِلْعَتِهِ الَّتِي عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ عَطَاءً هُوَ أَكْثَرُ مَنْ ثَمَنِهَا وَهُوَ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى شِرَائِهَا
وَلَكِنْ لِيَغْتَرَّ بِهِ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا فَيَرْغَبَ فِيهَا وَيَغْتَرَّ بِعَطَائِهِ فَيَزِيدَ فِي ثَمَنِهَا لِذَلِكَ أَوْ
يَفْعَلُ ذَلِكَ الْبَائِعُ نَفْسُهُ لِيَغُرَّ النَّاسَ بِذَلِكَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّهُ رَبُّهَا
وَأَجْمَعُوا أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عَاصٍ بِفِعْلِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ عَلَى هَذَا إِذَا صَحَّ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ النَّجْشُ فِي الْبَيْعِ فَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِنَجُوشَةٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا عَلِمَ
وَهُوَ عَيْبٌ مِنَ الْعُيُوبِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي هَذَا لِمَالِكٍ وَمِنْ تَابَعَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى
عَنِ التَّصْرِيَةِ وَالتَّحْصِيلِ فِي الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ ثُمَّ جَعَلَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذَا عَلِمَ
بِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَفَّلَةً وَلَمْ يَقْضِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْرِيَةَ غِشٌ وَخَدِيعَةٌ فَكَذَلِكَ النَّجْشُ يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْمُبْتَاعُ
بِالْخِيَارِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا بَيْعُ النَّجْشِ مَكْرُوهٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَا خِيَارَ
لِلْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا هِيَ خَدِيعَةٌ فِي الثَّمَنِ
وَقَدْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَحَفَّظَ وَيُحْضِرَ مَنْ يَمِيزُ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَمِيزُ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ الْبَيْعُ فِي النَّجْشِ مَفْسُوخٌ مَرْدُودٌ عَلَى
بَائِعِهِ لِأَنَّهُ طابق النهي ففسد
وقال بن حَبِيبٍ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَاهِلًا أَوْ مُخْتَارًا فَسَدَ الْبَيْعُ إِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ
إِلَّا أَنْ يُحِبَّ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِالسِّلْعَةِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدِهِ كَانَتْ عَلَيْهِ
بِالْقِيمَةِ
هَذَا إِذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ النَّاجِشُ وَلَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ أَوْ بِسَبَبِهِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ أَجْنَبِيًّا لَا يُعْرَفُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَمَّا الْبَيْعُ
فَهُوَ صَحِيحٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 528
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)) فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ
اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ تَفْسِيرُ ذَلِكَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَأَهْلُ الْقُرَى
وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدَائِنِ مِنْ أَهْلِ الرِّيفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْبَيْعِ لَهُمْ بَأْسٌ مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ يَعْرِفُ
السَّوْمَ إِلَّا أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يُشْبِهُ أَهْلَ الْبَادِيَةِ فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يَبِيعَ لَهُمْ حَاضِرٌ
وَقَالَ فِي الْبَدَوِيِّ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ فَيَسْأَلُ الْحَاضِرَ عَنِ السِّعْرِ أَكْرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُ
قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ إِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ وَأَمَّا مَا أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ فَلَا بَأْسَ
هَذِهِ رِوَايَةُ بن القاسم عنه قال بن الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَبِعْ مِصْرِيٌّ لِمَدَنِيٍّ
وَلَا مَدَنِيٌّ لِمِصْرِيٍّ وَلَكِنْ يُشِيرُ عليه
وقال بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي وَلَا لِأَهْلِ الْقُرَى
وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ
قال حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قُرَّةَ
مُوسَى بْنُ طَارِقٍ قَالَ قَلْتُ لِمَالِكٍ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَبِعْ حَاضِرٌ
لِبَادٍ)) مَا تَفْسِيرُهُ
قَالَ لَا يَبِعْ أَهْلُ الْقُرَى لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ سِلَعَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ بِعْتُ بِالسِّلْعَةِ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ
أَهْلِ الْقُرَى وَلَمْ يَقْدَمْ مَعَ سِلْعَتِهِ
قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ قُلْتُ وَمَنْ أَهْلُ الْبَادِيَةِ قَالَ أَهْلُ الْعَمُودِ قُلْتُ لَهُ الْقُرَى الْمَسْكُونَةُ
الَّتِي لَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا يُقِيمُونَ فِيهَا تَكُونُ قُرًى صِغَارًا فِي نَوَاحِي الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ
فَيَقْدَمُ بَعْضُ أَهْلِ تِلْكَ الْقُرَى الصِّغَارِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بالسلعة فيبيعها لَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ
قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا مَعْنَى الحديث أهل العمود
وروى أصبغ عن بن الْقَاسِمِ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي أَنَّهُ يُفْسَخُ
وروى عيسى عن بن الْقَاسِمِ مِثْلَهُ قَالَ وَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عليه
وروى سحنون عن بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُمْضِي الْبَيْعَ
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ لي غير بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ
وَرَوَى زُونَانُ عَنِ بن وهب أنه يُرَدُّ عَالِمًا كَانَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَوْ جاهلا
وروى عيسى وسحنون عن بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ الْحَاضِرُ إِذَا بَاعَ لِلْبَادِي
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 529
زَادَ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ إِنْ كَانَ مُعْتَادًا لِذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي شِرَائِهِ لَهُ
فَمَرَّةً قَالَ لَا يَشْتَرِي لَهُ وَلَا يُشِيرُ عَلَيْهِ وَلَا يَبِيعُهُ
وبه قال بن حَبِيبٍ
قَالَ الشِّرَاءُ لِلْبَادِي مِثْلُ الْبَيْعِ
قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ((لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)) أَيْ لَا يَشْتَرِي عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ
وَلَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ
قَالَ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْبَدَوِيِّ وَلَا يَبِيعَ لَهُ وَلَا أَنْ يَبْعَثَ الْحَضَرِيُّ
لِلْبَدَوِيِّ مَتَاعًا فَيَبِيعَهُ لَهُ وَلَا يُشِيرَهُ فِي الْبَيْعِ إِنْ قَدِمَ عَلَيْهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالسِّعْرِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ
قَدْ عَارَضَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ))
وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لِلْمُسْلِمِ عَلَى المسلمة
سَبْعٌ)) فَذَكَرَ مِنْهَا أَنْ يَنْصَحَ لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ فَإِنْ بَاعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ فَهُوَ عَاصٍ إِذَا كَانَ عَالِمًا
بِالنَّهْيِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((دَعُوا النَّاسَ يُرْزَقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ
بَعْضٍ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ عَامٌّ ((وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)) خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يَقْضِي
عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْخُصُوصَ اسْتِثْنَاءٌ كَمَا قَالَ ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ حَقٌّ عَلَى
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 530
الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصَحَ أَخَاهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)) لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى هَذَا
الْحَدِيثَانِ يُسْتَعْمَلُ الْعَامُّ مِنْهُمَا فِي مَا عَدَا الْمَخْصُوصَ
وَمَعْنَى نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ
نَفْعُ أَهْلِ السُّوقِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْحَاضِرَةِ
وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنَى عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي مَعْنَى النَّهْيِ
عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ أَنَّهُ فِي صَاحِبِ السِّلْعَةِ الْجَالِبِ لَهَا إِلَى الْمِصْرِ أَلَّا يَخْدَعَ قَبْلَ أَنْ
يَصِلَ إِلَى السُّوقِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي
زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
((لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ذَرُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ))
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِالْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حدثني سفيان عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ
قَالَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن لا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ فِي زَمَانِهِ
أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَأَمَّا الْيَوْمَ فليس به بأس
قال بن أَبِي نَجِيحٍ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَى عَنْهُ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ
قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مسلم الخياط سمع بن عُمَرَ يَنْهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ
لِبَادٍ
قَالَ مُسْلِمٌ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ ((لَا تُصَرُّوا
الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ)) فَهُوَ مَنْ صَرَّيْتُ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ وَالْمَاءَ فِي الْحَوْضِ فَالشَّاةُ مُصَرَّاةٌ
وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ وَهِيَ الْمُحَفَّلَةُ سُمِّيَتْ مُصَرَّاةً لِأَنَّ اللَّبَنَ صُرِّيَ فِي ضَرْعِهَا أَيَّامًا حَتَّى
اجْتَمَعَ وَكَثُرَ
وَمَعْنَى صَرَّى حَبَسَ وَجَمَعَ وَلَمْ يَحْلُبْ حَتَّى عَظُمَ ضَرْعُهَا لِيَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ
لَبَنُ لَيْلَةٍ وَنَحْوِهَا فَيَغْتَرَّ بِمَا يَرَى مِنْ عِظَمِ ضَرْعِهَا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 531
وَقِيلَ لِلْمُصَرَّاةِ مُحَفَّلَةٌ لِأَنَّ اللَّبَنَ اجْتَمَعَ فِي ضَرْعِهَا فَصَارَتْ حَافِلَةً
وَالْحَافِلُ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ الْعَظِيمَةُ الضَّرْعِ وَمِنْهُ قِيلَ مَجْلِسٌ حَافِلٌ إِذَا كَثُرَ فِيهِ الْقَوْمُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى بْنُ
أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي المقرئ قَالَ حَدَّثَنِي الْمَسْعُودِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ
مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَشْهَدُ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((بَيْعُ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ وَلَا تَحِلُّ خِلَابَةُ الْمُسْلِمِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَوَى لَا تَصُرُّوا الْإِبِلَ وَلَا الْغَنَمَ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَوْ كَانَتْ تَصُرُّوا
لَكَانَتْ مَصْرُورَةً وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ
بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إِنْ رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من
تَمْرٍ)) فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ وَمِنْهُمْ
مَنْ رَدَّهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ
وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ
ذكر أسد وسحنون عن بن الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا قَالَا لَهُ أَيَأْخُذُ مَالِكٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قُلْتُ
لِمَالِكٍ أَتَأْخُذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ
قال نعم
قال مالك أو في الأخذ بهذا الحديث رأي
وقال بن الْقَاسِمِ وَأَنَا آخُذُ بِهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي أَرَى لِأَهْلِ الْبُلْدَانِ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ هَذَا
أَنْ يُعْطُوا الصَّاعَ مِنْ عَيْشِهِمْ
قَالَ وَأَهْلُ مِصْرَ عَيْشُهُمُ الْحِنْطَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَادَّعَوْا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ
تَحْرِيمِ الرِّبَا وَأَتَوْا بِأَشْيَاءَ لَا يَصِحُّ لَهَا مَعْنًى غَيْرَ مُجَرَّدِ الدَّعْوَى
وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ نحو ذلك
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 532
ذَكَرَ الْقَعْنَبِيُّ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنِ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا
وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ))
وَقَالَ سَمِعْتُ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِالثَّابِتِ وَلَا الْمُوَطَّإِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَهُ اللَّبَنُ بِمَا
أَعْلَفَ وَضَمِنَ قِيلَ لَهُ نَرَاكَ تُضَعِّفُ الْحَدِيثَ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ يُوضَعُ مَوْضِعُهُ وَلَيْسَ
بِالْمُوَطَّأِ وَلَا الثَّابِتِ وَقَدْ سَمِعْتُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ رِوَايَةٌ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا عَنْ مَالِكٍ وَمَا رَوَاهَا عَنْهُ إِلَّا ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ
عِنْدَ اخْتِلَافٍ مِنْ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ
وَهُوَ أَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ وَالدُّلْسَةِ بِالْعُيُوبِ وَأَصْلٌ أَيْضًا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِمَنْ
وَجَدَ فِيمَا يَشْتَرِيهِ مِنَ السِّلَعِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْمَعِيبِ بَيْعٌ يَقَعُ صَحِيحًا بِدَلِيلِ التَّخْيِيرِ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنْ رَضِيَ
الْمُبْتَاعُ بِالْعَيْبِ جَازَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بَيْعُ الْمَعِيبِ فَاسِدًا أَوْ حَرَامًا لَمْ يَصِحَّ الرِّضَا بِهِ
وَهَذَا أَصْلٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا سَائِرُ مَا فِي حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ
أَمَّا أَهْلُ الْحِجَازِ مِنْهُمْ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا والليث وبن
أَبِي لَيْلَى وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ فَقَدِ اسْتَعْمَلُوهُ عَلَى
وَجْهِهِ وَعُمُومِهِ وَظَاهِرِهِ وَقَالُوا إِذَا بَانَ لَهُ أَيْ مُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ - إِذَا بَانَ أَنَّهَا
مُصَرَّاةٌ مُحَفَّلَةٌ رَدَّهَا فِي الثَّلَاثِ أَوْ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ اتِّبَاعًا
لِلْحَدِيثِ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال ((أَيُّمَا رَجُلٍ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ أَحَبَّهَا
أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَسْخَطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ))
هَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
الله عليه وسلم جَعَلَ بَيْعَ الْمُصَرَّاةِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْخِيَارِ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَمْ يَرَهُ
أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِهَذَا الْخَبَرِ
قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 533
سَخِطَهَا لِاخْتِلَافِ لَبَنِهَا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ قُوتِ ذَلِكَ الْبَلَدِ تَمْرًا كَانَ أَوْ بُرًّا
أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ
وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ
وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إِنْ عَلِمَ مُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَرَدَّهَا قَبْلَ
أَنْ يَحْلُبَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غُرْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلُبِ اللَّبَنَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يَلْزَمُ غُرْمُ الصَّاعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَقِفْ عَلَيْهِ
قَالَ عِيسَى وَلَوْ حَلَبَهَا مَرَّةً ثُمَّ حَلَبَهَا ثَانِيَةً فَنَقَصَ لَبَنُهَا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ
تَمْرٍ لِحَلْبَتِهِ الْأُولَى وَلَوْ جَاءَ بِاللَّبَنِ بِعَيْنِهِ كَمَا حَلَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَلَزِمَهُ غُرْمُ الصَّاعِ
لِأَنَّ الصَّاعَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ فِيهِ لَبَنًا لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ
أَنْ يُسْتَوْفَى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُصَرَّاةِ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا يَرُدُّ غَيْرَ التَّمْرِ إِنْ
كَانَ مَوْجُودًا
وهو قول بن أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَيَحْيَى عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّ التَّمْرَ إِذَا
عُدِمَ وَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ لَا قِيمَةِ اللَّبَنِ
وَقَدْ روي عن بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يُعْطِي مَعَ الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ إِذَا
رَدَّهَا قِيمَةَ اللَّبَنِ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يَرُدُّ إِلَّا التَّمْرَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي بن حمدان قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي
قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ) ((مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا
صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ))
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٌ وحبيب عن محمد عن
بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 534
اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ))
وَقَالَ بَعْضُهُمْ ((وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ))
وَالسَّمْرَاءُ عِنْدَهُمُ الْبُرُّ يَقُولُ تَمْرٌ لَا بُرٌّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ((فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُبْتَاعَ
الْمُصَرَّاةِ إِذَا حَلَبَهَا مَرَّةً وَثَانِيَةً بَعْدَ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ مُصَرَّاةً لَمْ يَكُنْ فِي
حَلْبَتِهِ الثَّالِثَةِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِهِ إِذَا قَامَ طَالِبًا لِرَدِّهَا بِمَا قَامَ لَهُ مِنْ تَصْرِيَتِهَا فَلَوْ
حَلَبَهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ كَانَ مِنْهُ رِضًى بِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْحَلْبَةَ الثَّالِثَةَ رِضًا مِنْهُ بِهَا
وَكُلُّ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ لَمَّا كَانَ لَبَنُهَا
مَغِيبًا لَا يُوقَفُ عَلَى مَبْلَغِهِ لِاخْتِلَاطِ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَحْدُثُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي
مِنْ يَوْمِهِ وَجَهِلَ مِقْدَارَهُ وَأَمْكَنَ التَّدَاعِي فِي قِيمَةِ قَطْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّهُ فِيهِ مِنَ الصَّاعِ الْمَذْكُورِ كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي دِيَةِ الْجَنِينِ قَطَعَ فِيهِ بِالْغُرَّةِ حَسْمًا لِتَدَاعِي الْمَوْتِ فِيهِ وَالْحَيَاةِ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَمَّا
أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي حِينِ ضُرِبَ بَطْنُ أُمِّهِ فَتَكُونَ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَأَمْكَنَ أَنْ
يَكُونَ مَيِّتًا فَلَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّنَازُعَ فِيهِ
وَالْخِصَامَ بِأَنْ جَعَلَ فِيهِ غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ
إِذَا رَمَتْهُ مَيِّتًا
وَفِي اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ الْجَنِينِ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ دَلِيلٌ عَلَى لُزُومِ الْقَوْلِ
بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَتَسْلِيمًا لَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَادَّعَوْا أَنَّهُ
مَنْسُوخٌ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَالْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ
قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى - وَهُوَ لَبَنُ التَّصْرِيَةِ وَقَدْ خَالَطَهُ
جُزْءٌ مِنَ اللَّبَنِ الْحَادِثِ فِي مِلْكِ الْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ
وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً مِثْلَ ذَلِكَ غَلَّةٌ طَارِئَةٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَرُدُّ لَهُ شَيْئًا
قَالُوا وَالْأُصُولُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَهْلَكَاتِ أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ
مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ الْقَوْلُ فِي ضَمَانِ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ الَّذِي حَلَبَهُ الْمُشْتَرِي
فِي أَوَّلِ حَلْبَةٍ وَهُوَ مِلْكُ الْبَائِعِ فِي حِينِ الْبَيْعِ لَمْ يُضْمَنْ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 535
فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَفُتْ وَهُوَ مِمَّا قَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الصَّفْقَةُ كَمَا وَقَعَتْ عَلَى
الْمُصَرَّاةِ نَفْسِهَا
وَقَالُوا وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْمُصَرَّاةِ مَنْسُوخٌ كَمَا نُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي
غَرَامَةِ مِثْلَيِ الشَّيْءِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ الَّتِي لَا قَطْعَ
فِيهَا غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ نَسَخَهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا
اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) الْبَقَرَةِ 194
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَنْسُوخٌ أَيْضًا بِتَحْرِيمِ الرِّبَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وهاء وجعل فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ طَعَامًا طَعَامًا
مِثْلَهُ قَالَ فَإِنْ فَاتَ فَقِيمَتُهُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا
قَالُوا وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ مَنْسُوخٌ
قال أبو عمر حديث المصراة حديث صَحِيحٌ لَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ فِي أُصُولِ السُّنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ لَبَنَ التَّصْرِيَةِ لَمَّا اخْتَلَطَ بِاللَّبَنِ الطَّارِئِ فِي
مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَهَيَّأْ تَقْدِيرُ مَا لِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ لِأَنَّ تَقْوِيمَ
مَا لَا يُعْرَفُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ وَكَانَا جَمِيعًا
عَاجِزَيْنِ عَنْ تَحْدِيدِهِ حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبَائِعِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ
كَانَ الْغَالِبَ فِي قُوتِهِمْ يَوْمَئِذٍ
وَفِي الْأُصُولِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ مِثْلُ حُكْمِهِ فِي الْجَنِينِ وَفِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ جَعَلَ
الصَّغِيرَ مِنْهَا كَالْكَبِيرِ
وَكَذَلِكَ الْمُوضِحَةُ حَكَمَ فِي صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا بِحُكْمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى صِحَّةِ
تَفْضِيلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قَالُوا حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ
رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ فَخَاصَمَ فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى لَهُ بِرَدِّهِ فَقَالَ الْبَائِعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ قَدْ أَخَذَ خَرَاجَهُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 536
هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّهُ قَدِ اسْتَغَلَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ))
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرُ بْنُ
حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حدثنا يحيى عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافِ بْنِ
إِيمَاءٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((الْخَرَاجُ
بِالضَّمَانِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ إِذَا رَدَّهَا مُشْتَرِيهَا بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ أَوْ
بِعَيْبٍ غَيْرِ التَّصْرِيَةِ لَمْ يَرُدَّ اللَّبَنَ الْحَادِثَ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ طَرَأَتْ فِي مِلْكِهِ وَكَانَ
ضَامِنًا لِأَصْلِهَا وَلَمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَبَنِ التَّصْرِيَةِ الَّتِي
وَقَعَتْ عَلَيْهِ الصَّفْقَةُ مَعَ الشَّاةِ أَوِ النَّاقَةِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ لَيْسَ بِقِيمَةٍ
وَلَمَّا كَانَ لَبَنُ الشَّاةِ يختلف وكذلك لبن البقرة والنافة وَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ كَيْفَ كَانَتْ إِلَّا الصَّاعَ الْمَذْكُورَ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ
لِمَا وَصَفْنَا مِنْ قَطْعِ شِعْبِ الْخُصُومَةِ أَوْ كَمَا شَاءَ اللَّهُ
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَجِبَ فِي لَبَنِ شَاةٍ غُرَّةٌ أَوْ بَقَرَاتٍ غُرَّةٌ أَوْ نُوقٍ غُرَّةٌ
إِلَّا الصَّاعَ عِبَادَةً وَتَسْلِيمًا فَيَكُونُ ذَلِكَ خَارِجًا عَنْ سَائِرِ الْبُيُوعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَيَشْهَدُ لِمَا وَصَفْنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَلَا الْغَنَمَ فَمَنِ
اشْتَرَى مُصَرَّاةً - يَعْنِي مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى شَاةً مُصَرَّاةً
ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنَّ سَخِطَهَا رَدَّهَا
وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ)) فَلَمْ يَجْعَلْ فِي الْغَنَمِ الْمُصَرَّاةِ إِلَّا مَا جَعَلَ فِي الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ وَلَمْ
يَخُصَّ الْمُصَرَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ وَلَا الْبَقَرِ وَلَا الْإِبِلِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ وَيَتَبَايَنُ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ