مَالِكٌ عَنْ بن شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرِ
مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْخَلَفُ وَالسَّلَفُ فِيمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ
فَقَالَ مَالِكٌ قَدْ مَلَكَ الْمُكْتَرِي (...)
 
مَالِكٌ عَنْ بن شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرِ
مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 545
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْخَلَفُ وَالسَّلَفُ فِيمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ
فَقَالَ مَالِكٌ قَدْ مَلَكَ الْمُكْتَرِي بِالْعَقْدِ مَنَافِعَ الْأَصْلِ الَّذِي اكْتَرَى فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ
شَاءَ وَيَمْلِكُ الْمُكْتَرِي ثَمَنَ مَا يَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بِلَا
اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ
فَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ لِمَا يَسْتَأْجِرُهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَيُكْرِيهِ بِمَا شَاءَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ
نُقْصَانٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِجَارَاتِ صِنْفٌ مِنَ الْبُيُوعِ يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَجِبُ لَهُ بِالْإِجَارَةِ
مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فِي الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَرَطَ وَيَكُونُ أَحَقُّ بِهَا مَنْ
مَلَكَ أَصْلَهَا فَهِيَ كَالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ الْمَقْبُوضَةِ إِذَا قَبَضَ الْأَصْلَ الَّذِي تَطْرَأُ مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ
وَلَوْ كَانَ حُكْمُهَا خَالَفَ الْعَيْنَ كَانَتْ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُكْتَرَى بِالدَّيْنِ لانه
كان يكون حينئذ بِدَيْنٍ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا مَنْ كَرِهَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الدَّارَ أَوِ الدَّابَّةَ ثُمَّ يُؤَاجِرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا
اسْتَأْجَرَهَا بِهِ فَإِنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَصْلِ مِنَ
الْمُؤَاجِرِ صَاحِبِ الْأَصْلِ لَا مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ دَابَّةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا
وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ إِيَّاهَا أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتِ
الْأُجْرَةُ لَهُ وَأَمَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَضْلِهَا عَمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ لِمَعْمَرٍ مَا كَانَ بن سِيرِينَ يَقُولُ فِي
رَجُلٍ اكْتَرِي شَيْئًا ثُمَّ رَبِحَ فِيهِ فَقَالَ مَعْمَرٌ أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ أَنَّهُ سمع بن سِيرِينَ يُسْأَلُ
عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ إِخْوَانُنَا مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَكْرَهُونَهُ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كَرِهَهُ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَرَخَّصَ
فِيهِ اثْنَانِ قُلْتُ مَنْ قَالَ لَا أَدْرِي
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَأَلْتُ الثَّوْرِيَّ عَنْهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَحُصَيْنٌ عَنِ
الشَّعْبِيِّ وَرَجُلٌ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ عَمَلًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِثْلَ أَنْ يَبْنِيَ في الدار أو الحانوت ما يزيده من أُجْرَتِهَا أَوْ بِحَدِّ
الْقَدُومِ أَوْ بِصَقْلِ السَّيْفِ أَوْ يُصْلِحَ الْإِكَافَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ له مَا أَرَادَ بِهِ مِنَ
الْكِرَاءِ فِيهِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 546
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ
يَسْتَأْجِرُ الشَّيْءَ فَيُؤَاجِرُهُ بِأَكْثَرَ فَقَالَ لَا بَأْسَ به
قال وأخبرني بن التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَا بأس به
وكرهه بن سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ وَحَمَّادٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ القول عندنا قول من أجازه
قال بن شِهَابٍ الْعِلَّةُ الَّتِي وَصَفْنَا
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
تَمَّ كِتَابُ الْبُيُوعِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 547