قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كان مالك في صدر من عُمْرِهِ يَرَى فِي الْهِبَةِ الشُّفْعَةَ وَإِنْ كَانَتْ
لِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَنَّهُ انْتِقَالُ مِلْكٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ الْهِبَةَ لِغَيْرِ ثَوَابِ شفعة
ذكر ذلك عنه بن عَبْدِ الْحَكَمِ
وَأَمَّا الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ فَهِيَ عِنْدَهُ كَالْبَيْعِ وَفِيهَا (...)
 
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كان مالك في صدر من عُمْرِهِ يَرَى فِي الْهِبَةِ الشُّفْعَةَ وَإِنْ كَانَتْ
لِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَنَّهُ انْتِقَالُ مِلْكٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ الْهِبَةَ لِغَيْرِ ثَوَابِ شفعة
ذكر ذلك عنه بن عَبْدِ الْحَكَمِ
وَأَمَّا الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ فَهِيَ عِنْدَهُ كَالْبَيْعِ وَفِيهَا الشُّفْعَةُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا قَوْلَ
أَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَوْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ أَثَابَ الْوَاهِبَ باكثر من قيمة
الشقص الموهوب
فقال بن الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِقِيمَةِ الثَّوَابِ كُلِّهِ قَالَ وَلِهَذَا يَهَبُ النَّاسُ مِنَ الْهِبَاتِ وَلَمْ
يَذْكُرْ قُوتًا بَلْ قَالَ ذَلِكَ مُجْمَلًا
وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَتَى بِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْهِبَةَ قَوْلَانِ
فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ إِلَّا بِجَمِيعِ الثَّوَابِ أَوْ شِرْكِهِ
وان كان بعد الفوت فله ان يستشفع بقيمة الشقص فقط
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالْهِبَةُ لِلثَّوَابِ عِنْدَهُ بَاطِلٌ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ
مَجْهُولٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْهِبَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
قَالَ وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ مِنْ فِعْلِ مَنْ فَعَلَهُ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَيُجِيزُونَ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ وَيُضَمِّنُونَهَا اتِّبَاعًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَنَذْكُرُ
ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ شُفْعَةً لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ هِبَةٌ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ
وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ عِنْدِهِمْ فِي صَدَاقٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا جُعْلٍ وَلَا خُلْعٍ وَلَا فِي شَيْءٍ صُولِحَ
عَلَيْهِ مِنْ دَمٍ عَمْدٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرِكَةٍ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ الشَّرِيكُ
أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71
قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مَلِيًّا فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا أَنْ
لَا يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إِلَى ذَلِكَ الاجل فاذا جاءهم بجميل مَلِيٍّ ثِقَةٍ مِثْلِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ
الشِّقْصَ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ فَذَلِكَ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي
(مُوَطَّئِهِ) إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الَّذِي يَشْتَرِي شِقْصًا مِنْ رَبْعٍ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَلَا يَقُومُ
الشَّفِيعُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عَلَى الْمُشْتَرِي
فَذَكَرَ بن حبيب عن بن الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ قَالَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا
إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي
وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ إِلَّا بِثَمَنٍ حَالٍّ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ الْمُزَنِيُّ إِنِ اشْتَرَى النَّصِيبَ مِنَ الدَّارِ وَسَائِرَ الرِّبَاعِ
وَالْأَرْضِ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إِنْ شِئْتَ فَعَجِّلِ الثَّمَنَ وَتَعَجَّلِ الشُّفْعَةَ وَإِنْ شِئْتَ
فَدَعْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ
وَقَوْلُ الْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا فِيهَا شُفْعَةٌ
لِرَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَقَالَ أَنَا آخُذُهَا إِلَى أَجَلِهَا قَالَ لَا يَأْخُذُهَا إِلَّا بِالنَّقْدِ لِأَنَّهَا
قَدْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِ الْأَوَّلِ
قَالَ سُفْيَانُ وَمِنَّا مَنْ يَقُولُ يُقَرُّ فِي يَدِ الَّذِي ابْتَاعَهَا فَإِذَا بَلَغَ الْأَجَلُ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ
قَالَ مَالِكٌ لَا تَقْطَعُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ غَيْبَتُهُ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وليس لذلك عِنْدَنَا حَدٌّ تُقْطَعُ
إِلَيْهِ الشُّفْعَةُ
قَالَ يَحْيَى قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ تَرَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ - يَعْنِي مِنْ مِصْرَ - غَيْبَةً وَهُوَ
يَبْلُغُهُ أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ بَاعَ فَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي سِنِينَ الْعَشَرَةَ وَنَحْوَهَا ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ
ذَلِكَ يَطْلُبُ الشفعة
فقال بن الْقَاسِمِ هَذِهِ غَيْبَةٌ لَا تَقْطَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي شُفْعَتَهُ وَإِنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَنَرَى
السُّلْطَانَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ أَنْ يُوقِفَ وَيُعْلِمَهُ شَرِيكُهُ قَدْ بَاعَ
فَإِمَّا اخذ واما ترك
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72
قال بن الْقَاسِمِ لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ فَيَكْتُبُ لَهُ
الْقَاضِي الَّذِي بِمَكَانِهِ إِلَى قَاضِي الْبَلَدِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنَ اشْتِرَائِهِ وَمَا يَطْلُبُ مِنْ قَطْعِ
الشُّفْعَةِ عَنْهُ فَيُوقِفُهُ فَإِمَّا أَخَذَ وَإِمَّا تَرَكَ فَإِنْ تَرَكَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ
قَالَ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَمَا تَرَى الْقُرْبَ الَّذِي يَقْطَعُ الشُّفْعَةَ قَالَ مَا وَقَّتَ لَنَا مَالِكٌ فِيهِ
شَيْئًا قَدْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ وَالرَّجُلُ الضَّعِيفُ على البريد فلا يستطع أَنْ يَنْهَضَ
وَلَا يُسَافِرَ فَلَمْ يَحِدَّ لَنَا حَدًّا وَإِنَّمَا فِيهِ اجْتِهَادٌ لِلسُّلْطَانِ عَلَى أَفْضَلِ مَا يَرَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا شُفْعَةُ الْغَائِبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ
الْحِصَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا شَرِيكٌ مِنَ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ ثُمَّ قَدِمَ فَعَلِمَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ مَعَ طُولِ
مُدَّةِ غَيْبَتِهِ
وَاخْتَلَفُوا إِذَا عَلِمَ فِي حَالِ الْغَيْبَةَ
فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَمْ يَشْهَدْ حِينَ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ مَتَى قَدِمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّهُ
تَارِكٌ لَهَا
وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ أَبَدًا حَتَّى يَقْدَمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا إِشْهَادًا
وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي أَمَدِ شُفْعَةِ الْحَاضِرِ الْعَاجِلِ فَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ حَيْثُ رَسَمَهُ
مَالِكٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ (الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ) أَوْ قَالَ (بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ
بِهَا إِذَا كَانَ غَائِبًا)
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عن حميد الازرق قال
مضى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً يَعْنِي لِلْغَائِبِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُوَرِّثُ الْأَرْضَ نَفَرًا مِنْ وَلَدِهِ ثُمَّ يُولَدُ لِأَحَدِ النَّفَرِ ثُمَّ يَهْلَكُ الْأَبُ
فَيَبِيعُ أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَإِنَّ أَخَا الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مِنْ عُمُومَتِهِ
شُرَكَاءِ أَبِيهِ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ فِي مِيرَاثِ الشُّفْعَةِ وَهَلْ تُوَرَّثُ أَوْ
لَا تُوَرَّثُ وَفِي كَيْفِيَّةِ الشُّفْعَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ هَلْ هِيَ لِلْكَبِيرِ كَالْوَلَاءِ وَهَلْ تَدْخُلُ الْعَصَبَةُ
فيها على ذوي الفروض أَوْ يَدْخُلُ بَعْضُ أَهْلِ السِّهَامِ فِيهَا عَلَى بعض
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73
فَأَمَّا مِيرَاثُ الشُّفْعَةِ فَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ إِلَى أَنَّهَا لَا تُوهَبُ وَلَا تُوَرَّثُ لِأَنَّهَا
لَا مِلْكُهُ وَلَا مَالُهُ
وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ أَهْلِ الْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الشُّفْعَةَ مَوْرُوثَةً لِأَنَّهَا حَقٌّ مِنْ
حُقُوقِ الْمَيِّتِ يَرِثُهُ عَنْهُ وَرَثَتُهُ
وَأَمَّا الشُّفْعَةُ بَيْنَ ذَوِي السِّهَامِ فِي الْمِيرَاثِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ
مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ فِي (الْمُوَطَّأِ) أَنَّ أَهْلَ السَّهْمِ الْوَاحِدِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ
الشُّرَكَاءِ فِي سَائِرِ الْمِيرَاثِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعَصَبَاتُ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ فِي الشُّفْعَةِ
وَأَنَّ ذَوِي السِّهَامِ يَدْخُلُونَ عَلَى الْعَصَبَاتِ فِيهَا
واختلف اصحابه
فقال بن الْقَاسِمِ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ ذَوُو السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَاتِ وَلَا يَدْخُلُ الْعَصَبَاتُ عَلَى ذَوِي
السِّهَامِ لَا يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا يَتَشَافَعُ أَهْلُ السَّهْمِ
فِيمَا بَيْنَهُمْ خَاصَّةً
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ يَدْخُلُ الْعَصَبَاتُ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَذَوُو السِّهَامِ عَلَى
الْعَصَبَاتِ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ شُرَكَاءُ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُغِيرَةِ
وَقَوْلُ الْكُوفِيِّينَ كَقَوْلِ أَشْهَبَ مِثَالُ ذَلِكَ رَجُلٌ تُوُفِّيَ عَلَى ابْنَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَرِثْنَ عَنْهُ
أَرْضًا أَوْ دارا فباعت بعضهن حصتها منها
فقال بن الْقَاسِمِ تَدْخُلُ الْبَنَاتُ عَلَى الْأَخَوَاتِ وَلَا تَدْخُلُ الاخوات على البنات لانهن ها
هنا عَصَبَةُ الْبَنَاتِ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَدْخُلُ الِابْنَةُ عَلَى الْأُخْتِ كَمَا لَا تَدْخُلُ الْأُخْتُ عَلَيْهَا
وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ
قَالَ وَلَوْ وَرِثَهُ رَجُلَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ ابْنَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَرَادَ أَخْذَ الشُّفْعَةِ
دُونَ عَمِّهِ فَكِلَاهُمَا فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ
قَالَ الْمُزَنِيُّ هَذَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِهِ الْآخَرِ إِنَّ أَخَاهُ أَحَقُّ بِنَصِيبِهِ
قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمَعْنَيَيْنِ لِنِصْفَيْنِ من عبد لاحدهما أَكْثَرُ مِنَ الْآخَرِ فِي أَنَّ
عَلَيْهِمَا قِيمَةَ الْبَاقِي عَلَى السَّوَاءِ إِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْقِيَاسُ يَصِحُّ فِي مَسْأَلَتِهِ هَذِهِ لِأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي سَهْمٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74
قَدْ حَصَلُوا شُرَكَاءَ فِي الشِّقْصِ وَشُرَكَاءَ فِي (السَّهْمِ) فَكَانُوا أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ شَرِيكٌ فِي
الشِّقْصِ خَاصَّةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَدْلَوْا بِسَبَبَيْنِ وَكَانُوا أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ أَوْلَى بِسَبَبٍ وَاحِدٍ
وَلَيْسَ الشَّرِيكَانِ يَكُونُ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ فِي مَسْأَلَةِ
الشُّفْعَةِ فِي شَيْءٍ
وَالْحُجَّةُ عِنْدِي لِمَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الشُّفْعَةَ أَوْجَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَخُصَّ شَرِيكًا مِنْ شَرِيكٍ فَكُلُّ شَرِيكٍ فِي
الشِّقْصِ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِعُمُومِ السُّنَّةِ وَظَاهِرِ الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مَالِكٌ الشُّفْعَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ يَأْخُذُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ
إِنْ كَانَ قَلِيلًا فَقَلِيلًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَبِقَدْرِهِ وَذَلِكَ إِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الشُّفْعَةَ بِالْحِصَصِ مِثَالُ ذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا
وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصْفَهُ وَوَجَبَ لِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ
فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الثُّلُثِ الثُّلُثَيْنِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ الثُّلُثَ
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ منهم شريح القاضي وعطاء وبن
سِيرِينَ ثَلَاثَةُ أَئِمَّةٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْصَارٍ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الرُّؤُوسِ وَأَنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِيهَا
سَوَاءٌ وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ
وَسَيَأْتِي اخْتِلَافُهُمْ فِي أُجْرَةِ الْقَسَّامِ هَلْ هِيَ عَلَى الرُّؤُوسِ أَوْ عَلَى السِّهَامِ فِي مَوْضِعِهِ
مِنَ الْأَقْضِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى