وَقَدْ أَجَازَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ سَفِينَتَهُ وَدَابَّتَهُ كَمَا يُعْطِي
أَرْضَهُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَرْزُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّلَاحِ بِهَا وَجَعَلُوا أَصْلَهُمْ فِي ذَلِكَ بِالْقِرَاضِ
الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي (...)
 
وَقَدْ أَجَازَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ سَفِينَتَهُ وَدَابَّتَهُ كَمَا يُعْطِي
أَرْضَهُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَرْزُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّلَاحِ بِهَا وَجَعَلُوا أَصْلَهُمْ فِي ذَلِكَ بِالْقِرَاضِ
الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي النَّخْلِ أَيْضًا إِنَّهَا تُسَاقِي السِّنِينَ الثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ وَأَقَلَّ مِنْ
ذَلِكَ وَأَكْثَرَ
قَالَ وَذَلِكَ الَّذِي سَمِعْتُ وَكُلُّ شَيْءٍ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْأُصُولِ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ يَجُوزُ فِيهِ
لِمَنْ سَاقَى مِنَ السِّنِينَ مِثْلُ مَا يَجُوزُ فِي النَّخْلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي أَجَلِ الْمُسَاقَاةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ (أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ (أُقِرُّكُمْ مَا شِئْنَا)
وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَنُعِيدُ هُنَا مِنْهَا ذِكْرًا كَمَا أَعَادَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ فَنَقُولُ إِنَّ مَالِكًا
وَالشَّافِعِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِجَازَةِ الْمُسَاقَاةِ سِنِينَا مَعْلُومَةً وَالْمُسَاقَاةُ إِنَّمَا
هِيَ عِنْدَهُمْ إِلَى الْجِذَاذِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَربَّ الْأَصْلِ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْبَابِ
وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْمُسَاقَاةِ إِلَى الْجِذَاذِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ فِي الشَّجَرِ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَرِ
فَحُكْمُ السِّنِينَ الْمَعْلُومَاتِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ شَيْءٌ لَمْ يُخْلَقْ أَوْ لَمْ
يَظْهَرْ
وَقَدْ أَجَازَتْ طَائِفَةٌ الْمُسَاقَاةَ إِلَى غَيْرِ تَوْقِيتٍ مِنَ السِّنِينَ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ الْيَهُودَ عَلَى شَطْرِ النَّخْلِ
وَالزَّرْعِ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
فَإِنْ دَفَعَ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا مُعَامَلَةً عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا وَقْتًا
مَعْلُومًا
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ سَنَةٌ وَاحِدَةٌ
وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ بن الْمَاجِشُونِ
فَمَنِ اكْتَرَى دَارًا مُشَاهَرَةً أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَهْرٌ وَاحِدٌ
وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِيمَنْ سَاقَى حائضا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي وَقْتِ الْمُسَاقَاةِ مَرَّةً مَعْلُومَةً قَوْلٌ
حَسَنٌ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَاقِي إِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَاقَاهُ شَيْئًا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا وَرِقٍ
يَزْدَادُهُ وَلَا طَعَامٍ ولا شيئا مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَاقِيَ
مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ شَيْئًا يَزِيدُهُ إِيَّاهُ مَنْ ذَهَبٍ وَلَا وَرِقٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ
وَالزِّيَادَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لَا تَصْلُحُ
قَالَ مَالِكٌ وَالْمُقَارِضُ أَيْضًا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَا يَصْلُحُ إِذَا دَخَلَتِ الزِّيَادَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَوِ
الْمُقَارَضَةِ صَارَتْ إِجَارَةً وَمَا دَخَلَتْهُ الْإِجَارَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْإِجَارَةُ
بِأَمْرٍ غَرَرٍ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لَا يَكُونُ أَوْ يَقِلُّ أَوْ يكثر
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنِ مُجِيزِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
زِيَادَةٌ يَزْدَادُهَا عَلَى جُزْئِهِ الْمَعْلُومِ لِأَنَّهُ - حِينَئِذٍ - يَعُودُ الْجُزْءُ مَجْهُولًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ
تَكُونَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى جُزْءٍ مَجْهُولٍ وَإِنَّمَا تَجُوزُ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ ثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ أَوْ
رُبُعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَاتِ فِيمَا يُخْرِجُهُ إِلَيْهِ فِي الثَّمَرَةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي الْقِرَاضِ أَيْضًا
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُسَاقِي الرَّجُلَ الْأَرْضَ فِيهَا النَّخْلُ وَالْكَرْمُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ
الْأُصُولِ يَكُونُ فِيهَا الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ
قَالَ مَالِك إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَعْظَمَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَهُ فَلَا بَأْسَ
بِمُسَاقَاتِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّخْلُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَيَكُونَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ
وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيَاضَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ
ثُمَّ ذَكَرَ إِلَى آخَرِ الْبَابِ هَذَا الْمَعْنَى مُكَرَّرًا وَشَبَّهَهُ بِالسَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ يَكُونُ فِي
أَحَدِهِمَا الْحِلْيَةُ مِنَ الْوَرِقِ فَيُبَاعُ بِالْوَرِقِ إِذَا كَانَ الْوَرِقُ بَيْعًا لِلنَّصْلِ وَالْمُصْحَفِ وَكَذَلِكَ
الْقِلَادَةُ والخاتم وذلك ان يكون الثلث فادنى على مَا ذَكَرَ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ مَعَ
الْأُصُولِ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى
بَيْنَ السَّلَفِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ
فَأَمَّا مُسَاقَاةُ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أُصُولَ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَجَازَ
الْمُزَارَعَةَ جُمْلَةً وَمَنْ أَجَازَهَا فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ لِأَنَّهُ يُجِيزُ الْمُسَاقَاةَ مَا أَغْنَى عَنْ
إِعَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَقَاوِيلَ بِذَلِكَ
وَمَنْ لَا يُجِيزُ الْمُزَارَعَةَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ قَدِ اخْتَلَفَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ
فِي هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِ مَالِكٍ مَا قَدْ أَوْضَحَهُ فِي (مُوَطَّئِهِ)
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ أَبْطَلَ الْمُزَارَعَةَ فِي قَلِيلِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَإِذَا سَاقَاهُ عَلَى نَخْلٍ فَكَانَ فِيهِ بَيَاضٌ لَا
يُوصَلُ إِلَى عَمَلِهِ إِلَّا بِالدُّخُولِ عَلَى النَّخْلِ وَكَانَ لَا يُوصَلُ إِلَى سَقْيِهِ إِلَّا بِتَرْكِ النَّخْلِ
فِي الْمَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ جَازَ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَيْهِ مِنَ النَّخْلِ إِلَّا مُنْفَرِدًا وَحْدَهُ
وَلَوْلَا الْخَبَرُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ النَّخْلَ
عَلَى أَنَّ لَهُمُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57
النِّصْفَ مِنَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَلَهُ النِّصْفَ فَكَانَ الزَّرْعُ كَمَا وَصَفْتُ بَيْنَ ظَهْرَانِي النَّخْلِ
لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ
قَالَ وَلَيْسَ لِلْمُسَاقِي فِي النَّخْلِ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا فَإِنْ فَعَلَ كَانَ كَمَنْ
زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ
قَالَ وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ نَخْلَاتٍ
بِعَيْنِهَا مِنَ الْحَائِطِ لَمْ يَجُزْ وَلَوِ اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ زِيَادَةً لَمْ
يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ