قَالَ مَالِكٌ وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ
عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامِهِ
وَكِسْوَتِهِ وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ الْمَالِ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ إِذَا كَانَ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ
عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامِهِ
وَكِسْوَتِهِ وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ الْمَالِ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ إِذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ
ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي وَجْهِ الْقِرَاضِ الْجَائِزِ الْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنَ
الرَّجُلِ الْمَالَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ
وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُقَارِضَ مُؤْتَمَنٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يُتْلِفُهُ مِنَ الْمَالِ مِنْ
غَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ فِيهِ وَلَا اسْتِهْلَاكٍ لَهُ وَلَا تَضْيِيعٍ هَذِهِ سَبِيلُ الْأَمَانَةِ وَسَبِيلُ الْأُمَنَاءِ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنَ الرِّبْحِ نِصْفًا كَانَ أَوْ
أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْوَضِيعَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا
اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ عَلِيٍّ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ قتادة وبن سِيرِينَ وَأَبِي قِلَابَةَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ
وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الضَّمَانَ فَإِنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ
عَلَيْهِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْقِرَاضُ وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُقَارَضَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ مِنَ الْمَالِ فِي سَفَرِهِ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ) فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا
فِي ذَلِكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا يُنْفِقُ الْعَامِلُ مِنَ الْمَالِ إِذَا سَافَرَ وَلَا يَكُونُ حَاضِرًا
الا ان مَالِكًا قَالَ إِذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا فَحَمَلَ ذَلِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُنْفِقُ ذَاهِبًا وَلَا يُنْفِقُ رَاجِعًا
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَتَغَدَّى فِي الْمِصْرِ وَلَا يَتَعَشَّى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُنْفِقُ فِي سَفَرِهِ وَلَا فِي حَضَرِهِ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ
وَقَالَ أَصْحَابُهُ فِي المسالة ثلاثة اقوال
احدهما هَذَا
وَالْآخَرُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ
وَالْآخِرُ يُنْفِقُ فِي الْمِصْرِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ نَفَقَةِ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ
وَلَهُ فِي قَرْضِ نَفَقَتِهِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُقْرِضُ لَهُ النَّفَقَةَ
وَالثَّانِي لَا يُقْرِضُ لَهُ وَيُنْفِقُ هُوَ
وَالْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ فِي الْحَضَرِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وابي حنيفة والثوري
وقال بن الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَهْلٌ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُسَافِرُ إِلَيْهِ فَلَا نَفَقَةَ
لَهُ فِي ذَهَابِهِ وَلَا رُجُوعِهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ النَّفَقَةُ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي مُقَامِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمَا أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ إِذَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ
وَقَالَ بن الْمَوَّازِ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ بِبَلَدِهِ وَهُوَ
يُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فِي حَاجٍّ وَيُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَالَ قَالَ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ
نَفَقَةٌ كَالَّذِي يَكُونُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَيَتَجَهَّزُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى بَلَدِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ مَالًا قِرَاضًا
فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا النَّفَقَةُ لِلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَجْلِ الْقِرَاضِ خَاصَّةً وَكَالَّذِي يَخْرُجُ
إِلَى الْحَجِّ أَنَّهُ لا نفقة له
قال بن المواز وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّاجِرِ لَهُ الْمَالُ وَيَأْخُذُ مَالًا قِرَاضًا
وَيَخْرُجُ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ لزم الْقِرَاضَ حِصَّتُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْعَامِلِ
وَقَالَ قَتَادَةُ النَّفَقَةُ فِي الرِّبْحِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحُوا عليه والوضيعة في المال
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6
وقال بن سِيرِينَ مَا أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ بِالْمَعْرُوفِ وقال الحسن ياكل بالمعروف
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَلَّا يَأْكُلَ الْمُقَارِضُ فِي سِفْرٍ وَلَا حَضَرٍ وَلَا عَلَى أَنَّهُ لَا
يَجُوزُ الْقِرَاضُ عَلَى جُزْءٍ مَجْهُولٍ مِنَ الرِّبْحِ وَهُوَ إِذَا أَطْلَقَ لَهُ الْإِنْفَاقَ لَمْ تَكُنْ لَهُ
حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ وَلَا حِصَّةُ رِبْحِ الْمَالِ مَعْلُومَةٌ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ رُبَّمَا اغْتَرَفَتِ النَّفَقَةُ كَثِيرًا
مِنَ الْمَالِ وَلَمْ يَكُنْ رِبْحٌ
وَلَمَّا أَجْمَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ يَتْعَبُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَيَنْصَبُ
كَانَ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فقال مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعِينَ الْمُتَقَارِضَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى وَجْهِ
الْمَعْرُوفِ إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إَذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ فَسَدَ عِنْدَ
جَمِيعِهِمْ وَالْعَمَلُ الْخَفِيفُ بِغَيْرِ شَرْطٍ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا يَشْتَرِي مِنَ السِّلَعِ
إِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا
فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُضَارِبِ يَبْتَاعُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّهَا إِنْ صَحَّتْ مِنْ هَذَيْنَ
أَخَافُ أَلَّا تَصِحَّ مِنْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يُقَارِضُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ جَائِزٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْبَيْعُ مِنْهُ كَالشِّرَاءِ عِنْدَهُمْ
سَوَاءٌ
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ وَإِلَى غُلَامٍ لَهُ مَالًا قِرَاضًا يَعْمَلَانِ فِيهِ جَمِيعًا إِنَّ ذَلِكَ
جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَالٌ لِغُلَامِهِ لَا يَكُونُ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ وَهُوَ
بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ كسبه
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7
وَهَذِهِ أَيْضًا اخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ مَالِكٌ فِي الموطا ما ذكرنا وروى عنه بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ
ذَلِكَ الْمَعْنَى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِذَا شَرَطَ لِلْعَامِلِ ثُلُثَ الرِّبْحِ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ
الرِّبْحِ وَلِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ مَعَهُ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَكَانَ
لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَانِ وَلِلْعَامِلِ الثُّلُثُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا
وَقَوْلُ مَالِكٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْعَبْدَ يَصِحُّ مِلْكُهُ لِمَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ مَا لَمْ يَنْتَزِعْهُ مِنْهُ
سَيِّدُهُ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعِهَا
وَقَالَ اللَّيْثُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ عَمَلَ عَبْدِهِ مَعَ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ
لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَ عَبْدِ الْمُضَارِبِ شَهْرًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ
وَالْقِرَاضُ عَلَى حَالِهِ