قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ خَالِصًا
دُونَ الْعَامِلِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ
وَلَا يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ وَلَا كِرَاءٌ وَلَا عَمَلٌ وَلَا سَلَفٌ وَلَا مِرْفَقٌ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ خَالِصًا
دُونَ الْعَامِلِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ
وَلَا يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ وَلَا كِرَاءٌ وَلَا عَمَلٌ وَلَا سَلَفٌ وَلَا مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا
لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ
إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً مِنْ
ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالَ فَإِنْ
دَخَلَ الْقِرَاضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ صَارَ إِجَارَةً وَلَا تَصْلُحُ الْإِجَارَةُ إِلَّا بِشَيْءٍ ثَابِتٍ مَعْلُومٍ
وَلَا يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ مع اخذه المال ان يكافئ وَلَا يُوَلِّيَ مِنْ سِلْعَتِهِ
أَحَدًا وَلَا يَتَوَلَّى منها شيئا لنفسه فاذا اوفر الْمَالُ وَحَصَلَ عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ اقْتَسَمَا
الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13
رِبْحٌ أَوْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ لَمْ يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَا مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا
مِنَ الْوَضِيعَةِ وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ
رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَاضِحًا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِ الْقِرَاضِ
فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا أَوْ فِيمَا قَبْلَهُ
وَلَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ
فَمِنْهَا أَنْ يَزْدَادَ أَحَدُ الْمُتَقَارِضَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً عَلَى الْحِصَّةِ الَّتِي تَعَامَلَا عَلَيْهَا
مِنَ الرِّبْحِ عَلَى مَا ذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ
وَمِنْهَا أَنْ يُعْطِيَهُ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى الضَّمَانِ أَوْ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ إِلَى أَجَلٍ أَوْ يَدْفَعَ
إِلَيْهِ الْمَالَ عَلَى قِرَاضٍ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَلَّا يَشْتَرِي إِلَّا مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ مَتَاعِ
فُلَانٍ أَوْ مِنْ عَمَلِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَلَّا يَتَحَرَّى إِلَّا فِي حَانُوتٍ بِعَيْنِهِ أَوْ عَلَى أَنْ
يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي الْأَغْلَبِ تُخَلَّفُ فِي شِتَاءٍ أَوْ فِي صَيْفٍ أَوْ عَلَى
أَنْ يُسَلِّفَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ سَلَفًا أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ سِلْعَةً أَوْ يَهَبَ
لَهُ هِبَةً أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُنْفِقَ مِنْهُ إِنْ سَافَرَ أَوْ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ نِصْفَ النَّفَقَةِ أَوْ
عَلَى أَنْ يُنْفِقَ وَلَا يَكْتَسِيَ أَوْ عَلَى أَنْ يَكْتَسِيَ ولا ينفق أَوْ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَيْنِ
أَحَدُهُمَا عَلَى النِّصْفِ وَالْآخَرُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَخْلِطَهُمَا أَوْ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ
مَعَهُ حَافِظًا يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَوْ غُلَامًا أَوْ وَلَدًا يُعْلِمُهُ لَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِطَ زَكَاةَ الرِّبْحِ
فِي الْمَالِ وَزَكَاةَ الْمَالِ فِي الرِّبْحِ أَوْ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ بِالْمَالِ دَوَابَّ يَطْلُبُ نَسْلَهَا أَوْ
شَجَرًا يَطْلُبُ ثَمَرَتَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْمَالِ سِلْعَةً يَخْرُجُ بِهَا إِلَى بَلَدٍ يَبِيعُهَا بِهِ أَوْ
يَقْدَمُ بِهَا مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي ابْتَاعَهَا فِيهِ
وَمِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ مَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَمِنْهَا مَا يُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ إِنْ وَقَعَ
وَمِنْهَا مَا يُرَدُّ إلى اخرة مِثْلِهِ
نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ
ذِكْرِنَا مَا رَسَمَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ لِلَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ لَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14
يُنْزَعُ مِنْهُ قَالَ وَلَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّكَ لَا تَرُدُّهُ إِلَى سِنِينَ لاجل
يسميانه لأ ن الْقِرَاضَ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى الَّذِي يَعْمَلُ
لَهُ فِيهِ فَإِنْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا تَرَكَهُ وَأَخَذَ
صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً فَلَيْسَ
ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ وَيَصِيرَ عَيْنًا فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ وَهُوَ عَرَضٌ لَمْ يَكُنْ
لَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ فَيَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْقِرَاضُ إِلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لَا إِلَى سَنَةٍ وَلَا إِلَى
سِنِينَ مَعْلُومَةٍ وَلَا إِلَى أَجَلٍ مِنَ الْآجَالِ فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ مَا لَمْ يَشْرَعِ الْعَامِلُ فِي
الشِّرَاءِ بِالْمَالِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَضَى وَرُدَّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ عِنْدَ مَالِكٍ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيُرَدُّ عِنْدَهُ إِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ قِرَاضٍ فَاسِدٍ
هَذَا قَوْلُهُ وَقَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ إِلَى أَجَلٍ أَنَّهَا جَائِزَةٌ إِلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا
وَاجْمَعُوا أَنَّ الْقِرَاضَ لَيْسَ عَقْدًا لَازِمًا وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْدُوَ لَهُ فِيهِ وَيَفْسَخَهُ
مَا لَمْ يَشْرَعِ العامل في العمل به بالمال ويشتر ي بِهِ مَتَاعًا أَوْ سِلَعًا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ
يُفْسَخْ حَتَّى يَعُودَ الْمَالُ نَاضًّا عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالَا قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي
حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَاصَّةً لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَقَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ فَضْلًا مِنَ
الرِّبْحِ ثَابِتًا فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ حِصَّتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ يَعُودُ إِلَى أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ
مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لِمَنْ يَكُونُ الْمَالُ فِي حِينِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ
يَتْوَى كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِالْخَسَارَةِ أَوْ آفَاتِ الدَّهْرِ
وَفِي (الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ بن الْقَاسِمِ جَائِزٌ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ
زَكَاةُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلى نصيب معروف
وفي (الاسدية) عن بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةَ
الرِّبْحِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ زَكَاةَ الْمَالِ
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يجوز
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15
وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الْأُجَرَاءِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِي زَكَاةِ الرِّبْحِ لَا فِي زَكَاةِ الْمَالِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ قَارَضَهُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا مِنْ فُلَانٍ
لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِأَجْرٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ أَنَّ الْعَامِلَ إِذَا عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ رُدَّ إِلَى أَجْرِ مِثْلِهِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَا يُرَدُّ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَمَا يُرَدُّ
مِنْهُ إِلَى أُجْرَةِ المثل
فقال بن الْقَاسِمِ كُلُّ مَا دَخَلَهُ التَّزَيُّدُ وَالتَّحْجِيرُ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُرَدُّ فِيهِ إِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ
وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَجِيرًا حَاشَا مَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا خَرَجَتَا عَنْ أَصْلِهِ
إِحْدَاهُمَا الْعَامِلُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَالِ الْقِرَاضِ فَقَالَ يُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ مِمَّنْ لَا
ضَمَانَ عَلَيْهِ
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا ضَرَبَ أَجَلًا فَإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَسَائِرُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
خَاصَّةً يَكُونُ أَجِيرًا وَمَا عَدَا التَّزَيُّدَ وَالتَّحْجِيرَ فَإِنَّهُ يكون فيه على قراض مثله
وذكر بن حبيب عن اشهب وبن الْمَاجِشُونِ أَنَّهُمَا قَالَا يُرَدُّ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ كُلِّهِ
إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ
قَالَ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْقِرَاضُ الْفَاسِدُ كُلُّهُ يُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ إِلَى أُجْرَةِ
الْمِثْلِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ يُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ إِلَى أُجْرَةِ
مِثْلِهِ والمال كله وربحه لرب المال
وذكر بن خُوَازِ بِنْدَاذُ قَالَ الْأَصْلُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى
أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِلَّا فِي مَسَائِلَ يَسِيرَةٍ مِثْلَ الْقِرَاضِ عَلَى جُزْءٍ مَجْهُولٍ مِنَ الرِّبْحِ
وَالْقِرَاضِ إِلَى مُدَّةٍ وَالْقِرَاضِ بِعَرَضٍ وَالْقِرَاضِ عَلَى الضَّمَانِ قَالَ وَأَظُنُّ ذَلِكَ كُلَّهُ
اسْتِحْسَانًا وَالْأَصْلُ فِيهِ الرَّدُّ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقِرَاضِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16
ضَمَانُ الْمَالِ فَمَرَّةً قَالَ يُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَمَرَّةً قَالَ يُرَدُّ إِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
وَأَمَّا الْقِرَاضُ إِلَى أَجَلٍ فَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَقَالُوا الْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ إِلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ إِنْ وَقَعَتْ رُدَّتْ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ أَخَذَ الْمَالَ قِرَاضًا إِلَى أَجَلٍ فُسِخَ الْقِرَاضُ فَإِنْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ رُدَّ
إِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ (الْمُوَطَّإِ) فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا
وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ الضَّمَانَ قَالَ لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ
فِي مَالِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ وَمَا مَضَى مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ فَإِنْ نَمَا
الْمَالُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ كَانَ قَدِ ازْدَادَ في حقه من الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَوْضِعِ الضَّمَانِ
وَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَوْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ ضَمَانٍ وَإِنْ تَلَفَ الْمَالُ لَمْ أَرَ
عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ ضَمَانًا لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْقِرَاضِ بَاطِلٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا فِي الْقِرَاضِ أَنَّ الْبَرَاءَ فِي الْمَالِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ
وَأَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا وَمَا خَالَفَ السُّنَّةَ فَمَرْدُودٌ إِلَيْهَا
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إِلَى السُّنَّةِ)
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبْتَاعَ بِهِ إِلَّا
نَخْلًا أَوْ دَوَابَّ لِأَجْلِ أَنَّهُ يَطْلُبُ ثَمَرَ النَّخْلِ أَوْ نَسْلَ الدَّوَابِّ وَيَحْبِسُ رِقَابَهَا قَالَ مَالِكٌ
لَا يَجُوزُ هَذَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاضِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعَهُ
كَمَا يُبَاعُ غَيْرُهُ مِنَ السِّلَعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ بَابٌ مَخْصُوصٌ خَارِجٌ عَنِ
الْإِجَارَاتِ وَالْبُيُوعِ فَلَا يُتَجَاوَزُ بِهِ سُنَّتُهُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَمَا لَا يُقَاسُ عَلَى
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17
الْعَرَايَا غَيْرُهَا لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَرُخْصَةٌ مَخْصُوصَةٌ مِنَ الْمُزَابَنَةِ خَارِجَةٌ عَنْ أَصْلِهَا فَلَا تَقَعُ
وَلَا تَنْعَقِدُ إِلَّا عَلَى سُنَّتِهَا فَإِنِ اشْتَرَى النَّخْلَ لِلثَّمَرِ لَا لِلْبَيْعِ وَالدَّوَابَّ لِلنَّسْلِ لَا لِلْبَيْعِ
لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَكَانَ الدَّوَابُّ وَالنَّخْلُ لِرَبِّ الْمَالِ
قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلَامًا يُعِينُهُ بِهِ عَلَى أَنْ
يَقُومَ مَعَهُ الْغُلَامُ فِي الْمَالِ إِذَا لَمْ يَعْدُ أَنْ يُعِينَهُ فِي الْمَالِ لَا يُعِينُهُ فِي غَيْرِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْطِ الْمُقَارِضِ عَمَلَ عَبْدِ رَبِّ الْمَالِ
وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ لِذَلِكَ نَصِيبًا مِنَ الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِ أَوْ يَسْتَحِقُّهُ سَيِّدُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ
مِنْ كِتَابِنَا هذا في القراض
وقال بن الْقَاسِمِ فِي الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ يَشْتَرِطُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ الْغُلَامَ وَالدَّابَّةَ إِنَّ
ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْقِرَاضِ وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي الْمُسَاقَاةِ
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ وَلَا فِي الْمُسَاقَاةِ
وَهُوَ الصَّوَابُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا الْعَامِلُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ
وَقَدْ مَضَى مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَوْلِ غَيْرِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَعِلَّتُهُمْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَوْ
كَانَتْ دِرْهَمًا رُبَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ سِوَاهَا فَصَارَ ذَلِكَ إِلَى الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ