مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ قَالَ
فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ حَلْيِ نِسَائِهِمْ فَقَالُوا لَهُ هَذَا لَكَ وَخَفِّفْ عَنَّا وَتَجَاوَزْ فِي (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ قَالَ
فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ حَلْيِ نِسَائِهِمْ فَقَالُوا لَهُ هَذَا لَكَ وَخَفِّفْ عَنَّا وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسْمِ
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ! وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ وَمَا
ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ فَأَمَّا مَا عَرَضْتُمْ مِنَ الرِّشْوَةِ فَإِنَّهَا سُحْتٌ وَإِنَّا لَا
نَأْكُلُهَا فَقَالُوا بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ 4 وَالْأَرْضُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ في حديثه (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ
مَعْمَرٌ واكثر اصحاب بن شِهَابٍ عَلَى إِرْسَالِهِ وَقَدْ وَصَلَتْهُ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ منهم صالح بن
ابي الاخضر عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ خَيْبَرَ دَعَا الْيَهُودَ فَقَالَ (نُعْطِيكُمُ الثَّمَرَ عَلَى أَنْ تَعْمَلُوهَا
أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ) فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
رَوَاحَةَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36
فيخرصها عليهم ثم يخبرهم أَيَأْخُذُونَ بِخَرْصِهِ أَمْ يَتْرُكُونَ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي افْتِتَاحِ خَيْبَرَ هَلْ كَانَ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا أَوْ خَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا بِغَيْرِ
قِتَالٍ فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ
فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً
فَاحْتَجَّ بِهَذَا مَنْ جَعَلَ فَتْحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِرِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ بن شِهَابٍ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا
لِأَصْحَابِهِ عُمَّالٌ يَعْمَلُونَهَا وَيَزْرَعُونَهَا فَدَعَا يَهُودَ خَيْبَرَ وَكَانُوا قَدْ أُخْرِجُوا مِنْهَا فدفع
اليهم خيبر عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا عَلَى النِّصْفِ يُؤَدُّونَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ لَهُمْ (أُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ) وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ
قَالُوا وَلَا يُخَمَّسُ إِلَّا مَا كَانَ أُخِذَ عَنْوَةً وَأَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بالخيل والرجل
وَقَالَ آخَرُونَ كَانَتْ خَيْبَرُ حُصُونًا كَثِيرَةً فَمِنْهَا مَا أُخِذَ عَنْوَةً بِالْقِتَالِ وَالْغَلَبَةِ وَمِنْهَا مَا
صَالَحَ عَلَيْهِ أَهْلَهَا وَمِنْهَا مَا أَسْلَمَهُ أَهْلُهُ لِلرُّعْبِ وَالْخَوْفِ بِغَيْرِ قِتَالٍ طَلَبًا لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ
وروى بن وهب عن مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا
قَالَ وَ (الْكُتَيْبَةُ) أَكْثَرُهَا عَنْوَةٌ وَمِنْهَا صلح
قال بن وَهْبٍ قُلْتُ لِمَالِكٍ وَمَا الْكُتَيْبَةُ قَالَ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ وَهِيَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَذْقٍ
قَالَ مَالِكٌ وَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُقْسَمَ (الْكَتِيبَةُ) مَعَ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ يُقَسِّمُونَهَا فِي الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ
وَقِيلَ لِمَالِكٍ أَفَتَرَى ذَلِكَ لِلْأَغْنِيَاءِ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُفَرَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ كَانَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ خَيْبَرَ نَصِفُهَا فَكَانَ
النِّصْفُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ النِّصْفَ وَهِيَ
الْكُتَيْبَةُ وَالْوَطِيحَةُ وسلالم ووحدة وَكَانَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلْمُسْلِمِينَ نَطَاةُ وَالشِّقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي (التَّمْهِيدِ) فِي باب بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنَ
الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَغَيْرِهَا فِي فَتْحِ خَيْبَرَ وَكَيْفَ كَانَتْ قِسْمَتُهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ نَصِفَهَا وَإِنَّمَا
اخْتَلَفُوا فِي قِسْمَةِ جَمِيعِهَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي قِسْمَةِ الْأَرَضِينَ وَفِي
تَوْقِيفِهَا
وَاخْتِصَارُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ كُلَّ بَلْدَةٍ تُفْتَحُ عَنْوَةً فَإِنَّ أَرْضَهَا
مَوْقُوفَةٌ حُكْمُهَا حُكْمُ الَّتِي لِكُلِّ مَنْ حَضَرَهَا وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا وَمَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
بَعْدُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا صَنَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَرْضِ سَوَادِ الْعِرَاقِ
وَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ جَعَلَهَا مَوْقُوفَةً مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمِصْرِ وَمَنْ يَجِيءُ
بَعْدَهُمْ
وَاحْتَجَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ بِالْآيَةِ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ
عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى) الاية إلى قوله (والذين جاءو مِنْ بَعْدِهِمْ) الْحَشْرِ 7 -
10
وَقَالَ مَا أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ حَتَّى الرَّاعِي وَكَانَ يَفْرِضُ لِلْمَنْفُوسِ وَالْعَبْدِ
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ لَوْلَا آخِرُ النَّاسِ مَا افْتَتَحْتُ
قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر
رواه بن مهدين وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ
وَكَانَ فِعْلُ عُمَرَ فِي تَوْقِيفِ الْأَرْضِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَدَلَّ ذَلِكَ
عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ
وَلِلرَّسُولِ) الْأَنْفَالِ 41 فِيمَا عَدَا الْأَرَضِينَ وَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تَدْخُلُ فِي عُمُومِ هَذَا اللَّفْظِ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِأَنَّ الْغَنَائِمَ الَّتِي أُحِلَّتْ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُمْ إِنَّمَا
كَانَتْ مَا تَأْكُلُهُ النار
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38
وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ
عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ (لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرؤوس قَبْلَكُمْ كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا)
وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ