قَالَ مَالِكٌ في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِعْهَا وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ لَا أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ قَالَ لَا ينظر إلى قول واحد منهما ويسأل عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ (...) |
قَالَ مَالِكٌ في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ
صَاحِبُ الْمَالِ بِعْهَا وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ لَا أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ قَالَ لَا ينظر إلى قول واحد منهما ويسأل عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ انْتِظَارٍ انْتُظِرَ بِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ خَالَفَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا تُبَاعُ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ فِي الرِّبْحِ كَحِصَّةِ الْعَامِلِ فَلِكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْقَضَ الْقِرَاضَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِقْدٍ لازم لواحد منهما وقد خالف سحنون بن الْقَاسِمِ فِي الْعَامِلِ بِالْقِرَاضِ يَبِيعُ السِّلَعَ بِدَيْنٍ ثُمَّ يَأْبَى مَنْ تَقَاضَى الثَّمَنَ وَيُسَلِّمُ ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ وَيَرْضَى بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ فَقَالَ بن الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ يَمُوُتُ وَيُسَلِّمُ وَرَثَتَهُ الْمَالَ إِلَى رَبِّهِ يَتَقَاضَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنَ الرِّبْحِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْوَجْهَ الَّذِي كَرِهَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ ثُمَّ سَأَلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ فَقَالَ هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ فَلَمَّا آخَذَهُ بِهِ قَالَ قَدْ هَلَكَ عِنْدِي مِنْهُ كَذَا وَكَذَا لِمَالٍ يُسَمِّيهِ وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ لِكَيْ تَتْرُكَهُ عِنْدِي قَالَ لَا يَنْتَفِعُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ فِي هَلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مُصَدَّقًا عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبَهُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ فَقَالَ مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئًا وَمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلَّا لِأَنْ تُقِرَّهُ فِي يَدِي فَذَلِكَ لَا ينفعه ويؤخذ بإقراره إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ وَصِدْقُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 وَهَذَا أَيْضًا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا يَنْفَعُ الرَّاجِعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِقْرَارُهُ فِي أَمْوَالِ الْآدَمِيِّينَ كُلِّهَا قَالَ مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قِرَاضًا فَرَبِحَ فِيهِ رِبْحًا فَقَالَ الْعَامِلُ قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لِي الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ الثُّلُثَ قَالَ مَالِكٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَمِينُ إِذَا كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي ذَلِكَ وذكر بن حَبِيبٍ أَنَّ اللَّيْثَ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ يحملان على قراض مثلهما واختار بن حبيب قول مالك وذكره بن وَهْبٍ فِي (مُوَطَّئِهِ) قَالَ قَالَ اللَّيْثُ يُحْمَلَانِ عَلَى قِرَاضِ الْمُسْلِمِينَ لِلنِّصْفِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنَّ الْعَامِلَ إِذَا جَاءَ بِمَا يُسْتَنْكَرُ لَمْ يُصَدَّقْ وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَامِلَ لَا يُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ إِذَا جَاءَ بِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَتَقَارَضَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ إِذَا جَاءَ بِمَا يُسْتَنْكَرُ وَبِمَا لَا يَسْتَنْكَرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ إِذَا رَبِحَ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ شَرَطْتُ لَكَ النِّصْفَ وَقَالَ الْعَامِلُ شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَعْطَى رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً ثُمَّ ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إِلَى رَبِّ السِّلْعَةِ المائة دِينَارٍ فَوَجَدَهَا قَدْ سُرِقَتْ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بِعِ السِّلْعَةَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ لِي وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَقَالَ الْمُقَارِضُ بَلْ عَلَيْكَ وَفَاءُ حَقِّ هَذَا إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِكَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إِلَى الْبَائِعِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْقِرَاضِ إِنْ شِئْتَ فَأَدِّ الْمِائَةَ الدِّينَارِ إِلَى الْمُقَارِضِ وَالسِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا وَتَكُونُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 قِرَاضًا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الْأُولَى وَإِنْ شِئْتَ فَابْرَأْ مِنَ السِّلْعَةِ فَإِنْ دَفَعَ الْمِائَةَ دِينَارٍ إِلَى الْعَامِلِ كَانَتْ قِرَاضًا عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَبَى كَانَتِ السِّلْعَةُ لِلْعَامِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَارِضِ مَالٌ بِيعَتْ عَلَيْهِ السِّلْعَةُ وَكَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَأَدَّى ثَمَنَهَا كَانَتِ السِّلْعَةُ لَهُ إِذَا أَبَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ أَدَائِهِ وَإِنْ أَدَّى رَبُّ الْمَالِ الثَّمَنَ كَانَ الْقِرَاضُ مُسْتَأْنَفًا عَلَى شَرْطِ الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ هَذَا كُلُّهُ عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ إِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ وَجَاءَ لِيَدْفَعَ الثَّمَنَ فَوَجَدَ الْمَالَ قَدْ ضَاعَ فَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ وَالسِّلْعَةُ لِلْمُقَارِضِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِذَا اشْتَرَى وَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِدَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مَا دَفَعَ أَوَّلًا وَآخِرًا مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ قِرَاضًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِي سِلْعَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَهْلَكُ الْمَالُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِدَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ رَأْسُ مَالِهِ فِي تِلْكَ الْمُضَارَبَةِ الْعَيْنَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ حَتَّى تَتِمَّ الْأَلْفَانِ ثُمَّ الرِّبْحُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُتَقَارِضَيْنِ إِذَا تَفَاصَلَا فَبَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ خَلَقُ الْقِرْبَةِ أَوْ خَلَقُ الثَّوْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَافِهًا لَا خَطْبَ لَهُ فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَفْتَى بَرَدِّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُرَدُّ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ ثَمَنٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ اسْمٌ مِثْلُ الدَّابَّةِ أَوِ الْجَمَلِ أَوِ الشَّاذَكُونَةِ أَوْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا إِلَّا أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عمر روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُبَّةِ تَفْضُلُ لِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ ثِيَابِهِ ثُمَّ يُعَامِلُهُ رَدُّ الْمَالِ هَلْ يُنْزَعُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِثْلُ هَذَا مِنْهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا كَانَ لَهُ بَالٌ أُخِذَ مِنْهُ وَحُسِبَ فِي الْمَالِ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَالٌ مِثْلُ الْحَبْلِ وَالْقِرْبَةَ وَالشَّيْءِ الْخَفِيفِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ اللَّيْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَالَ لَا يَرُدُّ خلقا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 تَافِهًا مِنَ الثِّيَابِ وَلَا مِنَ الْأَسْقِيَةِ وَلَا الْحَبْلِ وَشِبْهِهِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا فَقَالُوا يُرَدُّ قَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - (يَا عَائِشَةَ إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللَّهِ طَالِبًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 |