مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ
قَالَ ابو عمر حديث ربيعة هذا عَنْ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فَقَدْ قُلْنَا إِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ
مِنَ السَّلَفِ قَبِلُوا الْمُرْسَلَ مِنْ أَحَادِيثِ الْعُدُولِ
وَقَدْ وَجَدْنَا خَبَرَ رَبِيعَةَ هَذَا مِنْ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ
قَالَ ابو عمر حديث ربيعة هذا عَنْ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فَقَدْ قُلْنَا إِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ
مِنَ السَّلَفِ قَبِلُوا الْمُرْسَلَ مِنْ أَحَادِيثِ الْعُدُولِ
وَقَدْ وَجَدْنَا خَبَرَ رَبِيعَةَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ (الْمَسْعُودِيِّ) عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الْإِسْلَامِ يَشْهَدُ الزُّورَ
وَمَعْنَى يُؤْسَرُ أَيْ يُحْبَسُ لِنُفُوذِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ
فَهَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ عِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ (وَالْبَصْرِيِّينَ)
وَالْمَسْعُودِيُّ هَذَا هُوَ مِنْ ثِقَاتِ مُحَدِّثِي الْكُوفَةِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يقولون انه كان اعلم الناس بعلم بن مَسْعُودٍ وَاخْتَلَطَ فِي آخِرِ
عُمُرِهِ وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ جِلَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْهُمُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي
ثَابِتٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ
وَأَخُوهُ أَبُو الْعُمَيْسِ وَاسْمُهُ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (ثِقَةٌ) أَيْضًا
وَحَدِيثُ رَبِيعَةَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ إِلَى أَبِي
مُوسَى وَغَيْرِهِ مِنْ عُمَّالِهِ (وَهُوَ خَبَرٌ لَا يَأْتِي إِلَّا عَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ نُخْرِجُهُ عَنْهُمْ وَهُوَ
قَوْلُهُ) (الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَيْنَهُمْ) أَوْ قَالَ (عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا خَصْمًا أَوْ
ظَنِينًا)
وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فَيَقْبَلُ شَهَادَةَ كُلِّ
مُسْلِمٍ عَلَى ظَاهِرِ دِينِهِ وَيَقُولُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَكَ فَتَخْرُجُ إِنْ وَجَدْتَ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ
فَإِنِّي قَدْ قَبِلْتُهُمْ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102
وَهَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عُمَرَ مَشْهُورٌ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ - حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ سَمِعْتُ
أَبِي يَقُولُ حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ - أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى
أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ اعْلَمُوا أَنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَالْفَهْمَ الْفَهْمَ إِذَا
اخْتَصَمَ إِلَيْكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ حَتَّى لَا
يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ وَلَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي جَوْرِكَ وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى
بَعْضٍ إِلَّا خَصْمًا أَوْ ظَنِينًا مُتَّهَمًا وَلَا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ الْيَوْمَ رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ
غَدًا أَنْ تَعُودَ إِلَى الْحَقِّ فَإِنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ وَاعْلَمْ
أَنَّهُ مَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ شَانَهُ اللَّهُ وَلَا يَضِيعُ عَامِلُ اللَّهِ فَمَا ظَنُّكَ
بِثَوَابِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَجَزَاءِ رَحْمَتِهِ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنِي الخشني قال حدثني بْنُ أَبِي عُمَرَ
الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ
أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ (قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (إِلَى أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مَحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَافْهَمْ إِذَا أُولِيَ اليك فانه
لا ينفع تكلم بحق لانفاذ لَهُ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي مَجْلِسِكَ وَوَجْهِكَ وَعَدْلِكَ حَتَّى لَا
يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي
صَدْرِكَ لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ثُمَّ قِسِ الْأُمُورَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ثُمَّ انْظُرْ أَشْبَهَهَا بِالْحَقِّ
وَأَحَبَّهَا إِلَى اللَّهِ تعالى فاعمل به ولا يمنعنك قَضَاءٌ قَضَيْتَ بِهِ الْيَوْمَ رَاجَعْتَ فِيهِ
نَفْسَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ لَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ وَإِنَّ
مُرَاجَعَةَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ اجْعَلْ لِمَنِ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَمَدًا
يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ إِلَى ذَلِكَ أَخَذْتَ لَهُ حَقَّهُ وَإِلَّا أَوْجَبْتَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ
أَبْلَغُ لِلْعُذْرِ وَأَجْلَى لِلْعَمَى
الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَالنَّاسُ عُدُولٌ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظَنِينًا فِي
وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ وَدَفَعَ عَلَيْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِيَّاكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103
وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّيَ بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ لِلْخُصُومِ الَّتِي يَرَى اللَّهُ فِيهَا الْأَجْرَ وَيَحْسُنُ
فِيهَا الذِّكْرُ فَمَنْ خَلَصَتْ نِيَّتُهُ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ
اللَّهُ مِنْهُ غَيْرَهُ شَانَهُ اللَّهُ فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ
والسلام عليك وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَهَذَا الْخَبَرُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) مِنْ وُجُوهٍ (كَثِيرَةٍ) مِنْ
رِوَايَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَذْهَبُ نَحْوَ مَذْهَبِ الْحَسَنِ
قَالَ اللَّيْثُ أَدْرَكْتُ النَّاسَ لَا يُلْتَمَسُ مِنَ (الشَّاهِدِ) تَزْكِيَةٌ إِنَّمَا كَانَ الْوَالِي يَقُولُ لِلْخَصْمِ
إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مَنْ تَجْرَحُ شَهَادَتَهُمْ (فَأْتِ بِهِمْ وَإِلَّا أَجَزْنَا شَهَادَتَهُمْ) عَلَيْكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) الطَّلَاقِ 2 وَقَوْلِهِ
(مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) الْبَقَرَةِ 282 دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ إِلَّا الْعَدْلُ
الرَّضِيُّ وَأَنَّ مَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ حَتَّى تُعْلَمَ الصِّفَةُ (الْمُشْتَرَطَةُ)
وَقَدِ اتَّفَقُوا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَكَذَلِكَ كَلُّ شَهَادَةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي (الْمَسْأَلَةِ عَنِ) الشُّهُودِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُهُمُ الْقَاضِي
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَقْضِي (الْقَاضِي) بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ فَإِذَا عُدِّلُوا سَأَلَ عَنْ تَعْدِيلِهِمْ عَلَانِيَةً لِيَعْلَمَ الْمُعَدَّلَ
سِرًّا أَحَقٌّ ذَاكَ أَمْ لَا لانه وَافَقَ اسْمٌ اسْمًا وَنَسَبٌ نَسَبًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَسْأَلُ عَنِ الشُّهُودِ (فِي السِّرِّ) إِلَّا أَنْ يَطْعَنَ فِيهِمُ الْخَصْمُ إِلَّا فِي
الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَيُزَكِّيهِمْ فِي الْعَلَانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ
عَلَيْهِمُ الْخَصْمُ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بن عاصم عن بن شُبْرُمَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ سَأَلَ فِي السِّرِّ إِذَا كَانَ
الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْقَوْمِ إِذَا قِيلَ لَهُ هَاتِ مَنْ يُزَكِّيكَ فَيَسْتَحِي الْقَوْمُ مِنْهُ فَيُزَكُّونَهُ فَلَمَّا رَأَيْتُ
ذَلِكَ فِي السِّرِّ فَإِذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ قُلْتُ هَاتِ مَنْ يُزَكِّيكَ فِي العلانية
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104