وَقَالَ أَشْهَبُ سَأَلْتُ مَالِكًا مَرَّاتٍ عَنْ تَمْرِ النَّخْلِ وَالْأَعْنَابِ وَغَيْرِهَا مِنَ الثِّمَارِ تُقْسَمُ
بِالْخَرْصِ فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لِي إِذَا طَابَتِ الثَّمَرَةُ مِنَ النَّخْلِ وَغَيْرُهَا أُقْسِمَتْ بِالْخَرْصِ
وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ الْعَرَايَا (...)
 
وَقَالَ أَشْهَبُ سَأَلْتُ مَالِكًا مَرَّاتٍ عَنْ تَمْرِ النَّخْلِ وَالْأَعْنَابِ وَغَيْرِهَا مِنَ الثِّمَارِ تُقْسَمُ
بِالْخَرْصِ فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لِي إِذَا طَابَتِ الثَّمَرَةُ مِنَ النَّخْلِ وَغَيْرُهَا أُقْسِمَتْ بِالْخَرْصِ
وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ الْعَرَايَا وَغَيْرِهَا بِالْخَرْصِ فِي
غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ كَمَا تَجُوزُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ
قَالَ وَيَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ بِخَرْصِهِ إِلَى الْجِذَاذِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِخَرْصِهِ إِلَى الْجِذَاذِ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ
قَبْلَ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إِلَّا فِي الْعَرَايَا خَاصَّةً
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْعَرَايَا فَلَا وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ تَدْخُلُهُ الْمُزَابَنَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا وَيَدْخُلُهُ
بَيْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً
وَإِنَّمَا أَجَازَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي الْعَرَايَا خَاصَّةً لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ تَخْصِيصِ مِقْدَارِهَا مِنَ
الْمُزَابَنَةِ
قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَشْهَبُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الثِّمَارِ إِلَّا طَيِّبَهَا ثُمَّ يُقَسِّمُهَا بَيْنَ أَرْبَابِهَا
بِالْخَرْصِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى اخْتِلَافِ حَاجَاتِهِمْ
ورواه عن مالك
قال وبن الْقَاسِمِ يَقُولُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَسِمَ بَيْنَهُمْ بِالْخَرْصِ إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ غَرَضُ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبِيعَ وَيُرِيدُ الْآخَرُ أَنْ يُيَبِّسَ وَيَدَّخِرَ وَيُرِيدُ الْآخَرُ أَنْ
يَأْكُلَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُمْ قِسْمَتُهَا بِالْخَرْصِ إِذَا وُجِدَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مَنْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45
يَعْرِفُ الْخَرْصَ فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَتُهُمْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَبِيعُوا او
على ان يأكلوا رطبا او عَلَى أَنْ يَجِدُوهَا تَمْرًا لَمْ يَقْتَسِمُوهَا بِالْخَرْصِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي النَّخْلِ الْمُثْمِرِ إِذَا اقْتَسَمَتِ الْأُصُولَ بِمَا
فِيهَا مِنَ الثَّمَرَةِ جَازَ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ تَبَعُ الْأُصُولِ بِالْقِسْمَةِ وَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةٌ لِلْبُيُوعِ
قَالَ لِأَنَّهَا تَجُوزُ بِالْقُرْعَةِ وَالْبَيْعُ لَوْ وَقَعَ بِالْقُرْعَةِ لَمْ يَجُزْ (وَأَيْضًا) فَإِنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ
عَلَى الْقِسْمَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّحَابِيَ فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا
جَائِزٌ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَتَطَوُّعٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِسْمَةُ الثَّمَرَةِ دُونَ الْأُصُولِ قَبْلَ طِيبِهَا بِالْخَرْصِ عَلَى حَالٍ
وَتَجُوزُ عِنْدَهُ قِسْمَتُهَا مَعَ الْأُصُولِ عَلَى مَا وَصَفْنَا
وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ تَجُوزُ قِسْمَتُهَا بِالْخَرْصِ إِذَا طَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا وَالْأَوَّلُ
أَشْهَرُ فِي مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ
قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَاقَى الرَّجُلُ النَّخْلَ وَفِيهَا الْبَيَاضُ فَمَا ازْدَرَعَ الرَّجُلُ الدَّاخِلُ فِي
الْبَيَاضِ فَهُوَ لَهُ
قَالَ وَإِنِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّهُ يَزْرَعُ فِي الْبَيَاضِ لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأَنَّ
الرَّجُلَ الدَّاخِلَ في المال يسقي لرضب الْأَرْضِ فَذَلِكَ زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ
قَالَ وَإِنِ اشْتَرَطَ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْمَؤُونَةُ كُلُّهَا عَلَى الدَّاخِلِ فِي
الْمَالِ الْبَذْرُ وَالسَّقْيُ وَالْعِلَاجُ كُلُّهُ فَإِنِ اشْتُرِطَ الدَّاخِلُ فِي الْمَالِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنَّ
الْبَذْرَ عَلَيْكَ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ لِأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ زِيَادَةً ازْدَادَهَا عَلَيْهِ
وَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ الْمَؤُونَةُ كُلُّهَا وَالنَّفَقَةُ وَلَا يَكُونُ
عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا شَيْءٌ فَهَذَا وَجْهُ الْمُسَاقَاةِ الْمَعْرُوفُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُجِزْ مَالِكٌ فِي الْمُسَاقَاةِ إِلَّا مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِيهَا وَالْعَمَلُ لِأَنَّهَا
خَارِجَةٌ عَنْ أُصُولِ الْبِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ فَلَمْ يَتَعَدَّ بِهَا مَوْضِعَهَا كَسَائِرِ الْمَخْصُوصَاتِ
الْخَارِجَةِ عَنْ أُصُولِهَا الِاسْتِثْنَاءَ بِهَا مِنْهَا وَغَيْرُهُ يُجِيزُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ فِي الْبَيَاضِ
مِنْهُمَا مَعًا وَيَقُولُ ذَلِكَ مَا جَوَّزَ وَأَبْعَدَ مِنَ الْمُزَارَعَةِ عِنْدَهُمَا بِالثُّلُثِ وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ
بِبَعْضِ مَا تُخْرِجُهُ
هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ
وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَالْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُمَا بِالثُّلُثِ والربع جائزة
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِيمَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمْ
وَجَائِزٌ عِنْدَهُمُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى النَّخْلِ وَالْأَرْضِ نَحْوَ مِمَّا يُخْرِجُ هَذِهِ وَهَذِهِ عَلَى مَا رَوَى
فِي مُسَاقَاةِ خَيْبَرَ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ وَالنَّخْلُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا الْمُزَارَعَةُ وَلَا الْمُسَاقَاةُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَيْنِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَنْقَطِعُ مَاؤُهَا فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي
الْعَيْنِ وَيَقُولُ الْآخَرُ لَا أَجِدُ مَا أَعْمَلُ بِهِ إِنَّهُ يُقَالُ لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ
اعْمَلْ وَأَنْفِقْ وَيَكُونُ لَكَ الْمَاءُ كُلُّهُ تَسْقِي بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُكَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ فَإِذَا
جَاءَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَوَّلُ الماء كله لانه اتفق
وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا بِعَمَلِهِ لَمْ يَعْلَقِ الْآخَرَ مِنَ النَّفَقَةِ شَيْءٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ وَحُجَّتُهُ لَهُ بِذَلِكَ
وَقَوْلُ الْكُوفِيِّينَ نَحْوُهُ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِقَضَاءِ قَاضٍ وَحُكُومَةِ حَاكِمٍ فَإِنْ
أَنْفَقَ دُونَ قَضَاءِ الْحَاكِمِ رَغْبَةً فِي أَنْ يَتَمَيَّزَ لَهُ مَا يُرِيدُهُ مِنْ عَمَلِ حِصَّتِهِ كَانَ
مُتَطَوِّعًا بِنَفَقَتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ كَامِلَةً يَعْتَلُّهَا مَعَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَيُقَالُ لِشَرِيكِهِ إِنْ شِئْتَ تَطَوَّعْ بِالْإِنْفَاقِ
وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ وَقَضَاءُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ
دَيْنًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِضًا مِنْهُ
قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ كُلُّهَا وَالْمَؤُونَةُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّاخِلِ فِي
الْمَالِ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّهُ يَعْمَلُ بيده انما هو اجير ببعض الثمر فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ لَا
يَدْرِي كَمْ إِجَارَتُهُ إِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا يَعْرِفُهُ يَعْمَلُ عَلَيْهِ لَا يَدْرِي أَيَقِلُّ ذَلِكَ أَمْ يَكْثُرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ كُلِّ مَنْ يُجِيزُ الْمُسَاقَاةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى سُنَّتِهَا وَأَنَّ
الْعَمَلَ عَلَى الدَّاخِلِ لَا رَبِّ الْحَائِطِ وَالْقَائِمُ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِالْمُزَارَعَةِ عِنْدَ مَنْ
يُجِيزُهَا
قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مُقَارِضٍ أَوْ مُسَاقٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47
النَّخْلِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِذَلِكَ يَقُولُ أُسَاقِيكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ
لِي فِي كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً تَسْقِيهَا وَتَأْبُرُهَا وَأُقَارِضُكَ فِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَالِ عَلَى أَنْ
تَعْمَلَ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لَيْسَتْ مِمَّا أُقَارِضُكَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي وَلَا يَصْلُحُ وَذَلِكَ
الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَشْبِيهُ مَالِكٍ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْمَعْنَى الْوَاحِدِ لَا تَجُوزُ
فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ
ذَلِكَ كَانَ الْأَجْرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ مَجْهُولًا
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي الْقِرَاضِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
قَالَ مَالِكٌ وَالسُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُسَاقِي
شَدُّ الْحِظَارِ وَخَمُّ الْعَيْنِ وَسَرْوُ الشَّرَبِ وَإِبَارُ النَّخْلِ وَقَطْعُ الْجَرِيدِ وَجَذُّ الثَّمَرِ هَذَا
وَأَشْبَاهُهُ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَاقِي شَطْرَ الثَّمَرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ
غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْأَصْلِ لَا يَشْتَرِطُ ابْتِدَاءَ عَمَلٍ جَدِيدٍ يُحْدِثُهُ الْعَامِلُ فِيهَا مِنْ بِئْرٍ
يَحْتَفِرُهَا أَوْ عَيْنٍ يَرْفَعُ رَأْسَهَا أَوْ غِرَاسٍ يَغْرِسُهُ فِيهَا يَأْتِي بِأَصْلِ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ
ضَفِيرَةٍ يَبْنِيهَا تَعْظُمُ فِيهَا نَفَقَتُهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لرجل من
الناس بن لي ها هنا بَيْتًا أَوِ احْفُرْ لِي بِئْرًا أَوْ أَجْرِ لِي عَيْنًا أَوِ اعْمَلْ لِي عَمَلًا
بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ ثَمَرَ الْحَائِطِ وَيَحِلَّ بَيْعُهُ فَهَذَا بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ
أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى
يَبْدُوَ صَلَاحُهَا
قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا إِذَا طَابَ الثَّمَرُ وَبَدَا صَلَاحُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ اعْمَلْ لِي
بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ لِعَمَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِنَّمَا
اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ مَعْلُومٍ قَدْ رَأْهُ وَرَضِيَهُ فَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ
ثَمَرٌ أَوْ قَلَّ ثَمَرُهُ أَوْ فَسَدَ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ وَأَنَّ الْأَجِيرَ لَا يُسْتَأْجَرُ إِلَّا بِشَيْءٍ مُسَمًّى
لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إِلَّا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ إِنَّمَا يَشْتَرِي مِنْهُ عَمَلَهُ وَلَا
يَصْلُحُ ذَلِكَ إِذَا دَخَلَهُ الْغَرَرُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ
الْغَرَرِ