مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ جُلِدَ
الْحَدَّ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَقَالُوا نَعَمْ إِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ
مَالِكٌ انه سمع بن شِهَابٍ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ جُلِدَ
الْحَدَّ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَقَالُوا نَعَمْ إِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ
مَالِكٌ انه سمع بن شِهَابٍ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ
ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النُّورِ 4 5
قَالَ مَالِكٌ فَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الَّذِي يُجْلَدُ الْحَدَّ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ
تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
قَالَ أَبُو عمر ذهب بن وَهْبٍ فِي (مُوَطَّئِهِ) إِلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْتُهُ
هُنَا ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ ابيه عن سليمان بن يسار وبن
قُسَيْطٍ مِثْلَهُ فِي شَهَادَةِ الْمُفْتَرِي فَدَلَّ مَا ذكره بن وَهْبٍ عَلَى أَنَّ مَالِكًا أَخَذَهُ بِذَلِكَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ مِنْ كُتُبِ أَبِيهِ بُكَيْرٍ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَعِيرُهَا
مِنْهُ كَثِيرًا وَيَقُولُ كَانَ بُكَيْرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الناس
قال بن وهب واخبرني مالك والليث ويونس عن بن شِهَابٍ بِمِثْلِهِ - يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ
مَالِكٌ عَنْهُ
قال وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وربيعة عن المحدود اذا تاب اتجوز
شهاداته فَقَالَا إِذَا تَابَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ
قَالَ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ تَوْبَةَ بْنِ نَمِرٍ الْحَضْرَمِيِّ الْقَاضِي بِمِصْرَ كَانَ يَرُدُّ شَهَادَةَ
الْقَذِفِ وَإِنْ تَابَ
قَالَ اللَّيْثُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وبن شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ فَكُلُّهُمْ رَأَى أَنَّ مَنْ تَابَ
مِنَ الْحُدُودِ كُلِّهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ
قَالَ اللَّيْثُ وهو احب الي
قال بن وهب وحدثني خالد بن يزيد عن بن قُسَيْطٍ أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ الزَّانِي
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105
وَالسَّارِقِ جَائِزَةٌ وَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ إِذَا راي مِنْهُمَا إِقْبَالٌ عَلَى الْخَيْرِ وَتَوْبَةٌ حَسَنَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ
وَسَائِرِ الْحُدُودِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ - تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إِذَا تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَهُمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ فِي ان القاذف اذا تاب قبلت شهاته
قال ابو عمر قول مالك ها هنا فِي شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ أَنَّهَا تُقْبَلُ إِذَا تَابَ - مَعْنَاهُ عِنْدَهُ
فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ - قَذْفًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - وَتُقْبَلُ فِيمَا
سِوَى ذَلِكَ إِذَا كان عدلا وحسنت حالته
هذه رواية بن القاسم وغيره عنه
وهو قول بن الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ وَسَحْنُونٍ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ
وروى عنه بن نَافِعٍ أَنَّهُ إِذَا حَسُنَتْ حَالَتُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ في كل شيء
وبه قال بن نافع وبن كنانة
وذكره بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ
وَبِهِ يَقُولُ سَائِرُ ائمة الفتيا ان الحدود إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ مَا شَهِدَ بِهِ
وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الْقَاذِفَ إِذَا تاب واصلح قبلت شهادته بن عباس وعطاء
ورواية عن بن جبير ذكرها بن الْمُبَارَكِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْهُ قَالَ
تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ
وَرِوَايَةٌ عَنْ مُجَاهِدٍ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إسماعيل بن علية عن بن أَبِي نَجِيحٍ
فِي الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ
وَقَالَ كُلُّنَا نَقُولُهُ قُلْتُ مَنْ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ
وَرِوَايَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ رَوَاهَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ فِي الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِهِ يَقْضِي وَيَكْتُبُ إِلَى الْبُلْدَانِ
وَقَالَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَسْرُوقٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي تَوْبَةِ الْقَاذِفِ إِذَا حُدَّ مَا هِيَ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا تَابَ
وَأَصْلَحَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَكَذَّبَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُكَذِّبْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ بِلِسَانِهِ كَمَا كَانَ الْقَذْفُ بِلِسَانِهِ
وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ كَانَ كُفْرُهُ بِلِسَانِهِ فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِلَّا بِالْإِيمَانِ حَتَّى يَنْطِقَ بِهَا بِلِسَانِهِ
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ إِنَّمَا تَفْتَرِقُ تَوْبَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَتَوْبَةُ غَيْرِهِ مِنَ
الْمَحْدُودِينَ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ لَا تَكُونُ حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ وَإِكْذَابُهُ كَلَامٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَإِذَا
تَكَلَّمَ بِهِ وَأَصْلَحَ فِي حَالِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَلَيْسَ سَائِرُ الْمَحْدُودِينَ كَذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ (سَوَاءٌ)
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ) فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ
وَرَوَى (سُفْيَانُ) بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ (سَعِيدِ) بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ (بْنِ
الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) - أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ إِنْ تُبْتَ قُبِلَتْ شَهَادَتُكَ فَأَبَى أَبُو
بَكْرَةَ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ
وَرَوَى (مُحَمَّدُ) بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ (سَعِيدِ) بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ (بْنَ
الْخَطَّابِ) جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ
فَأَمَّا هَذَانَ فَتَابَا وَقَبِلَ عُمَرُ شَهَادَتَهُمَا وَاسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ فَأَبَى وَأَقَامَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَمْ
يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ وَكَانَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ
ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَنَكَلَ زِيَادٌ فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ وَقَالَ لَهُمْ تُوبُوا تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ فَتَابَ رَجُلَانِ
وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى مَاتَ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ فِي حَدِيثِهِ وَكَانَ قَدْ عَادَ مِثْلَ النَّصْلِ مِنَ الْعِبَادَةِ
وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ أَخَا زِيَادٍ لِأُمِّهِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ
حَلَفَ أَبُو بَكْرَةَ أَلَّا يُكَلِّمَهُ أَبَدًا فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ تَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ
ذَكَرَ الْخَبَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ (وَعَنْ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107
وروى بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شِهَابٍ قَالَ وَقَدْ أَجَازَ عُمَرُ شَهَادَةَ مَنْ
تَابَ مِنَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ وَأَبْطَلَ شَهَادَةَ مَنْ لَمْ يَتُبْ
وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إِذَا جُلِدَ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ طاوس وعطاء و (سعيد) بن
المسيب والشعبي و (بن شِهَابٍ) الزُّهْرِيُّ
قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ تَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ
وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ
(وَبِهِ قَالَ) أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ (سُفْيَانُ) الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ
أَبَدًا تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ) النُّورِ 4
وَقَالُوا تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ
وَالِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَهُمْ فِي قَوْلِهِ (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) آلِ عِمْرَانَ 89 رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آلِ عِمْرَانَ 89 لَا إِلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ
وَمِمَّنْ قَالَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ الْمَجْلُودِ أَبَدًا شُرَيْحٌ الْقَاضِي
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ وَبِهِ قَالَ (إِبْرَاهِيمُ) النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْحَكَمُ
بْنُ عُتَيْبَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَمَكْحُولٌ
وَرِوَايَةٌ عَنْ سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ رَوَاهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُمَا
وَمَا تَقَدَّمَ) عَنْ سَعِيدٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ أَثْبَتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ
أَبَدًا وَتَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ
وَرِوَايَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ رَوَاهَا يعلى بن حكيم (عنه)
ورواية عن (بن شهاب) الزهري رواها بن وهب عن يونس (عن بن شِهَابٍ) قَالَ
إِذَا جُلِدَ قَاذِفُ الْحُرِّ أَوِ الْحُرَّةِ لَمْ تُقْبَلْ (لَهُ شَهَادَةٌ حَتَّى يَمُوتَ
وقد يحتمل قول بن شِهَابٍ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ أَبَدًا) حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ لَا
يَنْفَعُهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ وَبِهَذَا تَتَّفِقُ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ لِأَنَّ الثِّقَاتَ قَدْ نَصُّوا عَنْهُ أَنَّهُ لَا
تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ وَقَدْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108
رُوِيَ فِي حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ (لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَحْدُودٍ
وَلَا مَحْدُودَةٍ فِي الْإِسْلَامِ)
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا لَكِنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ مِنْ رِوَايَتِهِ حُجَّةٌ
وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ عن الاوزاعي
وبن جَابِرٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ الْحُرُّ إِذَا جُلِدَ الْحَدَّ فِي الْفِرْيَةِ لَمْ
تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَالْعَبْدُ إِذَا جُلِدَ حَدًّا فِي فِرْيَةٍ عَلَى حَرٍّ أَوْ حُرَّةٍ لَمْ تَقْبَلْ شَهَادَتُهُ
أَبَدًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا) النُّورِ 4
قَالَ فَأَمَّا الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ إِذَا جُلِدَا حَدَّ الْفِرْيَةِ عَلَى الْحَرِّ الْمُسْلِمِ ثُمَّ أَسْلَمَا قُبِلَتْ
شَهَادَتُهُمَا
وَاخْتَلَفُوا فِي شَهَادَةِ الْقَذْفِ إِذَا شَهِدَ قَبْلَ ان يجلد
فروى بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ما لم يجلد
وبه قال بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
قَالَ أَبُو عمر لانه عَلَى أَصْلِ عَدَالَتِهِ وَرُبَّمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِمَا قَالَ أَوِ اعْتَرَفَ لَهُ مَقْذُوفُهُ
وَهُوَ حَقٌّ لَا يَجِبُ إِلَّا حِينَ يَطْلُبُهُ صَاحِبُهُ فَلَا وَجْهَ لِإِسْقَاطِ شَهَادَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ لَا
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَذِفِ قَبْلَ الْجَلْدِ وَلَا بَعْدَهُ إِذَا قَذَفَ حرا مسلما الا ان يتوب
قال بن وَهْبٍ سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَسْأَلُ عَنِ الْقَاذِفِ يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ
هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَقَالَ إِذَا قَذَفَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ شَهَادَةٌ حَتَّى يَتُوبَ (ضُرِبَ) الْحَدَّ أَوْ
عفي عنه ذلك سواء
قال بن وَهْبٍ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ فَقَالَ شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ مَا لَمْ يُضْرَبِ الْحَدَّ فَإِنَّ ضُرِبَ
سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَتُوبَ تَوْبَةً ظَاهِرَةً
قَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ شَرٌّ مِنْهُ بَعْدُ لِأَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ فَكَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
فِي شَرِّ حَالَتَيْهِ وَتُرَدُّ فِي (أَحْسَنِ حَالَتَيْهِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ فَاسِقِينَ بِرَمْيِهِمْ لَهُنَّ لَا بِجِلْدِهِمْ
والمحصنون في حكم المحصنات باجماع (وكذلك) وكل مُؤْمِنٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَفَافِ
حَتَّى يَصِحَّ غَيْرُهُ وَقَذْفُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْكَبَائِرِ فَمَنْ قَذَفَهُ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ حَتَّى تَصِحَّ
بَرَاءَتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ